خبراء عسكريون: العمليات الاحترافية لليمن تجعل الأمريكيين في مأزق
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
يمانيون – متابعات
تتصاعد العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة في البحرين الأحمر والعربي، وداخل العمق الصهيوني وتحديداً في مدينة “أم الرشراش” المحتلة.
وتؤكد القوات المسلحة مع كل بيان تصدره أن عملياتها تأتي انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني، ورداً على العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن.
وخلال الأيام الماضية نفذت القوات المسلحة عدة عمليات هامة، من بينها عمليات اليوم الثلاثاء المتمثلة في تنفيذ سلسلة عمليات عسكرية واسعة، منها استهداف سفن حربية أمريكية في البحرين الأحمر والعربي بعدد من الطائرات المسيرة، ومواقع حساسة للعدو الإسرائيلي في منطقة أم الرشراش جنوبي فلسطين المحتلة بعدد من الطائرات المسيرة، إضافة إلى استهداف سفينة إسرائيلية “MSC SILVER” في خليج عدن بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة.
وتأتي هذه العمليات بعد يوم من استهداف سفينتين أمريكيتين في خليج عدن، وإغراق سفينة بريطانية في البحر الأحمر، واسقاط طائرة أمريكية مسيرة من نوع إم كيو 9.
ويقول الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي العميد الركن عابد الثور إن هذه العمليات تؤكد على تنامي قدرات القوات المسلحة اليمنية، وأن أمريكا وبريطانيا غير قادرتين على تحقيق أي انتصار عسكري في البحر الأحمر والعربي ضد اليمن”.
ويضيف في تصريح خاص “للمسيرة” أن استهداف السفينة البريطانية “بنمار” واحراقها واغراقها تماماً هو تأكيد على أن القوات المسلحة اليمنية قادرة على التصعيد ومستمرة فيه بقدرات متطورة جداً، وأن استمرار تصعيد الأعداء في قطاع غزة، يقود القوات المسلحة اليمنية إلى التصعيد أكثر وأكثر، والدخول في رسم معادلة عسكرية جديده مفادها الغرق والحرق التام لكل قواتهم في المنطقة”.
وعن إثر الضربات والغارات الأمريكية والبريطانية على اليمن يؤكد العميد الثور أن العدوان على محافظة الحديدة غير مؤثر، ويكشف عجز العدو، وأن الضربات الاستباقية القوية والمدمرة عليه وعلى أهدافه في البحر هي الطريق الأنسب للتعامل معه، كما هي العمليات الأخيرة التي جرت خلال 24 الساعة الماضية “.
ويشير الثور إلى أنه لم تتجرأ أي دولة في العالم بإعلان العداء المباشر لأمريكا غير الدولة اليمنية وشعبها الذي هو في مواجهة حقيقية ومباشرة معها، ولم يسبق لأي دولة في العالم منذ الحرب العالمية الثانية خوض المواجهة المباشرة البحرية مع أمريكا، لافتاً إلى أن اليمن هي الدولة الوحيدة التي تحمل قضية فلسطين ، كقضية مصيرية للشعب والقيادة على حد سواء، وأن مصير اليمن مرتبط ارتباطاً تاماً وكاملاً بمصير الشعب الفلسطيني، وأن القوات المسلحة اليمنية لن تتردد في توجيه أقسى الضربات القوية والقاسية، و هي اللغة المفهومة لدى الأمريكي والخيار المجدي نفعاً في التعامل مع عنجهيته وجرائمه المستمرة في غزة”.
وعن إعلان الإتحاد الأوربي عن إدخال 3 فرقاطات فرنسية، وألمانية، وإيطالية إلى البحر الأحمر للمشاركة في العدوان على اليمن، يبين الثور أن ذلك دليل على أن العدو لا يريد التهدئة، وتضييق المعركة بل يسعى لتوسيعها في البحر الأحمر، لكن القوات المسلحة اليمنية هي من تحدد مسرح العمليات فيه، وتستطيع منع السفن الإسرائيلية والذاهبة إلى فلسطين المحتلة، وضرب السفن الأمريكية والبريطانية بسبب تماديها في العدوان على غزة ومساندة كيان الاحتلال”.
