الجزائر/عباس ميموني/الأناضول تحسبا لحرائق الغابات، خاصة بعد موجات الحر الشديدة التي تعرفها مناطقها الشمالية، فعّلت الجزائر حالة التأهب القصوى وسخرت إمكانيات مادية وبشرية ضخمة لمواجهة أسوأ سيناريو محتمل، محاولة الاستفادة من تجربتي العامين 2021 و2022. وحتى الخميس، سيطرت مصالح الحماية المدنية (الدفاع المدني) على حرائق متفرقة شمال البلاد، مستعملة عربات خفيفة الوزن مزودة بصهاريج مياه صغير، إلى جانب طائرات الإخماد، دون تسجيل خسائر بشرية.
وباعتبارها الجهة الحكومية الوصية على الغابات، أعلنت وزارة الزراعة في 19 يونيو/ حزيران الماضي حالة التأهب القصوى، للتعامل وفق مخطط استباقي وضمن جهاز خاص لمكافحة حرائق الغابات. و”الجهاز الخاص” هو عبارة عن آلية عمل للإنذار والمكافحة، موجود بأغلب المحافظات ومشكل من ممثلين لمختلف القطاعات المدنية والأمنية. وجاء تفعيل هذا الوضع نظرا لارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، استنادا إلى النشرات الجوية الخاصة التي يصدرها المرصد الوطني للأرصاد الجوية، حيث سجل الأخير 47 درجة مئوية تحت الظل بالعاصمة الجزائر في الفترة الممتدة بين 9 إلى 12 يوليو/تموز الجاري. وأصدرت ذات الوزارة في 17 من الشهر الجاري بيانا، شددت فيه على ضرورة “رفع حالة التأهب القصوى لكل الفاعلين في حملة الحماية ومكافحة حرائق
الغابات وعلى كل المستويات لأجل تفادي أي طارئ وذلك طيلة أيام الأسبوع وعلى مدار 24/24 ساعة”. سعي لتفادي مأساة 2021 و2022 الاستراتيجية التي أعدتها الجزائر ترمي إلى تفادي تكرار مأساة السنتين الماضيتين حين عرفت أسوأ
الحرائق في تاريخها، ففي 2022، وتحديدا في 09 و10 أغسطس/ آب 2021، اندلعت حرائق مهولة في منطقة القبائل (وسط) خلفت أزيد من 90 قتيلا وعشرات الجرحى. وأسفرت حرائق نفس الشهر من 2022، عن مقتل 41 شخصا وأكثر من 161 جريحا، بعد اندلاع النيران في غابات محافظتي الطارف وسوق أهراس (شمال شرق). وأثبت التحريات الأمنية، فرضية الفعل العمدي لتلك الحرائق، حيث تم إيقاف عدة أشخاص وتقديمهم للقضاء. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمر بتشديد العقوبات ضد من يضرم النيران عمدا في الفضاءات الغابية، لتراوح بين 10 سنوات سجن إلى الإعدام، بحسب التعديل الذي أدخل على قانون العقوبات في 2021، معتبرا أن حرائق الغابات من الجرائم الجديدة، مثل الجرائم الإلكترونية. سرب طائرات وبناء على التجارب السابقة، تستعد الجزائر لمواجهة حرائق هذا الصيف بإمكانيات ضخمة، لم يسبق لها مثيل، مؤكدة بذلك جاهزيتها للتعامل مع أسوأ سيناريو ممكن. وستوظف الطائرات قاذفات المياه من مختلف الأحجام في إخماد الحرائق، إذ تم استئجار سرب من 6 طائرات صغيرة الحجم وزعت على مطارات وسط وشرق وغرب البلاد، بحسب ما أكده وزير الداخلية، إبراهيم مراد. ولدى اطلاعه على جهاز مكافحة الحرائق بالعاصمة الجزائر، تحدث مراد، الثلاثاء، عن “توزيع الطائرات التي أثبتت نجاعتها في إطفاء الحرائق بمحافظات عنابة (شرق)، بجاية (وسط) ومنطقة القبائل والشلف (غرب)”. وتم استئجار هذه الطائرات، بأطقمها في يونيو الماضي، في انتظار دخول الطائرة “بيرييف-200” التي اقتنتها من روسيا، حيز الخدمة، في حين لم تكشف السلطات عن الدولة التي قامت باستئجار باقي الطائرات منها. وفي2021، قدمت الجزائر طلبا لروسيا من أجل اقتناء 4 طائرات قاذفة للمياه من نوع “بيرييف-200” بسعة 12 ألف لتر. وكان يفترض استلام أول طائرة أواخر 2022، إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية كان سببا في تعثر تسليم الطائرة في الوقت المحدد، على اعتبار محركات هذه الطائرات تصنع في أوكرانيا بحسب ما كشفه وزير الداخلية إبراهيم مراد. ونهاية مايو الماضي، أفاد موقع “مينا-ديفونس” المتخصص في الشؤون العسكرية، بإقلاع الطائرة الجديدة “بيرييف -200” من روسيا باتجاه الجزائر، بعد استكمال التجارب الأولية. وبرزت الحاجة الملحة إلى استخدام الجو في إطفاء الحرائق، في السنتين الماضيتين، أين تمت الاستعانة بمروحيات الجيش الجزائري، من نوع “مي-26” الضخمة للمساهمة في إخماد النيران. “الدرونز” والأقمار الصناعية المدير العام لمصالح الغابات جمال طواهرية، أفاد للإذاعة الجزائرية الرسمية، في مايو الماضي، بتجريب طائرات من دون طيار (درونز) من الحجم الكبير مزودة بتطبيقات إلكترونية، هذه السنة لإقحامها في مكافحة الحرائق من خلال الاستطلاع والمراقبة. وضمن توجه استخدام أحدث التكنولوجيات، كشفت وزارة الزراعة، خلال مراسم تنصيب اللجنة الوطنية لمكافحة حرائق الغابات لسنة 2023، شهر مايو/ أيار الماضي، عن استعانتها بالأقمار الصناعية. وأشرف على تنصيب هذه اللجنة كل من وزير الداخلية إبراهيم مراد ووزير الزراعة عبد الحفيظ هني، وتتشكل من أعضاء ينتمون لـ13 وزارة و11 مؤسسة وطنية. وذكر بيان للوزارة، أن من بين التدابير التي تقوم عليها الاستراتيجية الجديدة “التواصل مع الوكالة الفضائية الجزائرية ومصالح الأرصاد الجوية”. وللجزائر 6 أقمار صناعية أطلقتها تدريجيا من مطلع الألفية الجديدة، وتستخدمها لأغراض مراقبة الأرض والاتصالات السلكية واللاسكلية. وكشف الرئيس تبون في 2021، عن استعانة السلطات المختصة بصور الأقمار الصناعية التي أظهرت، إشعال 21 حريقا على مستوى الشريط الغابي الشمالي للبلاد في وقت واحد، ما أكد حسبه فرضية “الفعل الإجرامي”. فضلا عن اعتماد البلاد على الأرتال المتحركة لفرق الدفاع المدني وحراس الغابات كما تستعين بأفراد الجيش وحتى المواطنين للسيطرة على النيران. تدشين مستشفى خاص وبمناسبة عيد الاستقلال الموافق 5 يوليو من كل عام، دشن الرئيس تبون في 2022، مستشفى خاص بالحروق الكبرى، بمدينة زرالدة غربي العاصمة، للتعامل الأمثل مع ضحايا حرائق الغابات. المستشفى يعد أول وأكبر مؤسسة صحية متخصصة في هذا المجال، وجاءت فكرة بنائه بعدما تحدث تبون عن ضعف المؤسسات الصحية المخصصة لمعالجة الحروق إثر حرائق منطقة القبائل قبل سنتين، وأنجز مستشفى زرالدة خلال عامين . ويضم المستشفى أزيد من 220 سريرا، وأُسديت تعليمات لجعله قطبا طبيا في معالجة الحروق الكبرى في إفريقيا. وتعمل الجزائر على تقاسم تجربتها في مكافحة الحرائق الغابية، حيث أنهت الخميس، مديرية الدفاع المدني دورة تدريبية خاصة بقيادة عمليات حرائق الغابات للدول العربية والإفريقية الأعضاء في المنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني، مثلما أفاد بيان للمديرية العامة للدفاع المدني.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
حرائق الغابات
إقرأ أيضاً:
بختام فعالياته.. "سايبك" يعزز مكانة الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار
اختتمت اليوم الأربعاء في أبوظبي فعاليات الدورة الثالثة من مؤتمر سايبك 2024، الهادف لتعزيز السلامة العامة والوقاية من الحرائق في دول الخليج.
شهد المؤتمر، الذي نظمته شركة سيبكا المزودة لحلول الأمن والسلامة
وتقنيات الحماية من الحرائق
وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تحت شعار "الابتكار من أجل تعزيز السلامة" حضوراً لافتاً من الشركاء والخبراء، مسلطاً الضوء على الدور الحيوي للحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في إرساء مستقبل أكثر أمانًا.
وجمع الحدث على مدار يومين خبراء ومحترفين من الأسواق الإقليمية والعالمية لمناقشة أحدث الاتجاهات والابتكارات في مختلف القطاعات، بما في ذلك أنظمة إدارة المباني، وأنظمة الجهد المنخفض، والحلول السمعية والبصرية، بالإضافة إلى أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف، وتقنيات الإضاءة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.