الإمام محمد بن سعود وحد الدرعية وأقام الدولة الأولى
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
البلاد – جدة
في تاريخ الأوطان قيادات فذة ومحطات عظيمة في أحداثها ومنجزات أبطالها، خاصة إذا ارتبط ذلك بقيام دولة مستقرة، يستظل بها أبناؤها وينعموا بخيراتها وينهضوا بمستقبلها.. وهنا تكمن دوافع توقف الأجيال عندها بالاعتزاز، واستلهام أمجادها والوفاء والافتخار برمزها وبرجالاتها، والوعي الوطني في مواجهة التحديات.
وهنا تكمن أهمية قراءة التاريخ وصفحاته المرصعة بأمجاد مؤسسها الأول الإمام محمد بن سعود، وتضحيات أبنائه وأحفاده من بعده في سبيل بناء الدولة.
استذكار يوم التأسيس والاحتفاء به، هو قيمة وطنية عظيمة في تاريخ الوطن المجيد، لمزيد من الفخر والانتماء لدولة عريقة الجذور تأصل تاريخها لقرون، وبُنيت قواعدها على أساس راسخ من الإيمان والإقدام، والإصرار على إرساء الوحدة والأمن، بعد قرون من التشتت والفرقة والتناحر بين القبائل في الجزيرة العربية آنذاك، ومؤامرات الغزاة الطامعين.
لقد كانت بداية تأسيس الدولة السعودية على يد الإمام محمد بن سعود- رحمه الله- النواة التي بُني عليها هذا الصرح الوطني العظيم، وهنا تكمن القيمة الكبيرة لقراءة التاريخ وصفحاته المرصعة بأمجاد مؤسسها الأول الإمام محمد بن سعود، وتضحيات أبنائه وأحفاده من بعده في سبيل بناء هذه الدولة العصرية الحديثة.
لذلك لم يكن يوم التأسيس الموافق 22 فبراير من كل عام، يوماً اعتيادياً في تاريخ الدولة السعودية، وما شهدته على أكثر من ثلاثة قرون من أحداث وتحديات ومراحل تطور، فهو يمثل الجذور الراسخة في عمق التاريخ، التي بدأت من الدرعية عاصمة الدولة الأولى في منتصف عام 1139هـ / 1727م التي أسسها الإمام المؤسس محمد بن سعود- رحمه الله.
بطولات وأمجاد
لقد كان الإمام محمد بن سعود شخصية استثنائية وعبقرية، حين قرر إنهاء منظومة التشتت، معتمدًا هدف الوحدة والاستقرار والنماء، مبتدئًا بمدينته “الدرعية” فوحَّد شطريها، وجعلها تحت حكم واحد، بعد أن كان متفرقًا بين مركزين، واهتم بشؤونها الداخلية، وتقوية مجتمعها، وتوحيد أفراده، مع الحرص على تنظيم الموارد الاقتصادية للدرعية، كما حرص على الاهتمام بالمظهر الحضري للدولة وإدارة شؤونها، ما يوثق نظرته الثاقبة للاستقرار والازدهار في مجالات متنوعة، محققًا لها الاستقلال السياسي التام عن أي قوة خارجية، كما سجل التاريخ حرصه على الاستقرار والنماء في منطقته.
فالتاريخ يسجل للإمام محمد بن سعود، أنه بعد توليه إمارة الدرعية، قام بالعمل على تأسيس الوحدة فيها وتأمين الاستقرار داخلها، وفي محيطها من البلدات والقبائل، وحماية طرق الحج والتجارة. كما عمل على تنظيم الأوضاع الاقتصادية للدولة، والتوسع في البناء وتنظيم أسوار الدرعية، لتنطلق الدولة بعد ذلك في توحيد المناطق في نجد؛ لتشكل بداية المرحلة الأولى من توحيد الدولة السعودية الأولى، الذي اكتمل في عهد أبنائه وأحفاده؛ حيث تعكس مرحلة التأسيس شخصية الإمام محمد بن سعود المحورية في تاريخنا السعودي، التي مهدت لدولة ممتدة منذ قيامها قبل أكثر من ثلاثة قرون.
