مرض الغزلان الزومبي ينتشر.. هل يمكن أن ينتقل إلى البشر؟
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
يشعر العلماء بالقلق نتيجة انتشار مرض الهزال المزمن "سي دبليو دي" chronic wasting disease (CWD) الذي يطلق عليها غالبا "مرض الغزلان الزومبي"، بين مجموعات الغزلان في الغابات والمراعي في أميركا الشمالية.
مرض الهزال المزمن هو نوع من مرض البريون، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.
تم اكتشاف هذا المرض العصبي، الذي من أعراضه لدى الحيوانات مثل سيلان اللعاب والخمول، في أكثر من 800 عينة من الغزلان والأيائل والموظ في وايومنغ بالولايات المتحدة وحدها، وفقا لتقرير في موقع ذا كونفرزيشين.
ما المسؤول عن مرض الغزلان الزومبي؟العامل المسبب هو البريونات، وهي عبارة عن بروتينات يمكن أن تتسبب في اختلال البروتينات الطبيعية في الدماغ، مما يؤدي إلى تنكس عصبي.
هذا يجعل أمراض البريون مثيرة للقلق بشكل خاص، لأنها معروفة بمرونتها، ويمكن أن تستمر موجودة في البيئة لسنوات، وتقاوم طرق التطهير التقليدية مثل الفورمالديهايد والإشعاع والحرق في درجات حرارة قصوى.
تقتل بروتينات البريون خلايا الدماغ، وتسبب خللا وظيفيا في الجسم، مما يؤدي إلى أعراض غير عادية. تشمل الأعراض فقدان الوزن وضعف التوازن والتنسيق وتدلي الأذنين وصعوبة البلع. يمكن أن تؤدي صعوبة البلع إلى سيلان اللعاب، وفي النهاية الالتهاب الرئوي والوفاة. أدت الأعراض التقليدية وصورة الحيوان المتعثر وسيلان لعابه إلى ظهور مصطلح "مرض الغزلان الزومبي". يمكن أن يستغرق ظهور الأعراض شهورا أو سنوات، مما يجعل التشخيص البصري صعبا.
ينتشر مرض الهزال المزمن من حيوان إلى آخر من خلال الاتصال المباشر بسوائل الجسم وفضلاته، ومن خلال الاتصال غير المباشر بالتربة والمياه والغذاء الملوثين.
يشكل انتشار مرض الهزال المزمن مخاطر بيئية كبيرة، وربما مخاطر على صحة الإنسان. على الرغم من عدم وجود دليل قاطع على أن مرض الهزال المزمن يمكن أن يصيب البشر مباشرة، فإن الاحتمال يظل نقطة مثيرة للقلق.
وقد أظهرت أمراض البريون، مثل مرض كروتزفيلد جاكوب "سي جيه دي" (CJD) في البشر و"مرض جنون البقر" في الماشية، أنها قادرة على عبور حاجز الأنواع، أي الانتقال من الحيوان إلى الإنسان.
على سبيل المثال، أدى تفشي مرض جنون البقر في بريطانيا إلى ذبح الملايين من الماشية، وأدى إلى وفاة 178 شخصا، بسبب الطفرة البشرية للمرض منذ عام 1995.
على الرغم من عدم وجود حالات مؤكدة من مرض الهزال المزمن لدى البشر، فإن المخاوف لا تزال قائمة بسبب عدة عوامل. أولا، أظهرت الدراسات أن البريونات المسؤولة عن مرض الهزال المزمن يمكن أن تصيب الخلايا البشرية، وتنتشر داخلها تحت ظروف المختبر، مما يزيد من احتمالية انتقال العدوى المحتمل.
ثانيا، يتعرض البشر بالفعل عن غير قصد لحيوانات يحتمل أن تكون مصابة عن طريق صيدها وأكلها. تشير التقارير إلى أن البشر استهلكوا ما بين 7 آلاف إلى 15 ألف حيوان مصاب بمرض الهزال المزمن سنويا في عام 2017، مع توقعات تشير إلى زيادة سنوية بنسبة 20%.
لحوم الغزلان المصابةفي المناطق التي يرتفع فيها معدل انتشار مرض الهزال المزمن مثل ولاية ويسكونسن، قد يكون الآلاف من الأشخاص قد استهلكوا عن غير قصد لحوم الغزلان المصابة، مما يؤكد الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير للتخفيف من المخاطر.
كما أن الصعوبات الكامنة المرتبطة باكتشاف وتشخيص أمراض البريون لدى البشر تزيد من تعقيد الوضع. وعلى عكس العوامل المعدية التقليدية، لا تثير البريونات استجابة مناعية، مما يجعل من الصعب اكتشافها بالوسائل التقليدية. وهذا يشكل عقبة كبيرة أمام التدخل المبكر وجهود الاحتواء.
لا تقتصر إمكانية تأثير مرض الهزال المزمن على صحة الإنسان على الانتقال المباشر. ويعني الثبات البيئي للبريونات أن البشر قد يتعرضون لها أيضا من خلال طرق غير مباشرة، مثل التربة والمياه الملوثة والمصادر البيئية الأخرى. ونظرا لمرونة البريونات وقدرتها على البقاء في البيئة لفترات طويلة، فإن العواقب طويلة المدى لمرض الهزال المزمن على صحة الإنسان تظل غير مؤكدة، ولكنها تستحق دراسة جادة.
تقول جينيفر موليناكس، الأستاذة المساعدة في بيئة الحياة البرية وإدارتها في جامعة ميريلاند "حتى الآن، لم يكن هناك انتقال من الغزلان أو الأيائل إلى البشر.. ومع ذلك، ونظرا لطبيعة البريونات، فقد دعمت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها والوكالات الأخرى جميع الجهود المبذولة لإبقاء أي مرض بريوني خارج السلسلة الغذائية".
هل يمكن أن ينتشر مرض زومبي الغزلان إلى البشر؟تقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أنه في المناطق التي يتوطن فيها مرض البريون، تتراوح معدلات الإصابة من 10% إلى 25%.
لا تظهر الأدلة الحالية أن مرض الهزال المزمن يمكن أن ينتشر إلى البشر عندما يأكلون لحوم حيوان مصاب، أو يواجهون حياة برية مصابة، أو يشربون أو يلمسون التربة أو المياه الملوثة. لكن الباحثين يواصلون التحقيق فيما إذا كان انتقال العدوى من الحيوان إلى الإنسان ممكنا. يقول موليناكس إن "مجموعة الأبحاث الحالية عبارة عن حقيبة مختلطة، مما يعني أننا لا نعرف حتى الآن".
يثير الخبراء مخاوف بشأن إمكانية تغير مرض الهزال المزمن بمرور الوقت، أي حدوث طفرة مما يؤدي لظهور سلالات بريون جديدة، والتي قد تكون لديها القدرة على إصابة مجموعة مختلفة من المضيفين، بشر وحيوانات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إلى البشر یمکن أن
إقرأ أيضاً:
هكذا يمكن مساعدة الفلسطينيين الذين يتحدون حماس
لفت حسين إبيش، كبير الباحثين المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إلى أنه بعد ثلاثة أيام من الاحتجاجات الشعبية في شمال غزة ضد حماس، يبدو أن قبضة الحركة هناك تتلاشى. فقد شارك في كل احتجاج مئات الفلسطينيين، ويعكس ذلك فهماً واضحاً بأن حماس، وليس إسرائيل فقط، مسؤولة عن محنتهم. وقد تكون هذه نقطة تحول، لكن الكثير يعتمد على كيفية رد القوى الخارجية.
آلاف الفلسطينيين الوطنيين في غزة يريدون بصدق إنهاء الحرب
كتب إبيش في شبكة "إم إس إن بي سي" الأمريكية أن الانتقادات العلنية لحماس في غزة ليست نادرة، كما يزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وحتى خلال الحرب التي شنتها إسرائيل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل، اندلعت احتجاجات أصغر وأكثر تفرقاً بشكل دوري.
يبلغ الإحباط من حماس بين سكان غزة العاديين ذروته. ولكن ما يميز الاحتجاجات الأخيرة هو حجمها واستمرارها. ففي الأيام القليلة الماضية، تجمع آلاف الفلسطينيين لحث حماس على التخلي عن السلطة، وإطلاق سراح الرهائن، والمساعدة في وقف هجمات إسرائيل المتواصلة التي أودت بحياة أكثر من 50 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين. أما نتانياهو فهو مخطئ في الاستشهاد بالاحتجاجات، وبطريقة ساخرة وكاذبة، بصفتها دليلاً على أن سياسات إسرائيل "تنجح". لكن حماس مخطئة أيضاً في ادعائها أن تلك الاحتجاجات مُصنعة وموجهة من "قوى خارجية"، وليست تعبيراً عفوياً عن غضب مستحق بقوة.
غضب على إسرائيل وحماس
وأضاف الكاتب أنه لطالما أعرب عن رأي مفاده أن على الفلسطينيين ألا يسامحوا حماس على استفزازها المتعمد لإسرائيل، ودفعها إلى رد فعل مبالغ فيه. ولطالما اعتمدت السياسة الإسرائيلية على الانتقام غير المُتكافئ. إن شدة الوحشية الإسرائيلية في غزة متوقعة بقدر ما هي مروعة. والفلسطينيون يدركون ذلك بشكل شخصي.
ثمة غضب واسع ضد حرب إسرائيل على المجتمع الغزي بشكل عام، وهو غضب لا يقتصر على حماس فحسب. وجادل العديد من الباحثين والمؤرخين حول الإبادة الجماعية، بما في ذلك عدد من الإسرائيليين، وقالوا إن الكلمة تنطبق بشكل معقول على استخدام الجيش الإسرائيلي للغذاء، والدواء، والماء، والنزوح الروتيني، أسلحة حرب ضد المدنيين.
