عربي21:
2024-12-23@06:28:23 GMT

من يبرّد حمّى الحرب الإسرائيلية؟

تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT

بعد مرور 139 يوما على حرب الدمار الشامل والإبادة الجماعية، التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على أهالي قطاع غزة، بلغ عدد الشهداء 30 ألفا والجرحى 70 ألفا، وجرى تدمير حوالي 60% من المباني والمنازل، وزاد عدد المهجرين عن 1.7 مليون شخص، معظمهم في مدينة رفح ومحيطها. وهدمت قوات «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» 390 مدرسة، و183 مسجدا وثلاث كنائس، إضافة إلى تدمير الغالبية الساحقة من المستشفيات والمرافق الصحية، والتسبب بأضرار جسيمة للشوارع وشبكات المياه والصرف الصحي.



وإذ تواصل إسرائيل حربها الإجرامية على غزة وترتكب الفظائع على مدار الساعة، أفشلت الولايات المتحدة في مجلس الأمن وللمرة الثالثة مشروع قرار وقف إطلاق النار، باستعمال «حق النقض – الفيتو». ولم تجد المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة حرجا من الادعاء بأن وقف النار سيعرقل «الجهود المبذولة لتحرير الأسرى»، وكأن هذا أهم من المذابح اليومية التي يزيد ضحاياها عن عدد الأسرى مئات الأضعاف.

ويبدو أن قضية الأسرى هي شماعة الفيتو الأمريكي، والأصل أن الولايات المتحدة تشارك إسرائيل في غاياتها العسكرية، والخلاف بينهما ليس حول الحرب، بل عما بعدها.

قابلت إسرائيل الفيتو الأمريكي بارتياح مضاعف، لأنه أفشل قرارا أمميا بوقف إطلاق النار، ولأنه جاء ليؤكد أن الإدارة الأمريكية تقف إلى جانب إسرائيل وحربها، بالرغم من الخلافات والتباينات في المواقف، التي طفت على السطح السياسي مؤخرا، لكن من الواضح أنها لم تتغلغل إلى عمق الروابط الاستراتيجية ولم تؤثر فيها. ويشكل الفيتو الأمريكي ضوءا أخضر لمواصلة الحرب، ويقطع الشك باليقين بأن إدارة بايدن لا تريد أن توقف إسرائيل عند حدها ولا تسعى للجم عدوانها. وهكذا تجد إسرائيل نفسها مرتاحة لأنها لا تواجه ضغطا أمريكيا، وأمريكا مرتاحة أيضا لأنها لا تحس بضغط عربي عليها لتتحرك لوقف الحرب.

قد يظن البعض أن الحرب ستتوقف نتيجة لتفاعلات جوانية في داخل المجتمع الإسرائيلي، ولكن لا دليل على تطور كهذا في مواقف الجمهور أو النخب في الدولة الصهيونية. فقد دل آخر استطلاع للرأي، أجراه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن 61% من الإسرائيليين يدعمون مواصلة الحرب حتى تقويض حركة حماس، حتى لو أدى ذلك إلى عدم إعادة المحتجزين، وأجاب 29% أنهم يعارضون ذلك وقال 10% أن لا رأي لهم في الموضوع.

هذه النتيجة، التي ظهرت في استطلاعات أخرى أيضا، هي تأكيد على أن هستيريا الحرب ما زالت تعصف في المجتمع الإسرائيلي، الذي يفضل الحرب على حياة المحتجزين. ويبدو أن نتنياهو يعرف ماذا يريد الجمهور، ويعمل على استرضائه وإشباع رغبته في الانتقام، أملا باستعادة ما خسر من دعم شعبي. وعلى هذه الخلفية جاء تصريح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن قضية المحتجزين «ليست القضية الأهم».
تكرار الحديث عن توسيع التطبيع والادعاء بأنه سيوقف الحرب، يثير الشبهات
آراء الشارع الإسرائيلي ليست القول الفصل في القرار السياسي والأمني، لكنْ لها تأثير كبير على القيادات الإسرائيلية، التي تتعلق مكانتها ومستقبلها بمدى رضى الجمهور عنها. ومن النتائج اللافتة في الاستطلاع، أن 24% تدعم احتلالا دائما لقطاع غزة ونفس النسبة تؤيد الاستيطان فيه، وفقط 5% تقبل بتسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية، بينما يرى %39 من المستطلعين أن الحل هو أن يكون القطاع خاضعا لسيطرة قوات دولية.

