البوابة نيوز:
2024-07-03@13:17:35 GMT

بدون كافيين.. بعض غد جميل كان ابن حاضر مزعج

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

هذا الصباح استطاعت فيروز أن تخطفني من أفكار كثيرة كنت أسيطر عليها بهدوء فنجان قهوة سادة لطيف الوطأة. تأتي عادة بداية اليوم بالكثير من الأفكار حول ما ستفعله طوال اليوم. أنت الآن على وشك أن ترتدي ملابسك وتبدأ محاولتك اليومية لتغيير العالم كما تريد. هذا ما يعنيه فنجان قهوة الصباح. حين تقتحم فيروز هذه العلاقة بينك وبينه بصوتها: "فيه أمل.

إيه فيه أمل.. أوقات بيطلع من ملل.." حينها تبدأ في التفكير أكثر في هذا الأمل الذي يسكن الملل من حولك. 

  تبدأ في التفكير في تيمة هذا الإبداع الذي يولد من رحم المعاناة. ليس بمعنى أن كل إنسان عاش حياة صعبة هو بالضرورة مبدع يقدم إبداعه حين تدفعه لذلك مأساة. إنما أعني معنى أن الحياة العادية تقدم لك كل لحظة أملًا من ملل. ترى هل يوجد ذلك بالفعل؟ وهل مشكلة رؤيتنا له تكمن في أننا لا نجيد الرؤية أم حثًا لأنه يجيد الاختفاء؟ أم هو حق غير موجود والأمل هو مجرد إرادة تتكون في أعماقنا تدفعنا لأن نفعل أفعالًا تغير الحياة؟!

 إن الحياة في واقعها قابلة للتغير في كل شيء وكل وقت. تتجاوب مع العقل البشري بطريقة فريدة تجعله حين تسكنه الشجاعة يبادلها سجالًا بسجال في سعي كل منهما لتغيير الآخر. الحياة تخضعك لقوانينها، فمن قبلك صاغوا قوانين سارت بها حتى اليوم، وأنت تستطيع أن تضع قوانينك لكنك لا تستطيع أن تجعلها قوانين الحياة حتى تجعلها تساير قوانينك وتحقق بها التغيير الذي يسعى له الآخرون.

رأينا ذلك في لحظات مضيئة من الحياة. احتل رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل منصبه في ظروف صعبة تمر بها بلاده. لم تكن كل قراراته قرارات يتفق عليها العالم، لكنه بلا شك قدم نموذج حكم أفضل من ذلك الذي قدمه نظراؤه في أوقات الرخاء. رغم أنه كتب في مذكراته عن لحظات ضعف كادت توقعه إلا أنه حولها بذكاء للحظات قوة، وظل حتى آخر أيام حياته يتألم بسبب التضحيات بأشخاص اضطر للتضحية بهم بسبب ضرورات القرار السياسي الصحيح. كان يمارس الرسم كي ينظم عقله أولًا قبل الشئون التي يحكمها. وحين وضعت صورته على عملة اختاروا من جمله جملة استغرب لاختيارها الكثيرون، إذ عبرت عن الضعف أكثر مما عبرت عن القوة.. ربما أرادوا تقديم إنسان وصل للقمة، والضعف هو الإنسان. الجملة كانت "ليس لدي ما أقدمه سوى الدم والدموع والعرق". فهل جاء الأمل من الملل لتشرشل؟!

 إن الحياة الجميلة التي يركض حولها الجميع أملًا. يجدها الكثيرون حين يفقدون الأمل في البحث عنها. ويترجم ذلك بعض الفلاسفة بأن الرضا هو السعادة. أظن هنا أن الإنسان يملك كل ما يريد لكنه لا يجبد رؤية ما يملك. لذا حين يقرر اختيار الرضا فإنه يفاجأ بما يملك في حركة هادئة. لا تنسى أن القارب يغرق حين يشتد التيار ويسير نحو وجهته حتى لو كانت الأمواج ساكنة إذا استخدمت مجدافًا. أليس هذا هو الرضا؟! عواصف الإحساس المبالغ فيه غير باقية وترفع سقف توقعاتك حين تنتهي. وتصيبك بالإحباط حين لا تعود. فهل يكون هنا الأمل من الملل هو الرضا؟!

كانت أمي ترى دائمًا أن المشاكل ليست مصممة لأحد بعينه، هي موجودة على الدوام لأن وظيفتنا أن نأتي إليها ونقدم الحل. نحن لا نختص بتقديم المشكلة بل بتقديم الحل. كان هذا رأيتها الشخصي وأحسبها من الأشخاص الذين تعاملوا مع الحياة في مستوى أعمق إلى حد كبير. لذا يوجد الأمل في داخلك فلا تعطي الملل حولك أكبر من حجمه في قدرته على القضاء على أمل لا يملك إيجاده أو إفنائه. أنت هذا الذي يتحكم في عجلة القيادة لكن عليك أولًا أن ترى الطريق. وهو ما أحب قوله لطلبتي دائمًا بعبارة: "املأ عقلك الأول وهو هيحرك إيديك ورجليك بعدها ناحية هدفك". الآن سأكمل قهوتي وأسمع فيروز مرة أخرى. 

*أستاذة بقسم الإعلام – آداب المنصورة

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فيروز رحم المعاناة

إقرأ أيضاً:

حكاية وعاء الديمقراطية الفارغة / هبة عمران طوالبة


حكاية #وعاء_الديمقراطية_الفارغة

بقلم هبة عمران طوالبة
رحلةٌ في الظلام في قريةٍ نائيةٍ، عتيقةٍ كأنّها طُبعتْ على صفحاتِ التاريخ، عاشَ شعبٌ بسيطٌ يُحلمُ بديمقراطيةٍ حقيقيةٍ تُنيرُ دروبَهُ وتُرشدُهُ نحوَ مستقبلٍ زاهرٍ. كانَ أملُهم عظيمًا، لكنّ الواقعَ كانَ مُرًّا. فالديمقراطيةُ في قريتهم لم تكن سوى وعاءٍ فارغٍ، فاقدٍ للمحتوى، لا يُسْتَفَادُ منهُ سوى في خطاباتٍ رنانةٍ تُخفي وراءَها خُواءً عميقًا. فوضى عارمة: سيطرَت الفوضى على القريةِ، فكلٌّ يسعى لتحقيقِ مصالحهِ الشخصيةِ على حسابِ المصلحةِ العامة. غابَ القانونُ وسيّدتْ لغةُ القوةِ، وباتَ الفسادُ مُستشريًا في جميعِ مفاصلِ الدولة نخب مُتَحَكّمة: تحكّمتْ نخبٌ مُتَسلّطةٌ في مقدراتِ الشعبِ، مُستغلّةً جهلهُ وفقرهُ لتحقيقِ رغباتها. لمْ تُكَلّفْ هذه النخبُ نفسها عناءَ ملءِ وعاءِ الديمقراطيةِ، بلْ آثرتْ تركهُ فارغًا، لِيُصبحَ أداةً في يدها تُستخدمُ لقمعِ المعارضةِ َهيمنتها على السلطة. دين مُسيّس وتحتَ ستارِ الدينِ، لعبَ بعضُ الساسةِ دورَ المُحرّكينَ، مُستغلينَ مشاعرَ الناسِ الدينيةَ لتحقيقِ أهدافٍ سياسيةٍ ضيقةٍ. زُرعتْ بذورُ التفرقةِ والكراهيةِ بينَ أبناءِ القريةِ، وفُتحتْ أبوابُ الصراعِ على مصراعيهِ. شعلةٌ خافتة: وسط هذا الظلامِ الدامسِ، بقيتْ شعلةُ الأملِ خافتةً، تُمثّلُها مجموعةٌ من الشبابِ المُثقّفينَ الذينَ آمنوا بِمبادئِ الديمقراطيةِ الحقيقيةِ. مسيرةٌ شاقة ناضلَ هؤلاءِ الشبابُ بِشجاعةٍ ودون كللٍ أو مللٍ، مُحاولينَ إيقاظَ وعيِ الشعبِ وكسرَ قيودِ الخوفِ والتبعيةِ. واجهوا مُقاومةً عنيفةً من قبلِ النخبِ المُتَسلّطةِ، لكنّهم لمْ ييأسوا، بلْ واصلوا مسيرتهم بِإصرارٍ وعزيمةٍ.بصيصُ أمل وبعدَ صراعٍ طويلٍ وشاقٍ، بدأتْ بوادرُ التغييرِ تظهرُ. اتّحدَ الشعبُ معَ الشبابِ المُثقّفينَ، ورفضَ الخضوعَ للقمعِ والاستبداد. وعاء يبدأ بالامتلاء: مع ازديادِ وعيِ الشعبِ وتضامنهِ، بدأَ وعاءُ الديمقراطيةِ الفارغُ بالامتلاءِ شيئًا فشيئًا. قيمٌ مثلُ الحريةِ والعدالةِ والمشاركةِ بدأتْ تُنيرُ دروبَ القريةِ، وتُعيدُ الأملَ إلى قلوبِ أهلها لا تزالُ رحلةُ القريةِ نحوَ الديمقراطيةِ الحقيقيةِ في بدايتها. لكنّ بصيصَ الأملِ يُشيرُ إلى أنّ المستقبلَ يحملُ معهُ إمكانيةَ التغييرِ والتحرّرِ من براثنِ الظلامِ.

مقالات مشابهة

  • حزب الاتحاد: التشكيل الحكومي الجديد يضم كفاءات وطنية وخبرات كبيرة وعليها تحقيق الرضا الشعبي
  • هل ينجح مسلسل فول آوت في إعادة اللعبة إلى الحياة؟
  • حكاية وعاء الديمقراطية الفارغة / هبة عمران طوالبة
  • الليلة.. ميرنا جميل ضيفة برنامج "كلاكيت" مع لينا الطهطاوي
  • د. محمد حجازي يكتب: ثورة 30 يونيو بين حاضر ومستقبل أمة
  • “عبداللطيف جميل للسيارات” تطلق لاند كروزر برادو الجديدة كليًا في المملكة العربية السعودية 
  • رويترز: نازحو لبنان بدون عمل ويعانون ظروفا قاسية ويتمنون انتهاء الحرب
  • هذا ما قاله مبابي عن تجربة اللعب بالقناع في يورو 2024
  • شعبة الأدوات الصحية تطالب الحكومة الجديدة بدعم المشروعات الناشئة والإعفاءات الضريبية والجمركية
  • النشيد الإسرائيلي كمرآة لبغض وحقد مُتجذِّر