إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد

دخل مساء الأربعاء جثمان المقاوم الشيوعي من أصل أرمني ميساك مانوشيان إلى "مقبرة العظماء" البانتيون بباريس ليرقد فيها إلى الأبد. وبحضور الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان وضع جثمان مانوشيان، أحد الأسماء البارزة في الكفاح ضد الاحتلال النازي في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية عند النصب التذكاري "مون فالريان" بالضاحية الباريسية.

وهو المكان الذي قتل فيه يوم 21 فبراير/شباط 1944 على يد النازيين مع عدد من المقاومين الشيوعيين الآخرين.

اقرأ أيضادخول ميساك مانوشيان "مقبرة العظماء" بفرنسا تكريما له ولجميع المقاومين الأجانب ضد النازية

خلال كلمة له بالمناسبة، ذكر ماكرون بـ "شجاعته" و"بطولته الهادئة" وقال إنه يجسد "القيم العالمية للحرية والمساواة والأخوة التي دافع باسمها عن الجمهورية" الفرنسية.

المقاوم الفرنسي من أصل أرمني ميساك مانوشيان الذي أعدم بالرصاص من قبل النازيين في 21 فبراير/شباط 1944 © فرانس24 من آلام الإبادة  إلى سجون القوات النازية المحتلة

ولد ميساك مانوشيان في الأول من سبتمبر/أيلول 1906 في كنف عائلة مزارعة فقيرة بمدينة "أديمان" في جنوب شرق ما يعرف الآن بتركيا، أما زوجته ميليني سوكميان فلقد رأت النور في 1913. كلاهما ذاقا مرارة العذاب والقتل في الصغر. إذ فقد كل منهما عائلته أثناء الإبادة الجماعية للأرمن. ما جعل مانوشيان يغادر إلى لبنان وميليني إلى اليونان قبل أن ينتقلا إلى فرنسا.

اقرأ أيضاالمقاوم الشيوعي ميساك مانوشيان سيدخل "مقبرة العظماء" البانتيون في باريس

بعد وصوله إلى باريس في 1924، التحق مانوشيان، الذي كان يتمتع بموهبة شعرية كبيرة، بما يسمى بـ"الأممية الشيوعية" (وهي رابطة للأحزاب السياسية الشيوعية من جميع أنحاء العالم تأسست في 1919 مكرسة للأممية البروليتارية وهدفها الإطاحة الثورية بالبرجوازية العالمية) قبل أن يشغل منصب مدير جريدة "زانغو"، وهي صحيفة تهتم بيوميات الأرمن في فرنسا وأرمينيا وتسعى إلى بناء جسور بين الجاليتين. تعرف مانوشيان على زوجته ميليني في هذه الجريدة حيث كانت تعمل كمحاسبة وكاتبة على آلة الطباعة.

  دخول ميساك مانوشيان "مقبرة العظماء" 03:14  قصة مزجت بين الحب العميق والمقاومة السياسية

من هذا اللقاء بين الشخصيتين من بلد واحد ولدت قصة حب عميقة ورغبة في الانضمام إلى صفوف المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي.

بدأ ميساك مانوشيان عمله السري من خلال المشاركة في الاجتماعات المناهضة للفاشية والنازية. فيما أظهر حماسا وانضباطا كبيرين، ما جعله يتولى بسرعة منصب مندوب في الحزب الشيوعي الفرنسي.

ورغم الحيطة والحذر، إلا أن الشرطة الألمانية ألقت القبض عليه للمرة الأولى في العام 1939، وذلك قبل أيام قليلة من إصدار الإدارة النازية مرسوم 26 سبتمبر/أيلول 1939 القرار الذي يقضي بحل جميع المنظمات الشيوعية التي كانت تنشط في فرنسا.

الافتة التي وزعها النازيون خلال محاكمة جماعة مانوشيان بمحكمة نازية بباريس والتي تتضمن على عدد من التهم © أ ف ب

ولحسن حظه، تم إطلاق سراحه بسبب غياب الأدلة ليستمر بعد ذلك في عمله النضالي بالمقاومة الفرنسية لكن ليس لوقت طويل. إذ تم توقيفه مرة ثانية في العام 1941 حيث زج به في سجن "روياليو" بمدينة كمباينين بمنطقة "لواز" شمال فرنسا. وهو معسكر انتقال نازي افتتح من 1941 لغاية 1944 لإيواء سجناء سياسيين روس وأمريكيين فضلا عن اليهود.