وتدل هذه النتائج على أن الجمهور الإسرائيلي لا يرفض حماس فحسب، بل ومعها السلطة الفلسطينية وبأنه يقبل بشعار نتنياهو «لا حمستان ولا فتحستان». وهي تدل كذلك على أن هناك كتلة كبيرة داعمة للاستيطان ولاحتلال دائم لغزة، ما سيعزز اندفاع قوى وازنة في اليمين إلى تبني هذا الموقف جهارة والعمل على تجسيده على الأرض.

لقد غاب عن الاستطلاع، وعن كل الاستطلاعات الأخرى، توجيه أسئلة حول المعاناة والدمار في غزة، وهذا جزء من المسكوت عنه في تشكل الوعي الجمعي الإسرائيلي، حيث يسود التجاهل شبه الكامل لفظائع قتل عشرات الآلاف وتدمير المنازل والمرافق الحيوية. ويجري ذلك في ظل التحريض والتشويه وتنمية الأحقاد العنصرية وتمجيد الانتقام وخيانة النخب الثقافية لواجبها «الأخلاقي» وكذلك خيانة الإعلام لأصول المهنة. هستيريا الحرب الإسرائيلية ليست نتاجا لما يقال ويشاهد فحسب، بل وبنفس الدرجة لما لا يقال ولا يشاهد.

نشرت القناة 12 الإسرائيلية مضامين رسالة وجهها، الوزير في «كابينيت الحرب المصغر» ورئيس الأركان الأسبق، الجنرال (احتياط) جادي آيزنكوت إلى أعضاء الكابينيت، حملت تحذيرات وانتقادات حادة لكيفية إدارة الحرب، في ظل غياب رؤية وقرارات استراتيجية، ومطالبة باتخاذ سلسلة من القرارات «الحاسمة والضرورية» تضبط الاتجاهات وصولا إلى أهداف عسكرية وسياسية محددة.

تكمن أهمية هذه الرسالة بمضمونها وبهوية كاتبها، فمن الواضح أنها تعبر إلى حد كبير عن مواقف وتوجهات قيادة الجيش، التي يعتبر آيزنكوت الأقرب إليها من بين الوزراء، وهو «وزير عسكري»، إذا صح التعبير. كما أنه عضو في «كابينيت الحرب»، ما يعني أنه شريك في الدائرة الأولى لاتخاذ القرار وعلى دراية تامة بكافة أسرار الحرب.

إضافة لذلك يتمتع آيزنكوت بتقدير عال في الرأي العام وفي أوساط النخب الإسرائيلية بسبب رصيده الأمني وشخصيته «المتواضعة»، وزاد التعاطف معه بعد أن قُتل ابنه، الشهر الماضي، خلال اجتياح غزة، وهو يحصد شعبية في الاستطلاعات لا تقل عن شريكه في «معسكر الدولة»، بيني غانتس، وقد يتفوق عليه.

أيزنكوت هو مؤلف كتاب «استراتيجية الجيش الإسرائيلي»، الذي يعتبر أحد أهم مرجعيات عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي، وهو يدأب منذ بداية الحرب على تسطير تقرير أسبوعي يحوي تقييما عسكريا واستراتيجيا عن التطورات وعن مآلاتها. التقرير الذي جرى تسريبه يخص الأسبوع الماضي، ويبدو أن هدف التسريب هو «دفش» آيزنكوت وغانتس إلى خارج الحكومة، لاعتبارات منافسة حزبية من أطراف تريد أن تحل مكانهما.

أولا، الحكومة تركز على الإنجازات التكتيكية عوضا عن السعي لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
ثانيا، الحكومة لم تتخذ قرارات مهمة منذ ثلاثة أشهر، وعدم الحسم يصعب الوصول إلى الأهداف.
ثالثا، الحرب لم تصل إلى إتمام أي من غاياتها. وما تحقق جزئيا هو: القضاء على حماس وقدراتها العسكرية، واستعادة المحتجزين، وإعادة الأمن إلى غلاف غزة. وما لم يتحقق بالمرة هو: تعزيز الأمن الشخصي والمناعة القومية، والوصول إلى وضع لا يشكل القطاع فيه تهديدا لإسرائيل.

