السما «مبتحدفش» فلوس، ولا الحداية «بتحدف» كتاكيت.. طيبو القلوب وحدهم هم الذين يمكنهم أن «يحدفوا البرتقان» - (هكذا نُحَرِف اسمه، وربما نقول أيضا «البردقان» باللهجة الريفية) - حدف البرتقان على أيدي المواطن المصرى الطيب عم ربيع أصبح مبعوثا خاصًا للشعب المصرى وسفيرًا للمحبة والتحية لأهلنا فى فلسطين المحتلة.
طيبو القلوب وحدهم يصدر عنهم فى هذه الأيام ما لا يمكن توقعه أو التنبؤ به من اعمال النبل والمروءة. الفكهانى العجوز عم ربيع ابن بنى سويف، الذى أدمعت عيناه - وهو الرجل الصلب الخشن - مشهد شاحنات المساعدات الإغاثية العابرة أمامه على طريق الحوامدية - جيزة، حيث يفرش بسطته الصغيرة لبيع الفاكهة فى هذا المكان، مؤمنا بالله وبالانسانية وبروابط الدم، وقلب المؤمن دليله.. وقد أفتاه بأنه إذا لم يكن يملك سوى هذه الحفنة من البرتقال، التى يبيعها ليسترزق منها قوت عياله، فلا أقل من أن يرسل بعضها من فوق ظهر شاحنات الإغاثة، كمساهمة بمساعدة ربما لا يملك غيرها فى هذه الظروف الصعبة، وتحية إعزاز وتقدير للمقاومة الجسورة للاحتلال الصهيونى والعدوان الغاشم وحرب الإبادة الجماعية التى يواجهها أهلنا فى فلسطين.
شوهد الرجل خافق القلب، الممتلئ انسانية تفتقر إليها دول بأكملها، وهو «يحدف» بدقة وبدأب ورجاء ثمار البرتقال لتستقر على ظهر الشاحنات، حبة تلو الأخرى، وكأنها الطير المسافر الذى يبث اهلنا هناك دعمه ومساندته بكل ما يملك مصحوبًا بدعواته بالنصر. تجلى ذلك مع كل «بردقانة» يصوبها على الشاحنة.. ولسان حال الرجل الطيب يقول: «ياللى زرعتوا البردقان ياللا اجمعوه، واعطوه لعم ربيع، عساه يجد طريقه إلى شفتى طفل أو مسن أو أم افترسها الجوع والعطش، يروون بها ظمأهم ويسدون بها رمقهم، بعد أن نكبتهم الحرب الطاحنة. قلوب الملايين تعلقت بمشهد عم ربيع الفكهانى، تصرفه التلقائى الشهم معبر عن الجميع، حتى إن بعض الناس صوروا حبات برتقالة وكأنها شاحنات كبرى محملة بالبرتقال. ليس هناك من هو أكرم ممن يحول ضيق رزقه إلى متسع يشاركه فيه الآخرون.
هذا الشعب المعوَّزْ ونموذجه الرائع «عم ربيع» ينفق مما لديه مهما كان قليلا، وتلقائية وعفوية المصريين تتجلى فى هذه المواقف، وتتم من دون تفكير.. فطرة صحيحة فطر عليها عم ربيع، وتمثل حقيقة المصريين ومشاعرهم ناحية أهلنا فى فلسطين. يكتب الناس فخورين بالعم ربيع قائلين: «مصر فيها مليون عم ربيع يدعمون فلسطين، مع ملايين أخرى من كافة الاقطار العربية المنكوبة ينزلون ضيوفًا علينا بكل الحب والود، انها الشقيقة الكبرى والكريم مهما غدر به الزمان لا يضام.
أنصع وأبلغ تعبير قرأته كان لمواطن يقول: «عم ربيع بفيديو ربع دقيقة أنهى التطبيع وصفقة القرن».
- مهما كان الطريق حالكًا، يأتى نور من أمثال عم ربيع، وببردقانة أو برتقانة واحدة تختزل معانٍ كثيرة. لا أنسى أبدًا أن صغيرى شادى ومازن (اولادى) بفطرة سليمة ودونما تدخل منى، طلبا منى ألا اشترى لهما أي سلع تنتجها شركات تمت مقاطعتها، لدعمها للصهاينة، حتى انهما لم يتذوقا طعم البيبسى والكولا منذ اندلع طوفان الاقصى، فى أبلغ مشهد لأطفال تحدف برتقان المساعدات بطريقة أخرى تتقاطع مع بردقان عم ربيع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الظروف الصعبة عم ربیع
إقرأ أيضاً:
الطيران هو السقوط
بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)ــ الطيران سقوط عندما يكون الطيران هروبًا من المسؤولية وهروبًا من الحقيقة ومن الحساب وقت الحساب. الطيران سقوط عندما يتوج بالكذب والسرقة والقتل.
هرب كثير من القتلة والسفاحين واللصوص من ذوي الياقات البيضاء ربما أكثر من هروب المجرمين العاديين الذين قد يحارون في العثور على مكان للهروب، وربما عاد بعضهم إلى الشرطة فسلم نفسه واعترف على نفسه ليدفع ثمن ما اقترفه من الذنب الصغير أو العظيم. فذوي الياقات البيضاء لديهم سلطات وتحت أيديهم كافة المنافذ والطرق والطائرات وحولهم أتباعهم المخلصون الذين اختاروا لحياتهم طريق الشركاء في الخبث طواعية وعن طيب خاطر.
فما هم بمستضعفين من يأنسون الى المال الوفير والمعيشة الهنية مقابل أن يغضوا الطرف عما يجرى أمامهم من الجرائم والخبائث، وإنما هم أناس عرفوا الحق واختاروا نصرة أولياءهم فوق كل شيء. المستضعفون أبرياء وملامحهم وظروفهم عنوان واضح على البراءة. والشركاء واضحو المعالم والسلوك، وهم لا يستحون أيضا أحيانا، بحيث لا يحتاج المرء إلى بذل جهد للتعرف عليهم وتميزهم. فلم يكد يمضي على هروب بشار الأسد بضع ساعات حتى خرج علينا من يهجمون على قنوات اليوتيوب من الصحفيين ليدافعوا عن الرجل الذي دمر بلده هو وأسرته وتركها فقيرة نهيبة خربة وهرب على متن طائرة لينجو بنفسه وبأهله والأموال شعبه الى بلد أجنبي طالبا اللجوء السياسي.
ولم يستح المدافعون من القول بأن “الرجل لم يسقط وإنما قالوا أنه طار عزيزًا كريمًا” كما يطير الحمام واليمام آمنًا مطمئنًّا خالي البال. لم يستحوا من الدفاع عن رجل قتل شعبه بالسلاح الكيماوي هو وأبوه وإخوته واستباح البلاد وتاريخها وشعبها وجرده من الكثير وهو يشاهد الصراعات تمزق البلاد وتهلك خيرها كل يوم، ثم فر هاربًا تعيسًا خائفًا ليحتمي بظل رجل آخر في بلد آخر تحت مسمى اللجوء السياسي. لم يستحوا من الدفاع عن رجل ربما قتل مئات الآلاف من أبناء شعبه ولم يخجل من طلب اللجوء السياسي في بلد آخر خوفًا على حياته من شرور أبناء شعبه. لم يستحوا من الدفاع عن رجل يفضل الحياة غريبًا في بلد غريب بوجه غادره الحياء والاحساس والانسانية منذ عشرات السنين على مواجهة الحساب في وطنه وعلى مواجهة شعبه الذي سقاه وأطعمه وأغرقه في النعيم هو وأسرته داخل وخارج البلاد منذ عشرات السنين وربما لعشرات السنين القادمة بما حازوا ويحوزون من أموال طائلة. طار الرجل المجرم في حق شعبه تاركا شعبه يحرق قبر أبيه وببول عليه أمام الكاميرات -من فرط غضبه ومعاناته، ومن فرط ذهوله وسعادته بالخلاص من الأسرة الطاغية- فأي طيران هذا الذى يتحدثون عنه وأية رجولة هذه؟؟ ان الطيران علو وارتفاع، ولكن هذا الهروب هو السقوط والاضمحلال في عيون كل الشرفاء في بلد الرجل الهارب من العدالة وفى عيون الشرفاء حول العالم .
Tags: الهروبالياقات البيضاء