Analysis | Anti-Hamas demonstrations in Gaza have shown rare defiance against Hamas and longevity—but without leadership, regional backing, or media coverage, their path forward remains uncertain.
✍️@sfrantzmanhttps://t.co/ZhavPPUuH7
ومع ذلك، لا يزال الإحباط من حماس بين سكان غزة العاديين في غليان. ومن المتوقع أن تتركز الاحتجاجات في شمال غزة، وهي أول المناطق التي دمرت بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث تركزت أشد أعمال العنف والحرمان من الضروريات الأساسية.
لم تسأل مليوني فلسطيني
على عكس مزاعم نتانياهو، تجري هذه الاحتجاجات رغم وحشية إسرائيل المستمرة، وليس بسببها. فقد أظهر استطلاع للرأي للباروميتر العربي، نشر في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أن 29% فقط من الفلسطينيين في غزة لهم مواقف إيجابية من حماس. واليوم، قد تكون النسبة أقل من ذلك.
ليس للمتظاهرين أوهام حول إسرائيل. فقد أعرب جميع من قابلتهم وسائل الإعلام العربية والغربية تقريباً عن غضبهم من وحشية إسرائيل، بوضوح تام.
The group will be forced to either meet the people’s demands or violently suppress the demonstrations. Either outcome weakens Hamas, explains @AhmadA_Sharawi: https://t.co/3VZMgqzc9y
— FDD (@FDD) March 29, 2025لم تهتم حماس بمصير أكثر من مليوني مدني فلسطيني جندتهم "للاستشهاد" دون أدنى استشارة أو تحذير أو تحضير. كما أنها لا تهتم كثيراً بمد وجزر الرأي العام. لا تزال حماس تحتفظ بقاعدة دعم شعبي، وسيواصل جزء كبير من السكان تركيز غضبهم بشكل مفهوم على إسرائيل، في الحد الأدنى حتى ينسحب الجيش الإسرائيلي نهائياً من غزة. لكن اليأس والغضب أججا هذه الاحتجاجات الكبيرة والمستمرة على نحو غير معتاد ضد حماس، ونصيبها الواضح من المسؤولية.
فرصة مهمة
وبالنسبة إلى القوى الخارجية المهتمة بصدق برؤية نهاية سلطة حماس في غزة، تمثل هذه الاحتجاجات فرصة مهمة. ليس واضحاً كيق يكون نتانياهو من بينهم حقاً، بعد عقود من ضمان بقاء الفلسطينيين منقسمين بين الحكم الإسلامي في غزة، والسيطرة القومية العلمانية في المناطق الصغيرة ذات الحكم الذاتي في الضفة الغربية. وكما هو متوقع، يبذل نتانياهو قصارى جهده لتدمير وتقويض مصداقية الاحتجاجات، وإمكاناتها السياسية بتصويرها دليلاً على حكمة سياسة الأرض المحروقة الإسرائيلية.
مع ذلك، يعلى الدول العربية ذات التوجه البناء، مثل مصر، والسعودية، والإمارات، أن تبذل، بحذر لكن بشكل عمدي، كل ما في وسعها لدعم قادة الاحتجاجات ومنظميها. وبإمكانها توفير عناصر أساسية لسلطة مدنية فلسطينية بديلة في غزة لتتولى مسؤولية الحكم، بدل الاحتلال الإسرائيلي وحماس.
لا شك أن المصالح التجارية الباقية، وزعماء العشائر وكوادر فتح المتبقية في غزة، إما مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بحركة الاحتجاج ومنظميها، أو يجب أن يصبحوا كذلك، بغض النظر عن مدى عفوية المظاهرات. هناك بالتأكيد تنسيق كبير قائم بالنظر إلى حجمها وانتشارها واستدامتها.
خطة الجامعة أمر حيوي
على إسرائيل التزام الصمت عن الاحتجاجات لأغراضها السياسية، ويُحتم استئناف وقف إطلاق النار على الدول العربية الرائدة أن تتقدم وتأخذ زمام المبادرة، وعلى الولايات المتحدة والدول الغربية، أن تدرك أن الاحتجاجات تظهر أن خطة جامعة الدول العربية التي نسقتها مصر لوقف هذا الجنون نهائياً وبداية إعادة الإعمار في غزة أمر حيوي، بل هو الإطار الحقيقي الوحيد القادر على إنهاء الحرب، وحكم حماس في غزة.
يُظهر المتظاهرون بشجاعة أن آلاف الفلسطينيين الوطنيين في غزة يريدون بصدق إنهاء الحرب وهم يُطلقون عليها عادة اسم "الإبادة الجماعية"، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين وتنحي حماس.
هذا بالضبط ما تريده الدول العربية والغربية، والإسرائيليين. لم يعد هناك أي أساس للقول إنه لا يوجد ما يمكن فعله عملياً وسياسياً مع فلسطينيي غزة. فالواضح أن هناك الكثير، إذا كان هناك من يهتم حقاً.