رابعا، دعوة للحسم واتخاذ قرارات هامة منها: الانتقال فورا إلى المرحلة الثالثة (إعادة انتشار ومداهمات)، واتمام صفقة تبادل قبل شهر رمضان المبارك، منع التصعيد في الضفة الغربية خلال رمضان، مناقشة مفهوم «النصر المطلق» بجدية وتوضيحه عملياتيا.

تكشف رسالة آيزنكوت عن بعض أوجه النقاش بين متخذي القرار الأمني – السياسي في إسرائيل، وهم اليوم خمسة: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزير الأمن يوآف غالانت، الوزير بيني غانتس، الوزير جادي آيزنكوت ورئيس الأركان هرتصي هليفي. ولكن، بالرغم من الخلافات الكثيرة في هذه الخماسية، فهم يجمعون على مواصلة الحرب وصولا إلى تحقيق هدفها الأول وهو تقويض القدرات العسكرية والسلطوية لحركة حماس.

ويدل سلوكهم وتصريحاتهم على أنهم راضون تماما عن «إنجازات» جيشهم في القتل والدمار، وما يقلقهم هو التلكؤ في تحقيق الأهداف العسكرية. العدوان متواصل إلى حين تحقيق «الأهداف»، وليس هناك أي مؤشر بأن المجتمع السياسي الإسرائيلي قابل لاتخاذ قرار بوقف دائم للحرب في الأشهر المقبلة.

حمّى الحرب في المجتمع الإسرائيلي في أوجها، وهي لا تسبب هلوسات عسكرية فحسب، بل تقذف ألسنة اللهيب لتحرق الأخضر واليابس، وتفتك بالأطفال والنساء والرجال والشيوخ بأرقام تفوق الخيال. فهل هناك من يبرّد هذه الحمّى الفتاكة؟ الجواب أن بعض الأطراف قادرة على ذلك إن أرادت، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، ولكنها لن تتحرك فعلا إن لم تتعرض للضغط العربي.

 المطلوب ضغط فعلي ووعيد بالابتعاد عن أمريكا، لا وعدا بالتطبيع مع إسرائيل والالتصاق أكثر بالعم سام. تكرار الحديث عن توسيع التطبيع والادعاء بأنه سيوقف الحرب، يثير الشبهات، وهو بمثابة صب الزيت على نيران الحرب الإسرائيلية، وهل هناك حاجة للقول بأن زيوت التطبيع لا تطفئ نارا؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحرب الفلسطينية فلسطين غزة الحرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أن

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن، والسودان

الناظر إلى العلاقات القائمة بين الدول في العصر الحديث يجد صوراً عديدة ومتنوعة وفقا لما يمليه الواقع العملي علي المستوي الدولي بكل تعقيداته، مما استدعي ذلك تأسيس هيئة عالمية تجتمع تحت مظلتها دول العالم ويتاح لجميع الدول الإنضمام الي عضويتها ، ففي البداية كانت عصبة الأمم وبعد فشلها جاءت الأمم المتحدة ، ثم توافقت الدول علي ميثاق عالمي ينظم العلاقات فيما بينها ويؤسس لعلاقات ودية هادئة ، ولكن ماذا لو حدثت نزاعات أو حروب ؟ كان لابد من تكوين آلية فاعلة لوقف الحرب وفض النزاعات.

بعد مؤتمر موسكو 1943م ومؤتمر طهران منتصف 1944م اجتمعت وفود روسيا والولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة في مؤتمر دومبارتون أوكس في واشنطن للتفاوض حول هيكل الأمم المتحدة وبالفعل جاء النقاش حول تكوين مجلس الأمن ليكون آلية دولية تعمل علي منع النزاعات ووقف الحروب واتخاذ إجراءات قانونية تجاة المعتدي ، وعقدت أولى جلساته في 17 يناير 1946م ، وهو أحد الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة، وخصص له الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة لبيان طريقة تكوينه وإجراءات العمل الخاصة به.

ويتألف مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً، خمسة دائمين هما الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتنتخب الجمعية العامة للأمم المتحدة عشرة أعضاء آخرين ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس يتم تغييرهم كل سنتين ويراعي في ذلك التوزيع الجغرافي.

