كيف ساهمت المقاطعة الاقتصادية في فضح الكيان الصهيوني وتجريد داعميه؟
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
يمانيون – متابعات
منذ العدوان الصهيوني على غزة في السابع من أكتوبر، وكبرى العلامات التجارية تشهد حرباً موازية ليست بالقنابل ولا الرصاص ولا الصواريخ التي تدور رحاها على جبهات أوسع شنها المواطنون في مختلف أنحاء العالم بمقاطعة شركات عالمية كبرى، وبالفعل تأثرت العديد من العلامات التجارية العالمية الكبرى مثل “ماكدونالدز وستاربكس” بحملات المقاطعة الشعبية، في كثير من دول العالم نتيجة إعلان دعمها لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال الصهيوني ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق ما الدور الذي لعبته حملات المقاطعة في فضح جرائم الكيان الغاصب وإظهار مظلومية الشعب الفلسطيني وقضيته للعالم خصوصاً مع استمرار انتشار حملات المقاطعة ووصولها إلى الدول الغربية إذ امتدت المقاطعة خارج العالم العربي، على الرغم من الجهود التي تبذلها العلامات التجارية المستهدفة للدفاع عن نفسها والحفاظ على أعمالها التجارية من خلال العروض الخاصة.
من الجدير بالذكر أن سلاح المقاطعة استخدم عبر التاريخ ضد شركات ودول متعددة فالغرب بقيادة الولايات المتحدة لا يفتأ أن يستخدم هذا السلاح ضد كل من لا يمشي على صراطهم أو من يهدد مصالحهم حتى أن الكونغرس سعى لتجريم من يقاطع أو يدعو لمقاطعة كيان الاحتلال وداعميه وهكذا كانت مساعي الطرف المقابل لمقاطعة حتى من يحاول وقف قتل الأبرياء في غزة.
حقيقة مساهمة الشركات الكبرى في صناعة القرار
من المهم تسليط الضوء على مساهمة الشركات الكبرى و”الماركات” العالمية في صناعة القرار الدولي حيث توثق نظرية هيمنة الشركات، للبروفيسور الأمريكي دومهوف، التغلغل الواضح لرؤوس الأموال في مفاصل صنع القرار فيما يعرف اصطلاحاً بمؤسسات الدولة (Establishment) ويتخذ هـذا التغلغل شكلاً شبه موحد في جميع الدول الغربية الليبرالية، ورغم أنه يتستر تحت غطاء التعددية وإتاحة الفرصة للجميع، إلا أنه نظام يحرم الناس من حرية التفكير خارج إطاره، بل يحاربهم ويسمهم بمعاداة مؤسسات الدولة (Anti-establishment)، ويشرع القوانين لتقويض أي جهود تسعى للتغيير حتى لو كانت ضمن إطار الديموقراطية وحرية التعبير.
وقد أدت العولمة إلى توسع نطاق سيطرة هذا النظام لتشمل مناطق كثيرة حول العالم، كما بنى لنفسه أطراً دولية تضمن له دوام السيطرة على الدول والشعوب على حد سواء، لكن اليوم يواجه هـذا النظام تحديات جمة تتمثل بانكشاف سوءاته على عامة الناس بسبب فقدان الإعلام المساند له (mainstream media ) ميزة الهندسة الاجتماعية التي كانت تشكل الوعي الجمعي للشعوب، وظهور وسائل الإعلام البديل التي توثق بعفوية بالغة معظم أحداث العالم.
الأثر الاقتصادي للمقاطعة
تواجه العديد من العلامات التجارية الغربية حملة مقاطعة في دول عربية بسبب الحرب بين جيش الاحتلال الصهيوني وحركة حماس، ومنذ بدء انتشار حملة المقاطعة اتسع نطاق دعواتها المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لتشمل عشرات الشركات والمنتجات، وشارك نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قوائم تشمل أسماء منتجات تابعة للشركات التي تدعم الحرب في غزة، مع دعوات بمقاطعتها وشراء منتجات محلية بديلة، ما دفع المتسوقين فعلاً إلى التحول نحو بدائل محلية، فيما تعتمد ثقافة المقاطعة التجارية على انتشار المعلومات والوعي بين المستهلكين، كان للتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي الفضل الكبير في تسهيل الأمر على المستهلكين فيما يخص تبادل المعلومات وتنسيق جهودهم في المقاطعة.
واقتصادياً، خيبت نتائج الأعمال للعديد من الشركات للربع الأخير من العام الماضي الآمال الاقتصادية حيث كشفت بعض تلك الشركات عن جانب من التأثر بشكل مباشر من المقاطعة على أرباحها وانتشارها، لتبدأ بعض الشركات في تعديل سياستها وتنفي دعمها لكيان الاحتلال الصهيوني في الحرب على غزة.
فشركة ستاربكس والتي كانت أول المستهدفين بالمقاطعة اعترفت بأن أعمالها تأثرت بسبب الحرب على غزة حتى في داخل الولايات المتحدة فقد شهدت تباطؤ نمو الإيرادات، لتسجل إيرادات بقيمة 9.4 مليارات دولار، أقل من التوقعات التي تشير إلى 9.6 مليارات دولار، وقد سعى وكيل الشركة في منطقة الشرق الأوسط لبيع نحو ثلث حقوق الامتياز في المنطقة.
أما العملاق الأمريكي الآخر ماكدونالدز فقد كشفت تقارير مالية عن تراجع مبيعاته في الشرق الأوسط وآسيا بمقدار 4.8% وتراجعت عالمياً بنسبة 5.4 بالمئة فيما تراجعت مبيعات شركات أخرى مثل كنتاكي وبيتزا هات وغيرها بنسب متفاوتة ما بين 3-5%
من الجدير بالذكر أن الاقتصاد الصهيوني يعتمد بشكل كبير على التجارة والاستثمار الدوليّين، ما يجعل كيان الاحتلال عرضةً للمزيد من الضغط عبر المقاطعة الاقتصادية الدولية.
الأثر المعنوي للمقاطعة
على الرغم من أن حملات المقاطعة على الشركات الداعمة للكيان الصهيوني كانت حتى قبل أحداث السابع من أكتوبر إلا أن رحاها اشتد مع بدأ العدوان الغاشم الذي لم يفرق بين حجر وبشر، صغير أو كبير الأمر الذي ولد لدى الملاييين حول العالم إحساساً بالعجز عن مساعدة الضحايا أمام تواطؤ دولي علني ما جعل نطاق المقاطعة العالمية ينتشر بشكل واسع جدا في أنحاء العالم وانضم إليها آلاف الناشطين والمؤثرين في محاولات للضغط على الاحتلال والدول الداعمة له.
و على الرغم من مساعي الشركات العالمية للتقليل من أثر المقاطعة إما إعلامياً أو من خلال القيام بعروض وتخفيضات وإغراءات للمشترين إلا أنها لم تستطع أن تثني المقاطعين عن مواصلة الطريق لا بل جاء بنتائج عكسية حيث اعتبرها المقاطعون سبباً للاستمرار.
في أول أسبوعين بعد السابع من أكتوبر، كان عدد المتظاهرين من غير العرب والمسلمين لا يتجاوز 20٪ بشكل تقريبي. وبعد ذلك، أصبح عدد المسلمين والعرب لا يشكل إلا أقلية من حجم المظاهرات الضخمة التي تخرج في معظم عواصم العالم، وما يلفت الانتباه أن أكثر الشعارات ترديداً من قبل المتظاهرين هي التي تتعلق بالحرية والعدالة من قبيل “فلسطين حرة” و”غزة حرة” و”وفلسطين حرة من النهر إلى البحر” و”نتنياهو لا يمكنك الاختباء، سنحاسبك على جرائم التطهير العرقي” و “إسرائيل وأمريكا كم طفل قتلتم اليوم؟”.
وفي هذا السياق بدأت نتائج المقاطعة وإظهار حقيقة الكيان الغاصب أمام الرأي العام العالمي تجني ثمارها، ففي أعقاب حملة قادتها مجموعات التضامن مع القضية الفلسطينية بالشراكة مع “بي دي اس اليابان”، ألغت شركة Itochu Aviation اليابانية مذكرة التفاهم التي وقعتها منذ عام مع شركة Elbit Systems، أكبر شركة صهيونية لتصنيع الأسلحة، والتي تشارك في جريمة الإبادة الجماعية ضد 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل والمحاصر، ويأتي هذا الإعلان عقب قرار محكمة العدل الدولية بمعقولية ارتكاب “إسرائيل” لجريمة الإبادة الجماعية، ما يفرض مسؤولية قانونية على الدول الأطراف بإنهاء تواطؤها ومنع الإبادة الجماعية بشتى الطرق، بما يشمل إلزام الشركات التي تتخذ من تلك الدول مقراتها بإنهاء تواطؤها في أعمال الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
من جهة أخرى أعلنت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية للكيان الإسرائيلي (PACBI)وهي جزء مهم من حركة مقاطعة “إسرائيل” BDS، انتصار حملتها المستمرة منذ سنوات بالشراكة مع حركات التضامن عالميا ضد شركة “بوما PUMA” الألمانية للألبسة الرياضية حيث أعلنت الشركة عن إنهاء عقدها مع اتحاد كرة القدم “الإسرائيلي”، واستجابت العديد من الفرق الرياضية حول العالم للنداء، فكان أبرز إنجازات الحملة، إعلان نادي قطر عدم نيته تجديد عقده مع “بوما”، وإنهاء أكبر جامعة ماليزية اتفاقية رعاية “بوما” لفريق كرة القدم التابع لها، وقرار نادي “تشستر” الإنجليزي عدم التعاقد مع “بوما”، وإنهاء نادي “لوتن” الإنجليزي عقده مع “بوما”، وتعهد نادي “فوريست غرين” بعدم التعاقد مع “بوما”، واختيار نادي “ليفربول” لراعٍ آخر بعد بدئه خوض محادثات مع “بوما”.
كيف تكون المقاطعة فعالة؟
المقاطعة التجارية قد تكون فعالة إذا تم تحقيق مشاركة واسعة من الناس والمنظمات والحكومات في جميع أنحاء العالم، قد تتضمن المقاطعة تجاهل أو عدم شراء المنتجات الداعمة للكيان الصهيوني، وتجنب الاستثمار في شركات الكيان الصهيوني إذا تم تنفيذها بشكل فعال، يمكن أن تؤثر المقاطعة على اقتصاد الكيان وتجبره على إعادة النظر في سياسته أو حتى الدول الداعمة له، ويجب أن تكون المقاطعة جزءاً من إستراتيجية شاملة للتأثير السياسي والاقتصادي، وتعتمد على تعاون وتأييد واسع من الأفراد والمجتمعات المعنية بالقضية الفلسطينية، وعندما يتم تنفيذ المقاطعة بشكل واسع ومنسق، يمكن أن يؤثر على الشركات الداعمة للكيان الصهيوني الغاصب بعدة طرق، بما في ذلك:
1- الأثر المالي: إذا قامت جماهير واسعة النطاق بمقاطعة المنتجات أو الخدمات المقدمة من قبل الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، فقد يحدث ضغط على هذه الشركات من ناحية الإيرادات والأرباح قد تتجاوب الشركات مع هذا الضغط من خلال إعادة النظر في سياساتها أو اتخاذ تدابير لتجنب فقدان العملاء أو العقود.
2 – الضغط العام والسمعة: تنتشر المقاطعة عبر وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تعريض الشركات لضغط عام وتأثير سلبي على سمعتها. قد يؤدي ذلك إلى خسائر في العملاء، وتأثير سلبي على القيمة السوقية والعلاقات التجارية للشركة.
3 – الضغط السياسي: قد تؤدي المقاطعة إلى زيادة الضغط السياسي على الشركات الداعمة للكيان من قبل الحكومات والمؤسسات الدولية، وقد تتعرض هذه الشركات للعقوبات أو التقييدات التجارية، ما يؤثر على قدرتها على العمل والتوسع في الأسواق الدولية.
