بوابة الوفد:
2025-02-03@09:50:39 GMT

فلسطين قضية وجود.. و«القدس» عربية إسلامية

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

نعيش عصر التكتلات السياسية والاقتصادية.. والوحدة سبيل نصرة الأمة

اليهود قادة التزوير وصناعة الزيف عبر التاريخ

نحتاج إلى قراءة جديدة للقرآن بشأن بنى إسرائيل

القوة تحمى الحق.. والضعف دعوة إلى العدوان

بعض الأجيال الجديدة تربت على موائد الثقافة الأمريكية الصهيونية

 

اللغة والكلمات تقف عاجزة عن التعبير عن بشاعة المحنة التى تمر بها الأمة على أرض فلسطين خاصة وفى البقاع الإسلامية بشكل عام، وهذه المحنة البشعة ليست هى الأولى فى تاريخ الأمة، فقد مرت بالأمة نكبات ومذابح على أيدى أعدائها، فهناك مذبحة الصليبيين فى بيت المقدس فى عهد صلاح الدين، ومذابح الأندلس عند سقوط غرناطة ومذابح المسلمين الهنود وقت انفصال باكستان عن الهند، ومذابح صبرا وشاتيلا ومذابح البوسنة والهرسك والآن المذابح البشعة التى تجرى فى غزة على أرض فلسطين.

 وتزداد بشاعة المحنة المعاصرة لسببين أولهما موقف العالم من هذه المذابح وهذا الصمت المريب، والثانى الظروف المعاصرة والهجمة الشرسة ضد المسلمين وما عليه العرب من تفرق وتمزق وضعف فى مقابل ما عليه القوى الصهيونية التى لم تكن قط أشد تمكنًا وسيطرة من اليوم. فى هذا الحوار نستعرض مع الداعية الإسلامى الكبير الدكتور محمد داود الأستاذ بكلية الآداب جامعة قناة السويس حديث القرآن عن اليهود ومكائدهم ورؤيته للأوضاع الموجودة على أرض غزة.

«داود» أحد الدعاة الثقات، له دور فى ساحة الدعوة الإسلامية، فهو إضافة إلى كونه أستاذ علم اللغة بكلية الآداب، فهو داعية كبير اشتغل بالدعوة فى دول عديدة، وناقش العديد من القضايا الإسلامية عبر مؤلفاته وبرامجه وكتاباته.

ولد «داود» فى قرية سقارة إحدى قرى مركز البدرشين بالجيزة، ويعمل أستاذا بجامعة قناة السويس، وهو أحد خبراء مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وفاز بجائزة المجمع فى تحقيق التراث عام 2004. له العديد من المؤلفات المهمة فى مجالات متعددة، ففى مجال الدراسات اللغوية، كان أبرز مؤلفاته «معجم الفروق الدلالية بين كلمات القرآن» و«القرآن الكريم وتفاعل المعانى» و«العربية وعلم اللغة الحديث» و«الإعجاز البيانى فى القرآن فى ضوء علم اللغة الحديث»، و«المعجم الوسيط واستدراكات المستشرقين» وفى مجال تحقيق التراث «كشف المعانى فى تشابه المثانى» و«عزيزى الملحد» و«مواقف وعبر» و«آلام أمة بين القدس وغدر اليهود» ومن الموسوعات «موسوعة بيان الإسلام.. الرد على الافتراءات والشبهات»، و«موسوعة الفروق اللغوية واللمحات البلاغية فى آيات الذكر الحكيم» والتى صدر منها أربعة أجزاء حتى الآن.

«الوفد» التقت الداعية الإسلامى الكبير الدكتور محمد داود الأستاذ بكلية الآداب جامعة قناة السويس، وهذا هو نص الحوار.

