في يوم التأسيس ..فلتدم أنتَ أيها الوطنُ
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
ليست المملكة مجرد حدود جغرافية تُحيط بها الصحاري والبحار، بل هي روح العروبة ومهد الإسلام.
إنها الأرض التي شهدت بزوغ فجر الرسالة الخاتمة، وهي الثرى الذي يضوع بالحرمين الشريفين، ومنها انطلقت ركائز العدل والسلام للإنسانية جمعاء.
لهذا، نحتفي اليوم بماضينا العريق، وحاضرنا
المزدهر، ومستقبلنا الواعد.
ففي مثل هذا اليوم، من عام 1727م، اتخذ الإمام محمد بن سعود، خطوات جبّارة نحو تأسيس الدولة السعودية الأولى، وهي خطوات امتزجت بحكمة القيادة وشجاعة القرار، حيث تلاحمت إرادة القائد مع عزيمة شعبه؛ لتُرسى دعائم الدولة على قِيم العدل والإخاء والسلام.
وتتابعت الأحداث، فكانت الدولة السعودية الثانية بقيادة الإمام تركي بن عبد الله، تعزيزًا لمفهوم الدولة وترسيخًا للهويّة الوطنية في وجدان الناس، حتى مجيء الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن- طيّب الله ثراه- الذي وحّد أرجاء الجزيرة العربية تحت راية التوحيد، وأرسى قواعد المملكة العربية السعودية، لتشهد نهضةً عمرانيةً وتقدمًا حضاريًا.
وتولّى من بعده أبناؤه، من ملوك المملكة، على نهج وخطى الملك المؤسس في بناء الوطن، والحفاظ على وحدته، والعمل على ازدهاره، والنهوض به في جميع المجالات.
وها نحن نعيش مجدًا وعزًّا غير مسبوقين، في عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله – بنجاحاتٍ تحققت في المملكة، وتجاوزت كثيرًا من الصعوبات، ولا تزال مبادرات ومشروعات وإصلاحات رؤية المملكة 2030، تضعنا على خارطة العالم؛ كقوة اقتصادية وسياسية واجتماعية بارزة، واليوم ها نحن نحصد ثمار ما زرعه الأجداد، ونسير قدمًا لنعلي بنيان ما رسّخوه بكل ودٍ وتفان.
في يوم التأسيس نجدد العهد والولاء لهذا الوطن العزيز، ونعاهد الله، ثم مليكنا وولي عهده الأمين، على السير قدمًا في طريق التقدم والازدهار، وأن نحافظ على هذه الأرض الطاهرة؛ أرض الحرمين الشريفين، أرض العزة والكرامة.
دمت يا وطني شامخًا، عزيزًا، مكلَّلًا بالمجد والكرامة، ودامت أيامك أعيادًا، وذكرياتك أوسمة فخر على صدورنا، وحفظ الله لنا قيادتنا الرشيدة، وشعبنا الوفي، وأدام على بلادنا نعمة الأمن والأمان والازدهار.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
«عبق رمضان بحي السيدة عائشة بالقاهرة»
تمتلئ مدينة القاهرة وبخاصة في أحيائها التراثية والشعبية بالكثير من المساجد التاريخية التي بُنيت عبر التاريخ الإسلامي.
وتتميز القاهرة عن غيرها من العواصم العربية والإسلامية في هذا الخصوص، إذ يحتوي البعض من مساجدها التاريخية على رفات الصحابة وآل البيت وأولياء الله الصالحين من جهة، والعلماء والأمراء والسلاطين ورموز مصر من عهود إسلامية مختلفة من جهة أخرى.
حيث تم دفنهم في أضرحة متميزة أقيم على معظمها الكثير من المساجد الإسلامية التاريخية التي تشكل في مجملها طابعًا معماريًا فريدًا ومتميزًا مازال شامخًا إلى الآن، إضافة إلى أن هذه المساجد قد حققت لنفسها الشهرة الكبيرة من خلال التعلُّق بها من قِبل زوارها ومصليها من مصر وسائر الدول الإسلامية والأجنبية.
