فشلت جولتان من المفاوضات في جدة. انتقل بعدها طرفا الحرب إلى المنامة التي لم تصمد سوى شهر واحد قبل أن تنهار هي الأخرى ما شكك في جدية الجيش في الوصول إلى وقف الحرب عبر الحلول السلمية.

التغيير: أمل محمد الحسن

ملازمة الفشل لكافة مباحثات وقف الحرب، بالتزامن مع التصريحات المتكررة لقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان حول رفض المفاوضات يفتح الباب أمام تساؤلات مرتبطة بمدى رغبة الجيش الحقيقية في المضي نحو وقف الحرب.

ولكن، على الرغم مما يقوله البرهان من تصريحات ضد المفاوضات إلا أن وفود التفاوض تحت سمعه وبصره وبموافقته أيضا تنقلت بين«جدة» و«المنامة» التي ارتفع فيها تمثيل وفدي الجيش والدعم السريع بمشاركة نائب القائد العام للجيش شمس الدين الكباشي وقائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو.

ترفيع مستوى التمثيل يؤكد جدية الطرفين في المضي نحو المفاوضات، وحسم نقاط خلافية جوهرية بين الطرفين كانت عالقة في إعلان جدة وهما نقطة إعادة تأسيس جيش مهني يضم (القوات المسلحة والدعم السريع والحركات المسلحة).

كما اتخذ الكباشي قرار الموافقة على البنود المتعلقة بإعادة إلقاء القبض على قيادات النظام السابق الهاربة من السجون وتسليم قائمة المطلوبين منهم للمحكمة الجنائية الدولية والتي تشمل الرئيس السابق عمر البشير وساعده الأيمن عبد الرحيم محمد حسين إلى جانب أحمد هارون الذي خصصت الخارجية الأمريكية جائزة مالية تصل لـ (5) ملايين دولار للقبض عليه.

التسريب وفشل المنامة

ووفق مصدر عسكري تحدث لـ التغيير” فإن الكباشي ذهب للمفاوضات بشكل جاد من أجل التوصل إلى اتفاق يوقف الحرب لكن تسريب خبر جلوسه مع عبد الرحيم دقلو من قبل الإسلاميين أدى إلى فشل الاتفاق.

وهو الأمر الذي نفاه بشدة أستاذ العلوم السياسية، صلاح الدومة، الذي أكد أن قيادات الجيش هم الاسلاميون أنفسهم “هم شيء واحد” وأضاف: مصلحة قيادات الجيش والإسلاميين واحدة، ويتفقون في الأهداف ويتشاركون ذات العقلية أيضاً.

وقال الدومة في حديثه لـ«التغيير» إن الإسلاميين هم من قاموا بإرسال الكباشي للمنامة باحثين عن نصيب في السلطة القادمة عبر بحث إمكانية الحصول على تنازلات من الدعم السريع.

وأكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية أن الدعم السريع لن يقبل مطالبات قيادات الكيزان بالعودة للسلطة مشيرا إلى أن الدعم السريع هو من حقق انتصارات ميدانية ولا يمكن إملاء الشروط عليه.

أستاذ العلوم السياسية البروفيسور صلاح الدومة

من جهة ثانية أشار الدومة إلى التباعد بين الغرب والجيش السوداني الذي أصبح نسخة كيزانية ممجوجة، حد وصفه. وأكد أن الجيش لا يمكن أن يضع شروطه على المنتصر ويطلب منه تقديم تنازلات “هذه أحلام غير مشروعة!”.

تصريحات الفريق كباشي التي هاجم فيها القوى السياسية التي تجوب الدول باحثة عن الحلول ربما تشير إلى تعرضه لضغوط من نوع ما وفق ما أشار المصدر العسكري. وهو ما أكده الناطق الرسمي باسم الحرية والتغيير جعفر حسن بأنها “استجابة لاستفزازات الفلول” في تصريحات سابقة لـ«التغيير» .

كسب الوقت

من ينظر لمشهد ذهاب الكباشي للمفاوضات وجلوسه مع الرجل الثاني في الدعم السريع وتوقيعه اتفاق مبادئ أيضا ثم التغيب عن الاجتماعات اللاحقة المرتبطة بوقف العدائيات؛ وهي القضية الجوهرية في التفاوض يشعر بأن هناك حلقة مفقودة!

ووفق مصادر سياسية متطابقة تحدثت لـ«التغيير» فإن دخول الجيش في مفاوضات المنامة، التي ناقشت مسودة اتفاق جدة، كانت محاولة لكسب الوقت حتى حصوله على أسلحة وذخائر، تشمل مسيرات إيرانية، وإعادة ترتيب قواته ميدانياً.

وأفادت المصادر أن البرهان اشترط أن يضمن الاتفاق الإبقاء على مجلس السيادة في أي تشكيلة حكومية يتم الاتفاق عليها بعد وقف الحرب، ويكون هذا المجلس تحت رئاسته أيضاً.

بعد مضي شهر كامل من توقف مفاوضات المنامة، وإصدار قائد الدعم السريع لتسجيل صوتي يهدد بالتصعيد العسكري. يرتفع التساؤل حول خيارات العودة إلى منبر جدة التفاوضي بعد أن بات هو المكان الوحيد المقبول لجانب الجيش الذي انسحب من «الإيغاد»كما أن عضويته مجمدة في الاتحاد الأفريقي.

وفي السياق؛ أكد مصدران في الدعم السريع عدم تلقيهم أي دعوة أو خطاب من الوساطة للعودة إلى المنبر التفاوضي.

بكري الجاك

من جانبه، قطع استاذ  أستاذ السياسة العامة والإدارة بجامعة لونغ آيلاند بنيويورك، بكري الجاك بأنه لا توجد أي معلومات حول العودة لمنبر جدة مشيراً إلى أنها معلومات خاصة بالوساطة فقط أمريكا والسعودية.

وأعرب الجاك عن عدم تفاؤله من عودة طرفي القتال، الجيش والدعم السريع لمنبر جدة التفاوضي قريباً.

وبرر ذلك بعدم التزام الطرفين بما تم التوصل إليه مع الوساطة الأمريكية السعودية من آليات التهدئة ثم قطع الاتصالات لاحقاً مع تصاعد حدة القتال.

وقال الجاك لـ«التغيير» إن حقيقة ما يسعى إليه “الكيزان” هو اتفاق يجعلهم يتقاسمون السلطة مع الدعم السريع وتحضير حاضنة سياسية مكونة من “أحزاب الفكة” حسب تعبيره التي أشار إلى أنها تتهيأ للعب هذا الدور في العاصمة الجنوب سودانية جوبا.

الوسوماتفاق المنامة الجيش الدعم السريع مفاوضات جدة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اتفاق المنامة الجيش الدعم السريع مفاوضات جدة الدعم السریع لـ التغییر وقف الحرب

إقرأ أيضاً:

قتلى الجيش والدعم السريع خلال المعارك الأخيرة: تضارب في الأرقام وتكتم رسمي

تضارب الأرقام بين الجيش والدعم السريع بشأن قتلى المعارك الأخيرة، وسط تكتم رسمي. المعارك أسفرت عن خسائر كبيرة للطرفين، فيما تتفاقم معاناة المدنيين مع انتشار المجاعة والنزوح..

بورتسودان: التغيير

بالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية بخصوص قتلى الحرب في صفوف الطرفين، الجيش وقوات الدعم السريع، إلا أن الأرقام المنشورة في بعض وسائل التواصل الاجتماعي بجانب التقديرات الخاصة للمراقبين تشير إلى مقتل عدد كبير من ضباط الجيش والدعم السريع خلال الفترة الأخيرة، فيما يتكتم الطرفان على الأرقام الحقيقية للقتلى.

وبحسب مستشار الدعم السريع، الباشا طبيق، فإن الجيش السوداني تلقى هزيمة نكراء في عملية اجتياح الجسور ومصفاة الجيلي مؤخراً، وفشلت المهمة تماماً، مؤكداً انتشار جثث الجنود والضباط في الشوارع. كما أكد بيان رسمي لقوات الدعم السريع أن القوات المهاجمة في محور الجيلي فقط تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد بلغت 320 قتيلاً.

في المقابل، أكدت مصادر ومنصات تابعة للجيش السوداني في مواقع التواصل الاجتماعي أن خسائر المعارك الأخيرة لا تذكر ويمكن عدها على أصابع اليد، وأن مهمتهم نجحت بأقل الخسائر. وأشارت المنصات إلى أن القتلى في صفوف قوات الدعم السريع يُعدون بالمئات وليس بالعشرات.

وتسبب القتال في مستويات مروعة من المعاناة للسكان المدنيين، حيث فر أكثر من 13 مليون شخص من منازلهم، وتعرض نحو 26 مليوناً لخطر المجاعة. كما فقد أكثر من 60 في المئة من السكان مصادر رزقهم؛ بسبب الحرب التي تمددت في أكثر من 60 في المئة من مناطق البلاد حتى الآن.