مقتل مانوشيان و21 من زملائه رميا بالرصاص في "مون فالريان"

وبعد قضائه عدة أسابيع في هذا السجن، تم إطلاق سراحه مرة أخرى. ورغم المراقبة التي فرضت عليه، إلا أنه واصل عمله في المقاومة وانخرط في جمعية تدعى "العمل الألماني" وهي جمعية معادية للفاشية كان دورها إقناع الجنود الألمان بالوقوف ضد النازية. وشاركت زوجة مانوشيان في هذا العمل السري بالتوازي مع عملها ككاتبة على آلة الطباعة.

انضم بعد ذلك إلى صفوف المقاومة المسلحة الشيوعية التي كانت تضم عددا كبيرا من المقاومين الشيوعيين من فرنسا ويهود من أوروبا الشرقية. تقلد عدة مناصب في هذه الحركة التي تضم قناصين ومناضلين أجانب إلى غاية شهر نوفمبر/ كانون الثاني 1943 وهو تاريخ توقيف 23 من أعضاء هذه الحركة من قبل الشرطة الألمانية النازية، من بينهم ميساك مانوشيان شخصيا. كان عمره 37 عاما.

وإثر محاكمة سريعة نظمت في مبنى كان يدعى بـ "المحكمة العسكرية الألمانية في باريس"، تم الحكم بالإعدام على 22 من المقاومين، ضمنهم مانوشيان وقتلوا رميا بالرصاص في 21 فبراير/شباط 1944 في موقع "مون فالريان" بالضاحية الباريسية.

وتعد أولغا بانشيس، المرأة الوحيدة التي كانت تنتمي إلى المنظمة والتي لم تعدم بالرصاص بل قطع رأسها بالمقصلة في 10 مايو/أيار 1944 بمدينة شتوتغارت الألمانية.

فرانس24  

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل ألكسي نافالني ريبورتاج فرنسا الحرب العالمية الثانية الحزب الشيوعي النازية فرنسا تكريم إيمانويل ماكرون النازية للمزيد أرمينيا فرنسا للمزيد صحة مستشفى الهجرة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا

إقرأ أيضاً:

اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني.. الملك الحائر تنام روحه في هدوء

في تطور جديد مفاجئ، أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية الأسبوع الماضي اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر، وهي المقبرة الملكية الأولى التي يعثر عليها منذ اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون عام 1922.

وبعد مرور أكثر من قرن على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، أعلن الفريق البحثي المصري البريطاني العثور على مقبرة ملكية تعود للملك تحتمس الثاني أحد ملوك الأسرة 18، في إنجاز يعد من أعظم الاكتشافات الفرعونية في القرن الحالي.

جاء هذا التطور المفاجئ على عكس ما أعلن عند اكتشاف المقبرة في 2022 أن المقبرة المكتشفة ربما تخص إحدى الزوجات الملكيات أو الأميرات خلال فترة حكم التحامسة (الأسرة 18) والتي لم يتم الكشف عن عدد كبير منها حتى الآن.

الفريق البحثي المصري البريطاني أعلن العثور على مقبرة ملكية تعود للملك تحتمس الثاني أحد ملوك الأسرة 18 (شترستوك) الأقصر لم تنته عجائبه بعد

وتكتمل المفاجآت بالعثور على المقبرة في الوادي الغربي لمدينة طيبة بالقرب من مدينة الأقصر، وهي المنطقة المخصصة لدفن الملكات، وأن القبر يعود للملك الفرعون وليس لواحدة من الملكات.