لقد اتسم الإمام المؤسس برؤية ثاقبة، واستفادته من التجربة التي خاضها في شبابه، حين عمـل إلى جانب والده في ترتيب أوضـاع الإمـارة، مما أعطاه معرفـة تامـة بـكل أوضاعهـا، كما شـارك في الدفـاع عـن الدرعيـة عندمـا غزاهـا زعيـم الأحساء، واستطاعت الصمـود ودحـر المعتـدين، وأدرك ببصيرته العميقة طبيعة وتحديات الأوضاع التي كانت تعيشها إمارتـه والإمارات من حولهـا بشكل خاص ووسـط الجزيرة العربية عـامة؛ لذا بدأ منـذ توليه الحكـم التخطيط للتغيـيـر في النمط السـائـد خـلال تلك الأيـام، واهتمامه بالتطوير نحو مفهوم الدولة المستقرة، فأسـس بذلك لاتجاه صحيح ومسـار جديد في تاريخ المنطقـة، تمثل في الوحـدة والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار، والعمل على نشر التعليـم والوعي بأهمية الترابط والتلاحم بين أفراد المجتمع.
الوحدة والاستقرار
يوثق المؤرخون أن الإمام الإمام محمد بن سعود- رحمه الله- استطاع تحويل الدرعية من مفهوم (دولة المدينة) إلى دولـة واسعـة وذات نفوذ تحفظ الأمن والاستقرار، وقام بتوحيدها وبنائها على مرحلتين: الأولى خلال الفترة 1139 / 1158 هـ الموافق 1727 / 1745م وكان من أبرز أحداثها:
توحيـد شـطري الدرعيـة، وجعلهـا تحـت حـكـم واحـد، بعـد أن كان الحكم متفرقاً في مركزين، والاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده، وتنظيم الأمور الاقتصادية للدولة. كما نشر الاستقرار في الدولة في مجالات متنوعة، والاستقلال السياسي وعـدم الـولاء لأي قوة، في حين أن بعـض بلدان نجـد كانت تديـن بالـولاء لبعـض الزعامات الإقليميـة.
ومن أبرز أحداث هذه الفترة إرسـال الإمام أخـيه الأمير مشـاري إلى الريـاض؛ لإعـادة دهـام بـن دواس إلى الإمـارة بعد طلـبه المعونـة مـن الدولـة السـعودية الأولى، إثر التمـرد عليـه، ويؤكد ذلك قـدرة الإمـام الكبيرة على احتـواء زعاماتهـا وجعلهـم يعلنـون الانضمام للدولـة والوحـدة، وبنـاء سـور الدرعيـة للتصدي للهجمات الخارجية القادمة إلى الدرعيـة مـن شرق الجزيرة العربيـة.
أما المرحلة الثانية من التأسيس خلال الفترة 1159 / 1179 هـ الموافق 1746 / 1765م، فكان أبرز بطولاتها وأمجادها، بدء حملات التوحيد، لمعظم منطقة نجد وانتشار أخبار الدولة في معظم أرجاء الجزيرة العربية، والقدرة على تأمين طرق الحج والتجارة، فأصبحت نجد من المناطق الآمنة، والنجـاح في التصـدي لعـدد مـن الحمـلات المعادية التـي أرادت القضـاء عـلى الدولـة في بدايتهـا.