● هناك عقبات وموانع تقف حاجزًا بيننا وبين اقتحام المستقبل والنهوض من الكبوة التى طال أمدها، فى رأيكم ما السبيل إلى نهضة أمتنا واتخاذها الموقع المناسب على خارطة العالم المعاصر؟

●● أولى هذه العقبات هى تغييب العقل وتحجيم الفكر، وذلك بترديد النصوص الدينية ترديدًا أجوف دون ربطها بالواقع ودون اقتحام هذا الواقع والتعامل مع مشكلاته، ثانيًا: غياب الحرية.. والعلاقة بين الحرية والتقدم الحضارى علاقة وثيقة فإن الإنسان المقهور الذى سلبت حريته وانتقصت إرادته وكرامته لا يستطيع أن يبنى ولا أن يصنع حضارة، فكيف ينهض بالأعباء من يرسف فى الأغلال، ثالثًا: غياب العدالة فالظلم مؤذن بانهيار الحضارات وفناء المجتمعات، حيث لا أمان للأفراد فكيف يعملون وكيف يبدعون، وقد أكد القرآن هذه الحقيقة فى قول الله تعالى: «الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون» (الأنعام:82).. رابعًا: إسقاط قيمة العمل والإنتاج، وقد غاب عنا أو تجاهلنا أن العمل عبادة فرضها الله على عباده وتكرر الأمر بها فى كتاب الله: «وقل اعملوا»، خامسًا: الفردية فى عصر التكتلات السياسية والاقتصادية لم يعد للفردية وجود وإنما الغلبة والظهور والتمكن لمن يعملون بروح الفريق، حيث تتكامل الجهود والأدوار ويستمر جهد المجموع، أما التنازع والتفرق والتشتت فهو مهلكة، سادسًا: عدم إدراك فقه الواقع وترتيب الأولويات، ففقدان الوعى بترتيب الأولويات يهدر طاقات الأمة ويضعها فى غير موضعها، وبالتالى تضعف النتائج ولا تتكامل الجهود ونفقد تأثير اللحظة، سابعًا: تمكن الجهل وافتقاد الروح العلمية، فلا تقوم حضارة إلا على علم أما الجهل فيأتى على كل شىء، والإسلام دعوة للعمل الذى لا يقف عند حدٍ، والقرآن الكريم بين أن أسباب رفعة الإنسان إنما تكون بالعلم والآيات فى ذلك كثيرة ومشهورة، وما لم يتخل المسلمون عن هذه الموبقات السبع فلا مستقبل لهم مهما تغنوا بأمجاد الماضى وكانت منهم الأحلام الوردية فى مستقبل لاحظ لهم فيه لأنهم لم يؤهلوا أنفسهم له.

● أفرد القرآن الكريم الحديث عن اليهود فى العديد من الآيات، فكيف فضح طبائعهم اليهودية؟

●● لم تشهد أمة من الأمم أن أفردها بالحديث فى عشرات الآيات المتوالية بلغت (82) آية متوالية فى القرآن والبقية متفرقات، وفى سورة البقرة تكشف كل الخسائس التى صدرت وتصدر من اليهود فى تعاملهم مع الله عز وجل وفى تعاملهم مع الأنبياء وقتلهم للأنبياء وفى عدائهم للناس والمسلمين، فلننظر إلى لجاجتهم مع أمر الله «إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة» يسر الله لهم فما استجابوا، حيث جاء التعبير ببقرة نكرة لإفادة الشمول والعموم، لتسد أى بقرة، لكنه الجدل واللجاجة مع الله عز وجل فى القصة المعروفة، كذلك سفاهتهم مع الأنبياء على حد ما وصفهم القرآن الكريم فى عدوانهم وتشكيكهم للمسلمين فى مسألة تحويل القبلة «سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها» كذلك كشف القرآن عن أنانيتهم ونرجسيتهم حين أرادوا أن يحتكروا النبوة فيهم وأن يحتكروا الجنة لهم، حيث أنهم كانوا يستنصرون بالنبى قبل مولده وكانوا ينتظرونه ليحاربوا معه أعداءهم. وينتصرون عليهم، فلما جاء سيدنا رسول الله من نسل إسماعيل قامت قيامتهم، لأن النبوة خرجت من بنى إسرائيل إلى العرب فكفروا به وناصبوه العداء. يسجل القرآن ذلك فى الآية «فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به» ويوضح القرآن سبب كفرهم فى الآية التى بعدها «حسدًا من عند أنفسهم بغيًا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده» وأما عن أنهم أرادوا أن يختاروا الجنة لهم فذلك فى قوله «لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى». وقد فضح القرآن طبائع اليهود العدوانية، فهم قادة التزوير وصناعة الزيف عبر التاريخ فى قوله تعالى «ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون» وكتمان الحق إنما هو إخفاء الحقائق، فهم أهل الزيف والتزوير وإخفاء الحقائق، كذلك يؤكد القرآن أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ففى قضية التحريف الذى دأب عليه اليهود: لى ألسنتهم بكلمة.. راعنا.. والتى تعنى فى العبرية.. يا سيئنا، وتمييز التحريف الأول على عهد سيدنا موسى (يحرفون الكلم عن مواضعه).. والتحريف الثانى.. على عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.. (يحرفون الكلم من بعد مواضعه)، مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة: 104)، و(منَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِى الدِّينِ وَلَوْ أنهم قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (النساء :46)، و(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ) المائدة: 41.