وهذا الكشف الجديد يؤكد أن التاريخ الفرعوني لم يبح بعد بكل أسراره، رغم كل الاكتشافات الأثرية في طيبة والأقصر وجميع أرجاء مصر، وعلماء المصريات ما زالوا في حيرة من كمّ الاكتشافات، فكل اكتشاف جديد يؤدي إلى مزيد من الأسرار وكثير من الألغاز، وأن ما عثر عليه من آثار ليس سوى جزء صغير مما لم يكتشف بعد، وهذه الحقيقة أعلنها الدكتور زاهي حواس خبير المصريات المعروف للجزيرة نت إذ قال "لم نكتشف من آثار الفراعنة سوى النزر اليسير، وما زالت الأسرار الفرعونية الكبرى مركومة تحت التراب".

جاء الكشف خلال أعمال الحفائر والدراسات الأثرية التي تنفذها البعثة الأثرية المصرية الإنجليزية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار بمصر ومؤسسة أبحاث الدولة الحديثة للمقبرة رقم (C4)، حسب بيان صحفي أشار إلى أن مقبرة الملك تحتمس الثاني هي آخر مقبرة مفقودة من ملوك الأسرة 18 في مصر.

إعلان

المقبرة تحتوي على سلم ضخم وممر كبير للغاية، مما يدل على عظمة الملك المدفون، وقد واجه الفريق الأثري صعوبة كبيرة في إزالة الأنقاض من الممرات التي كانت ممتلئة بالحطام نتيجة الفيضانات، واضطروا إلى الزحف عبر ممر ضيق يبلغ طوله 10 أمتار قبل أن يصلوا إلى غرفة الدفن.

عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر هو أول من كشف أسرار مقبرة توت عنخ آمون في 16 فبراير/شباط 1923م (الجزيرة) اهتمام بريطاني

الاكتشاف الجديد اهتمت به الصحف والمواقع البريطانية على غير العادة، في إشارة منها إلى أن الاكتشافات المهمة في تاريخ الآثار الفرعونية دائما ما يكون أبطالها إنجليزيين، وهذا ما حدا بموقع صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن يخصص مساحة واسعة عن هذا الاكتشاف الجديد، مشيرًا إلى أن عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر هو أول من كشف أسرار مقبرة توت عنخ آمون في 16 فبراير/شباط 1923م معلنا عن أهم اكتشاف أثري في القرن العشرين؛ تلك المقبرة التي حوت أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية كانت مكدسة بإحكام شديد ولم تمتد إليها أيدي اللصوص، في صورة تحاكي وتعكس نمط الحياة في القصر الملكي الفرعوني.

وعن الاكتشاف التي توصلت إليه البعثة المصرية الإنجليزية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار ومؤسسة أبحاث الدولة الحديثة بجامعة كامبردج بالوادي رقم C في منطقة الوديان الغربية بالبر الغربي بالأقصر، أكد الدكتور محمد  إسماعيل الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أهمية هذا الكشف، ووصفه بأنه أحد أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن القطع الأثرية المكتشفة بالمقبرة تُعد إضافة مهمة لتاريخ المنطقة الأثرية وفترة عهد الملك تحتمس الثاني، حيث يعثر لأول مرة على الأثاث الجنائزي للملك الذي لا يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف بالعالم.

المقبرة وجدت في حالة سيئة من الحفظ بسبب تعرضها للسيول، إذ غمرتها المياه بعد وفاة الملك بفترة قصيرة، والدراسات الأولية تشير إلى أنه تم نقل محتويات المقبرة الأساسية إلى مكان آخر بعد تعرضها للسيول خلال العصور المصرية القديمة، وأن البعثة تقوم بترميم أجزاء الملاط التي اكتشف عليها بقايا نقوش باللون الأزرق ونجوم السماء الصفراء، وكذلك زخارف وفقرات من كتاب "إمي دوات" الذي يُعد من أهم الكتب الدينية التي اختصت بها مقابر الملوك في مصر القديمة، بحسب محمد عبد البديع رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة من الجانب المصري.

إعلان

عثر على جزء من السقف الأصلي للمقبرة الذي كان ما زال سليمًا، وهو سقف مزخرف باللون الأزرق ومرصع بالنجوم الصفراء، وهو عنصر زخرفي لا يوجد إلا في مقابر الملوك، وكانت المقبرة فارغة تمامًا، وذلك يؤكد أن محتوياتها قد نقلت إلى مكان آخر في العصور القديمة بعد أن غمرتها الفيضانات التي تسببت في تدميرها، بحسب الدكتور بيرز ليزرلاند مدير البعثة البريطانية المشاركة في التنقيب.