وتوالت الإنجازات في عهد الإمام محمد بن سعود؛ ومنها: نشر الاستقرار والاستقلال السياسي وعدم الخضوع لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: محمد بن سعود يوم التأسيس الإمام محمد بن سعود فی تاریخ
إقرأ أيضاً:
منصور بن محمد يشهد إطلاق المرحلة الأولى من مشروع «مشدّ دبي»
شهد سموّ الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي الرياضي، إطلاق المرحلة الأولى من مشروع «مشدّ دبي»، المشروع الرائد ضمن مبادرة «دبي تبادر» للاستدامة، وذلك خلال فعالية اُقيمت اليوم السبت على هامش سباق جائزة طيران الإمارات دبي الكبرى للإبحار (سيل جي بي) في ميناء راشد بدبي، بحضور عبد الله البسطي، أمين عام المجلس التنفيذي لإمارة دبي، وهلال سعيد المري، مدير عام دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، وعدد من مديري العموم والشركاء الاستراتيجيين للمشروع والجهات الداعمة.
ومع تدشين المرحلة الأولى لتنفيذ مشروع «مشدّ دبي»، بدأ تثبيت أول 1000 وحدة من الشعاب البحرية المصممة لهذا الغرض، من أصل 20 ألف وحدة يتمّ تثبيتها على مدى السنوات الثلاث المقبلة؛ ليكون بذلك أكبر مشاريع تطوير الشعاب البحرية في العالم، في خطوة تمثل إنجازاً مهماً في مسيرة «مشدّ دبي»، المشروع الرئيسي الثاني تحت مظلة مبادرة «دبي تبادر» للاستدامة، التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي. وكانت حملة إعادة تعبئة قوارير المياه، ضمن مبادرة «دبي تبادر» للاستدامة قد أسهمت في الاستغناء عن استهلاك أكثر من 25.4 مليون قارورة مياه بلاستيكية ذات الاستخدام الواحد بسعة 500 مل، وقدّمت 12.7 مليون لتر من المياه عبر 50 محطة لتوزيع المياه في مواقع مختلفة من دبي.
وتم الإعلان عن مشروع «مشدّ دبي» للمرة الأولى خلال مؤتمر الأطراف «كوب 28» في ديسمبر/كانون الأول 2023، فيما تم إطلاق الدفعة التمهيدية له في شهر إبريل/نيسان الماضي، ليكون بذلك «مشدّ دبي» من المشاريع البيئية المميزة والضخمة للمدينة، لاسيما أنه يمتد على مساحة 600 كيلومتر مربع في المياه الإقليمية لدبي.
وفي تصريح بهذه المناسبة قال سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة: «يمثل إطلاق أول 1000 وحدة من الشعاب البحرية في مياه دبي إنجازاً كبيراً لمشروع مشدّ دبي، لنشهد بذلك بداية مشروع استثنائي يعزز استعادة وحماية النظم البيئية البحرية على نطاق غير مسبوق».
وأضاف سموه: «برؤية القيادة الرشيدة وتوجيهاتها، تواصل دبي ريادتها في مجال الاستدامة، ونفخر في طيران الإمارات بمساهمتنا في هذا المشروع الرائد، انطلاقاً من التزامنا بأهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية للأجيال المقبلة، حيث نشارك بشكل فعّال في جهود مكافحة الاتجار بالحياة البرية، ودعمنا الممتد لأكثر من 20 عاماً لمحمية دبي الصحراوية للحفاظ على النظام البيئي الصحراوي، وتأتي مشاركتنا في مشروع «مشدّ دبي» امتداداً لهذا الالتزام، وتجسيداً لإيماننا بأن هذا الملاذ البحري سيوفر قيمة كبيرة، وسيُسهم في حماية النظم البيئية المائية الحساسة، والتي تعدّ ركيزة أساسية لنمو دبي وتطورها الآن وفي المستقبل».
ويمتد مشروع «مشدّ دبي» على نطاقٍ واسع ضمن منطقة المسح التي شملها المشروع والتي تصل مساحتها إلى 600 كيلومتر مربع، فيما تتواصل بالتوازي مع تنفيذه عمليات المسح والتقييم الدقيقة لضمان تحقيق وحدات الشعاب البحرية لأهدافها البيئية المنشودة. ويُسهم «مشدّ دبي» في دعم الجهود العالمية للحفاظ على البيئة، كما يلعب دوراً محورياً في تعزيز التنوع البيولوجي، والحفاظ على الموائل البحرية والساحلية في دبي، وتنمية مخزون الأسماك، وحماية المنظومة البيئية.
