مفاجآت الدبلوماسية المصرية
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
انا واحد من الناس -وغيري الكثير- ممن عبروا عن أملهم في إعلان موقف مصري يتقدم الموقف العربي تجاه تطورات الحرب على غزة، وأن يعلو صوت هذا الموقف ليصل قويا في الأفاق.
منذ بداية الأزمة في اكتوبر الماضي التزمت القاهرة موقفا هادئا ورزينا وبالغ العقلانية رغم التجاذبات ورغم التساؤلات ورغم ورغم.. الخ. لم تنسق مصر وراء المهاترات ووراء التشنجات، ولكنها في المقابل أيضا لجأت الى ما يمكن اعتباره مخزونا للحكمة حتى كاد أن ينفد.
ولكن يبدو -كما يقال- أن للصبر حدودا، وعلى هذا كان موقف مصر الأخير المتمثل في التقدم بمذكرة لمحكمة العدل الدولية بشأن الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
صحيح أنه من منظور البعض، ربما جاء متأخرا لكن المثل أيضا يقول أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي على الإطلاق. وربما أيضا من منظور هذا البعض وغيره ربما تكون النتيجة، سياسيا وقانونيا، محدودة، ولكن المبادرة بالفعل ذاتها تستحق التنويه والإشادة في ضوء دلالاتها على موقف مصر الذي حاول كثيرون النيل منه على خلفية تطورات الأزمة. وهي محاولة للأسف ساهم فيها العدو -إسرائيل- ذاته الذي عملت القاهرة على انتشاله من الأزمة بإيجاد حلول تنهي المأساة الحاصلة في غزة، فراح يتهمها امام محكمة العدل الدولية بأنها هي التي تمنع وصول المساعدات إلى أهالي غزة. تصور!!
وبعيدا عن مضمون المرافعة الشفوية التي من المفترض أن تكون مصر قد قدمتها أمس أمام محكمة العدل الدولية بعد كتابة هذه السطور، فإنه وبغض النظر عن مسار الأمور بعد ذلك، فقد سجلت القاهرة موقفا جيدا باعتبارها أول دولة عربية تقوم بهذا الأمر، فضلا عن خصوصية وضعها كأول دولة تنخرط في علاقات سلام مع اسرائيل. ويتعزز هذا الجانب في ضوء حقيقة قوة المذكرة التي قدمتها مصر وتتضمن التأكيد على عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وكذلك سياسات ضم الأراضي وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، بالمخالفة للقواعد الآمرة للقانون الدولي العام، ومنها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحظر الاستيلاء على الأراضي من خلال استعمال القوة المسلحة».
واذا كان المجال ليس للتفاخر، كما هو ليس وقتا لجلد الذات، فإن الظروف تحتم على مصر اتخاذ موقف يتجاوز الهدوء الى الحزم بعد ان أصبح الحريق على الأبواب في ظل نوايا اسرائيلية بشن عمليات على رفح، دون الاستماع لصوت الحكمة والعقل الذي تدعو اليه مصر باعتبار التأثير البالغ الخطورة والسوء لتلك الخطوة على الأمن القومي المصري في ضوء ما يحيط بتلك العملية من احتمالات هجرة قسرية للفلسطينيين الى سيناء.
أيا كان فإن الدبلوماسية المصرية تتحرك في بحار متلاطمة الأمواج، وهو ما يفرض عليها التأني والحكمة ومراعاة التوازنات الدولية بل والإقليمية، وهو ما يعني أن المذكرة المصرية أمام محكمة العدل الدولية، ربما لا تكون سوى قطرة في بحر من الإجراءات التي ربما يجب علينا المبادرة باتخاذها، في ظل القيود والتشابكات التي تعيق الإقدام على مزيد من العمليات التي يفرض الواقع الراهن المبادرة بسلوكها.
غير أننا في تطلعنا الى مواقف الدبلوماسية المصرية نأمل أن تنحاز للمواقف التي تليق بقامة مصر وتاريخها.. فمصر ليست مجرد رقم في المنطقة وإنما رقم مؤثر وفاعل على مدار الأزمان. وكل الأمل أن تكون تلك الخطوة بداية لخطوات أخرى تلجم العربدة الإسرائيلية في غزة وغير غزة، رغما عن كل من يحاول تثبيط الهمم بالتلويح بأن مصر أخرجت نفسها من القضية!!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى عبدالرازق تأملات موقف مصري تطورات الحرب على غزة القاهرة التجاذبات الممارسات الإسرائيلية الأراضى الفلسطينية مصر العدل الدولیة
إقرأ أيضاً:
هدية من “أم الإمارات” إلى الشعب الفلسطيني .. وصول سفينة المساعدات الإماراتية السادسة لميناء العريش وصلت اليوم سفينة المساعدات الإماراتية السادسة إلى مدينة العريش المصرية تحمل على متنها هدية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”
هدية من “أم الإمارات” إلى الشعب الفلسطيني .. وصول سفينة المساعدات الإماراتية السادسة لميناء العريش
وصلت اليوم سفينة المساعدات الإماراتية السادسة إلى مدينة العريش المصرية تحمل على متنها هدية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات” رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، وذلك تمهيداً لإدخالها إلى قطاع غزة.
وكان في استقبالها بميناء العريش وفد يضم معالي الدكتورة ميثاء بنت سالم الشامسي وزيرة دولة وسعادة راشد مبارك المنصوري الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي والسيد اللواء الدكتور خالد مجاور محافظ شمال سيناء.
وزارت معالي ميثاء الشامسي والوفد المستشفى الإماراتي العائم في مدينة العريش الذي يقدم خدماته للأشقاء الفلسطينيين من سكان قطاع غزة ضمن عملية الفارس الشهم 3.
وقامت معاليها والوفد الزائر بجولة في أروقة المستشفى وتعرفت على أقسامه المختلفة والخدمات التي يقدمها للمصابين والجرحى من قطاع غزة والتقوا بالمرضى للاطمئنان على صحتهم.
وكانت السفينة انطلقت من ميناء الحمرية بإمارة دبي، في 20 يناير الماضي، وذلك ضمن عملية “الفارس الشهم 3” تلبية لاحتياجات الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة.
وتعد السفينة الأكبر من حيث الحمولة منذ انطلاق عملية “الفارس الشهم 3″، إلى قطاع غزة هدية من “أم الإمارات” إلى الشعب الفلسطيني الشقيق، وتحمل السفينة على متنها 5800 طن من المواد الإنسانية، ومواد غذائية ومواد إيوائية ومستلزمات طبية، وتصل السفينة قبل شهر رمضان الفضيل لتوفير المساعدات العاجلة للأشقاء الفلسطينيين، استجابة للوضع المأساوي في غزة ولتخفيف معاناتهم المستمرة.
وساهم في تأمينها كل من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، وجمعية دار البر، وجمعية الشارقة الخيرية.
وتتزامن هذه المساعدات مع انطلاق المرحلة الأكبر من عملية الفارس الشهم 3 في غزة تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، حيث كثفت عملية الفارس الشهم جهودها لتلبية الاحتياجات العاجلة للأشقاء في غزة.