اتخذت الاستهدافات الاسرائيلية المتصاعدة للمدنيين في تطورات المواجهات الجارية على الحدود اللبنانية ابعادا شديدة الخطورة، اذ لم يعد ممكنا تجاهل العامل المتعمد في هذه الاعتداءات سواء كانت تستهدف افرادا ام مؤسسات بعدما صارت الأهداف المدنية موازية تماما للأهداف القتالية.
وبحسب" النهار"، فقد عززت التطورات الميدانية الجارية في الأيام الأخيرة الانطباعات القاتمة لدى أووساط سياسية وديبلوماسية معنية من ان اخفاق الجهود الديبلوماسية حتى الان في التوصل الى "هدنة رمضان" في غزة، سيرتد سلباً ومباشرة على الواقع الميداني الذي يحكم المواجهات المتصاعدة عند الحدود الجنوبية اللبنانية مع إسرائيل، علما ان الهامش الزمني الذي لا يزال متاحا امام هذه الجهود لا يعكس تفاؤلا في امكان تجاوز العقبات التي تحول دون التهدئة في غزة وتاليا انسحابها على الجبهات الرديفة واولها وابرزها في جنوب لبنان.

ولفتت الى تكثيف الرسائل الغربية التي تصل الى المعنيين في لبنان حيال ضرورة ان يأخذ لبنان الرسمي وحزب الله بجدية قصوى، المعطيات التي تنقل اليهما حيال تعاظم المؤشرات الى امكان قيام إسرائيل بعملية عسكرية كبيرة في العمق اللبناني بما يوجب في الحد الأقصى الامتناع عن تزويدها الذرائع لدفع لبنان نحو الانزلاق الى حرب مدمرة شاملة. وكشفت الأوساط نفسها ان تدقيقا عسكريا وديبلوماسيا اجري في الايام الأخيرة للاهداف التي ضربتها إسرائيل في مناطق حدودية وجنوبية قريبة او بعيدة عن خط المواجهات، اظهر بما لا يقبل شكا بان إسرائيل تتبع خطا بيانيا بتوسيع وتكبير بنك الأهداف تباعا مع استهدافات مدنية متعمدة بما ينبئ بطبيعة الرسائل الاستفزازية التي توجهها، الامر الذي يضع لبنان في مواجهة بالغة الجدية مع الاحتمالات التي تستبطنها الفترة المقبلة.
وأشارت مصادر مطلعة على الواقع الميداني لـ«البناء» الى أن الاعتداءات الاسرائيلية لن تمر من دون رد، وكل عدوان على المدنيين أو على بنى تحتية لبنانية سيقابل برد مماثل ومناسب، لأن المقاومة لن تسمح للعدو بفرض واقع ميداني جديد وقواعد اشتباك جديدة وكسر معادلة الردّ التي فرضتها المقاومة طيلة الحرب على غزة. كاشفة أن ما قامت به المقاومة من عمليات نوعية في عمق الأراضي المحتلة، ليس سوى الرد الأولي ستعقبه ردود أخرى مؤلمة للعدو.
وكتبت " الاخبار": حصد العدوان الإسرائيلي شهيدتين مدنيتين في غارة على منزل في خراج بلدة المنصوري أمس، هما خديجة سلمان (40 عاماً) وأمل الدر (5 سنوات). باغت طيران العدو سلمان التي كانت صائمة عندما نزلت إلى «حاكورة» منزلها لقطف بعض الخُضر لتحضير الإفطار. قذفتها الغارة التي وقعت على بعد نحو 30 متراً بعيداً عن منزلها وأردتها على الفور. قارئة العزاء، والوالدة لصبية جامعية وفتى وفتاة عادا من المدرسة ولم يجداها، ليست أول شهيدة للعائلة بنيران العدو. إبان الاحتلال الإسرائيلي، استشهد شقيقها محمود في مواجهات الجبل الرفيع في إقليم التفاح.في الغارة نفسها، أصيبت الدر التي كانت تلعب في محيط المنزل بشظية، قبل أن تستشهد في المستشفى متأثّرة بجروحها. الغارة وقعت في حي المشاع في البلدة الذي تقيم فيه غالبية من أهالي مجدل زون المجاورة، بلدة الشهيدتين التي تتحضّر لتشييعهما في مأتم مشترك.
في منطقة الحوش، في صور، تقبّل والدها حسين الدر التعازي بصغيرته. يقول لـ«الأخبار» إنه نزح ببناته الأربع، منذ بداية العدوان إلى صور هرباً من القصف. أمل تلميذة في الروضة الثالثة في المدرسة الجعفرية في صور حيث تُعطّل الدروس أسبوعياً يوم الأربعاء. «صباحاً، طلبت مني أن نزور بيت أهلي لتسلّم على جدها». يفقد الوالد تركيزه وهو يقلّب صورها في هاتفه، بلباس الكشافة وبالزي المدرسي وبفستان أبيض.