وخلال شهر رمضان الكريم تمتلئ تلك المساجد بالمصلين وبخاصة أثناء صلاة العشاء والتراويح وصلاة الفجر، حيث تأتي الجماهير لإقامة الفرائض والشعائر الدينية وقراءة الفاتحة لآل البيت وإقامة الذكر والمديح وقراءة القرآن حتى تصبح تلك المساجد بالقاهرة ومحيطها جزءًا لا يتجزأ ولا ينفصل عن شهر رمضان الكريم بسبب مظاهرها الاحتفالية الجميلة التي تُكسب تلك الأماكن قداسة وروحانية خاصة.
ومن هذه المساجد مسجد السيدة عائشة ابنة الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين رضي الله عنهم.
وقد دُفنت في ضريحها بالقاهرة سنة 145 هجرية، وتسمى المنطقة التي يقع فيها المرقد بحي السيدة عائشة بميدان القلعة في طريق الإمام الشافعي رضي الله عنه بحي الخليفة.
والسيدة عائشة رضي الله عنها تُعتبر بحسب الروايات التاريخية الصحيحة من العابدات القانتات المجاهدات والتي كانت معروفة بالزهد والاجتهاد في العبادة والاعتكاف والبُعد عن الحياة وما بها من أعباء وملذات فانية طلبًا للآخرة وما بها من الفوز بالجنة ونعيمها بعد رضا الله.
ويُؤْثر عنها أنها كانت تقرأ مخاطبة الله عز وجل: وعزتك وجلالك لئن أدخلتني النار لآخذنَّ توحيدي بيدي وأطوف به علي أهل النار وأقول 'وحَّدته فعذبني'، وقد توفيت رحمة الله تعالى عليها سنة 145 هجرية، وكان على القبر لوح رخامي مكتوب عليه، هذا قبر السيدة الشريفة من أولاد جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر ابن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وظل قبرها مزارًا بسيطًا حتى القرن السادس الهجري.
ويتكون القبر من حجرة مربعة تعلوها قبة ترتكز على صفين من المقرنصات، وفي العصر الأيوبي أُنشئ بجوار القبة مدرسة، وعند بناء سور القاهرة فُصلتِ المدرسة عن القبر، وفُتح في السور باب يقال له باب السيدة عائشة، أو باب القرافة، وقد أعاد بناء هذا المسجد الأمير عبد الرحمن كتخدا في القرن الثامن عشر الميلادي، حيث تكوَّن المسجد في حينه من مربع يتوسطه صحن وتحيط به الأروقة.
وعند بناء كوبري السيدة عائشة هُدم باب القرافة، وقامتِ السيدة الفضلى فايدة كامل رحمها الله بتجديد المسجد بصورة جميلة وهي الصورة الحالية له الآن والتي أصبحت أجمل بكثير من عمارته في عهد المغفور له الأمير كتخدا. ويقع المسجد في حي الخليفة عند الطريق المؤدي إلى عين الصيرة وفم الخليج بداية الطريق إلى حي المقطم، حيث يظهر مسجد السيدة عائشة الذي يُعتبر ملجأ لكل زاهد عندما نراه شامخًا وسط المحال التجارية والمطاعم الشعبية إضافة إلى سوق السيدة عائشة، ومعه ما يسمى بسوق الإمام الذي يقام كل يوم جمعة، ويُعتبر من أشهر الأسواق الشعبية بالعالم. ليصبح المسجد بضريحه مرحبًا بكل زائر متعبد، أو معتكف يريد التقرب لآل البيت رضوان الله عليهم أجمعين.
ورغم أن المسجد يُعتبر عامرًا طوال العام بالزوار والمصلين، إلا أنه يكتسي رونقًا وقداسة وعبقًا خاصًا في شهر رمضان، حيث تُعلَّق الزينات ويتوافد عليه أهل الحي وغيرهم من أحباء السيدة عائشة، والزائرين الوافدين من أحياء ومدن مصرية أخرى لإقامة صلاة العشاء وصلاة القيام المميزة بالمسجد، حيث تتم قراءة جزء كامل من القرآن يوميًا، ليتم ختم القرآن به ليلة السابع والعشرين من رمضان ناهيك عن إقامة موائد الرحمن وحلقات الذكر والإنشاد وأماكن الخلوات الخاصة بالزاهدين والمعتكفين لعبادة الله سبحانه وتعالى وتقربًا للسيدة الكريمة التي ضربت مثالًا يُحتذى في الزهد والتعبد.