لكل عضو صوت واحد وتصدر القرارات في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من الأعضاء ، أما في المسائل الموضوعية فتصدر القرارات بموافقة تسعة من اعضائه علي ان يكون من بينهم أصوات الأعضاء الدائمين متفقة.
تكون رئاسته بالتناوب بين الدول الاعضاء كل شهر وفقاً للترتيب الابجدي لأسماء الدول الأعضاء باللغة الإنجليزية.

نطاق عمل مجلس الأمن واسع ، وقراراته ملزمة لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، ويتميز مجلس الأمن دون أجهزة الأمم المتحدة بحق التدخل لتسوية المنازعات الدولية التي تنشأ بين الدول سواء طلب منه التدخل من الدول أو تدخل من تلقاء نفسه، حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين ، وله سلطة تحديد الطرف المعتدي .

جاءت تلك المهام نتيجة للمادة الرابعة والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة التي أوضحت أن جميع الدول الأعضاء يعهدون إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسة في حفظ السلم والأمن الدوليين وهو يعمل بالإنابة عنهم في هذة التبعات.

هذة المادة هي جوهر عمل مجلس الأمن، لأنها منحته الصلاحيات الواسعة بموافقة كافة الدول الأعضاء، والموافقة علي أن يعمل نيابة عنهم بموجب هذة الصلاحيات وفقا لمبادئ الأمم المتحدة.

و لمجلس الأمن، كما جاء في المادة الثالثة والثلاثين من الميثاق، أن يدعو أطراف أي نزاع إلى التفاوض أو التحقيق أو الوساطة أو التوفيق أو التحكيم أو التسوية القضائية لحل النزاع، وله إيفاد بعثة أو تعيين مبعوثين أو توجيه الأمين العام للأمم المتحدة ببذل مساعيه الحميدة لإخماد النزاعات والتوفيق بين أطرافها.

و إذا لم تنجح تلك المساعي السلمية، يكون لمجلس الأمن الحق في إرسال قوات لحفظ السلم والأمن الدوليين لمكان النزاع ، أو وقف العلاقات الاقتصادية، وله قطع المواصلات بجميع أنواعها براً وبحراً وجواً جزئياً أو كلياً ، وله قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولة المعتدية و دول العالم .

لمجلس الأمن مهام كثيرة واختصاصات عديدة تمكنه من تطبيق أحكام القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة بما يحقق ضبط النزاعات بين الدول أو النزاعات التي تنشأ داخل إقليم الدولة لكنها تنعكس سلبا علي أمن وسلام المنطقة.

من جهة أخرى نجد أن ميثاق الأمم المتحدة لم يتضمن أي نص يجيز الطعن في قرارات مجلس الأمن ، وبذلك لا تستطيع أي جهة أن تحاسبه أو تطعن في قراراته مما يجعله المتحكم الفعلي في أعمال الأمم المتحدة.

بموجب حق الفيتو الممنوح للدول الخمس الدائمين في مجلس الأمن يتم التحكم في جميع القرارات الصادرة عنه أياً كان هدفها أو غايتها ، فإن كانت لاتخدم مصالح أي من الدول الخمس فالفيتو في انتظارها ، وهكذا يتعطل الدور الحقيقي والجوهري لمجلس الأمن في الحفاظ علي السلم والامن الدوليين بعدالة ويكون القرار مرتهنا بما تراه الدول الخمس محققا لمصالحها فقط.

*مجلس الأمن والحرب في السودان*
بين السودان ومجلس الأمن العديد من القرارات ، لكن في ملف الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023م وضع آخر ، حيث كان أول قرار لمجلس الأمن في 8 مارس 2023م وهو القرار رقم 2676 الذي يمدد نظام عقوبات علي السودان تتمثل في تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة، وهو قرار فني لتجديد التدابير التي تم تجديدها سابقاً.

في يونيو 2023م ، طالبت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة لإيقاف الحرب ، وركزت على الدول الأفريقية الثلاث الأعضاء وهي الغابون وغانا و موزمبيق و على جهود الإتحاد الأفريقي لتأمين وقف الحرب ، والتأكيد علي حماية المدنيين كركيزة أساسية، وذلك أثناء مناقشة مجلس الأمن لتجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونيتامس) .

في 11 أكتوبر 2023م صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأغلبية 19 صوتاً مقابل 16ضد وامتناع 12عن التصويت، لصالح اعتماد قرار بإنشاء لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم والانتهاكات التي وقعت في السودان منذ بداية الحرب،
وأخطر مجلس الأمن بذلك.

