أثناء الحصار.. أهالي مخيم جنين يسعفون جرحاهم بالاتصال الهاتفي
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
جنين- ساعات طويلة قضتها عائلة أبو سرية وهي تحاول بكل الطرق التي تعرفها لإنقاذ شاب أصيب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، بعد أن تمكنت من سحبه من أمام منزلها، وبعد أن فشلت محاولات وصول طاقم الإسعاف إليه.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثّق اللحظات الأولى لمحاولة اتصال العائلة بسيارات الإسعاف، ويظهر المقطع الشاب المصاب وحوله عائلة أبو سرية يتحدثون مع المسعفين ويشرحون لهم طبيعة الإصابة.
وقال حسام أبو سرية إن المصاب يعاني نزيفا بعد إصابته بعيار ناري دخل في خاصرته اليمنى وخرج من ظهره، إضافة لإصابة في ذراعه اليمنى، ووجود آثار دماء على قدمه اليسرى المصابة بشظية.
شهد حضوراً مكثفاً لقوات الاحتلال بأكثر من 50 آلية عسكرية، ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى المصابين..
الاحتلال يقتحم مخيم جنين بالضفة الغربية مخلفاً شهداء وجرحى ودماراً في البنية التحتية. pic.twitter.com/tYumHgqo1C
— AJ+ عربي (@ajplusarabi) February 21, 2024
نزيف لمدة 6 ساعاتتحدث حسام (20 عاما)، للجزيرة نت، عن تفاصيل ما جرى، وقال "كنا في المنزل حين بدأ الاشتباك في الخارج، بعد لحظات سمعنا شابا يصرخ ويتألم، فتحت باب المنزل ورأيت عددا من الجنود يطلقون النار على شابين، أحدهما استشهد على الفور، وأصيب الآخر أمام باب منزلنا، فسحبته إلى الداخل، وعلى الفور أرسلت تسجيلا صوتيا أطلب فيه إرسال سيارة إسعاف إلى منزلي".
لم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إلى منزل أبو سرية، فلجأ لتصوير فيديو يظهر فيه حالة المصاب وحاجته للتدخل الطبي على الفور، وهو ما دفع طاقم الإسعاف للتدخل عبر الهاتف.
يصف أبو سرية محاولاته بقوله: "قالوا لي يجب أن تعرف إن كانت الرصاصة مستقرة في الخاصرة أو خرجت من الجهة الأخرى، ثم طلبوا مني الضغط على الجرح بمنشفة وربط جروحه الأخرى، بقي الشاب ينزف بدون علاج لمدة 6 ساعات، وقبل نقله للإسعاف كان في الرمق الأخير".
جيش الاحتلال يطلق الرصاص الحي على سيارات الإسعاف، ويمنعها من دخول مخيم جنين لنقل الإصابات pic.twitter.com/UzmqNjH27G
— القسطل الإخباري (@AlQastalps) February 20, 2024
إسعاف أوليوتحدث المسعف مراد خمايسة، للجزيرة نت، عن منع قوات الاحتلال الإسرائيلي لطواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين في حارة السمران بقلب مخيم جنين، التي تركزت فيها الاشتباكات المسلحة ليلة الأربعاء، وقال "حاولنا إجراء التنسيق بمساعدة الارتباط الفلسطيني (جهة تواصل بين السلطة وإسرائيل) لضمان دخولنا إلى المخيم، بعد ورود بلاغات من الأهالي بوجود أكثر من إصابة، 4 منها في حارة السمران، لكن لم يتم التنسيق لسيارات الإسعاف للدخول وإخراج المصابين".
وبعد تعذر وصول المسعفين، اضطر أهالي المخيم للاتصال بطواقم الهلال الأحمر عبر مكالمات الفيديو، لإنقاذ الجرحى ووقف نزيفهم.
يقول خمايسة "حاولنا تقديم حلول أولية للعائلات التي استقبلت المصابين في منازلها، شرحنا لهم كيفية ربط الجروح والضغط عليها للحد من النزيف، لكن كل دقيقة كانت تمر، كانت تزيد من خطر تعرض المصابين للموت، كما أن هذه الطرق ليست ناجحة 100%، لكنها كانت محاولة لكسب الوقت لحين الموافقة على التنسيق والسماح لنا بالدخول إلى داخل المخيم".
وقال ضابط الإسعاف في "مركز الحياة" في جنين يزن جرار للجزيرة نت "بعد حصولنا على الموافقة لدخول المخيم، وصلنا إلى حارة السمران ووجدنا الشاب في منزل أبو سرية في حالة صعبة جدا، حيث فقد كثيرا من الدم، وكان يجب التعامل معه بشكل سريع ميدانيا قبل نقله إلى المستشفى".
ويضيف جرار "ما قمنا به من تعليمات للأهالي كان إجراء مبدئيا للحفاظ على حياة المصابين، لكنه ليس فعالا بشكل كبير، لو تأخرنا قليلا كان يمكن أن نفقد الجريح بسبب النزيف، فربط الجروح والضغط عليها لا يوقف النزف بشكل كامل، لكنه يخفف منه فقط".
وداع جثمان الشهيد عارف قدومي بعد أن رتقى باشتباك مع قوات الاحتلال في مخيم جنين بالضفة الغربية#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/dekFXdS0I0
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) February 21, 2024
اقتحام وحصار المخيموخلال الساعات الثماني التي استغرقها اقتحام الاحتلال، كانت المعلومات التي ترد من داخل حارات مخيم جنين قليلة جدا، ولم يتمكن المسعفون الذين توزعوا على مداخله من معرفة عدد الإصابات وطبيعتها بدقة.
وحتى بعد منتصف الليل، لم يصل إلى مستشفيات المدينة سوى 3 إصابات، اثنتان منها وصلتا إلى مستشفى جنين الحكومي، الذي يبعد عن مدخل المخيم مئات الأمتار فقط.
وفي ساحة المستشفى، كانت سيارات الإسعاف تتمركز استعدادا للسماح لها بدخول المخيم ونقل الإصابات والجرحى، لكن آليات الاحتلال الإسرائيلي كانت تغلق مدخل المخيم الرئيسي والمداخل الأخرى، وتمنع تحرك طواقم الإسعاف بشكل كامل.
يقول المسعف خمايسة "حاولنا أن نتوزع بسياراتنا على مداخل المخيم، لنسرع آلية الوصول للجرحى، لكن لم يسمح لنا بالدخول أبدا، كما أن جرافات الاحتلال كانت تواصل تجريف الشوارع داخل المخيم ما يعوق تحركنا بشكل كبير".
وأضاف "للأسف الاحتلال الإسرائيلي أصبح ينتهج فكرة منع المسعفين من الوصول إلى المصابين ونقلهم، وحصار المستشفيات، ومنع الطواقم الطبية من العمل بشكل طبيعي، في كل اقتحام يتم في جنين والمخيم".
وبعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي، استطاعت سيارات الإسعاف نقل المصابين من داخل المخيم، وتبين أن الإصابات كان بعضها بالرصاص وبعضها بشظايا قصف من طائرة مسيّرة إسرائيلية، إضافة لنقل جثمان الشهيد عارف القدومي، وهو من مقاومي منطقة قلقيلية، وكان داخل مخيم جنين لحظة دخول القوات الخاصة الإسرائيلية إليه.
وكان أفراد من كتائب القسام في مخيم جنين اكتشفوا تسلل قوة خاصة إسرائيلية إلى حارة السمران واقتحام منزل عائلة الصباغ، حيث جرت اشتباكات مسلحة بين المقاومين والقوة الخاصة، قبل وصول تعزيزات عسكرية إسرائيلية للمخيم مدعومة بالجرافات. وحاصرت القوة شابا في المنزل المجاور لعائلة الصباغ واشتبكت معه، قبل أن تطلق قذيفة "انيرجا" صوب المنزل.
وتقول ماجدة الصباغ للجزيرة نت "فور اكتشاف القوة الخاصة من قبل المقاومين، اقتحم الجنود المنزل ووضعونا في إحدى الغرف، ومنعونا من مداواة جروحنا بشكل نهائي. كانت الاشتباكات عنيفة جدا، وأصيب شابان، أحدهما سحبه الجيران (عائلة أبو سرية)، والآخر وضعوه هنا في منزلنا، سمعت ضابط الاحتلال يحقق معه ويستجوبه، قبل أن يتم اعتقاله من داخل المنزل وهو مصاب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی سیارات الإسعاف قوات الاحتلال من الوصول إلى داخل المخیم للجزیرة نت مخیم جنین أبو سریة
إقرأ أيضاً:
هكذا تحارب إسرائيل التعليم في جنين وتمنع وصول آلاف الطلبة لمدارسهم
مرَّ أكثر من 40 يوما على بدء الفصل الدراسي الثاني في الضفة الغربية. وفي حين تحاول وزارة التربية والتعليم في غزة إنقاذ العام الدراسي، يحرم طلاب مخيمات شمال الضفة المحتلة الوصول إلى مدارسهم بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية "السور الحديدي" التي بدأت أواخر يناير/كانون ثاني الماضي بمخيم جنين، ومنه توسعت لتطال مخيمات طولكرم وطوباس.
وإلى بلدة برقين غرب مدينة جنين حيث منزل أقاربها، نزحت عائلة أشواق محمد الطالبة بالصف العاشر قادمة من مخيم جنين. وفي البلدة التي استقبلت منذ بدء "السور الحديدي" نحو 5 آلاف نازح من مخيم جنين، تمكَّنت أشواق من الالتحاق بمدرسة البلدة الحكومية، بعد قرار من مديرية التربية والتعليم في جنين، سمح للطلبة النازحين حضور الحصص المدرسية في الأماكن التي استقبلتهم.
وتقول أشواق إن حظها جيد لأنها استطاعت تجاوز الأسابيع الأولى للاقتحام وعدم دوامها بالمدرسة، وهو ما ساعدها في التعويض ومتابعة ما فاتها من المواد الدراسية كافة.
حال أشواق لا ينطبق على آلاف الطلبة المسجلين بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بالمخيم، والبالغ عددهم قرابة 1700 طالب، ممن أغلقت مدارسهم أبوابها منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد الأزمة بين أجهزة الأمن الفلسطينية والمقاومين داخل مخيم جنين.
وواجه الطلاب -الموزعون على 4 مدارس تابعة للأونروا داخل المخيم- صعوبة في انتظام الدراسة لنحو شهر، وأعلنت الأونروا حينها على لسان رولاند فريديتش مديرها بالضفة الغربية أن "التعليم بمخيم جنين أكثر القطاعات تضرراً بتلك الأحداث".
وأضاف فريديتش "يعيش مخيم جنين حلقة مفرغة من العنف، يجعله غير صالح للسكن أصلا، وقد أغلقت المدارس وتعطَّلت العملية التعليمية، مما يهدد مستقبل الطلبة بالمنطقة".
ومع دخول الفصل الدراسي الثاني، أجبرت إسرائيل الأهالي على النزوح من منازلهم بالمخيم، وعزَّزت وجودها العسكري بمدينة جنين ومختلف أحيائها، وفرضت حالة من عدم الاستقرار الأمني والخوف بين الناس، ودمَّرت البنية التحتية، وأعادت رسم خارطة المخيم الجغرافية، مما أصاب القطاعات الحيوية في المدينة ولا سيما التعليم بشلل شبه تام.
إعلانولم يفتتح الفصل الثاني بمدارس المدينة كافة، وخاصة مدارس المخيم الذي أخلي من ساكنيه وتحول إلى كتلة من الدمار والركام.
وفي "جمعية الكفيف" بمدينة جنين حيث نزحت المواطنة سلسبيل وعائلتها وعدد من أقاربها، تقول إن لديهم 5 أطفال ضمن المرحلة الأساسية قد حُرموا الدراسة منذ نزوحهم من المخيم في اليوم الثالث من الاقتحام الإسرائيلي.
وتضيف سلسبيل أن محاولات المدارس بالتعويض عبر حصص الكترونية "غير مجدية" لأن النازحين لا يملكون أجهزة حاسوب.
من جانيه، يقول محافظ جنين كمال أبو الرب إنه -ووفق آخر إحصائيات مديرية تربية جنين- فإن قرابة 15 ألف طالب وطالبة لا يستطيعون الوصول إلى مدارس المدينة والمخيم، ناهيك عن حوالي 6 آلاف من الطلبة الجامعيين من "فلسطين 48" الملتحقين بالجامعة العربية الأميركية في جنين، وذلك بسبب منع الاحتلال مرورهم عبر حاجز الجلمة إلى المدينة.
ويضيف أبو الرب للجزيرة نت أن التعليم أكثر القطاعات حساسية بمستقبل الفلسطينيين بشكل عام وجنين خاصة، وأن إسرائيل عبر عدوانها تسعى لضرب هذا القطاع وتقييده، وإيصال رسالة للمواطن أنه "محروم" من أبسط حقوقه المكفولة بكل المواثيق الدولية.
ويتابع المسؤول الفلسطيني "هذا مخطط إسرائيلي لشلِّ حياة المواطنين هنا، وإقناعهم أنه لا مستقبل لهم، ولا لأولادهم".
وذكر أنه وفي الاقتحامات السابقة أصر الاحتلال، وفي كثير من المرات، على اقتحام المدينة والمخيم أوقات دوام المدارس، وحاصر الطلاب داخل مدارسهم، ولساعات طويلة "وكنّا نحاول التنسيق لإخراج الطلبة من مدارسهم، مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والارتباط الفلسطيني".
ولم يقتصر الأمر على الاحتجاز داخل المدارس -حسب المحافظ- بل أطلق جنود الاحتلال الغاز المسيل للدموع على كثير من المدارس، واقتحموها، كما حدث بمدرسة قباطية الأساسية جنوب جنين، وأطلقوا الرصاص الحي صوب مدارس أخرى أثناء وجود الطلبة فيها، وجرَّفوا الشوارع المؤدية لبعض المدارس، كما جرى في الحي الشرقي بجنين.
إعلانوقد قتلت إسرائيل خلال عملية "السور الحديدي" المستمرة حتى الآن 3 طلاب في محافظة جنين وحدها، آخرهم إسماعيل أبو غالي (17 عاماً) الطالب بالمرحلة الثانوية، بعد محاصرة منزل في الحي الشرقي من المدينة.
وكان صادق الخضور، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم بفلسطين، قال في تصريح صحفي إن هناك تزايدا في نسبة "الفاقد التعليمي" بشكل مقلق في عدد من مدارس مدن شمال الضفة، وإن العملية التعليمية خسرت 15 يوما تعليميا في الفصل الدراسي الأول بفعل انتهاكات الاحتلال.
وأوضح الخضور أن نحو 90 مدرسة من مدارس طولكرم وجنين تحول الدوام فيها إلى النظام الإلكتروني (عن بُعد) لافتا الى أن الوزارة كانت تخطط لاستثمار عطلة بين الفصلين لصالح تعويض الطلبة "لكن عدوان الاحتلال عطَّل خطة التعويض".
ولا يقتصر "الفاقد التعليمي" -حسب الخضور- على ما يفوت الطلبة من حصص، بل هناك تداعيات نفسية تقع على الطلبة والمدرسين لا يمكن إهمالها، ومواد تعليمية يصعب إنجازها، وخاصة لدى طلبة الصفوف الأساسية، وأن التعطيل المتكرر للدوام يفقد الطلبة جزءا كبيرا من المادة التعلمية التي يجب إنجازها.
وأكد الخضور أن اللجوء للتعليم الالكتروني في بعض المدارس خلال الظروف الراهنة "غير مجد" لكنه "الخيار الوحيد المتاح حاليا ولا بديل عنه".
ووفق مصادر للجزيرة نت، توجد خلافات بالحكومة الفلسطينية حول عودة الدوام الوجاهي للطلبة بجنين، إذ تحاول وزارة التربية إصدار بيان لعودة الدراسة خلال الأسبوع القادم، وفق برنامج طوارئ وبواقع 3 أيام أسبوعيا في حين يعارض المحافظ خشية على سلامة الطلبة خاصة في ظل الاقتحامات المستمرة.