الشهيدتان سلمان والدر انضمّتا إلى قائمة الشهداء المدنيين التسعة الذين قتلتهم غارات العدو قبل أسبوع في الصوانة والنبطية. أمس، أحيت حركة أمل ورابطة آل برجاوي والنبطية الفوقا ذكرى أسبوع شهداء مجزرة النبطية في حسينية البلدة، وتلقّى نجله مصطفى التعازي بكل أفراد أسرته باستثناء شقيق مغترب.
الحي الذي قُتل فيه حسين برجاوي وزوجته وابنتاه وشقيقته وابنتها لا يزال تحت وقع الصدمة. محله لبيع قطع السيارات مقفل، فيما بدأت ورشة إزالة الركام في المبنى الذي تعرّض لستة صواريخ. للمرة الأولى منذ الضربة، تفقّد محمود شميساني، أمس، شقته في الطبقة الثالثة والأخيرة من المبنى، والتي لم تعد صالحة للسكن، لنقل ما سلم من أغراض وأثاث من بيت يسكنه منذ خمسين عاماً. يقول إنه وزوجته كانا في غرفة الجلوس عندما اخترق سقف المطبخ والرواق صاروخان مروراً بشقة غير مسكونة في الطبقة الثانية وصولاً إلى منزل برجاوي. «ملأ الغبار والدخان المكان واعتقدنا في البداية أن الانفجار وقع في البيت». يقول ابن الخامسة والسبعين: «ليس هذا جديداً علينا. في الاجتياح في عام 1982 اخترق صاروخ إسرائيلي شقتنا أيضاً، ويومها أيضاً زمطنا».
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

مجازر البقاع دليل على مضي إسرائيل في التصعيد وجيش العدو يتقدم نحو الليطاني

بدا التصعيد الجنوني في قصف مناطق الضاحية الجنوبية والجنوب امس غداة المجازر التي ارتكبت في البقاع الشمالي دليلا دمويا قاطعا على مضي إسرائيل في خطتها التصعيدية المتدحرجة بمعزل عن أي تأثير للجهود الديبلوماسية الجارية .
وتمثل التطور الأخطر ميدانيا في تأكيد مصادر عسكرية وأمنية لبنانية ان القوات الإسرائيلية المتوغلة في المنطقة الحدودية الجنوبية نصبت حاجزا عند مفترق دير ميماس الغربي وقطعت الطريق بواسطة جرافة ودبابة ومنع مرور دورية لليونيفيل من العبور .
وكتبت" الشرق الاوسط": نفّذت القوات الإسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، ودخلت إلى أطراف البلدة، وذلك في محاولة لفصل النبطية عن مرجعيون، والتمهيد لهجوم على بلدة الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، وتحييد تلة الطيبة التي تشرف شرقاً على سهل الخيام الذي يستعد الجيش الإسرائيلي لتمديد عمليته البرية إليه، في محاولة للسيطرة على مدينة الخيام.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي نصب حاجزاً عند مفرق ديرميماس في جنوب لبنان ليفصل بين مرجعيون والنبطية. وقطع الجيش الإسرائيلي الطريق عند المدخل الغربي لبلدة ديرميماس قرب محطة وقود، بالسواتر الترابية، حيث تتمركز آليات تابعة له. وأوردت تقارير إعلامية أن القوات الإسرائيلية منعت دوريات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني من المرور باتجاه مرجعيون.

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لتطورات المعركة في الجنوب، إن القوات الإسرائيلية تقدمت من بلدة كفركلا التي تسيطر عليها، باتجاه الغرب عبر حقول الزيتون، لمسافة تصل إلى 5 كيلومترات، مستفيدة من غياب مقاتلي الحزب في تلك المناطق المسيحية، مثل محيط القليعة وبرج الملوك وديرميماس.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الثغرة «مكنت القوات الإسرائيلية من الوصول إلى مشارف نهر الليطاني، للمرة الأولى منذ عام 2006 وفصلت النبطية عن مرجعيون»، علماً بأن المدفعية الإسرائيلية كانت قد قطعت ذلك الطريق مراراً على مدار الأشهر الماضية، كما نفذت مسيّرات عمليات اغتيال عليها.
ومهّدت إسرائيل لهذا التقدم، بتغطية نارية. وقالت مصادر أمنية لبنانية في الجنوب إن المدفعية الإسرائيلية «لم تهدأ طوال ليل الخميس - الجمعة في استهداف المرتفعات المطلة على ديرميماس، سواء في قلعة الشقيف، أو أرنون ويحمر ووادي زوطر ودير سريان»، لافتة إلى أن هذا التمهيد المدفعي «يسعى عادة إلى توفير تغطية نارية تواكب تقدم المشاة»، وأكدت المصادر أن التحركات البرية الإسرائيلية «سارت على إيقاع قصف جوي عنيف، وتحليق للمسيّرات، لتأمين القوة المتقدمة». ورجحت أن مسار العبور سلك كفركلا - تل النحاس - برج الملوك باتجاه ديرميماس، وأشارت إلى أن البلدة «شبه خالية من السكان، إذ تضم بضع عائلات فقط، كما لا يحظى (حزب الله) بوجود فيها».
وأطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه القوات الإسرائيلية في تلك المنطقة، حسبما قال في ثلاثة بيانات، أكد فيها أنه استهدف التجمعات والآليات الإسرائيلية على تخوم ديرميماس بالصواريخ. وتحدثت وسائل إعلام عن «رشقات صواريخ متتالية استهدفت تجمعات إسرائيلية في الخيام ومحيط تل النحاس وصاروخ موجه استهدف تحركات آلية في كروم الزيتون قرب محطة مرقص في أطراف ديرميماس».
وانتشرت صورة لدبابة إسرائيلية تتمركز وراء مرتفع مكشوف من جهة الشرق (بلدة القليعة)، لكنه محمي من جهتي الغرب والشمال. أما من الجهة الجنوبية، فتشرف عليه بلدة ديرميماس التي دخلت إليها القوات الإسرائيلية.
وقال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد إن الصورة التي تداولتها وسائل إعلام لبنانية وتظهر جرافة تسير وراء دبابة على مثلث القليعة - مرجعيون - ديرميماس «تعني أن قوة مهاجمة من المشاة انتقلت من المنطقة وأمنتها، سواء سيراً على الأقدام أو بآليات مدولبة وسريعة، ودخلت إلى بلدة ديرميماس».
وأفاد رئيس بلدية البلدة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بحصول «توغل إسرائيلي بسيط داخل البلدة»، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين «توغلوا بين حقول الزيتون من جهة بلدة كفركلا».
وتسعى القوات الإسرائيلية من هذا التقدم إلى الإشراف على مجرى نهر الليطاني، الذي يُعتقد أن جزءاً من منصات الإسناد الصاروخي لـ«حزب الله» توجد فيه، وهي المنصات التي تمنع القوات الإسرائيلية من التقدم في بلدة الخيام. كما تسعى إلى الالتفاف على بلدة الطيبة الاستراتيجية التي تضم مرتفعات مشرفة على نهر الليطاني من الغرب، ومرتفعات مشرفة على سهل الخيام من جهة أخرى. ولم تدخل إليها القوات الإسرائيلية من جهة الشرق بعد، رغم المحاولات للتوغل فيها، ورغم الغارات الجوية التي استهدفتها على مدى أشهر.
وفي حال التوغل من جهة ديرميماس، فإن القوات الإسرائيلية ستفتح مجالاً للتوغل في الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، إضافة إلى محور مركبا - العديسة من الجهة الشرقية، وذلك في محاولة لتحقيق اختراق والتفاف عليها.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل: مقاتلات تتعقب أجسامًا مشبوهة أطلقت من لبنان
  • المستشار العسكري للمبعوث الأممي لليمن يثمن جهود مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة “مسام” لحماية أرواح المدنيين
  • استهداف قيادي بالبسطة.. مصدر أمني لبناني يؤكد وحزب الله ينفي
  • بعد مجزرة بيروت.. من هو الشبح الذي تزعم إسرائيل اغتياله؟
  • سامح عسكر عن «مجزرة بيروت»: الاحتلال الإسرائيلي يرد على مقتل قواته بالانتقام من المدنيين
  • اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بعد أسابيع من التصعيد
  • قيادي بارز.. كشف هوية عضو حزب الله الذي استهدفه غارة إسرائيلية في بيروت
  • مجازر البقاع دليل على مضي إسرائيل في التصعيد وجيش العدو يتقدم نحو الليطاني
  • تصعيد اسرائيلي يعكس تشاؤما حيال وقف النار.. مصادر لبنانية:المحادثات تتقدم ببطء في اتجاه إيجابي
  • انتشال شهيدين في الغارة على دوار كفررمان... وحزب الله تصدى لتجمع اسرائيلي شرق الخيام