أخرجوا السودانيين من مصر.. هل هكذا يُرَد الفضل لأصحابه؟!
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
لم يكن موسيقار الأجيال الفنان محمد عبد الوهاب وهو يغني كلمات المؤلف مأمون الشناوي قبل عقود "عاشت مصر حرة والسودان.. دامت أرض وادي النيل أمان.. اعــملوا تنولوا واهتفوا وقولوا.. السودان لمصر ومصر للسودان"؛ يتخيل أن يأتي يوم ويطالب فيه بعض المصريين بأن يخرج السودانيون من مصر، وأحسب أنه لو كان حيا لمات كمدا من انحدار هذه الدعوات وأصحابها إلى هذا الدرك.
قد لا يعلم كثير من مدعي الوطنية، أصحاب دعوات الكراهية والعنصرية التي باتت تملأ الفضاء الأزرق، مدى ارتباط مصر والسودان ربما يعود السبب لحداثة أعمارهم في ظل التجهيل المتعمد الذي تعيشة مصر في السنوات العشر الأخيرة.
فللبلدين تاريخ مشترك، والذي يجمعنا بالسودان أكبر من كونه دولة جوار، وعند الحديث عن العلاقات التي تنشأ بين الدول في صورة الدبلوماسيات الحديثة فعلاقة مصر بالسودان أعمق من ذلك بكثير. فالمشتركات التي تجمع بين مصر والسودان متجذرة في عمق البلدين، وليست عابرة كما يحاول بعض -الدولجية الجدد- تصويرها في الشكل الحالي؛ بأن مصر تستضيف السودانيين بشكل إنساني بسبب أزمتهم الحالية.
لا يعلم كثير من مدعي الوطنية، أصحاب دعوات الكراهية والعنصرية التي باتت تملأ الفضاء الأزرق، مدى ارتباط مصر والسودان ربما يعود السبب لحداثة أعمارهم في ظل التجهيل المتعمد الذي تعيشة مصر في السنوات العشر الأخيرة
الأمر أكبر من ذلك، فالبلدان يملكان تاريخا مشتركا وتداخلا جغرافيا مدهشا، ودائما ما كان الشعور المسيطر على ساسة البلدين قبل انفصالهما هو وحدة المصير وشعور البحث عن الشريك والأخ والاتحاد معه والأمان بوجوده، وهو ما انعكس بصورة كبيرة على امتزاج الشعبين المصري والسوداني من قديم الأزل.
وهنا سوف أحاول المرور سريعا على صفحة واحدة من صفحات الماضي والحاضر للبلدين في المائة عام الأخيرة؛ لأنه من المؤكد أن مقالة واحدة لن تكفي لحصر المشتركات بين السودان ومصر.
يعيش السودان الآن أياما صعبة بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة المدعومة إماراتيا، وهذا معلوم للجميع ونتيجة طبيعية لأي حرب تدور رحاها، حدثت موجات نزوح للسودانيين إلى عدد من دول الجوار هربا من الموت المحتم الذي يحمله متمردو الدعم السريع معهم إلى أي مدينة يدخلونها، وأول دول الجوار السوداني هي الشقيقة الكبري مصر التي غنّى لها الفنان السوداني عبد الكريم الكابلي "مصر يا أخت بلادي يا شقيقة".
ومؤخرا، مع انتشار حملات الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر ضد أشقائنا السودانيين والتي يتبناها القوميون الجدد من أبناء سايكس بيكو أو "الكمايتة" كما يحلو لهم تسمية أنفسهم؛ يلاحظ المتابع أن كتاباتهم وآراءهم التي ينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي دائما تكون في صف السلطة، يدعمونها بشكل قوي وينافحون عنها وعن الجيش المصري أمام أي انتقادات قد توجه للجيش أو للنظام الحاكم وسياساته.
مع انتشار حملات الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر ضد أشقائنا السودانيين والتي يتبناها القوميون الجدد من أبناء سايكس بيكو أو "الكمايتة" كما يحلو لهم تسمية أنفسهم؛ يلاحظ المتابع أن كتاباتهم وآراءهم التي ينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي دائما تكون في صف السلطة، يدعمونها بشكل قوي وينافحون عنها وعن الجيش المصري أمام أي انتقادات قد توجه للجيش أو للنظام الحاكم وسياساته
وقد لا يعلم الكمايتة أصحاب دعوات الكراهية؛ أن السودان له فضل على مصر لا ينكره إلا جاهل بالتاريخ.. فالسودان بعد نكسة 67 كان له موقف مشرف؛ بداية من إعلان رئيس الحكومة السودانية وقتئذ محمد أحمد محجوب وقوف السودان بجانب مصر وتلبية احتياجاتها الحربية، وقطع علاقة السودان بكل من يساعد إسرائيل.
كما استنفر السودانيون همة الدول العربية لمؤازرة مصر، فاستضاف السودان أشهر قمة عربية؛ أعلنت اللاءات الثلاث في مواجهة إسرائيل، فضلا عن توفير السودان المأوى والملجأ للطائرات المصرية واستخدام الجيش المصري لقاعدة وادي سيدنا في تلك الفترة، والأهم هو نقل الكلية الحربية المصرية إلى منطقة جبل الأولياء في العاصمة السودانية الخرطوم، باعتبارها مكانا آمنا لتدريب وتخريج دفعات من طلبة الكلية الحربية لإعادة بناء صفوف الجيش المصري مرة أخرى.
ليس هذا فحسب، فقد شارك السودانيون في حرب أكتوبر وساندوا الجيش المصري لاستعادة سيناء، فأرسلت الخرطوم لواء مشاة وكتيبة من القوات الخاصة؛ فضلا عن بعض المتطوعين السودانيين الذين قاموا بمهمات إسناد للقوات المصرية وعبر عدد منهم قناة السويس إلى جانب القوات المصرية.
أخيرا وليس آخرا، عندما عاشت مصر فترة محنة كبيرة بعد نكسة 67 كان السودان أول من هب لنجدة مصر، والآن يعيش السودان محنة مشابهة بسبب الحرب، وتُقطع عنه الاتصالات، فهل من المروءة والإنصاف أن تُحملهم القيادة السياسية المصرية عبر لجانها الإلكترونية فاتورة فشلها في الملف الاقتصادي !!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر السودان تاريخ العلاقات مصر السودان علاقات تاريخ لاجئين مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على مواقع التواصل الاجتماعی الجیش المصری مصر والسودان
إقرأ أيضاً:
حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
كنت من محبي زيارة متحف السودان القومي..
واكاد اجزم أني احفظ المعروضات في القاعات في الدور الاول والثاني..
واعرف ممر الكباش والضفادع الحجرية علي البحيرة الصناعية والمعابد التي نقلت كما هي ووضعت في ساحة المتحف كمعبد دندرة وحيث اثار العهد الاسلامي في الطابق الثاني كدولة سنار
◾️- الصورة المرفقة صورتها بنفسي بجوالي النوكيا في ابريل 2011 ولازالت احتفظ ببعض الصور من ساحات العرض..
◾️- حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع وتم سرقة مشغولات ذهبية عمرها الاف السنين وبعض الاثار الصغيرة من العاج والحجر والابنوس تعود للعهد المروي ولعهد دولة نبتة
– مع ان السودان اطلق حملة لاستعادة المسروقات بالتعاون مع اليونسكو الا ان الامل ضعيف في العثور عليها لان هناك هواة جمع تحف واثار يشترون مثل هذه المقتنيات ويحتفظون بها في خزائنهم لمدد طويلة ولا يعرضونها ابدا وبذا تقل فرص مطاردتها واسترجاعها..
????- الحل في نظري هو اطلاق حملة قومية للتنقيب عن الاثار مرة اخري.. هناك مواقع اثرية كبيرة ومتعددة متناثرة في السودان..
◾️- مثلا في العام 1998 زرت الولاية الشمالية باللواري في سفرة استغرقت عدة ايام فرايت كثير من الاثار ملقاة علي الطريق قريبا من شواطئ نهر النيل , احجار ضخمة واعمدة معابد لايستطيع اي احد ان يحركها من مكانها وربما هذا سبب حفظها حتي الان.. فلو تم التنقيب حول هذه الاماكن فالبتاكيد سنحصل علي اثار جديدة..
◾️هناك ايضا موقع النقعة والمصورات الاثري الذي يشرف عليه معهد حضارة السودان التابع لجامعة الخرطوكم تحت اشراف البروف جعفر ميرغني – وقد زرته من قبل في العام 2010 – الثلات صور الاخيرة – ففي هذا الموقع تتناثر الاثار علي العديد من التلال والسهول و الموقع ذات نفسه يقع علي نهاية وادي العوتيب وهذا الوادي الان عبارة عن رمال ولكنه حتما في قديم الزمان كان من روافد النيل الموسمية فعلي ضفاف هذا الوادي وحتي موقع النقعة والمصورات هناك احتمال وجود عشرات الاثار التي قد تغير التاريخ ذات نفسه
◾️- ايضا سفح جبل البركل وكثير من المواقع التي يمكن اعادة التنقيب فيها
◾️- في العام 2010 كانت هناك شركة تقوم بحفريات لبناء عمارة في احد الاحياء شرق مطار الخرطوم فعثرت علي ما يشبه المدفن لقرية تعتبر اول اثر علي وجود الانسان في منطقة الخرطوم والمقرن قدرت بالاف السنين..
– وكثير من الاثار هنا وهناك علي ضفاف النيل الذي كان علي الدوام جاذبا للمستعمرات البشرية منذ القدم
????- بهذه الطريقة يمكننا اعادة ملء المتحف القومي مرة اخري والحفاظ علي التاريخ الذي اراد تتار العصر ان يمحوه لهدم رواية الامة السودانية عن عراقتها وحضارتها الممتدة من الاف السنين وحتي الان..
♦️- بهذا يمكننا مرة اخري ان نضع قطع الاحجية جنبا الي جنب ونعيد بناء قصة متماسكة تمتد من الان الي عمق التاريخ ونضع معلما لاطفالنا والاجيال القادمة تحاجج به وتفتخر.
♦️- بعض الدول تحفر في اللاشئ وتعثر علي صخور صماء لايوجد عليها نقش واحد فتضعها في متحف ضخم لتقول للناس ان هذا الحجر استخدمه شخص في هذه البقعة قبل اربعة الف سنة كوسادة او كمسند او مربط لحيوان لتقول للعالم انها دولة ذات تاريخ وذات عراقة..
♦️- نحن كبلد اولي بان تكون لنا قصة لها شواهد وعليها ادلة والاسهل والحل الذي بين ايدينا هو اطلاق حملة جديدة للتنقيب عن الاثار تحت الارض والكشوفات الجديدة هذه توكل كمشاريع لكليات الاثار والدراسات الانسانية كالتاريخ وعلم الاجتماع مع التمويل من الدولة والشركات الوطنية مع مواصلة جهود البحث عن الاثار المفقودة.
النور صباح
إنضم لقناة النيلين على واتساب