 فى رأيك..هل المسلمون يحتاجون إلى قراءة القرآن بشأن اليهود من جديد؟

●● نعم وكأن القرآن يتنزل بآياته بشأن بنى إسرائيل على أرض غزة وشباب المقاومة الذين تحقق فيهم قول الله عز وجل» عبادًا لنا» وهو الشرط الذى تكون به النصرة الإلهية فى المواجهة فينصرهم الله كما جاء فى قوله تعالى: «فجاسوا خلال الديار».. والمواجهة متعددة إلى يوم القيامة لقوله تعالى «وإن عدتم عدنا» فهذه سارية إلى يوم القيامة، كلها زاد طغيانهم بعث الله عبادًا له ليقضوا على أسطورة الطغيان. واليهود لا عهد لهم ينقضون العهود والمواثيق ويثيرون القلق والاضطراب ومكائدهم بإثارة الفتن لا تنتهى ولننظر إلى تاريخ يهود بنى قينقاع كيف نقضوا العهد وغزوة الأحزاب ودورهم فيها أن القرآن الكريم يقدم للأمة رسائل خالدة فى مواجهة هذا العدو الذى وصفه القرآن بأنه أشد الناس عداوة «لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا».(المائدة:82).

 وما رؤيتكم للأوضاع على الأراضى الفلسطينية وفى غزة تحديدًا وكيف تقيم الموقف العربى والأمريكى إزاء هذه القضية؟