في 8 مارس 2024م أصدر مجلس الأمن قراراً يدعو لوقف فوري للعنف في السودان وإزالة أي عراقيل لوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع ودون عوائق خلال شهر رمضان.

ثم ناقش مجلس الأمن مشروع قرار حول الحرب في السودان ووقف العدائيات، إلا أن الدول الأفريقية الثلاث رفضت مسودة مشروع قرار صاغته بريطانيا لمجلس الأمن منتصف أبريل 2024م .

و في 29 أبريل 2024م عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لبحث التصعيد للعمليات العسكرية مع التركيز على الأوضاع في مدينة الفاشر، وقلق المجلس بشأن الوضع الإنساني للمدنيين ، وطالبت بعثة السودان الدائمة في الأمم المتحدة مجلس الأمن لوضع حد حاسم لدعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع وإصدار قرار بذلك .

في 30 مايو 2024م عقدت جلسة لمجلس الأمن لعرض تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في السودان وتداعيات الحرب .

في 13 يونيو 2024م ، طالب مجلس الأمن من المليشيا الإرهابية إنهاء حصارها لمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وأصدر القرار رقم 2736 ، حيث تحاصر المليشيا مئات الآلاف من المدنيين في أوضاع إنسانية متردية للغاية ، لكن المليشيا لم تستجب للقرار .

في منتصف أغسطس 2024م أعلن المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان (المضي قدما) في حل الأزمة السودانية بحضور أمريكا ومصر والسعودية والإمارات والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، في اجتماع جنيف، رغم عدم وجود ممثل للحكومة السودانية، وبعد انتهاء الاجتماع وفشلهم ذكر المبعوث الأمريكي الخاص أن المحادثات قد تستأنف في تاريخ غير محدد مستقبلا.

القراران الصادران في مارس ويونيو 2024م أيدتهما 14دولة مع امتناع روسيا عن التصويت، لكنه سمح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن والابقاء علي معبر أدري الحدودي مع تشاد مفتوحا لدخول المساعدات الإنسانية.

في11 سبتمبر 2024م قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن أوضاع الحرب في السودان والموقف الإنساني هناك ، وقدم ممثل بعثة السودان الدائمة كلمة السودان ، ثم جدد المجلس نظام العقوبات الخاص بالسودان (دارفور) حتى سبتمبر 2025م ، سعياً للحد من دخول الأسلحة لإقليم دارفور .

وفي أكتوبر 2024م ناقش مجلس الأمن إمكانية نشر بعثة مشتركة بقيادة الإتحاد الأفريقي للمساعدة في حماية المدنيين ، والاستماع لاحاطة مفتوحة من الأمين العام للأمم المتحدة .

18 نوفمبر 2024م ، ناقش مجلس الأمن مشروع قرار صاغته بريطانيا وسيراليون حيث كانت بريطانيا تتولى رئاسة مجلس الأمن لشهر نوفمبر 2024م ، ويدعو القرار إلى وقف الأعمال العدائية ووقف التصعيد العسكري، جاء مشروع القرار متخفياً وراء كلمات دبلوماسية يؤيد اتفاق جدة ويدعم دخول المساعدات الإنسانية، وهو في حد ذاته محاولة للسير بسرعة نحو تسوية مدنية تحافظ علي كيان المليشيا الهالكة، لذلك جاء مشروع القرار كأنه يستبق الزمن للوصول لحل سياسي دبلوماسي قبل أن تتورط المليشيا الإرهابية في المزيد من الجرائم ، مما يزيد سخط الشعب السوداني عليها وبالتالي يصعب للوصول إلى تسوية تنقذها من الهزيمة المحققة، غير أن مشروع القرار هذا حسم بفيتو روسي أعاد الامور إلى نصابها .

في نفس الوقت كانت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) قد أصدرت نشرة زرقاء بأسماء قائدين بالمليشيا بناء على قرار مجلس الأمن الصادر للدول الأعضاء بهدف منع تحركاتهم عبر أراضيها وتجميد الأرصدة المالية التي تخصهم .

لكن إلى الآن لم يتطرق مجلس الأمن لتوجيه اتهام للمليشيا الإرهابية بأنها جماعة إرهابية، رغم كل جرائمها ، ولم يوجه اتهاماُ للإمارات لدعمها المليشيا للاستمرار في عملياتها الإرهابية تجاة المدنيين العزل الذين يخشى عليهم مجلس الامن ويقلق لاجلهم !!