وعن شعوره عند اكتشاف المقبرة، قال الدكتور بيرز ليزرلاند مدير البعثة الأثرية المشاركة في التنقيب:

"الإحساس الذي يصاحب العثور على شيء غير متوقع هو شعور مذهل، وأصابتني الدهشة الشديدة في تلك اللحظة"، وبعد اكتشاف المقبرة لم يتمكن من التحكم في مشاعره وانفجر بالبكاء عند لقاء زوجته في الخارج.

الملك تحتمس الأول أو "تحوتمس الأول" هو الفرعون الثالث من ملوك الأسرة 18 (شترستوك) اللصوص يسبقون الخبراء

وعن أهمية هذا الاكتشاف، يقول الدكتور حسين عبد البصير عالم الآثار المصرية للجزيرة نت "كان الأثريون منذ زمن بعيد يمنّون أنفسهم باكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني، لأنه الملك الوحيد في الأسرة 18 الذي لم تعرف الكثير من أسراره ولم تكتشف مقبرته من قبل رغم فترة حكمه القصيرة".

ويؤكد الدكتور عبد البصير أن مقبرة أي ملك من الملوك الفراعنة مهما كانت قوته وسطوته لا تقارن بمقبرة توت عنخ آمون رغم وفاته وهو صغير، كما أنه لم يترك أعمالا ترفعه إلى مصاف الملوك الأقوياء، ولكن لحسن حظه أن مقبرته كانت من المقابر القليلة التي لم يدخلها اللصوص ويسرقوا محتوياتها، وأن كل مقابر الأسر 18، 19، 20 سرقت بالكامل تقريبا، في حين لم تسرق مقابر الأسرة 21، 22 في صان الحجر بمنطقة الدلتا.

وعن أهمية ملوك الأسرة 18 وتاريخهم، يقول الدكتور حسين عبد البصير إن تاريخ هذه الأسرة "يتسم بكثير من آيات التفرد بين ملوك الفراعنة، فقد كانوا أول من خرج عن التقليد الفرعوني بالدفن خارج الأهرامات، وكان الصراع على النفوذ والسلطة أهم ما يميز ملوك هذه الأسرة، مثلما حدث مع الملك تحتمس الثاني وتحتمس الثالث والملكة حتشبسوت".

إعلان

كان الملك تحتمس الأول أو "تحوتمس الأول" هو الفرعون الثالث من ملوك الأسرة 18، اعتلى العرش بعد وفاة الفرعون أمنحتب الأول، وقد جاوز الأربعين من عمره، وتزوج الملكة أحمس وأنجب منها ابنا يدعى واج مس، وابنتين هما حتشبسوت ونفروبتي. توفي واج مس قبل والده وتوفيت نفروبتي وهي رضيعة.

وكان للملك تحتمس الأول أيضًا ابن واحد من زوجة أخرى تدعى موت نفرت، يقال عنه إنه ابن غير شرعي، خلفه هذا الابن وعرف باسم "الملك تحتمس الثاني" الذي اكتشفت مقبرته مؤخرا، وهو أخ الملكة حتشبسوت غير الشقيق وزوجها في الوقت نفسه، وهو طقس عائلي معتاد في الأسر الملكية، ليشاركا معا في الحكم بعد موت الأب حلا لمشكلة وجود وريث شرعي له، لكن المرض اشتد عليه بمجرد اعتلائه العرش، وقامت حتشبسوت بالحكم من وراء الستار.

ومن أعمال الملك تحتمس الثاني في الحكم، القضاء على العصيان والتمرد في كوش بالنوبة ونصب لوحة بانتصاراته عند الشلال الثالث، وتأمين حدود مصر الشرقية ومناجم النحاس في سيناء، كما قام بحملة إلى سوريا على البدو (شاسو) الذين يعيشون على الحدود السورية، وكانت فلسطين منطقة نفوذ المصريين وكان الحال فيها آمنا على وجه العموم، إذ إن المصريين لم يتدخلوا في شؤون عبادات سكان البلاد التي فتحت.