كما يمثّل «مشدّ دبي» نموذجاً ناجحاً للتعاون المشترك بين الشركاء في القطاعين العام والخاص؛ حيث تشمل قائمة الشركاء الاستراتيجيين للمشروع كلاً من: «دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي»، و«هيئة دبي للبيئة والتغير المناخي»، و«دي بي ورلد»، و«غُرف دبي»، و«نخيل» التابعة لـ«دبي القابضة للعقارات» ذراع التطوير العقاري لـ«دبي القابضة»، و«مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة»، و«طيران الإمارات»؛ حيث يهدف هذا التعاون إلى دعم رؤية القيادة الرشيدة في مجال الاستدامة وتعزيز المستهدفات الاستراتيجية الطموحة لدبي ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي خطوةٍ تعكس الدور المهم الذي يمكن لمختلف القطاعات تأديته لدعم تحقيق طموحات الإمارة في مجال الاستدامة، انضمت «الشركة الوطنية للخرسانة الجاهزة» كشريكٍ أساسي، حيث توفر الشركة الخرسانة المطلوبة لتجهيز 20000 وحدة من وحدات الشعاب البحرية، بالإضافة لشركة «استراتيجي أند» إحدى شركات «برايس ووترهاوس كوبرز الشرق الأوسط» كشريك استشاري، حيث توفر الشركة خبرتها في الخدمات الاستشارية لبرامج الحفاظ على البيئة إلى جانب الإطار التنظيمي والحوكمة.
وينسجم مشروع «مشدّ دبي» مع مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D33، والأجندة الوطنية الخضراء 2030، ومبادرة «دبي للسياحة المستدامة»، ويسهم بشكلٍ مباشر في دعم مجموعة من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بما يشمل الهدف 8 المتمثل بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي للجميع، والهدف 14 المتمثل بالحفاظ على الحياة تحت الماء، والهدف 13 المتعلق بالعمل المناخي، والهدف 12 المتعلق بالإنتاج والاستهلاك بشكلٍ مسؤول، والهدف 17 المتمثل بتفعيل الشراكات.
وفي تصريح له، قال هلال سعيد المري، المدير العام لدائرة الاقتصاد والسياحة بدبي: «انسجاماً مع الرؤية الطموحة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومع التوجيهات الكريمة لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، يمثّل «مشدّ دبي» مبادرة رائدة تؤكد التزام الإمارة الراسخ بدعم جهود الاستدامة والحفاظ على البيئة. كما يعكس المشروع الدور الحاسم للشراكات بين القطاعين العام والخاص في دبي، حيث تتوزع الأدوار على الجميع، وتشترك فيه المؤسسات على حد سواء لتحقيق أهدافه الطموحة وتعزيز الازدهار الاقتصادي والاجتماعي في الإمارة. ويشكل انطلاق مرحلة التنفيذ محطة مهمة في مسيرة دبي لبناء مستقبل أكثر استدامة. ومع تقدّم العمل في المشروع، سنواصل العمل مع شركائنا والجهات المعنية من أجل تحقيق رؤية دبي الرامية لتحقيق الاستدامة البحرية على المدى البعيد».
وقال عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس إدارة غرف دبي: «يشكل مشروع «مشدّ دبي» تجسيداً لالتزام دبي بقيادة مبادرات الاستدامة التي تعود بالنفع على البيئة والمشهد الاقتصادي معاً. وبصفتها شريكاً استراتيجياً للمشروع، تفخر غرف دبي بدعم هذا المشروع الذي يعزز التنوع البيولوجي البحري ويخدم أجندة دبي الاقتصادية D33. ويعكس هذا المشروع عمق التعاون بين القطاعين العام والخاص في دفع الحلول المبتكرة التي تعزز مكانة دبي الرائدة عالمياً في مجال الاستدامة».