ويؤكد الثور على أن العمليات العسكرية اليمنية في تصعيد مستمر ومتنامي، طالما العدو مصر ومستمر في عدوانه وحصاره على غزة، وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق أطفالها ونسائها”.
أبعاد ودلالات العمليات الأخيرة
بدورة يقول الخبير والمحلل العسكري العميد عبدالغني الزبيدي أن العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية الأخيرة في البحر الأحمر والعربي وباب المندب تكشف مستوى التطور للقدرات العسكرية اليمينة، والتي يصفها العدو الأمريكي بالعميلة “غير المسبوقة” في تاريخ العمل العسكري منذ الحرب العالمية الثانية”.
ويضيف الزبيدي “للمسيرة” : “نحن نتحدث اليوم عن قدرات يمنية متطورة وفاعلة، وقائد عسكري يمني يدير المعركة باحترافية عالية ، خاصة والضربات للعدو في المناطق التي ليست تحت سيطرتنا المباشرة جغرافياً، وإن كانت تحت سيطرتنا من الناحية الاستراتيجية والعسكرية، ونستطيع إدارة المعركة والتحكم بها في البحر العربي والمحيط الهندي، بقدرات وصواريخ بالستية تستهدف أهدافاً عسكرية متحركة، وهذه غير مسبوقة”.
ويرى الزبيدي أن العميلة الأخيرة تتحدث عن طائرة مسيرة تحت الماء، والأمريكيون يقولون إنهم أصيبوا بالذهول والدهشة أمام هذا التطور، متمنياً أن يدرك الأمريكيون هذا التطور، ويتعاملون معه بشكل من الإيجابية، لأن اليمن يتحرك في إطار قضية إنسانية، وكان يفترض على الأمريكي وقف عدوانه على اليمن ووقف الهمجية والبربرية على الأخوة في غزة.
وعن نجاح العمليات اليمنية رغم استنفار العدو الأمريكي وحشد طاقاته وأدواته يقول الخبير الزبيدي : “أنت عندما تتحرك لا بد أن يكون لديك معلومات استخباراتية ، والأمريكي يفتقر لهذا تماماً ، وعلى الأقل هو كان يعتمد على المعلومات الاستخباراتية وكان مخترقاً للجيش والأمن اليمني سابقاً، وكان يستمد معلوماته من خلال القيادات الموجودة، وعمليات الرصد اليوم، وهو يعلن على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه بحاجة لمن يدله أين تتواجد هذه المخازن، وأين منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، وربما هي مسخرة ، في حق الهيبة الأمريكية التي ظلت تفاخر بأنها تستطيع أن تحدد دبيب النمل على الأرض”.
ويؤكد العميد الزبيدي أن هناك تطورات وقدرات في العمليات اليمنية، وهناك معركة تدار بكل كفاءة واحترافية غير مسبوقة، في ظل فارق الإمكانيات، وشحتها، وفي ظل الحصار المفروض على اليمن، وفي ظل المناطق الجغرافية التي تدار فيها المعركة.
ويشير الزبيدي إلى أن الأمريكي أمام العمليات اليمنية لا يمتلك استراتيجية ولا هدف، وبالتالي العمليات اليمنية جعلته في مأزق حقيقي.
– المسيرة نت – منصور البكالي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة العملیات الیمنیة فی البحر الأحمر الأحمر والعربی على الیمن
إقرأ أيضاً:
تاح تاح تاح تحسك بالسلاح”: الأغنية السياسية في الحرب (2-2)
ملخص
جاء الغناء عن حب الوطن في السودان مدراراً ومن بابين، الأول هو حب مطلق مثل “أمتي يا أمة الأمجاد والماضي العتيق”، أما الثاني فهو ما نعى فيه المغنيون غربتهم عن الوطن في المهاجر وذاع ذيوعاً كبيراً خلال أيامنا في واقع النزوح الاستثنائي المأسوي بعد الحرب.
أما سيدة الأغنية السياسية ليومنا للقوات المسلحة فهي الفنانة ندى القلعة. فلا يمر يوم إلا ولها عبارة عن طبيعة الجيش من جهة خوضه الحرب العادلة ومؤسسيته مقارنة بـ”الدعم السريع”، أو جغرافيا المعارك وانتصارات الجيش. فميزت القوات المسلحة بميلادها في شرعية الدولة وتخرج ضباطها في الكلية الحربية “مصنع الرجال” في قولهم، واستحقوا صفة “جنابو” بخلاف ضباط “الدعم السريع” الذين نالوا رتبهم كفاحاً بما عرف بـ”رتب الخلاء”:
حبابو
القالو ليهو جنابو
حباب القوة الجايا بالشرعية
حباب الكاكي الدخلو ليه الكلية
وتطرق الفنانة ندى باب التاريخ الوطني لتضع انتصارات القوات المسلحة في سياقها، بل لترد على مزاعم “الدعم السريع” مثل أنه خرج ليقضي على دولة 56 التي ظلمت هامش السودان ظلماً كثيراً، فقالت:
ستة وخمسين دحرنا ظلم وحقب
العلم رفرف وأزهرينا خطب
و”أزهرينا” هو الزعيم إسماعيل الأزهري أول رئيس لوزراء السودان خلال الفترة الانتقالية 1954-1956، والذي اشتهر بأنه رافع علم استقلال السودان. ثم جاءت بواقعتين من نضال السودانيين ضد القوى الأجنبية، فكانت الأولى هي اغتيال المك نمر زعيم شعب الجعليين على النيل الأوسط، لإسماعيل باشا نجل الخديوي محمد علي باشا في 1822. فكان إسماعيل بعد غزو السودان التقى بالمك وطالبه بضرائب أثقلت عليه، ولما احتج رمى إسماعيل بغليونه على وجه المك فأضمرها المك وقبل بدفع ما عليه. وليرضى عنه إسماعيل دعاه لتناول العشاء بداره، وأحسن الطعام لهم والشراب، وكان قومه يزربون ديوانه بالحطب في هذا الأثناء، وبإشارة منه أشعلوا النار فيها لتحرق إسماعيل ومن معه. فقالت ندى “حرقناه فحم”.
أما إشارتها الثانية فكانت إلى مستر هارولد ماكمايكل مفتش شمال مديرية كردفان خلال العشرينيات والسكرتير الإداري للحاكم العام الإنجليزي لاحقاً، الذي أمضى أمراً أغضب الناظر عبدالله وجاد الله، زعيم شعب الكواهلة والمقاتل تحت راية مهدي السودان، فنزع قلم المفتش من يده وكسره. وصار الناظر يعرف بـ”كسار قلم مكميك” (ماكمايكل). وفي فروسيته نظمت مستورة بت كوكو أغنية لا تزال موضع إعجاب كثير. وقالت ندى القلعة عنه “رايو مكملو كسار قلم مكميك”. وللأغنية مطلع:
احترامو وجب
دا شعب صعب
رغم أنو عظيم إلا غضبو كعب (كأب، قبيح).
مين بيقدرنا، “أفارقة زنج عرب”
وتعقد ندى القلعة فتوح القوات المسلحة عقداً في غنائها. فلها أغنية تبدأ بـ”العصا” (أي المطلع) التقليدي لأغنية الفروسية:
أنا يا ليل هوي الليلة
وهي التي يرقص الرجال “العرضة” على وحي حماستها رقصة يبدون فيها على مشية الصقر الفخور.
وتحصي في أغنياتها المدن التي استردها الجيش من “الدعم السريع” كل بصفتها، فأم درمان مثلاً “بناسها مركز الفراسة”. وقالت عن مدينة مدني، خشو (أي “الدعم السريع”) مدني غلطة وكانت أكبر ورطة.
وتعود في أخرى لتطلع فيها بـ”عزة تفخر بأولادها”، و”عزة” هذه عائدة إلى شاعر الحركة الوطنية خليل فرح الذي تقدم ذكره، فـ”عزة” عنده هي الوطن. ومضت ندى القلعة تعدد متحركات القوات المسلحة الأخيرة التي فكت الحصار عن معسكرات القوات المسلحة، فتذكر أنه بفضل هذه المتحركات “الإشارة (سلاح) قالدت القيادة”. ونوهت بتسلم الجيش لمصفى الجيلي. وتذكر أسلحة الجيش واحداً بعد واحد، المدفعية والعمل الخاص وأمن يا جن (هكذا يصف أفراد جهاز الأمن والاستخبارات مؤسستهم). ووثقت لاندياح الجيش شمال مدينة الخرطوم بحري:
شرق النيل دي بجيها جية
بخش الشمس حية
دي بحري بجيها جية
شمبات دي بجيها جية
وللدعامة غرزة وكية
وتتسرب عبارات القوات المسلحة إلى غنائها، فذاع في أوقات حصول الجيش على تسليح أحدث جاء في وقته عرف بـ”العدة الجديدة”، فقالت ندى:
أديك النجيضة
وكلو بالعدة الجديدة
بل وتتوقف عند لحظات درامية في المعركة. فكان الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقف في فيديو راج عند كبري بيكة بمدينة مدني، وقال إنه قال للطيار إن كان بوسعه أن يرسل صاروخاً يدخل في فجوة في الجسر اختفى فيها جماعة من “الدعم السريع”، ففعل. فقالت ندى:
طيارنا سويت البدع
صاروخك بالملي بيقع
سوخوينا (السوخوي) والميج الطلع
الدعامي من صوتو اتخلع
لا أعتقد أن مساعي المجتمع الدولي لإيقاف الحرب في السودان عدت هذه الأغاني السياسية التي تغذي الحرب باستنفار بوسيط الإبداع لقيم الفروسية في المحاربين وغير المحاربين. وليست هذه التعبئة قاصرة على القوات المسلحة. فبين قوات “الدعم السريع” جنس من غناء الفروسية تضطلع بها نساء عرفن بـ”الحكامات” (مفردها حكامة). بل ذاع قبل مدة أن واحدة منهن خلعت لباسها وقالت إنها لن ترتديه إلا حين يأتي لها فرسانها وعليهم غار النصر. بل كان أول الالتفات لدور هؤلاء الحكامات خلال نزاع دارفور في العقد الأول من هذا القرن. فعادة ما حملت مقررات مجالس الصلح التي سعت إلى طي الخلاف توصية بإقناعهن بالتوقف عن تلك الحماسة الضارة للرجال. فالحرب لا تخاض في ميدانها، إنها تخاض غناء كذلك. فلهؤلاء الفنانات قول حتى في أدق دقائق الحرب. فلما حمل المجتمع الدولي على القوات المسلحة لتفاوض خرجت الفنانة ميادة قمر الدين بأغنية “ملوك القل”:
تاح تاح تاح تحسم بالسلاح
ما في مفاوضات ودا الكلام الصاح
للحرب القائمة في السودان ثقافة، وهي ثقافة للحماسة واستحقار الموت للقضية. فترى جنود القوات المسلحة والمستنفرين والجمهور “يعرضون” على وقعها متشربين معانيها ريثما يعودون للميدان من جديد. وهي ثقافة محجوبة عن “المبعوث الخاص” الذي يعتقد أنه يعرف كيف يطوي صفحة حربنا بأمر تكليفه العالي.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب