موقع اجتماعى.. لخدمة مجرمى الحرب!
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
على مدار العقد الماضى، تحول فيسبوك من مجرد منصة للتواصل إلى جزء أساسى ومحورى من حياتنا الرقمية، ومع زيادة شعبيتها أكثر تحولت شبكة الإنترنت إلى مكان مغلق تسيطر عليه أربع أو خمس شركات كبرى، وهو ما يُعرف بـ«مركزية الإنترنت»، وقدم «فيس بوك» مساحة لحرية الرأى والتعبير، وتجلى ذلك خلال «ثورات الربيع العربى»، خصوصاً فى تونس ومصر وسوريا والجزائر، حيث أصبحت المنصة أداة للتنظيم وتبادل المعلومات والخبرات، كما عززت شعور الكثيرين من الشباب العربى بوحدة الهدف وأتاحت لهم التواصل بشكل مباشر، إلا أن تلك الحرية بدأت تتراجع، حيث خلق «فيس بوك» أرضاً خصبة لمجموعة من الأنظمة التى سخرته لخدمة مصالحها السياسية، فالشعبية المدوية والتأثير اللافت للموقع جعله، كما يرى المحللون، ساحة كبرى للاستغلال السياسى من قبل العديد من الجهات والحكومات فى العالم، حيث سعت هذه الجهات لاستخدام الموقع لتحقيق مكاسب وأهداف سياسية وأمنية عديدة.
هذا الوضع دفع جوليان أسانج صاحب موقع «ويلكيكس» الشهير إلى وصف موقع «فيس بوك» بأنه «أكبر آلة تجسس اخترعت على مدار التاريخ»، ويرى أن مستخدمى هذا الموقع «يقدمون خدمات مجانية لصالح المخابرات الأمريكية التى بمقدورها الحصول على بيانات هؤلاء المستخدمين بدون موافقة أو علم إدارة «فيس بوك»، التى تقول إنها تتعرض لضغوط متزايدة من قبل حكومات كثيرة من بينها حكومات عربية، للحصول على بيانات بعض المستخدمين.
وفى حرب غزة بداية من يوم 7 أكتوبر 2023، ظهرت واحدة من فضائح «فيس بوك» العالمية، حيث كان واضحًا انحياز الشبكة لإسرائيل ضد غزة وتقييد الحسابات المؤيدة لفلسطين لمدة تتراوح بين 3 و30 يومًا، واستخدمت المنصة خوارزمياتها بصورة وحشية تمامًا، بمجرد أن تظهر كلمات مثل إسرائيل أو فلسطين، يتحول الأمر إلى ما يشبه العقاب الجماعى دون النظر حتى إلى السياق. كما أن رسائل الدعم للمدنيين الفلسطينيين تم إخفاؤها من المنصات، وقام فيسبوك بقمع الحسابات التى دعت إلى احتجاجات سلمية.
وفى هذا السياق يقول على هذا الخبير السياسى هشام علما: «إن هناك أهدافًا من انتشار مواقع التواصل الاجتماعى بعضها أهداف عامة مثل المعرفة والتثقيف وتبادل الاّراء والأفكار وإبداء كل فرد لرأيه وفكره بدون قيود فى ظل الحجب والحظر، إلا أن الهدف الرئيسى من هذا الأمر هو تحريف الحقيقة وحذفها، برغم أن المادة 19 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان تنص على أن لكل شخص الحق فى حرية الرأى والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أى تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأى وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية».
ولفت «علما»، إلى أنه يقع على عاتق الشركات التجارية مسئولية احترام حقوق الإنسان من خلال تحديد ومعالجة الآثار الحقوقية لعملياتها، وتوفير سبل إنصاف فعالة، وبالنسبة لشركات التواصل الاجتماعى، تشمل هذه المسئولية التحلى بالشفافية والمساءلة فى الإشراف على المحتوى لضمان أن تكون قرارات إزالة المحتوى ليست مفرطة فى نطاقها أو متحيزة.
وأضاف: أن «فيس بوك» منحاز بشكل واضح لإسرائيل فى أى أزمة عالمية، ويأتى ذلك لعدة أسباب تتعلق بوجود مقر الشركة فى الولايات المتحدة الأمريكية والتى تعتبر إسرائيل صديقة والمنظمات الفلسطينية إرهابية، موضحا أن الفترة الماضية شهدت غلق عدد كبير من الصفحات الشخصية التابعة لمؤسسات لمجرد أنها تنشر بيانات خبرية بحتة عن المقاومة الفلسطينية ودورها وهو أمر لا يمكن أن يصنف سوى انحياز كامل لجانب على حساب الآخر ومحاولة للتحكم فى اتجاهات الرأى العام على مواقع التواصل الاجتماعى، كما أن البديل الأفضل لمواجهة رقابة منصات التواصل على المحتوى الفلسطينى هو تشجيع ناشطين غربيين على تبنى القضية الفلسطينية ونشرها على نطاق واسع، واستقطاب كتاب ورموز غربيين ومؤثرين لنشر الرواية الفلسطينية.
من جانبها، أشارت حنان أبو سكين، أستاذ العلوم السياسية المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية، إلى أنه على الرغم من قدر الحرية الذى يتمتع به الأشخاص الآن بعد أن تحول الإنترنت لوسيلة جديدة يتم التعبير فيها عن آرائهم فى الموضوعات المختلفة التى تطرح على الساحة السياسية، إلا أنها صارت وسيلة للتأثير الاجتماعى والسياسى من خلال ما تتمتع به من سمات تتمثل فى المرونة، والمجانية بشكل نسبى، والتفاعلية والإتاحة المستمرة بين كافة الأوساط والفئات المجتمعية، الأمر الذى جعلها الفاعل الأكثر تأثيرا فى موجات الحراك الجماهيرى التى شهدها العالم كله وليس العالم العربى فقط خلال السنوات الأخيرة.
وأضافت «أبوسكين»، أن الوظائف الأساسية لموقع «فيس بوك» تتمثل فى كونه وسيلة للتواصل الاجتماعى والتعرف على العالم الخارجى ومعرفة الجديد بين رغبة التعلم والاستفادة العلمية، ولكن ما حدث فى العالم العربى هو أن صارت استخدامات الموقع فى غير محلها حتى أصبح وسيلة تهدد الأمن المجتمعى بشكل عام، سواء من خلال بث الشائعات والأخبار المغلوطة، أو إثارة الفتن بين الأفراد والجماعات بل والدول
كما أن «فيس بوك» بات منحازا لمعظم القضايا، بل وانه يقوم بتوجيه الآراء وطمس الحقائق، وأصبحنا نرى أنه لا توجد حرية رأى وتعبير، ولكنه فى بعض الأحيان يساعد على توصيل صوت المواطنين للسلطة، وهناك بعض القضايا التى يناقشها المجتمع يرد عليها مجلس الوزراء سواء بالنفى أو توضيح الحقيقة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: موقع اجتماع للكيان الصهيونى ضد الفلسطينيين فیس بوک
إقرأ أيضاً:
لماذا يتهم رواد مواقع التواصل الجنود الأوكرانيين بفبركة مشاهد الحرب؟
انتشرت مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعي سلسلة من المقاطع المصورة، تزعم أنها تُظهر جنودًا أوكرانيين يضعون المكياج ويدّعون أنهم ذاهبون للقتال، في محاولة منهم للحصول على تمويل من الولايات المتحدة.
وقد نشر حساب يحمل اسم "Liberal Tear Creator" ثلاثة مقاطع فيديو، زاعمًا أن الجنود الأوكرانيين "يدّعون أنهم في معركة" ليظهروا وكأن الحرب أنهكتهم حتى يحصلوا على تمويل من واشنطن. ورغم أن هذه المقاطع لم يتم التلاعب بها، إلا أنها أُخرجت من سياقها الأصلي بشكل مضلّل.
بعد البحث على تيك توك عن اسم المستخدم "vitsikkkk" الظاهر في أحد المقاطع، تبيّن أنه يعود إلى مسعف عسكري أوكراني اسمه فيتسيك، ولديه حساب يضم نحو 300 ألف متابع على المنصة، وله أيضا قناة خاصة على يوتيوب بقرابة 15 ألف مشترك.
وكشف التدقيق في المعلومات أن هذه المشاهد مأخوذة من كواليس تصوير فيديو موسيقي بعنوان "الإخوة" (Brothers)، الذي نشره فيتسيك على قناته في فبراير/ شباط 2025، بمناسبة الذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا.
في الفيديو، ظهرت امرأة زعم بعض المستخدمين على الإنترنت أنها "تضع مكياجًا مزيفًا" لمحاكاة الإصابات في الحرب. إلا أن الحقيقة مختلفة تمامًا، فهذه المرأة هي مارينا تشيتشيليوك، جندية أوكرانية أُسرت على يد القوات الروسية خلال معركة الدفاع عن مصنع الصلب آزوفستال في ماريوبول في أبريل/ نيسان 2022.، تم الإفراج عنها في مايو/ أيار 2024، بعد قضاء 25 شهرًا في الأسر.
وعبرت تشيتشيليوك عن استغرابها من المزاعم التي انتشرت حول الفيديو، حيث كتبت: "لا أعرف ماذا أقول... الفيديو الموسيقي كان يهدف إلى تجسيد معاناة الجنود الأوكرانيين الذين يفقدون أحبّتهم كل يوم، ولرفقاء السلاح الذين أصبحوا هم عائلتهم خلال الحرب".
ولم يكن الفيديو الموسيقي الذي أعدّه فيتسيك مجرد عمل فني، بل كان شهادة حية على معاناة الجنود الأوكرانيين، حيث شارك فيه أيضًا ثلاثة جنود آخرين ممن وقعوا في الأسر أثناء دفاعهم عن مصنع آزوفستال. وفي حديثه لـيورونيوز، أوضح فيتسيك أن الموسيقى تمثل له وسيلة للتعبير عن الألم الذي خلفته الحرب، قائلًا: "أنا جندي مبدع، الموسيقى والأغاني هي الدواء الذي يخفف ألمي جراء فقدان أصدقائي المقربين".
Relatedبعد معارك عنيفة.. أوكرانيا تؤكد انسحاب قواتها من سودجا الروسيةالمملكة المتحدة تعقد اجتماع "تحالف الراغبين" لمناقشة الوضع في أوكرانيابعد خسارة بلدة سودجا.. لم تعد أوكرانيا تسيطر إلا على 10% من الأراضي الروسيةوفي معرض دفاعه عن الفيديو،قال فيتسيك "إن كل كلمة في عملنا الإبداعي مكتوبة بالدم. كل بكسل، وكل زي عسكري، وكل سترة واقية وكل خوذة، عاشت الكثير من التجارب الحقيقية". وأضاف: "نحن لسنا ممثلين" وأقول لكل من يعتقد أن الحرب في أوكرانيا هي مجرد فيلم، تعال وزرْ البلد".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية هل كان دونالد ترامب فعلا عميلا للمخابرات السوفياتية تحت اسم "كراسنوف"؟ في ظل التقارب بين واشنطن وموسكو.. وزراء دفاع أوروبا يناقشون استراتيجية جديدة لدعم أوكرانيا باريس تضخ 195 مليون يورو إضافية لدعم أوكرانيا من الأصول الروسية المجمدة أوكرانياموسيقىأخبار مزيفةكييف