شهدت الأيام الماضية تصعيداً كبيراً في منطقة عمليات البحر الأحمر وخليج عدن (أ ف ب) يوماً بعد آخر، تتكشّف معالم المأزق الأميركي في اليمن، وتتبيّن حتمية الفشل الإستراتيجي لقرار واشنطن المتسرّع إقحام نفسها في هذا الصراع.

صحيح أن البحرية الأميركية تخوض المعركة بقدرات ضخمة وغير متماثلة مع ما لدى القوات اليمنية، إلّا أن هذه الأخيرة تستخدم التكتيكات المرنة في الاستهداف، وتتمتع بقدرات عالية على التملّص والتحرك والاختفاء، فضلاً عن جرأتها في اتخاذ القرار والاستمرار في تنفيذه مهما علت كلفته، ما اضطرّ القيادة العسكرية الأميركية للاعتراف بضراوة الحرب، وعقم الوسائل والمعدات والتكتيكات المستخدمة فيها، رغم كون المعركة في اليمن «الأكبر للبحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية»، وفقاً لما أقرّ به نائب قائد القيادة المركزية الأميركية، براد كوبر.

ويوضح هذا الإقرار جسامة التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في هذه المعركة، سواء في التخطيط أو الاستخبارات أو التكتيكات العملانيّة.

على صعيد استخبارات

فعلى صعيد الاستخبارات مثلاً، لا يقتصر الفشل على المعلومات القَبلية، بل يطال حتى المعلومات البَعدية، أو ما يسمّى «التغذية الراجعة» عقب الضربات على اليمن. إذ بحسب شبكة «سي إن إن»، فإن «الجيش الأميركي لا يعرف بالضبط مقدار قدرات الحوثيين التي تم تدميرها، أو كم من الوقت ستستغرق مهمة ردعهم إلى الأبد»، وهو ما علق عليه الأدميرال مارك ميجيز، قائد المجموعة الثانية من حاملة الطائرات، بالقول «إنها مشكلة شريرة ليس لدينا الكثير من الإخلاص فيها».

وكان بحارة وطيارون في البحرية الأميركية اعترفوا بأن الهجمات اليمنية في البحر الأحمر لم تكن متوقعة، مشيرين إلى أن البوارج الحربية لم تكن تعتبر تلك الهجمات، رغم كونها غير مسبوقة، تهديداً، لكن أسراب الطائرات التي يطلقها اليمن جعلت طواقم البوارج في حالة تأهب قصوى، وخصوصاً أن أحد الصواريخ اليمنية اخترق الأنظمة الدفاعية البحرية، ووصل إلى خط الدفاع الأخير لإحدى البوارج.

تصعيد كبير

حاملة الطائرات «آيكي» والمدمرات المنتشرة في مكان قريب لم تقم بزيارة الميناء منذ أشهر وشهدت الأيام الماضية تصعيداً كبيراً في منطقة عمليات البحر الأحمر وخليج عدن، لم يقتصر على عدد السفن المستهدفة أو طبيعة التكتيكات المعتمدة، بل تعدّاهما ليشمل دخول صنوف نوعية من الأسلحة.

إذ أوردت القيادة المركزية العسكرية الأميركية «سنتكوم»، في بيان، أنها رصدت، للمرة الأولى، «استخدام الحوثيّين مركبة غير مأهولة تحت الماء»، وهو ما عدّه ميك مولروي، المسؤول السابق في البنتاغون وضابط وكالة الاستخبارات المركزية، «أمراً مهماً، وعلى ما يبدو فإنهم يعدّلون إستراتيجيتهم».

ومن المتوقع أن يضيف استخدام الغواصات الصغيرة وغير المأهولة تحديات استثنائية أمام القطع البحرية الأميركية، التي ستجد نفسها أمام سيناريو استخدام صنوف متعدّدة من الأسلحة (صواريخ باليستية وأخرى كروز، زوارق سريعة، طائرات مسيرة، مراكب سطحية وأخرى تحت الماء تُدار عن بعد) على هدف واحد، في التوقيت نفسه، الأمر الذي سيعرّض عناصر تلك القطع لاحتمال الإصابة.

وفي هذا الإطار، قال مولروي: «من المرجح أن يكون اكتشاف وتدمير السفن السطحية وتحت السطحية غير المأهولة، أكثر صعوبة من اكتشاف الطائرات من دون طيار والصواريخ المضادة للسفن»، معتبراً أن «ذلك قد يطغى على دفاعات السفن الأميركية».

اختراق قدرات

وتمثل المدمرة «USS Gravely» ما تسميه القيادة العسكرية الأميركية «رأس الرمح» ضد صواريخ اليمن ومسيّراته، وهي مزوّدة بصواريخ «توماهوك» البعيدة المدى، والقادرة على الوصول إلى أهداف داخل اليمن، كما تنشر صواريخها المضادة للطائرات في نطاقات متعدّدة.

إلا أنه في الشهر الماضي، اقترب صاروخ يمني من البارجة إلى درجة أنه كان عليها استخدام خط دفاعها الأخير، المعروف باسم «الكتائب»، للتعامل معه وإسقاطه، فيما لا تزال القيادة البحرية تجري تحقيقاً في كيفية اقتراب الصاروخ منها.

والجدير ذكره، هنا، أنه غالباً ما يكون لدى البحارة ثوان فقط للرد على صاروخ متجه نحو الداخل. وفي هذا الإطار، قال الملازم البحري، جي جي جيمس رودني، الذي يعمل في مركز المعلومات القتالية في غرافيلي: «يمكن أن يكون لدينا ثوانٍ، أو يمكن أن يكون لدينا دقائق، لن أقول أكثر من دقائق».

خوف ورعب 

وينظر ضباط البحرية وجنودها إلى المهام الموكلة إليهم في أنحاء العالم، على أنها نوع من التمييز والحظوة أو فرصة للاسترخاء. لكن في اليمن، يبدو الأمر مختلفاً كلياً؛ إذ إن الإفادات التي رصدها الإعلام الأميركي لهؤلاء العسكريين، تحكي عن قصة خوف ورعب حقيقيين.

ومن بينهم مايكل زيتو، الذي يساعد في تشغيل المدافع وأنظمة الأسلحة الأخرى على متن السفينة، والذي قال: «بالتأكيد ليس ما توقعناه أن نكون هنا، كنا نتوقع أن يكون نشرنا أكثر استرخاءً وهدوءاً. لكن هجمات الحوثيين تستمر بلا هوادة، إلى درجة أن حاملة الطائرات «آيكي» والمدمرات المنتشرة في مكان قريب لم تقم بزيارة الميناء منذ أشهر، وهو أمر غير معتاد إلى حد كبير».

 

الاخبار اللبنانية

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: أن یکون

إقرأ أيضاً:

الخارجية الإيرانية: انتهاك أميركا لوحدة أراضي اليمن تهديد للسلم والأمن الدوليين

يمانيون../ أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عن تضامن الجمهورية الإسلامية في إيران مع الشعب اليمني المقاوم الذي يدعم بما يمليه عليه واجبه الإنساني وبقوة، الشعب الفلسطيني المظلوم أمام الاحتلال والابادة الجماعية التي يقترفها الكيان الصهيوني ، مشدّدًا على أن الغارات الجوية الأمريكية على اليمن وانتهاك سلامة تراب هذا البلد، بأنهما يشكلان تهديدا سافرا للسلام والأمن الدوليين بشكل صارخ .

ونقلت وكالة الانباء الإيرانية ” ارنا” عن بقائي قوله اليوم الأربعاء “ان الغارات الجوية الأمريكية على اليمن، غير شرعية وتمثل انتهاكا صارخا للمبادئ والقواعد الأساسية للقانون الدولي” .

وأكد أن هذه الغارات تزيد من تجرؤ الكيان الصهيوني على مواصلة الإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة وتصعيد التدهور الأمني في المنطقة.

ودعا مجلس الامن الدولي إلى انهاء صمته وعدم تصرفه وكذلك الحكومات الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى التحرك الشامل والمؤثر لوقف انتهاك القانون وخرق السلام والأمن الدوليين والتنديد بالعدوان على اليمن.

مقالات مشابهة

  • سفن تُغرق وأُخرى تُطمس: وثائق تكشف أسرار الإخفاء الرقمي في سجل البحرية الأمريكية
  • روسيا تطلب من أميركا السماح بشراء طائرات بوينغ بأصولها المجمدة
  • الطائرات الأميركية تشن غارات عنيفة على محافظة صعدة 
  • الخارجية الإيرانية: انتهاك أميركا لوحدة أراضي اليمن تهديد للسلم والأمن الدوليين
  • تجدد الغارات الأميركية على اليمن.. وقصف موقع لأول مرة
  • بكين تعلق استلام طائرات من بوينغ الأميركية
  • نيويورك تايمز: خبايا الحملة التي يشنها ترامب ضد الجامعات الأميركية
  • غالانت ..اليمن أكبر تهديد لنا وهجمات أمريكا ليس لها أي تأثير
  • الطائرات التي أسقطت خضعت لتحسينات قتالية وتكنولوجية عالية خلال العام الماضي 2024م
  • اليمن يحبط استعراضَ القوة الأمريكي.. حاملةُ الطائرات خارج الخدمة وقاذفات B-2 تعجزُ عن تحقيق أهدافها