سلط باحث يهودي من أصل يمني، الضوء على الحوثيين كجماعة متسامحة طوعتها إيران خلال العقود الأخيرة وجعلتها متطرفة تبث عدائها لليهود في اليمن.

 

وسرد الباحث "يوسف يوفال طوبي" في تقرير نشرته مجلة "ذا سبيكتاتور" البريطانية وترجمه للعربية "الموقع بوست" تعايش اليهود مع (زيود وقبائل اليمن) في عهد الأئمة وما بعد قيام الجمهورية عام 1962م ، رغم ما مروا به من تمييز ضدهم.

 

وقال طوبي -وهو بروفسور وباحث متخصص في اللغة والأدب العبريين في القرون الوسطى، وله دراسات وكتب نشرت باللغتين الإنجليزية- خلال العقدين الأخيرين بعد أن ظهرت جماعة الحوثي، استطاعت إيران أن تحول الزيديين (الحوثيين) من رجال قبائل متسامحين إلى متطرفين متشددين.

 

وأضاف "لم يستغرق الأمر سوى جيل واحد حتى تتمكن إيران من تحويل الزيديين من رجال قبائل متسامحين إلى متطرفين متشددين".

 

"الموقع بوست" يعيد نشر المقال:

 

غادرت عائلتي اليمن إلى إسرائيل في عام 1935، في وقت كان عشرات الآلاف من اليهود لا يزالون يعيشون في البلاد. وكانت رحلتهم جديرة بالملاحظة بشكل خاص لأن أحد أفراد عائلتي كان يركب جملاً.

 

جلست والدتي الحامل على السرج، بينما كان والدي وأخي يسيران بجانبها. لقرون عديدة في اليمن، كان يُسمح لليهود بركوب الحمير فقط. وكان هذا مجرد واحد من سلسلة من القوانين التي أذلت اليهود وأخضعتهم، ودفعتهم ببطء إلى مغادرة البلد الذي أحبوه.

 

وبعد مرور ما يقرب من قرن من الزمان، تحول مناخ اليهود في اليمن من التحيز إلى المحفوف بالمخاطر. ولم يبق الآن سوى يهودي واحد في صنعاء. إنه أسير لدى الحوثيين ويحمل ثقل أيديولوجيتهم البغيضة على كتفيه.

 

ويتحمل الحوثيون مسؤولية إغلاق كتاب 3000 عام من التاريخ اليهودي في اليمن، والذي بدأ في عهد الملك سليمان. لكنهم ليسوا وحدهم المسؤولين عن تراجعه الطويل. في الواقع، تنحدر حركة الحوثي من القبائل الزيدية التي تعيش في شمال البلاد، وكانت لقرون عديدة الفئة الفرعية الأكثر تسامحًا في المجتمع اليمني.

 

الحوثيون مسؤولون عن إغلاق كتاب 3000 عام من التاريخ اليهودي في اليمن

 

لقد أثر الصراع على السلطة بين الأجيال بين القبائل الزيدية المستقلة بشدة والأئمة في صنعاء منذ فترة طويلة على كيفية معاملة الزيديين لجيرانهم اليهود. فقط في منطقة القبائل الزيدية يمكن أن تجد يهوديًا يركب جملًا أو حصانًا، وكان اليهود يُمنحون عمومًا الحريات المحظورة في أماكن أخرى.

 

قد يبدو غريباً إذن أنه عندما زحفت القبائل الزيدية الشمالية إلى صنعاء خلال الحرب الأهلية، فعلت ذلك تحت علم يحمل شعار "اللعنة على اليهود". لا علاقة لمعاداة الحوثيين للسامية بالصراع الحالي بين إسرائيل وحماس، بل لها علاقة بالنفوذ الإيراني، الذي سُمح له بالنمو بين القبائل الزيدية منذ الثمانينيات بعد رحيل المجتمع اليمني بأكمله تقريبًا.

 

ولم يستغرق الأمر سوى جيل واحد حتى تتمكن إيران من تحويل الزيديين من رجال قبائل متسامحين إلى متطرفين متشددين. لقد كان التلقين الأيديولوجي لإيران فعالاً للغاية لدرجة أنه حتى في الوقت الذي تحوم فيه اليمن على حافة المجاعة، فإن الحوثيين مصممون على مواجهة العالم الغربي بأكمله في صراع عسكري ومنع الشحن العالمي في البحر الأحمر. ومن خلال تحديد الأولويات السياسية لوكلائها، لا تهتم طهران باحتياجات مسلمي اليمن أكثر بكثير من اهتمامها بآخر اليهود المتبقين لديها.

 

ونتيجة لغض الطرف، بل وحتى استرضاء طموحات إيران الإقليمية والعالمية، يواجه العالم الآن خصماً شديد العدوانية لن تردعه الضربات الجوية وحدها. إن الحل الوحيد على المدى الطويل لمشكلة الحوثيين، ولأي صراع آخر مرتبط بالثورة الإسلامية في إيران، هو إزالة وعكس نفوذ إيران في البلاد. ومن اليمن إلى غزة، تهدف أيديولوجية إيران ومنهجيتها إلى تفاقم الصراعات في جميع أنحاء المنطقة وزعزعة استقرار البلدان الأخرى.

 

باعتباري مؤرخًا لليهود اليمنيين، فإن رؤية الحوثيين وهم يكتبون الفصل الأخير من مجتمعي هو أمر حلو ومر. إنه أمر مرير لأن الكثير من تاريخ شعبي لا يزال مدفونًا وغير مستكشف، بما في ذلك أنقاض مملكة حمير اليهودية القديمة، والتي من المرجح أن تظل مخفية لفترة طويلة قادمة. إنه أمر جميل لأن حياتي وحياة نصف مليون يهودي يمني آخرين يعيشون إلى حد كبير في إسرائيل اليوم لا يمكن أن تكون أكثر اختلافًا عن الوجود المؤسف الذي كان سيحل بنا لو لم نغادر في الوقت المناسب.

 

وما زلت أتمسك بالأمل في أن هذه ليست نهاية القصة حقًا. إذا أمكن انتزاع اليمن من السيطرة الإيرانية، فيمكن للبلاد ذات يوم أن تنفتح من جديد على العلاقات مع الشعب اليهودي، على غرار المغرب والإمارات العربية المتحدة بفضل اتفاقيات أبراهام. إذا تمكنت القبائل الزيدية من العودة إلى جذورها الأكثر تسامحًا، وتم إيجاد السلام في البلاد، فربما لا يزال من الممكن كتابة فصل جديد من التاريخ اليهودي اليمني.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن إسرائيل اليهود الحوثي إيران فی الیمن

إقرأ أيضاً:

وزراء وبرلمانيون إسرائيليون يطالبون الكونغرس الأميركي بإعلان حق اليهود الديني بالأقصى

"الحق الديني القومي اليهودي في جبل الهيكل"؛ تحت هذا العنوان وقّع مجموعة من الوزراء وأعضاء الكنيست الحاليين والسابقين رسالتهم التي وجهوها قبل أيام للكونغرس الأميركي بمجلسيه "الشيوخ والنواب" من أجل المضي قدما لإعلان في الكونغرس "للاعتراف بالحق الأبدي وغير القابل للجدل للشعب اليهودي" في المسجد الأقصى.

وفي رسالتهم يدّعي الموقعون أنه تقع في هذا المسجد معابدهم التي دمرتها الإمبراطوريتان البابلية والرومانية منذ حوالي 2500 و1900 عام، ويزعمون أنه "بينما تضمن دولة إسرائيل ذات السيادة الوصول إلى الأماكن المقدسة لجميع الأديان، فإن الشعب اليهودي على وجه التحديد هو الذي يُحرم من الوصول الحر الكامل إلى مكانه المقدس بسبب الضغوطات الدولية الشديدة".

وبالتالي -وفق نص الرسالة- فإن "الاعتراف الرسمي من جانب الدولة الرائدة في العالم والصديقة الكبرى لإسرائيل من الممكن أن يساعد في تحييد هذه الضغوط".

وفي ذيل الرسالة وقّع 16 شخصا من المطالبين بهذا الإعلان الرسمي، بينهم وزير الاتصالات الإسرائيلي ووزير الثقافة والرياضة وكلاهما من حزب الليكود، بالإضافة لأعضاء كنيست حاليين بينهم يهودا غليك، وعضو الكنيست السابق موشيه فيغلين، كما وقع على العريضة نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس أرييه كينغ.

يهودا غليك من المواظبين على اقتحام المسجد الأقصى والموقعين على الرسالة للكونغرس (مواقع التواصل) خطوة عملية جديدة

يقول خالد العويسي، الأستاذ المشارك بدراسات بيت المقدس ورئيس قسم التاريخ الإسلامي جامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية إن ما تصبو إليه هذه الجماعات هو اتخاذ خطوات عملية لتغيير الوضع في المسجد الأقصى، والمباركة الأميركية حجر أساس للتقدم في إنجاح هذه التغييرات.

إعلان

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن صفقة القرن التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى نصت على جعل الأقصى مكان عبادة لجميع الأديان، وكان ذلك نقطة تحول في سياسة الاحتلال للسماح لليهود بالقيام بطقوس داخل المسجد كالسجود الملحمي، بعد أن كان ممنوعا ويتم إخراج من يحاول القيام بأي طقوس يهودية.

"والآن بعد عودة ترامب وتشكيلته الصهيومسيحية وسياسة الكاوبوي، تحاول جماعات الهيكل الاستفادة قدر المستطاع لتحقيق أهدافها بالأقصى والتي تتقاطع مع الصهيونية المسيحية في فكرة بناء هيكل يهودي على أنقاض المسجد" وفق الأكاديمي العويسي.

وقطعت إدارة ترامب الجديدة -وفقا للأكاديمي عويسي- شوطا في تغيير المصطلحات، كاستخدام "يهودا والسامرة" بدل الضفة الغربية، وهذا أغرى الجماعات المتطرفة ودفعها للتقدم بمثل هذه العريضة لمطالبة مجلس الشيوخ الأميركي للاعتراف بالحق اليهودي في أولى القبلتين.