ومن ناحيته، قال أحمد محمد بن ثاني، المدير العام لهيئة دبي للبيئة والتغير المناخي: «تواصل دبي جهودها لتحقيق أجندتها البيئية الطموحة، ويتمثل ذلك بوضوح من خلال مشروع «مشدّ دبي»، الذي يجمع العديد من الجهات المعنية من مختلف المجالات في القطاعين العام والخاص، ليؤكد بوضوح التزام الإمارة الراسخ بالاستدامة وحماية البيئة. ونؤكد التزامنا بحماية البيئة والحفاظ على توازنها الطبيعي، واستدامة الأنظمة البيولوجيّة والموارد الطبيعيّة للإمارة. ونحتفي بالبدء بتثبيت أول 1000 وحدةٍ من الشعاب البحرية المصممة لهذا الغرض في المياه الإقليمية لإمارة دبي، والتي سيكون لها الأثر البيئي الكبير، وخاصةً من ناحية تعزيز التنوّع البيولوجي ومخزون الثروة السمكية في دبي، وضمان استدامته للأجيال المقبلة».
وقال سلطان أحمد بن سليّم، رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة: «فخورون بمساهمة مشروع «مشد دبي» في تطوير القطاع البحري، وتعزيز الاستدامة البيئية في دبي، سعياً نحو إيجاد تأثير إيجابي طويل الأمد في البيئة البحرية ودعم تنوعها البيولوجي، كما يتماشى مع أهدافنا في المؤسسة والموانئ والجمارك والمنطقة الحرة لتعزيز موقع دبي كمركز عالمي للابتكار والاستدامة بما يدعم أجندة دبي الاقتصادية D33.
بدوره، قال عبدالله بن دميثان، المدير التنفيذي والمدير العام، دي بي ورلد، دول مجلس التعاون الخليجي: «تشكل موائل الشعاب البحرية أحد أهم النظم الحيوية الأكثر تنوعاً وأهميةً بالنسبة للبيئة على مستوى العالم، وندرك مسؤوليتنا والدور الذي يمكننا لعبه في حمايتها ودعمها. كما نبذل جهوداً حثيثة للمحافظة على التنوع البيولوجي البحري وتعزيزه ضمن العديد من مواقعنا التشغيلية حول العالم، وبخاصة في دبي. ويسعدنا التعاون مع العديد من الجهات الرائدة والشركاء الطموحين للمضي قدماً بهذا المشروع الملهِم».
وقالت هدى بوحميد، الرئيس التنفيذي للتسويق والاستدامة في دبي القابضة: «نفخر بدعم مشروع «مشدّ دبي» الرائد، والذي ينسجم مع أجندة الاستدامة الطموحة لإمارة دبي. وبصفتنا شريكاً استراتيجياً للمشروع، فإننا نواصل التزامنا بتعزيز مكانة دبي الرائدة عالمياً في مجال المسؤولية البيئية. ونتطلع من خلال هذه الشراكة لإحداث تأثير إيجابي دائم يصبّ في صالح الأجيال القادمة، ويُسهم في تحقيق رؤية دبي للنمو المستدام».
شعاب بحرية مبتكرة
وتضمنت فعالية إطلاق المرحلة الأولى من مشروع «مشدّ دبي»، الكشف عن ثلاث من وحدات الشعاب البحرية، وهي «الهرم المائي العربي» و«مظلة الشعاب» و«مكعب الأسماك». وقد بدأت «هايجو إكس»، شركة المقاولات الرسمية لعمليات تجهيز وتثبيت وحدات الشعاب البحرية لمشروع «مشدّ دبي»، بتجهيز وحدات الشعاب البحرية المصممة لهذا الغرض في شهر أغسطس/آب الماضي مع وحدات من نوعي «الهرم المائي العربي» و«مظلة الشعاب». وتم الإعلان خلال الشهر الماضي عن استكمال تجهيز أول 1000 وحدة من أصل 20 ألف وحدة ضمن المشروع.