ورغم قصر مدة حكمه، فإنه شن الحملة الحربية على النوبيين لتأكيد سيطرته ولإيصال نفوذه إلى المكان نفسه الذي وصل إليه نفوذ من سبقوه من الملوك، كما أسهم تحتمس الثاني في بناء معبد الكرنك حيث أقام البوابة الثامنة ونحت تمثالين له أمام هذه البوابة، وأقام معبدا في شمال مدينة هابو بالأقصر أكمله ابنه تحتمس الثالث.

توفي تحتمس الثاني قبل سن الثلاثين وعثر على جثته في مخبأ بالدير البحري فوق معبد حتشبسوت الجنائزي، وجثمانه موجود في المتحف المصري في القاهرة، وعثر على مقبرته في الوديان الغربية بالقرب من وادي الملكات عام 2022، وقد بُنيت المقبرة تحت شلالات فأدى ذلك إلى حدوث فيضانات دورية ألحقت الضرر بالمقبرة على مر العصور، وقام الفراعنة بنقل جثمانه المحنط في العصور القديمة إلى مخبأة في الدير البحري حيث اكتُشِف في القرن 19، ومع وفاة الملك تحتمس الثاني أصبحت حتشبسوت هي الوصية على عرش ابنه الملك تحتمس الثالث.

تحتمس الثاني توفي قبل سن الثلاثين وعثر على جثته في مخبأ بالدير البحري فوق معبد حتشبسوت الجنائزي وجثمانه موجود في المتحف المصري بالقاهرة (شترستوك) صراع على الملك

ولمكانة الملكة حتشبسوت في حكم الأسرة 18، كانوا يطلقون عليها خليلة آمون المفضلة على السيدات، أو خليلة آمون درة الأميرات، أبرز الملكات اللاتي حكمن مصر وأقواهن نفوذًا، وكان حكمها نقطة بارزة ليس في تاريخ الأسرة 18 فحسب بل في تاريخ مصر القديم كله، وكان للملكة حتشبسوت دور كبير ومؤثر في حياة والدها، ثم في حياة شقيقها وزوجها الملك تحتمس الثاني، ثم في حياة تحتمس الثالث، حتى استولت هي على دفة الحكم في البلاد.

إعلان

ولدت حتشبسوت في عام 1508 قبل الميلاد، ويأتي ترتيبها الخامس ضمن تسلسل ملوك الأسرة 18، فقد حكمت بعد وفاة زوجها الملك تحتمس الثاني كوصية على الملك الصغير تحتمس الثالث في البداية، ثم أقصته عن العرش لتصبح هي الملكة وابنة الإله آمون.

بدأت حتشبسوت مساعدة لأبيها في الحكم، والوريثة الشرعية للعرش؛ وكان من المعقول أن تكون هي الفرعون الذي يلي تحتمس الأول على العرش وهي في عمر العشرين، لكن تقاليد البلاط ودسائس الكهنة بدأت تتدخل في الأمور، لأن فكرة حكم امرأة ووضع جميع السلطات في يدها كان أمرًا لا يقبل به الكهنة.
لهذا السبب كان من المحتم أن يشترك معها أخوها غير الشقيق (تحتمس الثاني) في الحكم، ذاك الشخص النحيل المريض، القليل الخبرة بإدارة شؤون البلاد، ليكون شريكها في الملك كفرعون للبلاد، بينما تصبح هي زوجة ملكية لا أكثر.

كانت كل الظروف ضد أن تصبح حتشبسوت ملكة للبلاد، وبزواجها من تحتمس الثاني المريض أصبحت له شرعية الحكم، والحقيقة أن حتشبسوت هي التي كانت تدير أمور الدولة وتحكم البلاد باسمه من وراء ستار، وكانت صاحبة الأمر والنهي، وما وصلنا عن فترة حكمه القصيرة أنه لم يقد الجيش في معاركه مثلما فعل والده، وعندما قام النوبيون بثورة في الجنوب أمر قواده وجنوده أن يكونوا قساة لأبعد درجة مع الخارجين على حكمه.