وبحسب مصدر عسكري لـ”التغيير”، فإن عدد ضباط الجيش الذين قتلوا مؤخراً خلال نهاية شهر سبتمبر يُقدر بالعشرات، وليس المئات كما يروج البعض، قائلاً: “على سبيل المثال، عملية الاجتياح البري الأخيرة التي نفذها الجيش للجسور ومحاولات استرجاع مصفاة الخرطوم أسفرت عن مقتل 40 ضابطاً منتسبين للجيش وجهاز الأمن والمخابرات والقوات المشتركة، فيما لقي العشرات من الجنود مصرعهم”.

وأكد المصدر أن التنظيم العسكري في تراتبية الجيش يكذب هذا الادعاء، فمن المعلوم للمهتمين أن تكوين الجيش يضم الفرق والألوية والفصائل والسرايا، حيث يقود السرايا نقيب أو مقدم، وفي الحروب أحياناً يقودها عقيد، بينما يقود اللواء ضابط برتبة عميد أو لواء يتراوح عددهم بين 3 إلى 5 آلاف جندي.

ووفقاً لهذا الترتيب،وفقا للمصدر العسكري، فإن عدد الضباط الذين قتلوا في المعارك الأخيرة لا يمكن أن يكون كبيراً كما يدعي البعض، خاصة أن الجيش كان يهاجم خارج سكناته، وظل يدافع لأكثر من عام ونصف، حفاظاً على جنوده، ولن يجازف بهم في مغامرة غير محسوبة.

لا احصائيات دقيقة

في المقابل، يشير المصدر إلى أن عدد الضباط القتلى في صفوف الدعم السريع يصعب معرفته بدقة نظراً لعشوائية التنظيم العسكري لديهم، حيث تجد أحياناً مقدماً يقود متحركاً فيه عقيد أو عميد.

وأكد أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن عدد قتلى الدعم السريع يفوق أضعاف قتلى الجيش في الخرطوم، ناهيك عن الفاشر. وأشار أيضاً إلى أن من بين القتلى عدداً كبيراً من الأجانب الذين يقاتلون ضمن قوات الدعم السريع، وليس لديهم من يطالب بهم أو يذكرهم.

أقر المصدر بأن الأرقام التي ينشرها الإعلام المساند للدعم السريع والجيش غير دقيقة، وتهدف إلى تحقيق نصر معنوي. وأضاف: “لا أحد يستطيع إيراد إحصائيات دقيقة”.

كما لفت إلى أن نهر النيل ابتلع العديد من الجثث خلال العملية الأخيرة للجيش في الجسور، حيث باغتهم الجيش عند الساعة الثانية صباحاً، ما أدى إلى سقوط الكثير من قوات الدعم السريع في الماء. ولاحقاً سقط عدد من جنود الجيش بفضل نيران قناصة الدعم السريع الذين تمركزوا في المباني الشاهقة في الخرطوم، بحري، وأم درمان.

الوسومآثار الحرب في السودان حرب الجيش و الدعم السريع حماية المدنيين

مقالات مشابهة

  • ‏السيناتور كونز: “حان الوقت لكي يتحرك الكونغرس بشأن السودان
  • إنهيار مليشيا الدعم السريع في الخرطوم ودارفور
  • القوات المشتركة تؤكد سيطرتها على قاعدة بئر مزّة التي تُعد من أهم مواقع التحصين لقوات الدعم السريع بدارفور
  • بالفيديو.. بعد انتصارات الجيش الأخيرة.. قيادي بارز بالدعم السريع ينهار في البكاء ويلوح بالانسحاب وساخرون: (أجي يا البكاء وبالنسبة لشندي القلتوا ماشين ليها والحكامة المنتظراكم حفيانة؟)
  • تدعم الجيش أم الدعم السريع.. أين تصطف دول الجوار في حرب السودان؟ (3)
  • حلفاء للجيش السوداني يعلنون تحقيق انتصار ساحق على قوات الدعم السريع
  • قتلى الجيش والدعم السريع خلال المعارك الأخيرة: تضارب في الأرقام وتكتم رسمي
  • وحدة خطاب (تقدم) و (مليشيا الدعم السريع) : اكذوبة إعدامات خارج القانون فى الحلفايا
  • الخارجية السودانية تقدم توضيحات جديدة بالصور عن إستهداف مقر سفير الإمارات بالخرطوم وتفاصيل تصفية مواطن على يد الدعم السريع
  • الحديث ان حرب الدعم السريع هي ضد المواطن وليس ضد الجيش امر لايمكن مغالطته