وسيتم نشر أكثر من ستة أنواع مختلفة من وحدات الشعاب البحرية على أعماق متنوعة في المياه الإقليمية لدبي. وتهدف هذه الوحدات إلى توفير موائل بحرية لأسماك الشعاب والكائنات البحرية الأخرى، مثل الشعاب الصلبة واللينة وشقائق البحر والإسفنج والرخويات. وتختلف الوحدات في أبعادها، حيث يتراوح ارتفاعها بين 1.65 متر و6.5 متر، وسيتم تثبيتها في أعماق متفاوتة من 18 حتى 25 متراً. وسيتمّ تثبيت الوحدات المصممة لهذا الغرض في قاع البحر لتحاكي خصائص الشعاب البحرية الطبيعية، وهي مصممة لتعزيز الحياة البحرية، وزيادة التنوع البيولوجي، ورفع مستويات الإنتاجية البيولوجية.
ويجري تصنيع وحدات «مظلة الشعاب» و«الهرم المائي العربي» و«إكس ريف» و«مكعب الأسماك» باستخدام الخرسانة المستدامة والفولاذ، بينما تُصنّع وحدات «كهف الأسماك» و«قلعة البحار» الأكبر حجماً من الفولاذ فقط. وتضمن المواد المستخدمة في تصنيع وحدات الشعاب البحرية أقصى درجات المتانة، فهي مصممة لتدوم أكثر من 100 عام، كما توفر مزايا كثيرة للبيئة البحرية في دبي، وتلتزم بالممارسات المستدامة والصديقة للبيئة.
وسيتم تثبيت الوحدات في مواقع مدروسة بناءً على عمليات المسح العلمية ودراسات الفاعلية لتشكل مناطق واسعة وخصبة لنمو وتكاثر الأحياء البحرية. ويضمن «مشدّ دبي» نشر وحدات الشعاب البحرية في مواقع لا تؤثر في خطوط الشحن ومسارات الملاحة، وذلك بالتعاون مع السلطات البحرية والجهات المعنية.
بناء إرث مستدام
وينسجم مشروع «مشدّ دبي» مع الاستراتيجيات الوطنية والدولية لحماية البيئة، كما يتماشى مع عام الاستدامة في دولة الإمارات الذي تحتفي به الدولة للعام الثاني على التوالي. ومن المتوقع أن يترك هذا الاستثمار الاستراتيجي إرثاً دائماً في مجال حماية الحياة البحرية والحفاظ عليها. فيما ارتكز المشروع منذ انطلاقه على الجهود المشتركة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص وصيادي الأسماك المحليين والجامعات والطلاب. وتشتمل المستهدفات طويلة الأمد لـ«مشدّ دبي» على تعزيز المسؤولية البيئية والممارسات الصديقة للبيئة، وتشجيع الأبحاث المرتبطة بالحفاظ على الحياة البحرية، ودعم الازدهار الاجتماعي والاقتصادي والسياحة البيئية، والحفاظ على الإرث البحري والهوية الثقافية لإمارة دبي.
وفيما يتم العمل حالياً على تجهيز وحدات الشعاب البحرية المصممة لهذا الغرض من ستة أنواع مختلفة، لنشرها على مدى ثلاثة أعوام، تمّ بذل جهود حثيثة خلال المرحلة الماضية لتطوير الشراكات الداعمة للمستهدفات الطموحة للمشروع. ويجري التخطيط أيضاً لإطلاق مجموعة من برامج المشاركة المجتمعية؛ بهدف التعريف بفوائد «مشدّ دبي»، التي ستنعكس على المجتمعات المحلية والبيئة والأجيال المقبلة. كما سيتمّ إطلاق العديد من البرامج التطوعية والمشاركة العامة لمنح المنظمات والأفراد فرصة المساهمة في تعزيز التزام دبي بإرساء مستقبل مستدام.