ولما اشتد عليه المرض، أخذ رجال البلاط وكبار الموظفين يتساءلون عما سيحدث عندما يموت الملك وهو لم يكن له وريث شرعي يخلفه على العرش، وهل ستحكم حتشبسوت البلاد في النهاية بمفردها؟

في أواخر حياته أراد الملك (تحتمس الثاني) أن يصبح ابنه الصغير (تحتمس الثالث) وريثاً للعرش من بعده، وبالفعل قام تحتمس الثالث الذي كان يعيش في معبد آمون بالكرنك كأحد كهنته بالعديد من المؤامرات، مثيرًا الشعور العام بين الكهنة والناس ضد فكرة قيام امرأة بحكمهم، وبالفعل أصبح شريكا في الحكم مع حتشبسوت.

حتشبسوت لم تلبث أن وضعت كل السلطات في يدها بمساعدة مناصريها حتى أصبح الفرعون تحتمس الثالث عاجزا تماما عن حكم البلاد واضطر إلى إخلاء المكان لحتشبسوت (شترستوك) مات الملك.. تحيا الملكة

مات تحتمس الثاني عام 1501 قبل الميلاد، وفي اليوم الثالث من شهر مايو/أيار 1501 قبل الميلاد خرج تحتمس الثالث من معبد آمون، ليدخل القصر الملكي حاكما وشريكًا للملكة حتشبسوت في الحكم، وكان عمر حتشبسوت في ذلك الوقت 34 سنة.

لكن لم تسر الأمور على ما يرام، ومنذ اليوم الأول كان هناك صراع ومنافسة من أجل الاستحواذ على الحكم، ولم تلبث حتشبسوت أن وضعت كل السلطات في يدها بمساعدة مناصريها، حتى أصبح الفرعون تحتمس الثالث عاجزا تماما عن حكم البلاد، واضطر إلى إخلاء المكان لحتشبسوت.

وأخيراً تم إعلان حتشبسوت في عام 1478 قبل الميلاد ملكة على الصعيد والدلتا، وحكمت مصر وممتلكاتها في الخارج وحدها كفرعون، وكانوا يمدحونها ويسمونها (حورس الأنثى)، وأضافوا إلى اسمها علامة التأنيث في آخر الكلمة التي تدل على لفظ الجلالة، ووجدت الخانات الملكية مكتوبًا عليها اسم حتشبسوت (ملك الصعيد والدلتا، ابنة الشمس، صديقة آمون حتشبسوت، حورس الذهبي، مانحة السنين، إلهة الإشراقات، هازمة جميع البلاد، التي تحيي القلوب، السيدة القوية)، وقدر المؤرخ المصري القديم مانيتون فترة حكمها بـد21 سنة و9 أشهر.

إعلان

ولكن، ماذا فعلت حتشبسوت بتحتمس الثالث بعد أن أطاحت به من سدة الحكم؟ يقول البعض إنها قتلته أو نفته إلى مكان بعيد عن مصر، لكن الحقيقة أنها علمته فنون الحرب وإدارة الدولة، ليقود بعض الحملات العسكرية ضد الثائرين على الحكم المصري خارج البلاد في أواخر حكمها، وقد تولى الحكم بعد موتها، عقب زواجه من ابنتها (ميريت رع حتشبسوت)، مما أعطاه شرعية الحكم، وقد كان من أقوى الفراعنة المحاربين الذين حكموا مصر وكوّن أول وأقوى إمبراطورية مصرية عرفها التاريخ.

مقالات مشابهة

  • ولي العهد يستقبل الرئيس اللبناني ويعقدان جلسة مباحثات رسمية
  • تقرير يتحدث عن هشاشة سلاح الجو الفرنسي..الرافال لا تكفي
  • اكتشاف مقبرة تحتمس الثاني.. الملك الحائر تنام روحه في هدوء
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • الرئيس اللبناني يصل إلى الرياض في زيارة رسمية
  • صفورية التي كانت تسكن تلال الجليل مثل العصفور.. جزء من هوية فلسطين
  • شيخ أسطوات حرفة التكفيت: عملنا مقبرة أغاخان بالإضافة لصينية الحضارات
  • الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
  • تفحم ثلاثيني في حريق شاحنة لنقل المحروقات بتمنراست
  • نجل «الأسطورة» زيدان يحلم بالدوري الفرنسي!