علم التفسير يعتبر من بين أصعب المجالات التي يمكن للدارسين أن ينخرطوا فيها، إذ يتطلب فهمًا عميقًا ورصدًا دقيقًا لمفاهيمه المعقدة. نشأ هذا العلم وتطوّر على مر العصور، حيث شهد تطورًا تدريجيًا عبر الزمن. ومع ذلك، يظل هناك الكثير من الناس الذين لا يدركون القيمة والأهمية الحقيقية لعلم التفسير.
علم التفسير يأخذ أشكالًا متنوعة ويشمل نطاقًا واسعًا من الأبحاث والدراسات حول فهم النصوص الدينية وتفسيرها.
ساعدنا علم التفسير في فهم الآيات القرآنية التي يصعب فهمها بطريقة مباشرة حيث يوجد في القرآن الكريم بعض الإعجاز البياني والعلمي ويجب فهم تلك التعبيرات ليسهل فهم مقاصد الشرع علينا وذلك يشجعنا في قراءة القرآن الكريم.
معرفة الأحكام الشرعيةيتضمن القرآن الكريم الكثير من الآيات القرآنية التي يوجد بها الكثير من الأحكام الشرعية حيث توضح لنا حكم العبادات وكيفية عملها، فذلك التفسير ضروري جدًا في فهم الحكم الشرعي لمعرفة ما هو صحيح وما هو خاطئ وعلينا تجنبه.
ويوجد أيضًا بعض الأيات التي لم يذكر لنا الله كيفيتها واحتاجنا وقتها علم التفسير ليبين لنا أهميتها وكيفيتها بكل سهول ليكون سهل على العقل استيعابها.
إثبات أصول العقيدةنحتاج علم التفسير لمعرفة أصول العقيدة في القران الكريم لأنه هو المصدر الأساسي لتشريع الأحكام وأساس العقيدة به وهي التي تبينها لنا السنة النبوية وعرفت بأركان الإيمان.
بمعني الخطوة الأولي حتى تكون مؤمن بالله تعالى هي الإيمان بالله -تعالى-، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وأهمية التفسير في ذلك هي الإعانة على فهم وتثبيت تلك الأصول الدينية في القلب والعقل.
ولا جدال في أن الإيمان الذي يتم بنائه على الفهم يكون أقوى بكثير من الإيمان الذي يبني دون ترسيخه بالعقل والدليل على ذلك وهو الإيمان يكون بتوحيد الله -تعالى- وحده وعدم الإشراك به، وبيّن الله -تعالى- آيات من قدرته وعظمته في خلقه.
وهنا جاءت أهمية علم التفسير لنا في فهم الأيات التي تبين لنا قدرة الله في خلقه والإتيان بالدليل عليها.
معرفة أحداث السيرة النبوية
ساعدنا علم التفسير في فهم الأحداث التي حدثت في السيرة النبوية كلها، حيث كان نزول القرآن الكريم منجمًا، بمعنى أنه قد نزل علينا على طريقة دفعات وكل دفعة نزلت بواقعة معينة وكثير من الأيات القرآنية التي نزلت كانت بسبب الأحداث التي وقعت مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولا يمكن لنا معرفة الواقعة التي كانت سبب في نزول الآية إلا عن طريق علم التفسير الذي بالفعل ساعدنا في تفسير القران ومعرفة جميع الأحداث في السيرة النبوية وفهم المراد من إخبار الله لنا بها.
التعرف على أخبار الأمم كلهاقص علينا القران الكريم الكثير من القصص الواعظة لنا عن الناس والقوم السابق لنا وكانت أهمية التفسير في ذلك توضيح هذه القصص وربْط الأحداث ببعضها، حيث كانت القصة الواحدة ترد في أكثر من موضع في القرآن الكريم، فوضع المفسّرون مؤلفات عديدة عن قصص القرآن الكريم بنا ءً على فهم هذه الآيات.
وفي النهاية الهدف الأساسي لعلم التفسير هو تفسير القرآن الكريم لنا وفهم قصص من مروا علينا والموعظة منهم وتثبيت أصول العقيدة وإخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم والمعرفة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التفسير علم التفسير القرآن الکریم التفسیر فی الکثیر من فی فهم
إقرأ أيضاً:
جمعة: شُعَب الإيمان مدخل دقيق لفهم النفس الإنسانية
أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن الإيمان لا يقتصر على أركانه المعروفة، بل له شعب وخصال متعددة، مستدلًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون -أو بضع وستون- شعبة، فأفضلها قول (لا إله إلا الله)، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" [رواه مسلم].
جهود العلماء في جمع شُعَب الإيمانأوضح جمعة أن العلماء اهتموا بجمع شُعَب الإيمان وتصنيفها، وكان من أبرزهم الإمام البيهقي، الذي ألف كتاب "الجامع لشعب الإيمان"، حيث استعرض فيه هذه الشعب بالتفصيل، مستندًا إلى نصوص النبي صلى الله عليه وسلم وأوامره وإرشاداته.
وأصبح هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا في علم الحديث، حيث يُعد الأضخم من نوعه، إذ طُبع في نحو 15 مجلدًا، مقارنةً بكتاب الإمام الحليمي، الذي جاء في ثلاثة مجلدات فقط.
الإيمان وشُعَبه.. فهم أعمق للنفس البشريةأكد جمعة أن مفهوم "شُعب الإيمان" يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة النفس البشرية، التي تتميز بتركيبها المعقد، مما يجعل وصف الإيمان بالشعب تعبيرًا دقيقًا، كما أن ترتيب هذه الشعب من الأعلى إلى الأدنى يحمل دلالة على أهميتها، حيث تأتي في مقدمتها "لا إله إلا الله"، باعتبارها القضية الجوهرية التي توجه فكر الإنسان وتؤثر في مواقفه الحياتية.
أثر الإيمان في حياة الإنسانأضاف جمعة أن الإيمان بالله والتصديق باليوم الآخر والتكليف الإلهي ينعكس بشكل مباشر على تصرفات المؤمن، مقارنةً بمن يغفل عن قضية الألوهية أو ينكرها. فالبعد عن الإيمان قد يؤدي بالبعض إلى الاستغراق في الدنيا ونسيان حقيقة الموت، مما يجعل الفرح لديهم مذمومًا، على عكس الفرح المحمود الذي ذكره الله في قوله: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ".
الإيمان بين الغيب والشهادةأوضح جمعة أن الإيمان الحقيقي يوازن بين التصديق بالغيب والواقع المشهود، مما يجعل الإنسان أكثر وعيًا بمسؤولياته في الدنيا، وأكثر استعدادًا للحياة الآخرة. وهذا الفهم العميق للإيمان هو ما يميز المؤمن في سلوكه وقراراته اليومية.