●● المقاومة اصطفاء من الله عز وجل لشباب مؤمن بعث بهم الحياة فى قضية أوشكت أن تموت، وكاد أن ينساها العالم كله وفى مقدمتهم الأنظمة العربية ولا أقول الشعوب العربية، تلك الأنظمة التى باتت تعتز بأن تضع يدها فى يد العدو الصهيونى المحتل الغاصب ولا توافق بحالٍ أن تضع يدها فى يد إخوتها العرب والمسلمين تعاونًا ضد هذا العدو، وخذلت الأنظمة فى اجتماعها المخزى شباب المقاومة، لذلك أعز الله هؤلاء الشباب ونصرهم نصرًا عزيزًا من عنده فى الوقت الذى تعتز فيه إسرائيل بأمريكا ودول أوروبا وغيرها بل وبعض الأنظمة العربية التى تدفع ثمن وفاتورة هذه الحرب لإسرائيل، اصطفى الله هذه المقاومة فأعزها بعز عزيز وقدرة قادر، فإن خذلكم العالم كله حتى إخوتكم المسلمون فالله ناصركم. فإسرائيل تتباهى على الملأ بأن أمريكا ومن عاونها معهم والمقاومة تعتز بأن الله معهم، وكأن بدر تتحقق على أرض غزة من جديد، فنسمع لأول مرة تدمير الدبابات الذكية الحديثة من المسافة صفر، ونسمع كذلك عن هروب جنود الاحتلال لتتهاوى أكذوبة الجيش الذى لا يقهر، ثم إنك لتعجب كل العجب من هذه الروح الباسلة عند هذا الشعب الأبى الذى يتباهى بعدد شهدائه فى صمود أسطورى عجيب، ولذلك لا عجب أنه فى الجولة الأخيرة سينطق الله الحجر والشجر ليتعاطف معهم ويسهم فى نصرتهم بعد أن خذلهم القريب والبعيد، ولا عزاء للصهاينة الجدد من العرب الذين خرجوا يدلسون على الأمة بأن نبوءة النبى صلى الله عليه وسلم غير صحيحة الخاصة بالحجر والشجر، لأن الإسلام يمنعنا من أن تقتل من أجل ديانته لأنه يهودى، وكذب هذا الذى ادعى ذلك زورًا وبهتانا، لأن سياق الحديث سياق قتال يقول فيه النبى صلى الله عليه وسلم (تقاتلون اليهود والنصارى وتقاتلون لفظة مفاعلة قتال بين طرفين، فما ضرك أن تكون فى صفوف الموحدين المجاهدين لكن تحققت نبوءة د. عبدالوهاب المسيرى بظهور الصهاينة الجدد فى العربى (الصهيونى الوظيفى) الذى يقوم بدور إسرائيل من بعض الأنظمة ومن بعض العلماء والسياسيين والمثقفين، لكن ذلك يسقط فى مزبلة التاريخ وتبقى المقاومة عزيزة أبية، كانت أبلغ إعلام عن حق الفلسطينيين فى أرضهم وفى المقاومة حتى تعاطفت معهم شعوب الأرض كلها، حيث أن المظاهرات لها أثر عظيم ما بلغته قمم العرب المخزية، الذين يتدثرون بمصالح بقائهم فى السلطة ويضحون بإسلامهم وقيمه ويضحون بأوطانهم وهؤلاء إلى زوال، فالأنظمة العربية لم تقدم شيئًا تستحق به القدس، ولم تقدم شيئًا تستحق به فلسطين، ولم تقدم شيئًا تستحق به النصرة، ما قدمت الأنظمة العربية إلا التخاذل والهرولة إلى التطبيع مع العدو الغاصب، بل وبعضهم يدفع فاتورة الحرب الإسرائيلية، لقد أعلت المقاومة هذا النموذج (عبادًا لنا) أنهم الأحق بالقيادة والأحق بالمواجهة والفائز من يدرك دوره ولا عزاء لكل مستسلم خانع ولا عزاء لكل جبان منحرف مضيع لثروة الأمة.

 فى الوقت الذى انحصرت جهود العرب كلها لصالح فلسطين فى جمع المعونات، كان اليهود يعملون بكل سبيل فى تهويد القدس وطمس معالمها الإسلامية، وتحويلها إلى مستعمرات ومعابد يهودية.. كيف ترى ذلك؟