هل كانت تجارب المقاطعة في العالم العربي والإسلامي مفيدة؟
في الحقيقة نعم، فالغرب والشركات العالمية عموما يحترمون القوة والنفوذ والمال ولا يحترمون أي شيء آخر وهذه هي الحقيقة المُرة، يجب ألا نستهين نحن بالمقاطعة ولو كانت ذا أثر بسيط، دعونا نستذكر أشهر حملتي مقاطعة التزمت بهما معظم الشعوب الإسلامية تقريباً، حملة مقاطعة البضائع الدنماركية والفرنسية بعد نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في «شارلي إبدو»، وكذلك إعادة نشر الرسوم في صحيفة فرنسية، هل تعلم كم كلفت تلك المقاطعات الاقتصاد الفرنسي والدنماركي.
فحسب تقرير مصرف «يسكي بانك»؟ تكبدت الدنمارك خسائر بلغت 134 مليون يورو، أي ما يعادل 170 مليون دولار، وتأثير المقاطعة على الاقتصاد الدنماركي وصل الى إجمالي 7.5 مليارات كورون دانماركي، وتراجعت الصادرات الدنماركية إلى الشرق الأوسط بمقدار النصف فيما انخفضت صادراتها إلى الأسواق الإسلامية بنحو 47 في المئة، أما الحكومة الفرنسية فصحيح أنها لم تعلن عن حجم الأضرار لأسباب سياسية ولكن لو حللنا أرقام منظمة التجارة العالمية لعام 2020 لوجدنا تراجعاً ملحوظاً في الصادرات الفرنسية للدول الإسلامية، وخصوصاً مع ضخامة أرقام التبادل التجاري بين فرنسا والدول الاسلامية، حيث تتجاوز قيمة الصادرات الفرنسية 46 مليار دولار سنويا منها 31 مليار دولار للدول العربية حسب قاعدة بيانات «كومتريد» التابعة للأمم المتحدة، ولو دققنا بحجم هذا الرقم فسنجد أن صادرات فرنسا للعالم فقط 15 مليار دولار بينما للدول الاسلامية 31 ملياراً.
وحسب بعض المصادر المعلنة سابقاً، تراجعت الصادرات الفرنسية إلى قطر إلى 1.73 مليار دولار في عام 2020 مقابل 4.29 مليارات في عام 2019، وتراجعت إلى السعودية من 3.43 مليارات دولار إلى 2.64 مليار وفي الإمارات تراجعت إلى 3.61 مليارات دولار مقابل 3.64 مليارات دولار. كما تراجعت صادرات فرنسا إلى سلطنة عمان إلى 294 مليون دولار، مقابل 475 مليوناً، وفي البحرين تراجعت إلى 142 مليون دولار مقابل 471 مليوناً.
* المصدر : موقع الوقت التحليلي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الداعمة للکیان الصهیونی الشرکات الداعمة للکیان العلامات التجاریة الإبادة الجماعیة ملیارات دولار المقاطعة على ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
سقوط أكاذيب أمريكا من الحرية الإنسانية إلى الحرية الاقتصادية..!!
أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي دارت رحى حرب آيديولوجية بين النظامين، تباهت أمريكا والغرب من ورائها بالنظام السياسي الرأسمالي القائم على مبدأ الحرية في كافة نواحي الحياة، الحرية السياسية التي تحمي حرية الرأي والتعبير وتخلق بيئة التعدد والتنوع الفكري، والحرية الاقتصادية التي تقوم على السوق الحرة باعتبارها مضمار تنافس يولد إبداعات، والسوق الحرة توفر بيئة آمنة وجاذبة للاستثمارات.
وإثر سقوط الاتحاد السوفيتي واستفراد أمريكا بقيادة العالم، صار نظامها الاقتصادي القائم على حرية السوق مفروضاً على العالم، وألزمت دول العالم أن توقع على اتفاقية التجارة الدولية والانضمام إلى منظمة التجارة الدولية “الجات”، كما فرضت على العديد من الدول برامج الخصخصة وإلغاء أي قوانين حمائية، بموجبها تم تحرير الأسواق وفرض تعرفة ضريبية موحدة على مختلف السلع.
لقد وضعت ضوابط وقواعد وألزمت دول العالم على القبول بها، وعند صعود ترامب للرئاسة في الدورة الأولى أخذ يتنصل عن هذه الاتفاقيات ويفرض رسوماً ضريبية على كثير من السلع بالمخالفة لاتفاقية التجارة الدولية، كما أخذت أمريكا الترامبية تتنصل عن اتفاقية المناخ والعديد من الاتفاقيات الدولية، وحالياً يواصل ترامب نفس السياسات، لا بل أخذ يتوسع فيها.
ويمكن القول إن أمريكا التي وضعت ضوابط وقواعد ألزمت بموجبها العالم، العمل بمقتضاها باتت اليوم تقود انقلاباً عليها، لا بل أن الاقتصاد الذي كانت تتباهى به خلال الحرب الباردة القائم على فكرة الحرية الفردية وحرية السوق تنصلت عنه، وباتت تتخذ سياسات اقتصادية حمائية وتؤسس لنظام رأسمالي شمولي.
ومن المعروف أن الاستثمارات عبارة عن رؤوس أموال تنتقل طوعياً إلى هذه السوق أو تلك بناءً على توفر بيئة آمنة تشجع أصحابها على الاستثمار فيها.
ولقد سعت كثير من الدول ومن خلال حكوماتها أن تضع قوانين غايتها توفير بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية، ولأجل ذلك أنشأت هيئات للاستثمار تهتم بهذا الأمر.
وكانت رؤوس الأموال تذهب إلى هذه البيئة أو تلك بشكل طبيعي وفق تقديرات أصحابها أو من خلال الاستعانة بمراكز دراسات متخصصة تهتم بدراسة البيئات الاقتصادية، تقيس مخاطر الاستثمار فيها وتقدم نصائحها لرؤوس الأموال.
حاليا وفي مرحلة ترامب، فلم يعد استثمار رؤوس الأموال تحددها آليات السوق الحرة، بل يتم فرضها عبر الابتزاز والتنمر السياسي.
مؤخراً فرض ترامب على المملكة مثلاً أن تستثمر تريليون دولار خلال أربع سنوات داخل أمريكا بالأمر، لقد فقدت رؤوس الأموال حريتها في الانتقال، وصار الابتزاز والتنمر السياسي يتحكم بحركتها.
مع أن أمريكا التي أخذت توزع عقوباتها على دول العالم واحدة تلو الأخرى وتجمد أو تصادر أحيانا أرصدتها المالية، كما حدث مع إيران منذ عقود ومع روسيا أثناء الحرب مع أوكرانيا، حيث تم مصادرة أصول روسية داخل أمريكا، وما جرى حالياً مع الصين، إذ حكمت محكمة أمريكية بأن بكين أخفت الحقيقة بشأن كوفيد-19 وأمرت الحكومة الصينية بدفع 24 مليار دولار، وأنه سيجري انتزاعها من أرصدة الصين في البنوك الأمريكية.
بالإضافة إلى الوقائع السابقة، فإن التضخم والدين الأمريكي العام الذي بلغ مستويات قياسية ويتصاعد 36 تريليون دولار وتصاعد هذا الدين العام بوتيرة متسارعة.
وعليه فإن هذه الوقائع السابقة كلها تؤكد – بما لا يدع مجالاً للشك – أن لا بيئة استثمارية آمنة في أمريكا، والسوق الأمريكية في مثل هذه الأوضاع ينبغي أن تثير مخاوف المستثمرين.
بالمختصر.. أمريكا دولة مارقة لا تلتزم بعهود ولا مواثيق ولا تحترمها، فما الذي يضمن عدم مصادرة الاستثمارات الحالية مستقبلاً عند أبسط خلاف سياسي أو اقتصادي أو ذهاب الرئيس الحالي ومجيء رئيس آخر، وما الذي يضمن عدم تعرض أصحاب رؤوس الأموال لعقوبات من أي نوع تحت أي ذريعة، خصوصاً أن أمريكا لديها سوابق؟!.