أليكسى نافالنى، ويفجينى بريجوجين، روسيان لكل منهما فلسفة، وطريقة تعامل مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وإيديولوجية خاصة بـالتمرد على سيد الكرملين.
نافالنى الشاب المتحمس، نال أرضية من معارضته للرئيس الروسى، بينما بريجوجين قائد قوات فاجنر، اكتسب بعض الإعجاب من إخضاع كبار قادة وجنود لنفوذه، ووسع إمبراطوريته داخل الجيش الروسى حتى وصلت أدغال أفريقيا،وكل من الثنائى كان يمثلًا خطرًا على الزعيم الروسى بأفكاره وطموحه وسلاحه!
لم يختلف الثنائى نافالنى وبريجوجين فى العداء لـبوتين وإنما اختلفا فى الهدف وطريقة الموت التى اختارها بوتين لهما، وتشابه نجاح بوتين فى النهاية الدراماتيكية بالتخلص منهما.
و بصرف النظر عن مقتل نافالنى بفعل فاعل فى السجن أو من تداعيات مرضه أو دخوله فى حالة يأس واكتئاب وقطع وريده ووفاته كما يشاع، وهى تحليلات صعب الاقتناع بها، وفى النهاية الهدف إسكات صوته والتخلص من ضجيجه المزعج لقيصر روسيا الطامح لإحياء المجد الضائع للإمبراطورية السوفيتية، لدرجة أنه كان – وما زال بوتين- ينزعج من ذكر اسمه على لسانه فى السر أو العلن، داخل الكرملين حيث الاجتماعات السرية أو المؤتمرات والجلسات على الهواء، ما يؤكد مدى الغضب والاحتقان من خطوة نافالنى التى «شوشرت» على السياسة الروسية بدءًا من تسميمه بغاز الأعصاب» نوفيتشوك» شبه المميت فى لندن وحتى عودته لبلاده بخاطره والقبض عليه فى طائرة العودة!
إيدلوجية نافالنى تختلف عن بريجوجين، فالأخير براجماتى نفعي، لا يفهم إلّا لغة السلطة والنفوذ والمال، وغبائه السياسى أودى بحياته، لعبت شيطنة هذه « الماديات» فى عقله وأوصلته لـ«هذيان»،متمردًا علنًا على وزارة الدفاع الروسية فى عز الحرب على الأوكران، والرئيس الروسى نفسه الذى كان يومًا طباخًا له، وزاغ بصره من زهو كرسى الرئاسة لقربه منه بقصر بوتين فـ منّى النفس بالجلوس عليه يومًا حالمًا باستعادة الإمبراطورية الروسية مثلما كان يخطط تحت مظلة القيصر!
عمل نافالنى بالمحاماة جعله أكثر ذكاءً وتفوهًا بالخطابة والقدرة على جمع مناصريه حوله خاصة مع صراخه بالفساد المستشرى فى البلاد وكيفية التخلص منه.
ربما كان نافالنى برومانسيته وحبه لبلاده مغامرًا بالعودة للوطن، يراهن على مريديه وكسب مزيدًا من الأرضية وسحب البساط من تحت أقدام المخضرم العجوز، فانفض من حوله أغلب مناصريه فى ظل الغلاء والبحث عن لقمة العيش،وهو رهان تنقصه الحنكة مع القبضة الحديدية لبوتين على مقاليد الحكم،والتى تزيد مع استقطاعه أرض الجار الأوكرانى، فلاصوت يعلو على صوت المعركة، وكان سببًا فى إحجام مناصريه للخروج بكثرة بعد وفاته واعتقال العشرات شاركوا فى رمزية تكريمه بالورود، مثلما مُنع أنصاره فى حياته من مسيرات احتجاجية من شرطة مكافحة الشغب.
نافالنى عكس بريجوجين لم يخسر بموته حتى «الصامتون «مؤمنون بأفكاره ورؤيته وينتظرون وقت التحرر من حكم الرجل الأوحد، وستحمل زوجته «يوليا» لواء النضال بعد أن تعهدت فى كلمات مؤثرة لمحبيه لتعويض مافات إذ قالت:
سأواصل عمل نافالنى معكم من أجل بلادنا، وأدعوكم إلى الوقوف بجانبى.. ليس مخجلًا أن نفعل القليل، بل المخزى ألّا نفعل شيئًا، من المخزى أن ندع أنفسنا نخاف..!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نافالني تسلل أليكسي نافالني
إقرأ أيضاً:
مشروع إم بريدج على المحك.. تحول مفاجئ في حروب بوتين المالية
جاء انسحاب بنك التسويات الدولية من مشروع "إم بريدج" الذي أُطلق في 2021، والذي كان يهدف إلى تسريع التحويلات المالية الدولية باستخدام العملات الرقمية، رغم النجاح التقني للمشروع، ليعكس التعقيدات السياسية حول استخدام نظام مالي بديل قد يصبح تحت السيطرة الصينية.
وجاء في تقرير لمجلة "إيكونوميست" ترجمته "عربي21"، أن إطلاق بنك التسويات الدولية مشروع "إم بريدج" في 2021 صاحبته ضجة وتوقعات كبيرة؛ حيث قال البنك إن النظام الجديد، الذي كان يعمل على تطويره مع الصين ودول أخرى، سيستغل قوة العملات الرقمية وموثوقية البنوك المركزية لجعل التدفقات المالية الدولية أسرع وأبسط وأرخص، لكن البنك انسحب مؤخرًا بهدوء من المشروع في ظل ضجة جيوسياسية.
وحسب المجلة، فإن انسحاب البنك من المشروع يشير إلى السياسات عالية المخاطر التي تحيط بـ"إم بريدج"؛ حيث تجري تجربته من قبل العديد من البنوك المركزية لإجراء المعاملات عبر الحدود باستخدام العملات الرقمية المدعومة بالعملات التقليدية، بينما يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استغلاله كنموذج لإنشاء نظام "جسر بريكس".
وأضاف التقرير أن ذلك من شأنه أن يمكّن روسيا من الالتفاف على العقوبات المالية التي تفرضها الولايات المتحدة من خلال تجاوز الدولار والنظام المصرفي الأمريكي، ومما يزيد المخاوف بشأن "إم بريدج" أن الصين هي الشريك التكنولوجي الرئيسي في المشروع، وهي المسؤولة عن ترميزه وبرمجياته.
وقد أدت رغبة بوتين في محاكاة نظام "إم بريدج" إلى تزايد الأصوات الغربية التي تشعر بالإحباط تجاه مشاركة بنك التسويات الدولية في المشروع. وقد أكد أغوستين كارستنز، المدير التنفيذي لبنك التسويات الدولية على أن "إم بريدج" لم يتم إنشاؤه لتلبية احتياجات دول البريكس، لكن من الصعب -وفقا للمجلة- تجاهل توقيت انسحاب بنك التسويات الدولية من المشروع، أي بعد أسبوع فقط من قمة البريكس.
برنامج فعّال
وتمت تجربة نسخة أولى من منصة "إم بريدج" في سنة 2019، وحتى الآن يتم تطوير المشروع الذي يهدف إلى جعل المدفوعات عبر الحدود أسرع وأرخص، وذلك بالاشتراك مع "مركز الابتكار" التابع لبنك التسويات الدولية والبنوك المركزية في الصين وهونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة وتايلاند، وقد انضمت المملكة العربية السعودية إلى المنصة في حزيران/ يونيو، عندما ذُكر أن منصة "إم بريدج" قد وصلت إلى مرحلة "منتج بالحد الأدنى من المقومات" (MVP).
وقال مسؤول إماراتي الأسبوع الماضي إن منصة "إم بريدج" قامت منذ ذلك الحين بتسوية مئات المعاملات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وأن حجم معاملات الإمارات على المنصة قد ارتفع بأكثر من الثلث خلال الشهر الماضي.
وأكد تقرير المجلة أن المشروع كان ناجحًا من الناحية الفنية بشكل ملحوظ؛ فقد تمكن من اختصار زمن المعاملات من أيام إلى ثوانٍ، وتقليص تكلفتها الهامشية إلى ما يقرب من الصفر، لكن هذا النظام المالي العالمي مهدد بسبب التجاذبات السياسية، حيث يشكل للعديد من الدول فرصة لتجنب التعامل مع البنوك الأمريكية بعد أن استخدمت الولايات المتحدة سلاح العقوبات المالية ضد روسيا ردا على اجتياح أوكرانيا.
مستقبل المشروع
أكد التقرير أنه بينما كان بوتين يضغط الأسبوع الماضي على دول البريكس لإنشاء نسخة مشابهة لنظام "إم بريدج"، كان مسؤولو بنك التسويات الدولية يواصلون الترويج للمشروع في بكين خلال مؤتمر سنوي استضافته شبكة سويفت، وهي شبكة يستخدمها حوالي 11,000 بنك للمدفوعات عبر أنحاء العالم.
وفي واشنطن، كان مسؤولو بنك التسويات الدولية في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يستطلعون الآراء حول ما إذا كان ينبغي عليهم إغلاق هذا المشروع المثير للجدل، لكن ذلك لم يكن ممكنًا فعليًا لأن المشروع مملوك بشكل مشترك بين بنك التسويات الدولية وخمسة بنوك مركزية أخرى، لذلك انسحب بنك التسويات الدولية من المنصة وترك بقية الأطراف "لمواصلة العمل عليها بأنفسهم"، وفق تعبير كارستنز.
واعتبر التقرير أن قرار بنك التسويات الدولية بالانسحاب من منصة "إم بريدج" يعد خسارة لمحافظي البنوك المركزية الغربية القلقين من فقدان نفوذهم على النظام المالي العالمي، حيث أن انسحاب بنك التسويات الدولية سيحدّ من انضمام أعضاء جدد للمنصة.
وقالت اللجنة التوجيهية للمنصة إن فريق المشروع "لا يزال ملتزمًا به تمامًا" وسيواصل الجهود الرامية إلى تطوير المنصة من مرحلة "منتج بالحد الأدنى من المقومات" إلى مرحلة "الإنتاج الكامل".
ويعتقد جوش ليبسكي، من مركز أبحاث المجلس الأطلسي، أنه من المحتمل أن تصبح منصة "إم بريدج" الآن تحت قيادة صينية بالكامل، مع شفافية أقل من ذي قبل؛ حيث استثمرت الصين الكثير في هذا المشروع ولا يمكنها أن تتخلى عنه بسهولة.
وأكدت المجلة في ختام التقرير أن استمرار نظام "إم بريدج" بعد انسحاب بنك التسويات الدولية يؤكد حاجة البنوك المركزية الغربية للتوصل إلى بديل أفضل للنظام الحالي، على أن يوفر هذا البديل مزايا التعامل بالعملات الرقمية مع الحفاظ على قابلية إنفاذ العقوبات.