●● لم ينتبه المسلمون فى ظل هذا التهويد إلى خطورة القضية؛ فالأمر لا يقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية، وإنما هى قضية مصيرية، قضية عقيدة ووجود، وقد أحسن اليهود التعامل معها، فى الوقت الذى باع فيه القضية من باع.. وخانها من خان.. وأهملها من أهمل. وقد بدأ منحى التنازل من سنوات، بجعل القضية عربية وإقصاء البعد الإسلامى عنها وحرمانها من دعمه، ثم جعلها قضية فلسطينية، وإقصاء البعد العربى عنها وحرمانها من دعمه، ثم ظهر تيار خائن صهيوعربى يبرر أحقية إسرائيل فى القدس. أن العرب والمسلمين لم يقدموا جهدًا يستحقون به القدس، فسلبت منهم وهم أذلاء مقهورون. أن المرارة تملأ حلوقنا، والأسى يعتصر قلوبنا بسبب الهوان والمذلة التى تظهر بها الأمة فى مواجهة غطرسة اليهود فى انتزاع القدس، وقتل العُزَّل الأبرياء من المصلين بوحشية غريبة تصل إلى حد الاستفزاز، وتثور فينا أسئلة مريرة: هل عجزت دماء المصلين فى ساحة المسجد الأقصى عن إيقاظ الأمة للدفاع عن مقدساتها؟ أم أن تَوالت النكبات والمآسى دون أن يكون للأنظمة العربية رد فعل إيجابى أصاب الشعوب بالسكتة والإحباط وقطع الأمل؟! أليست القدس فى قلب كل مسلم بجوار الكعبة والحرم المكى والحرم النبوى؟! أليست القدس حقيقة قرآنية، فكانت مسرى رسول الله وأولى القبلتين وثالث الحرمين؟! هل ما زلنا على يقين بأن تسول السلام يُجدى أمام القتل والتهويد؟! أم أننا لسنا أهلًا للمواجهة، وسيذهب الله بنا ويأتى بقوم غيرنا ثم لا يكونون أمثالنا؟! وغير ذلك من التساؤلات التى نبحث لها عن جواب مقنع، يشفى الغليل ويُخمد النار فى الصدور، ولكن هيهات من مجيب!

 من المؤكد أن القضية المحورية فى الصراع العربى الإسرائيلى هى القدس فكيف يلعب عامل اللغة دورًا محوريًا فى قلب المفاهيم وتزييف الحقائق فى الخطاب الإعلامى؟

●● بالفعل.. نحن على يقين بأن القدس هى القضية المحورية فى الصراع العربى الإسرائيلى، وأن إسرائيل تراهن على الزمن، على أساس أن الأجيال القادمة التى تتربى على موائد الثقافة الأمريكية واليهودية عبر الإعلام والفضائيات المسمومة سوف تنسى القضية، ولا يكون لها علاقة بقضية القدس، ونلحظ خلطًا وقلبًا للمفاهيم فى الخطاب الإعلامى فى هذا الخصوص، وتسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقية، ولذلك ننبه على ألا تسمى دولة إسرائيل وإنما الكيان الصهيونى، ولا يسمى الجيش الإسرائيلى وإنما جيش الاحتلال، ولا تسمى المستوطنات وإنما الأرض المغتصبة، ولا يسمى حائط المبكى وإنما حائط البراق، وليسوا عرب إسرائيل وإنما عرب الأرض المحتلة، ولا يسمى معبرًا وإنما حاجزًا، ولا يسمى معتقلًا وإنما أسيرًا، وليست مطالب فلسطينية وإنما حقوق فلسطينية ولا تسمى تل أبيب وإنما تل الربيع، فعامل اللغة هنا ذو أهمية كبيرة، فلو ترسخت هذه الأسماء المغلوطة فى أذهان الأجيال الناشئة لخسرنا جانبًا كبيرًا من المعركة، والآن فإن الصراع المحتدم بين أسطورة الهيكل فى الفكر اليهودى وواقع المسجد الأقصى يفرض علينا أمانة فى أعناقنا، أن عجزنا عن المواجهة الآن فلا أقل من توريث أبنائنا عربية القدس وإسلاميتها وأمانة القضاء على عناصر الشر الصهيونية فى الأقصى لتعود القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين وتنتهى أسطورة الهيكل المزعوم.

 إذن كيف السبيل لمواجهة أكاذيب العدو الصهيونى فى رأيكم؟

●● تتعدد السبل وتتنوع الروافد لتحقيق القوة الرادعة على مختلف الأصعدة، فعلى مستوى المؤسسات السياسية يجب أن تتوحد كلمتنا وأن نسلك كل السبل الدبلوماسية ونسعى فى سبيل القضية فى كافة المحافل الدولية، فما ضاع حق وراءه مطالب، فلابد أن نعلو فوق خلافاتنا وأن نتصلب فى سبيل حق الشعب الفلسطينى الأعزل، وعلى مستوى المؤسسات الإعلامية والتعليمية يجب تخصيص مساحة ثابتة حية إعلامية وتعليمية لمناقشة تاريخ القضية والتمكين للوعى به وعيًا جادًا وموضوعيًا دون تحريف أو تزييف أو ممالأة أو مجاملة، وعلى مستوى الأسرة لابد أن نعيش القضية فى حياتنا لكى تظل حية فى ذاكرة أبنائنا والأجيال المتتابعة فى أمتنا.