ورجّح العويسي أنه مع إدارة ترامب وسياساته غير المتوقعة تستطيع هذه الجماعات الحصول على أكثر مما تسعى إليه، "وبما أن إسرائيل مرتبطة بالغرب ارتباطا عضويا من بداية تاريخها إلى اليوم لا تستطيع أن تأخذ أي قرار بمفردها باعتبارها ممثل الغرب في المنطقة، رغم أنهم يحاولون الخروج من هذه البوتقة.

"إذا أخذوا اعترافا رسميا من أميركا بخصوص الحق اليهودي في الأقصى فسيلقون بالضغوطات الدولية الأخرى في سلة المهملات، وسيشرعون بتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه حتى الآن كحلم بناء كنيس داخل المسجد والهيكل الثالث".

معروف:  في ظل إدارة ترامب قد تحصل جماعات الهيكل على أكثر مما تريده (رويترز) هدف مرحلي

أما الأكاديمي ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى عبد الله معروف فاستهل حديثه للجزيرة نت بالقول إنه رغم ما يظهر فعليا على السطح بأن جماعات المعبد المتطرفة وحكومة الاحتلال تملك سيطرة من نوع ما على الأقصى والأراضي المحتلة، فإن الحقيقة أنها تشعر بعدم إحكام سيطرتها بالكامل حتى اللحظة، وبالتالي تسعى لتحصيل الحماية الأميركية لأي تحرك دراماتيكي متطرف يتعلق بمسألة في غاية الحساسية مثل قضية الأقصى.

إعلان

"تشعر الجماعات المتطرفة بأنها بحاجة لدعم غير مشروط من الإدارة الأميركية الحالية في الملفات الحيوية والحساسة كضم الضفة الغربية وتحقيق مشروع القدس الكبرى، بالإضافة للاعتراف بحقوق الصلاة والعبادة لليهود داخل الأقصى وهو الأمر الذي يوصلها إلى تحقيق هدفها المرحلي الأساسي بإقامة كنيس داخل المسجد".

وتخشى هذه الجماعات -وفقا لمعروف- من تبعات هذا التحرك في حال قامت به من دون غطاء أميركي، لأنها ترى فيها غطاء دوليا باعتبار أن الإدارة الحالية يمكن أن تفرض إرادتها على المجتمع الدولي، وأن تسكت أي أصوات دولية معارضة لأي تحركات إسرائيلية تتعلق بهذه القضية الحساسة.

وأضاف: "تسعى الجماعات المتطرفة الآن للحصول على اعتراف التيار المسيحي الصهيوني المحافظ الذي يسيطر على الحزب الجمهوري والكونغرس الأميركي بغرفتيه النواب الشيوخ، ومن خلال هذا الاعتراف تريد الحصول على الدعم الكامل من إدارة ترامب، فهي تظن أنها بذلك تستطيع تجاوز الرفض الدولي المتوقع".

وفي قراءته لهذه الخطوة الجديدة يرى معروف أن هذه الجماعات مخطئة بشكل كبير في تقديراتها لقوة إدارة ترامب وقدرته على فرض رؤيتها على العالم كله، وأكبر دليل على ذلك أنه عندما اعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال عام 2017 فشل في إقناع دول العالم الأخرى بذلك وبنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس كما فعل.

ولم يتعد الأمر مجموعة صغيرة جدا من الدول غير المؤثرة، وهذ الأمر يدل على ضيق الأفق والفشل الإستراتيجي بالنظر إلى الحراك والتغيرات العالمية التي أنتجتها الأحداث الأخيرة في قطاع غزة من تأثير على الرأي العام العالمي، وبالمقابل "ما تزال هذه الجماعات تظن أن إدارة ترامب بأسلوبها الاعتباطي يمكنها أن تفرض على المجتمع الدولي بالقوة ما لا تستطيع أن تفرضه بسلطة القانون" يضيف معروف.

مقالات مشابهة

  • «الأبيض» جاهز لتحدي إيران بحثاً عن «وصافة» التصفيات
  • هكذا علّقت إيران على العدوان الأمريكي ضد الحوثيين في اليمن
  • قبائل لقموش في شبوة تغلق الطرق الدولي وتهدد بخطوات أشد إذا لم يُكشف عن مصير المختطفين
  • بعد تهديدات ترامب وقصف اليمن.. إيران: سنرد على أي هجوم
  • رداً على قصف الحوثيين..عراقجي: لا حق ولا سلطة لواشنطن لتملي على إيران سياساتها
  • توقفوا فورا.. ترامب يحذر إيران من دعم الحوثيين
  • ترامب: انتهى زمن الحوثيين ولن نكون لطفاء مع إيران
  • تقرير أمريكي: إدارة ترامب تواجه نفس الخيار الذي أربك بايدن بشأن إنهاء تهديد الحوثيين بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • وزراء وبرلمانيون إسرائيليون يطالبون الكونغرس الأميركي بإعلان حق اليهود الديني بالأقصى
  • معهد أمريكي يُحذّر من الأثر البيئي لحملة الحوثيين ضد الشحن بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)