رغم الانتهاكات الجسيمة والجرائم المروعة التي تصل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والتي وثقت من قبل المليشيا نفسها ونشرت علي المنصات الاعلامية المختلفة ، وذكرتها ووثقتها تقارير المنظمات الدولية والإقليمية وتقرير لجنة الخبراء الدولية، إلا أن المجلس الموقر لم يصدر إدانة واحدة ضد المليشيا المغتصبة للآن !!

منذ بداية الحرب خصص مجلس الأمن جلسات كثيرة للسودان ولمناقشة الحرب والاوضاع الإنسانية للمدنيين ، جلسات منها المغلقة ومنها المفتوح ، منها جلسات إحاطة ومنها جلسات أصدر فيها مجلس الامن قرارات مباشرة ، وهناك حوالي خمس جلسات خصصت للنقاش حول اليونسفا (UNISFA) ، وست جلسات لمناقشة وضع يونيتامس (UNITAMS).

عدد كبيرمن الجلسات لكن للاسف أغلبه لايصب في مصلحة السودان وشعبه ، أغلبها محاولات ضغط من بريطانيا لكي ينصاع السودان للضغوط الأميركية و الإماراتية لوقف الحرب مع انحياز كامل من بريطانيا تجاة المليشيا، والتي ترفض أي إدانة للمليشيا الإرهابية عبر جلسات مجلس الأمن ، وهي نفسها التي سعت لإبعاد تقرير لجنة الخبراء التي كونها مجلس الأمن وقدمت تقريراً مفصلاً يتضمن وقائع وأحداث تدين المليشيا وتثبت علي الإمارات تهمة تمويل المليشيا الارهابية في السودان ، ثم عملت بريطانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة علي تعليق شكوي السودان ضد الإمارات ، وعدم تقديمها لمجلس الأمن حتي لا يتخذ قرار فيها رغم أن هذه الشكوي تستند إلى العديد من الأدلة والبراهين منها تقرير بعثة الخبراء الأممية سالفة الذكر ، ورغم اتهام اليونسيف للمليشيا المتمردة أنها تجند الأطفال وتدفع بهم لنيران الحرب بما يمثل انتهاكا دوليا يضاف إلى سجل المليشيا الاجرامي ، إلا أن بريطانيا لا تزال منحازة للمليشيا بصورة سافرة .

علي كل فإن مجلس الأمن يعقد جلسات إحاطة اليوم الخميس بشأن السودان ويترأس وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكين الاجتماع ، والذي من المقرر أن يقدم فيه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش أو وكيله المعين ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توماس فليتشر ، إحاطة حول مستجدات الأوضاع في السودان.

نأمل أن تكون هذة الجلسة مختلفة عن سابقاتها،وان يكون يوم *(19 من ديسمبر)* علامة فارقة في السجل الأممي تجاة السودان كما كان علامة فارقة في تاريخ السودان الحديث.

التهاني للشعب السوداني الأبي الحر بمناسبة ذكري اعلان الاستقلال المجيد من داخل البرلمان ، والتحية لقواتنا المسلحة الظافرة المنتصرة بإذن الله وحوله ، والتحية لقوات الشرطة والأمن والقوات المشتركة فرسان السودان ، والمستنفرين الأبطال ، سائلين الله عز وجل أن يتقبل شهداءنا برحمته الواسعة في الفردوس الأعلى.

د. إيناس محمد أحمد احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أستاذ قانون دولي: المعارضة الإسرائيلية ضعيفة أمام حكومة نتنياهو
  • الحرية المصري: حديث الرئيس بأكاديمية الشرطة اتسم بالمكاشفة بشأن التحديات التي تواجه الوطن
  • أستاذ قانون دولي: المعارضة الإسرائيلية تعاني تشرذما أمام حكومة نتنياهو
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
  • بعثة الأمم المتحدة تزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • زيارة أممية لمواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • مجلس الأمن الدولي: قوة حفظ السلام يجب أن تبقى على الحدود الإسرائيلية السورية
  • متحدث الأمن الفلسطيني: هناك خطة لدى الحكومة الإسرائيلية لإعادة احتلال الضفة الغربية
  • مجلس الأمن، والسودان
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري