د. أيمن الرقب يكتب: محاكمة الاحتلال
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
فى البداية، يجب أن نميز بين المرافعات السابقة ومرافعة مصر التاريخية، وبين مرافعة أو دعوى جنوب أفريقيا، لأن دعوى جنوب أفريقيا كانت تعرض موضوع الإبادة الجماعية فى قطاع غزة من قِبل الاحتلال، وتبعات ذلك، كما أن الاحتلال وافق أن يحضر جلسة المرافعة فى ما يخص موضوع الإبادة الجماعية فى القطاع أمام محكمة العدل الدولية، لذلك لا بد أن تكون هناك ردود فعل خلال الفترة المقبلة حول التدابير التى طلبتها محكمة العدل الدولية، وهذا غير مرتبط كما أشرنا بالمرافعات الجديدة، والتى شاركت مصر بمرافعة منها، كما ذكرنا أنها تاريخية.
واستعرضت مصر خلال المرافعة كل قرارات الشرعية الدولية التى نصّت على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية وإجراءات الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى، وحتى قرارات شرعنة الاحتلال عام 1947 التى بناءً عليها أنشئت دولة الاحتلال، والتى تغوّلت على الشعب الفلسطينى لاحقاً، واحتلت أرضه عام 1948، مما منحها قرار التقسيم، كما اشتملت الكلمة والمرافعة المصرية على سلوك الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى، من قتل وتجويع ومجاعة حدثت من الاحتلال فى الأراضى الفلسطينية منذ عام 1948، وسرقة حقوق الشعب الفلسطينى.
مثل هذه المرافعات عندما تأتى من دولة مثل مصر لها ثقل كبير جداً فى المنطقة، يكون لها صدى واسع جداً، كما أن مصر وضعت خارطة الطريق ليس فقط لاستعراض القرارات، واستعراض جرائم الاحتلال، بل أيضاً بمطالبات إعادة الحقوق للشعب الفلسطينى، فوضعت مصر خارطة طريق تبدأ وتنتهى بقيام الدولة الفلسطينية وتعميم السلام فى المنطقة بشكل كامل، كما أن مرافعة مصر اليوم تعتبر وثيقة مهمة وليست مجرد كلمة مرافعة.
مطلوب فى الخطوات القادمة من محكمة العدل الدولية كما هو معروف أن تستمع إلى باقى المرافعات، ثم تقوم برفع هذه المرافعات بشكل كامل بفتوى كاملة حول شرعية الاحتلال وسلوكه ضد الشعب الفلسطينى فى الأراضى المحتلة عام 1967، وبالتالى هذه مرحلة من مراحل مقارعة الاحتلال والطعن بشرعيته فى الأمم المتحدة، وعلى محكمة العدل الدولية بعد أن تستمع إلى كل هذه الفتاوى أن ترد القرار إلى الأمم المتحدة، التى بدورها سترد بقرارها إلى مجلس الأمن لإصدار قرار ضد الاحتلال الإسرائيلى.
وأضاف: نحن نطالب بأن يُبنى على ذلك انسحاب الاحتلال من الأراضى المحتلة عام 1967، بما فيها القدس وقيام الدولة الفلسطينية كأقل حق للشعب الفلسطينى، ومطالبة الاحتلال بتعويض عن كل السنوات التى سرقت خلالها ممتلكات هذا الشعب، وفض كل المستوطنات من الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، لذلك نحن بالفعل أمام مراحل مهمة جداً لمقارعة ومحاكمة الاحتلال قد يُبنى عليها لاحقاً ضغط دولى للوصول إلى قيام الدولة الفلسطينية.
على مدار فترة الحرب الأخيرة، قدّمت جمهورية مصر، دولة وشعباً، الدعم المعنوى والإعلامى والمادى للشعب الفلسطينى، فكان الموقف المصرى منذ اللحظات الأولى للحرب داعماً للرواية السردية الفلسطينية، ورافضاً للرواية الإسرائيلية، وفتحت مصر كل منصاتها الإعلامية للدفاع عن الموقف الفلسطينى، محمّلة العدو الإسرائيلى مسئولية أحداث السابع من أكتوبر نتيجة الحصار المتواصل على الشعب الفلسطينى والاعتداء على الشعب الفلسطينى ومقدساته دون الاستماع إلى كل النداءات التى طالبت الولايات المتحدة الأمريكية بكبح جماح المتطرفين الذين يحكمون فى تل أبيب، مما أوصل الأمور إلى حد الانفجار.
جمهورية مصر العربية أصرت على عقد مؤتمر للسلام هدفت منه إلى تذكير الموقف العربى والدولى بضرورة وقف الحرب وطرح أفكار جديدة تفتح آفاق عودة الأمل إلى عملية السلام على أساس حل الدولتين، ورغم فشل المؤتمر نتيجة تباين مواقع المشاركين الغرب، فإن بيان الرئاسة المصرية كان بمثابة بيان ختامى للمؤتمر، وقد كان البيان شديد اللهجة وحمّل الاحتلال مسئولية جرائم الإبادة الجماعية فى قطاع غزة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين غزة محكمة العدل الدولية الإحتلال الدولة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
تقرير جديد: أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مارست عشرات الانتهاكات بالضفة
سجلت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية عدد 207 انتهاكات على يد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وذلك خلال فبراير/شباط الماضي وحده، وتنوعت بين اعتقال واستدعاء ومداهمة، إضافة إلى ملاحقة عناصر المقاومة في إطار التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي.
ورصد التقرير الصادر عن فبراير/شباط عشرات حالات الملاحقات وقمع المظاهرات، وأكثر من 90 حالة اعتقال، و20 مداهمة للمنازل وأماكن العمل، بالإضافة إلى حالات إطلاق نار مع المقاومين ومحاكمات تعسفية واستدعاء.
وأشار إلى أن هذه الانتهاكات تأتي في إطار التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال الإسرائيلي، وتركزت حملات الاعتقال في جنين وطوباس ونابلس، وشملت عشرات الأسرى المحررين والمعتقلين السياسيين السابقين وطلبة جامعات، بالإضافة إلى أكثر من 20 مطاردا من قبل جيش الاحتلال.
وتعد لجنة أهالي المعتقلين السياسيين نافذة للتواصل مع عائلات ذوي المعتقلين، وتوثق كل حالة اعتقال ميدانيًا أو ما يتم التبليغ عنه أو ما يتم رصده عبر وسائل الإعلام، وتصدر تقارير دورية تشمل التحديثات الأسبوعية والشهرية، كما أن اللجنة تتواصل مع محامين وحقوقيين لمواجهة هذه الانتهاكات والتصدي لها قانونيًا للضغط على أجهزة السلطة لوقف هذه الانتهاكات.
ويقول المتحدث باسم اللجنة "إن ما نحصيه لا يمثل كل الحالات، فهناك اعتقالات واستدعاءات لا نستطيع رصدها لعدة أسباب، منها خوف الأهالي من التبليغ نتيجة تهديدات أجهزة السلطة، أو لا تتعرف اللجنة على تفاصيل الانتهاكات إلا بعد أيام من حدوثها".
وأضاف -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن هذه الانتهاكات تأتي في سياق مرتبط بالعمليات التي شنتها أجهزة السلطة على مخيمات الضفة الغربية، وتحديدا في مدينة جنين ومخيمها، حيث شهدت المحافظة أعلى نسبة من الاعتقالات والانتهاكات، كما ترتبط هذه الحملات بمحاولة إخماد الأصوات المعارضة لسياسات السلطة وتنسيقها الأمني المتواصل مع الاحتلال من أجل استهداف المقاومين والمطاردين من قبل قوات الاحتلال.
إعلانوبشأن التنسيق الأمني، أشار المتحدث باسم لجنة المعتقلين السياسيين إلى أن أجهزة السلطة تترصد بعض المقاومين الذين خرجوا من المخيمات خلال العمليات الحالية التي تشنها قوات الاحتلال و"هذا ما شاهدناه من خلال حملات الاعتقال التي أجرتها أجهزة السلطة وبثتها على مواقع التواصل المختلفة وهي تهين وتعتقل مطاردين للاحتلال".
وتعليقا على التقرير الصادر من قبل لجنة أهالي المعتقلين السياسيين، قال المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم إن "تصاعد الاعتداءات من السلطة تزامن مع تصاعد العدوان الصهيوني على الضفة، وحتى أن النسبة الأكبر من اعتداءات السلطة تقع في الأماكن الأكثر عرضة لهجمات الاحتلال مثل جنين".
وعن موقف حماس من هذه الانتهاكات، قال قاسم في مقابلة مع الجزيرة نت "للأسف ما تمارسه الأجهزة الأمنية للسلطة ضد المقاومين يتقاطع تماما مع السلوك والأهداف الإسرائيلية، وهو أمر خارج عن الفهم الوطني والأخلاقي".
وأضاف المتحدث باسم حماس أنه على كل القوى الوطنية التحرك الجاد لوضع حد لهذا "التغول من الأجهزة الأمنية ضد أبناء شعبنا ومقاومته، ومنعها من زيادة الشرخ" في الحالة الفلسطينية.
قد تصوغ السلطات الأمنية في السلطة الفلسطينية هذه الاعتقالات بحجج قانونية تستند إليها في ممارسة هذه الانتهاكات، وبالتالي لا تمثل -حسبها- خرقا للقانون العام الفلسطيني، ولكن القانونيين لهم رأي آخر.
فرئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي يقول إن "اعتقال المقاومين أو إطلاق الرصاص عليهم يعد تجاوزا لكل الأعراف والمواثيق الدولية، إضافة إلى مخالفة القانون الفلسطيني والأعراف الوطنية، ويؤسس لتغييب مبدأ سيادة القانون ويرسخ ثقافة الانقسام ويهتك النسيج الاجتماعي ويدفع إلى هز أركان السلم الأهلي".
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أضاف عبد العاطي أن المطلوب لمنع هذه الانتهاكات هو ضمان فتح تحقيق في كل هذه الانتهاكات، وإعلان نتائجها، بالإضافة إلى المحاسبة على هذه الانتهاكات الجسيمة أمام القضاء الفلسطيني، باعتبار أن هذه الانتهاكات وفقا للقانون الأساسي الفلسطيني لا تسقط بالتقادم وينبغي أن يتم إيقافها.
إعلانأما أستاذ القانون الدولي بالجامعة العربية الأميركية رائد أبو بدوية فأشار إلى أن التقارير الصادرة عن المؤسسات الحقوقية تؤكد وجود حالات انتهاك بحق المقاومين، خاصة انتهاك حقوقهم في السلام الجسدي عبر ممارسة بعض أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي داخل مراكز الاعتقال في الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
واعتبر أبو بدوية هذه الانتهاكات نوعا آخر يتمثل في انتهاك حرمة الحق في الحرية، سواء عبر الاعتقال من دون أي مسوغ قانوني أو حتى الاستدعاء أو الاحتجاز لفترات مؤقتة، إضافة لحرمة اقتحام المساكن التي أوجب القانون الفلسطيني عدم مداهمتها إلا من خلال أمر قضائي بالتفتيش.
وأشار أستاذ القانون الدولي -في مقابلة مع الجزيرة نت- إلى أن ذلك يمثل انتهاكا واضحا للقانون الفلسطيني، وأن السلطة الفلسطينية تحاول أن تلبس هذه الممارسات شكلا من أشكال القانون عبر توجيه تهم مثل إثارة النعرات وحمل سلاح بلا ترخيص و"لكن من الواضح جدا أن هناك حالة من التغول والسيطرة من قبل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية".
يُذكر أن قوات الأمن التابعة للسلطة في رام الله شنت حملة سمتها "حماية وطن" في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بهدف نزع سلاح المقاومين الفلسطينيين في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، والذي يقع تحت سيطرتها ضمن المنطقة (أ) بموجب اتفاق أوسلو عام 1993.
كما شنت قوات الاحتلال عدة مداهمات واقتحامات لمخيمات الضفة، منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، أي بعد يومين فقط من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل حيز التنفيذ، وذلك بعد عدوان شنّه جيش الاحتلال استمر نحو 15 شهرا على القطاع الفلسطيني المحاصر.