 أخيرا.. ما رسالة القرآن للأمة فى الوقت الراهن فى ظل الظروف الصعبة؟

●● رسالة القرآن للأمة أن الحق قبل القوة فى ميزان المؤمنين الصالحين، أما فى ميزان النظم السياسية العلمانية التى تقوم على المصلحة والمنفعة بعيدًا عن القيم والحق، فميزانها من عصر القانون الرومانى (القوة قبل الحق)، (القوة تنشئ الحق وتحميه) ومنطق القرآن الكريم أن كان للباطل قوة تطغيه فينبغى أن يكون للحق قوة تحميه، لأن القوة تسكت الشر وتحمى الحق، والضعف دعوة إلى العدوان، ولذلك قال الله تعالى «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة.......» وترهبون هنا بمعنى أن يكون للمسلمين قوة ردع تمنع العدوان عليهم، لأن التلويح باستخدام قوة الردع تمنع العدوان أيضاً مشهد التفرق والتشتت الذى عليه المسلمون زاد من هوانهم، والله سبحانه وتعالى حذرنا «ولا تنازعوا فتفشلوا» «واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نصرة الأمة عبر التاريخ الأجيال الجديدة

إقرأ أيضاً:

الانسحاب الرسمي في يناير 2026.. أمريكا تهدد مناخ العالم وإفريقيا الخاسر الأكبر

انسحاب متوقع وجنون محتمل، سيعيشه العالم بسبب الانسحاب الأمريكى من اتفاقية «تغير المناخ» وهو الأمر الذى لم يكن مستبعدًا أن يتخذه رئيس يصف فكرة «الاحتباس الحراري العالمي» بالخدعة، و«اتفاقية باريس للمناخ»، بأنها غير عادلة ومنحازة.

فوجهة نظر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب «أن الولايات المتحدة لن تخرب صناعاتها بينما تطلق الصين العنان للتلوث مع الإفلات من العقاب» تلك هى العقيدة التى بموجبها قررت واشنطن الانسحاب من الاتفاقية، حيث تلقت الأمم المتحدة خطابًا رسميًا بأن الولايات المتحدة ستنسحب من اتفاق باريس للمناخ في 27 يناير 2026 وهو القرار الذى اتخذه ترامب بعد يوم واحد من يوم توليه منصبه.

وهو الانسحاب الذي يضع مرة أخرى أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، فى مواجهة المزيد من الكوارث التى سيواجهها العالم بعد انسحاب ثانى أكبر مصدر للانبعاثات الغازية، وهو ما عبر عنه سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بالأسف قائلا: "تجاهل طفرة الطاقة النظيفة لن يؤدي إلا إلى إرسال كل هذه الثروة الهائلة إلى الاقتصادات المنافسة، في حين تستمر الكوارث المناخية مثل الجفاف وحرائق الغابات والعواصف العاتية في التفاقم، وتدمير الممتلكات والشركات، وضرب إنتاج الغذاء على مستوى البلاد، ودفع التضخم في الأسعار على مستوى الاقتصاد بأكمله".

اتفاقية باريس:

اتفاقية باريس هى الإطار الأهم المنظم للتعامل مع التغيرات المناخية وهى الاتفاقية التى تم أعتمادها فى باريس ديسمبر 2015، حيث وقّعت على الاتفاقية 175 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وروسيا.

لكن كالعادة اختلقت أمريكا الأسباب وانسحبت رسميًا من الاتفاقية في4 نوفمبر 2019 وقت حكم ترامب وهو نفس ما فعلته إيران وليبيا واليمن لكن أمريكا عادت مجددا للاتفاقية مع تولى الرئيس السابق جو بايدن فى فبراير 2021 ثم جاء الانسحاب للمرة الثانية مع ترامب الذى يرفض أى حديث عن التعويضات والخسائر التى تسببها الدول الكبرى للدول النامية، بل وعين وزيرًا للطاقة من أكبر المشككين فى قضية تغير المناخ.

ومن المتوقع أن يعيد كل الاهتمامات بالطاقة النظيفة الى المربع صفر كما فعل فى ولايته السابقة والتى حصرتها مؤسسة بروكينجز فقد اتخذت إدارة ترامب فى عام 2020 ما يصل الى 74 إجراءً أضعف حماية البيئة في الولايات المتحدة، منها إعادة فتح مناجم الفحم، وإزالة القيود المفروضة على التنقيب عن النفط والحفر، والحد من اللوائح المناخية والبيئية.

خلاصة التدمير:

ما سيفعله الانسحاب الأمريكى من الاتفاقية الأهم لمواجهة تغير المناخ، حددته التقارير فى 12 إجراء ستتخذه ادارة ترامب وسيؤدى إلى كوارث على أمريكا والعالم فى آن واحد ومن هذه الاجراءات الانسحاب من الاتفاقية الذى سيشجع دولا أخرى على الانسحاب أبرزها الأرجنتين. كما أن الانسحاب سيضعف الالتزامات المالية تجاه المناخ، كما سيؤدى الانسحاب وتجاهل المناخ الى التوسع فى عمليات التنقيب والبحث عن النفط والغاز ما يعنى مزيدا من التدمير لخليج المكسيك وتهديدا للحياة البرية فى ألاسكا الى جانب زيادة الانبعاثات.

كذلك سيؤدى نهج ترامب إلى إلغاء رسوم الميثان والعقوبات المفروضة على شركات النفط وزيادة انبعاثات هذا الغاز الذى يزيد خطره عن ثانى أكسيد الكربون، كما سيتم إلغاء دعم الطاقة النظيفة وتقليص حجم المناطق المحمية والسماح بنشاط التعدين كما سيؤدى سلوك حكومة ترامب إلى إلغاء مبادرة العدالة البيئية التى تهدف الى تخصيص 40% من الاستثمارات لصالح المجتمعات المتضررة بيئيا.

العالم يدفع الثمن:

العالم سيدفع الثمن وأولهم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها التى شهدت حرائق غير مسبوقة مؤخرا فى عدد من ولاياتها، هذا إضافة إلى التأثير المتزايد للكوارث المرتبطة بالمناخ والتي كلفت الولايات المتحدة 2.785 تريليون دولار وأودت بحياة ما يقرب من 17 ألف شخص منذ عام 1980 ومع ذلك يصر ترامب على الانسحاب وعدم الاعتراف بالطاقة النظيفة وهو ما عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش فى عديد المناسبات بأن عدم استغلال الفرصة الأخيرة للكوكب سيدفع ثمنها الجميع مؤكدًا ضرورة أن تكون الخطط متسقة مع الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية ورسم مسار إلى صافي الصفر بحلول عام 2050 وأكد أنه لم يعد هناك وقت سوى للعمل من أجل حل المشكلة ومواجهة ارتفاع درجة الحرارة التى وصلت إلى رقم غير مسبوق.

ولعل ما يقوله جوتيريش يؤكده الواقع الذى رصدته تقارير اللجنة الدولية للتغيرات المناخية والتى أكدت أن عام 2024 شهد 41 يومًا إضافياً من الحرارة الشديدة بسبب تغير المناخ، وبحسب تقرير أممى فإن الكوكب يسير بسرعة نحو ارتفاع بأكثر من ثلاث درجات مئوية بحلول نهاية القرن وهو مؤشر كارثى لما سيكون عليه كوكب الأرض.

إفريقيا أكثر المتضررين:

وتعد القارة السمراء أقل المسببين للانبعاثات المسببة لتغير المناخ، هى الأكثر تضررًا حيث تواجه تهديدات مثل الأحداث الجوية المتطرفة وارتفاع درجات الحرارة وانعدام الأمن الغذائي، وبالفعل حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أنه بدون جهود عالمية كبيرة للحد من الانبعاثات، قد تشهد إفريقيا موجات جفاف شديدة وفيضانات وموجات حر تهدد سبل العيش وتفاقم الفقر.

ولا يخفى على أحد أن اعتماد القارة على الزراعة يجعلها عرضة بشكل خاص لتقلبات المناخ، فعلى سبيل المثال، واجهت دول مثل إثيوبيا والسودان حالات جفاف متكررة أدت إلى فشل المحاصيل ونقص الغذاء.

ووفقاً لتقرير اللجنة الاقتصادية لإفريقيا لعام 2023، فإن التأثير السلبي لتغير المناخ، وخاصة في قطاعات كالزراعة والطاقة والمياه والنقل والنظم الإيكولوجية، من المتوقع أن يكلف البلدان الإفريقية ما يقرب من 5٪ من ناتجها المحلي الإجمالي سنوياً.

وتشير هذه التقارير أيضاً إلى أن التكلفة الإجمالية للتكيف مع تغير المناخ قد تتجاوز 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، وبحسب التقارير العلمية فالعالم عليه أن يتوقف عن الانبعاثات لتجنب المزيد من الظواهر المناخية المتطرفة والمدمرة، بعد أن تجاوزت درجة حرارة الكوكب 1.5 درجة مئوية خلال فترة العام الماضى.

فيما تؤكد التقارير أن الارتفاع الذى يمضى فيه العالم إذا وصل الى درجتين سيحدث تضاعف الأيام الحارة الشديدة في المتوسط بمقدار 4 درجات مئوية وسيرتفع مستوى سطح البحر للأعلى بمقدار 0.1 متر، مما يعرض نحو 10 ملايين شخص إضافي لأحداث مناخية، قد تشمل المزيد من الفيضانات.

سيؤدى ذلك إلى فقدان أكثر من 99% من الشعاب المرجانية وسيتعرض ضعف عدد النباتات والفقاريات (الحيوانات ذات العمود الفقري) لظروف مناخية غير مناسبة في أكثر من نصف المنطقة الجغرافية التي توجد فيها، وقد يتعرض مئات الملايين من الأشخاص للمخاطر المرتبطة بالمناخ ويصبحون عرضة للفقر بحلول عام 2050.

وهو ما يشرحه الدكتور مجدى علام خبير البيئة العالمية بأن درجات حرارة الأرض زادت عن المتوقع وعن الرقم الذى حذر منه خبراء البيئة، والعالم يمضى - للأسف - فى اتجاه زيادة درجة الحرارة درجتين وهو أمر لو حدث سيؤدى إلى سيول وجفاف وزحف الرمال والكثبان الرملية، وظاهرة النينو فى الماء فى المناطق الساحلية حيث يحدث تسخين فى سطح المسطحات المائية، فلا تخرج الحرارة من الغلاف الجوى، ولكنها تبقى على سطح الكرة الأرضية وتتسبب فى تسخينها، وهو ما جعلنا نرى درجات حرارة غير مسبوقة فى الأعوام الماضية.

مقالات مشابهة

  • الانسحاب الرسمي في يناير 2026.. أمريكا تهدد مناخ العالم وإفريقيا الخاسر الأكبر
  • الحِرَف التراثية مشروعٌ قومي
  • أمريكا ترسل ٢٤ ألف بندقية لإسرائيل
  • يسرا زهران تكتب: أصحاب الثروات في خدمة المجتمع.. مليونيرات أمريكا الوطنيون: زيادة أجور الموظفين رفاهية للجميع
  • ترامب وحلم السطوة
  • مشيرة عيسى.. صاحبة الطلة المبهجة
  • وكيل «عربية النواب»: البيان العربي المشترك خطوة تاريخية نحو تحقيق السلام الإقليمي
  • خطأ الفهم للفلسفة القديمة وأثر هذا في التشظي
  • ترامب ينسف قرارات مجلس الأمن لإنهاء قضية فلسطين
  • مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية