تهميش المسيحيين: من مسؤوليتهم أم من الشركاء؟
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": لا يسع القوى المسيحية إلا التشكّي من حالة الإقصاء أو التهميش التي يتعرض لها المسيحيون، على خلفية التعطيل الممنهج لانتخاب رئيس للجمهورية، في إنكار تام للمساهمة الكبيرة لهذه القوى في ما تعتبره استهدافاً للطائفة ولوجودها وحصتها في المعادلة السياسية في البلد.
آخر الشكاوى من التهميش عبّر عنها رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي اثار اشكالية خطيرة جداً في سياق سياسة اعادة التموضع التي ينتهجها اخيراً منذ قرر أن يخرج من عباءة"حزب الله"، والإعداد للتنصل من "تفاهم مار مخايل".
ليست المرة الاولى التي يهاجم فيها باسيل ميقاتي، كما انها ليست الاولى التي يواجه فيها باسيل الحكومة عبر وزرائه فيها، ويعطل او يؤخر قرارات او مراسيم تتخذها، لكنها المرة الاولى ربما التي يربط فيها رئيس تيار مسيحي هو الوحيد الممثل في السلطة التنفيذية خطر الحرب بالوجود المسيحي، عندما قال انه "عوض ان نكون اليوم في حديث واحد هو حماية البلد من خطر المخطط الاسرائيلي وسبل المواجهة الوطنية الشاملة له، اصبح ضرورياً ان نحمي انفسنا ووجودنا من خطر الممارسات السياسية لشركائنا في الوطن، والتي باتت تهدد وجود الدولة ووحدة الوطن". والسؤال: هل لدى باسيل الجواب على هواجسه، على نحو يقرن أقواله بالأفعال، أم ان اثارة مسألة الإقصاء تندرج ضمن التعبئة الشعبوية التي درج على انتهاجها "التيار البرتقالي"؟ ذلك انه الفريق المسيحي الوحيد ربما القادر على اعطاء الاجوبة حول هواجس الإقصاء والتهميش التي يتحدث عنها، وهو الفريق الوحيد غير المعرّض اساساً لا للتهميش ولا للإقصاء ، بل على العكس، هو يسهم بقصد او غير قصد بتكريس هذا الإقصاء، ولا سيما في العمل الحكومي.
ولعل هذا ما دفع اوساطا حكومية إلى الرد على باسيل، بقولها ان الإقصاء يمارسه المسيحيون في حق انفسهم عبر مقاطعتهم الاستنسابيّة للجلسات الحكومية، اذ يعتمد وزراء التيار الاستنسابيّة في الحضور او المشاركة او تقديم المشاريع وفق ما ترتئيه مصلحتهم، فيما يغيبون او يعارضون ويشكون من التهميش عندما يرون ان ذلك يصب في مصلحتهم، فيعمدون إلى استغلال مسألة حقوق المسيحيين شمّاعة لمصالح خاصة. وتأكيداً لذلك، تقول الأوساط، ما شهدناه اخيراً وليس آخراً عندما قدم وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار مشروع الحماية الاجتماعية من السرايا وبرعاية رئيس الحكومة!
وعليه، تدعو الأوساط باسيل إلى التوقف عن الازدواجية في المعايير والأخذ بقرارات اعلى المراجع الدستورية في البلاد التي ردت طعون تياره بأعمال الحكومة، وألزمتها العمل رغم صفة تصريف الأعمال لأن لا اجتهادات دستورية تفسر مفهوم تصريف الأعمال إذا امتد لأكثر من عامين كما هي الحال اليوم. ولا تغفل الأوساط إشارتها إلى ان بعض وزراء التيار يشكون من قرار رئيسهم منعهم من المشاركة في جلسات الحكومة.
في قراءة لمصادر مسيحية مستقلة، ان على باسيل، ومن اجل إقران قوله بالفعل، ان يبادر فوراً إلى إجراءين من شأنهما أن يغيرا المشهد الداخلي، ان على صعيد اداء الحكومة او على صعيد الاستحقاق الرئاسي. الإجراء الاول في رأيها يتمثل في الانسحاب كلياً من حكومة تصريف الأعمال وفي شكل نهائي، وليس على القطعة، او بالمفرق، كما حصل على مدى العامين الماضيين، الامر الذي ابرز نقطة الضعف والخاصرة الرخوة التي يمكن ان يُضرب فيها التيار، ومن ورائه المسيحيون، باعتبار انهم القوة الأكبر الممثلة في الحكومة، نظراً إلى عدم وجود القوة التي تفوقه حجماً وتمثيلاً، اي حزب "القوات اللبنانية" في الحكومة. اما النقطة الثانية فتكمن في ملاقاة القوى المسيحية بما فيها "القوات"، على توحيد الصف المسيحي وتشكيل جبهة متراصة في وجه حملات الإقصاء. وهذا يترجم في رأي هذه المصادر عبر مضاعفة الضغط والحراك من اجل انجاز الإستحقاق الرئاسي، وقطع الطريق امام محاولات التمييع والمماطلة الجارية ممن سمّاهم باسيل الشركاء في الوطن، وهم للمفارقة في خندق واحد معه. وتقيم هذه المصادر على قناعة بأن رص الصف المسيحي، اقله لإنجاز انتخاب رئيس، من شأنه ان يضع القوى الاخرى وفي مقدمها رئيس المجلس امام مسؤولية الدعوة إلى جلسات الانتخاب، ذلك ان اعلان تكتل "لبنان القوي" الذي يرأسه باسيل تجاوبه مع دعوة بري إلى الحوار تؤشر إلى ان التيار قرر فتح الخطوط "على حسابه"، رغم ادراكه ان الحوار الذي يشجعه الثنائي الشيعي ينطلق من مسلّمة ان ثمة مرشحا واحدا معترفا به هو مرشح الثنائي، وان مرشح تقاطع المعارضة ليس جدياً او لا يمكن التحاور حوله. وهذا في حد ذاته يقطع الطريق بالنسبة إلى المصادر المسيحية، على اي حوار بنّاء ينطلق بشروط مسبقة، ويحدد نتيجته سلفاً.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء: الحكومة تعمل على تسهيل الإجراءات الجمركية لتقليل زمن الإفراج عن البضائع
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، اجتماعا لمتابعة الإجراءات والخطوات التنفيذية لتقليل زمن الإفراج الجمركي عن البضائع والسلع، وذلك بحضور أحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، واللواء عصام النجار، رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وشيرين الشرقاوي، مساعد أول وزير المالية للشئون الاقتصادية، ومسؤولي الوزارتين.
واستهل رئيس مجلس الوزراء الاجتماع بالتأكيد على الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة حاليا لتقليل زمن الإفراج الجمركي لأقل فترة زمنية ممكنة، عن طريق الإسراع في إجراءات الإفراج عن مختلف السلع والبضائع في المواني، من خلال التنسيق والمتابعة بين مختلف الجهات المختصة، وذلك بما يُسهم في تحقيق مستهدفات الحكومة في هذا الشأن؛ لتوفير وإتاحة مختلف أنواع السلع والبضائع اللازمة لتلبية لاحتياجات المواطنين، وكذا المواد الخام لقطاع الصناعة.
وأشار رئيس الوزراء خلال الاجتماع، إلى اهتمام وعمل الحكومة على تسهيل وتيسير الإجراءات الجمركية، هذا فضلاً عن تأمين مُدخلات الإنتاج للعديد من الصناعات والعمليات الإنتاجية بهدف تحقيق المزيد من الاستقرار لأوضاع السوق المصرية.
وخلال الاجتماع، أشار وزير الاستثمار والتجارة الخارجية إلى حرص الدولة على تحسين منظومة الإفراج الجمركي، بما يسهم في التيسير على مجتمع الأعمال وتسهيل حركة التجارة، لافتا إلى أهمية التنسيق بين مختلف الجهود في هذا الشأن بين الجهات المعنية لتقليل زمن وتكلفة عمليات الإفراج الجمركي. وفي هذا الإطار.
وأوضح الوزير أن هناك سعيا جادا لاتخاذ إجراءات عاجلة لتسريع وتيرة العمل وفق المنظومة الجمركية المطورة، من خلال ضغط الجدول الزمني للإفراج الجمركي بالمواني المختلفة، والاستفادة من المزايا التي توفرها منصة النافذة الواحدة، بالإضافة إلى رفع كفاءة العنصر البشري من خلال التدريب المستمر بما يتماشى مع تطوير وميكنة المنظومة الجمركية.
بدوره، قدم اللواء عصام النجار عرضا توضيحيا حول الإجراءات التي تم اتخاذها لتعزيز أداء الجهات المعنية بمنظومة الإفراج الجمركي وتقليل زمن الافراج عن البضائع، مشيرا في هذا السياق إلى أنه في إطار الالتزام بالقوانين واللوائح والقرارات المنظمة لعمل الجهات المعنية بمنظومة الإفراج الجمركي، كانت تقوم الهيئة وجميع الجهات المعنية بإجراء الفحص على مدار أيام الأسبوع، باستثناء الإجازات الأسبوعية والعطلات الرسمية.
وأضاف: نظرًا لأهمية ضمان استمرارية عمل منظومة الإفراج الجمركي دون انقطاع، فقد تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين تشغيل المنظومة بشكل دائم طوال أيام العام، لافتا إلى أنه بعد صدور هذا القرار وبدء العمل به، فإن المتوسط الزمني للحصول على المطابقات لرسائل الفحص الظاهري المعروضة على الهيئة أظهر تحسنا ملحوظا في شهر ديسمبر 2024 مقارنة بشهر نوفمبر 2024.
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسميّ باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع شهد توافقا بشأن دراسة عدد من الإجراءات التي تسهم في سرعة الإفراج الجمركي، والاستفادة من بعض تقارير الجهات الرقابية التي طرحت عدداً من الحلول بهذا الشأن، بما يسهم في تحسين زمن الإفراج الجمركي، سواء ما يتعلق بميكنة الإجراءات، أو تخفيف الأعباء.
وفي ختام الاجتماع، وجه رئيس مجلس الوزراء بسرعة دراسة هذه الإجراءات المقترحة من خلال الوزارات المعنية؛ تمهيدا لإقرار ما يتم التوافق بشأنه، وسرعة تطبيقه.