كالأشجار نَموت واقفين
ونحن صغار، نُمرغ أجسادنا المنتفخة بالأمل في تراب الطفولة التي لا تَرحل عن عيوننا التواقة إلى تسلق أعمدة الكهرباء والعبث بالطين والماء. أما ونحن كبار، فلا نكف عن السخط والتذمر، لأننا بقدر ما نكبر نصبح أقل مقاومة لأدنى تيار كهربائي يصعقنا تحت سماء الحياة، صَدِّق يا صاحبي أنها الحياة التي تتلذذ بكوننا نموت.
نموت مع إخفاقنا في قطف عنب النجاح الذي يخبئه ثعلب ماكر في جيب الصداقة الوهمية، نموت كلما تأخر لبن الحظ الذي لا يحضر إلا متعثرا، نموت تحت غيمة القَدَر الممطِرة بالأمل والألم تباعا، نموت بين تضاريس المناخ النفسي ذاك الذي لا ينصفنا إلا جثثا طريحة اليأس، نموت، كالأشجار نموت واقفين، ولا ننحني لمن زاد عيبُه وقلَّ رُطَبُه.
مع كل تنهيدة نطفئ حرائقَ زمنٍ لم يُنصفنا صُنَّاعُها، مع كل بوحٍ نُفجر أنهارا تتربع على حجرها سدرة القسوة الحالفة ألا يبخل علينا شوكها بعناق، ومع كل صباح نمدِّدُ آية الكرسي على ألسنة كفاها الزهد أن تندفع لتنبس ببنت شفة أخرى لا تليق بمنفى الربيع.
طاحونة الأيام تُهَرِّبُ خبزَ المحبة الصافية لوجه الله بعيدا عن لهفة العين، وغِربان الظلام لا تَترك لاجتهادنا مُتَنَفَّسا إلا لتُعْمِيَ بصائر من يهابهم البصرُ، والبشرُ صَدِّقْ يا صاحبي أن أكثرهم كأعجاز النخل بلا رؤوس، يفكرون بلا منطق يحتكم إلى شريعة العقل، يبيعون الوهم، ويفصلون الحضور على مقاس المزاج.
السنوات تَأكل من الواحد ما يأكله المنشار، والمواقف وطن أكثره منفى لا دفء يسري في العروق ولا رائحة تنبعث مع كل حبة تراب.
السطو! السطو على العقل أبشع أنواع الغزو! غير أننا مازلنا نَدبّ، ندبٌّ دبيب دودة عمياء لا تخونها ثقة بقية الحواس فيها، ونَزحف زَحْفَ بطريق يُجيد اللعب بريشه الأبيض والأسود وهو يجني بطولة شطرنج التمويه على امتداد مساحة الزمن البارد.
لَوْز مُرّ:
وفي قلب الليل أنفاس، تجهش الأنفاس التي قَيَّدَها الحرمان بدموع الأمومة المهرَّبَة مع تين الشتاء بعيدا عن كفّ الممكن.
أما آن لمسطرة قانون حفار القبور أن تُنْصِفَ الموتى بعيدا عن صرخة نفاق جرذان الوقت الحالفة أن تَقضم كَفَنَ الحُلم والحِلم؟!
صرخة واحدة لا تَكفي ليُجِيدَ الفمُ ترتيب شفتيه إذعانا لأمر الروح التي فاتها أن تُغادِرَ معركة النضال الزمني مغادرةً طَوعيةً من باب ترتيب أوراق الجسد الذي نسي أن يَحمل مظلة المقاومة عند سقوط آخِر ورقة من أوراق شجرة التحدي الحالفة أن تُعَرِّيك يا جسدَ الأيام الأمَّارة باستمرار رحلة العته بعيدا عن قطار منتصف الرغيف.
سعاد درير – هسبريس المغربية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: بعیدا عن
إقرأ أيضاً:
من هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه؟
يتعرض مستشفى كمال عدوان منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي اعتداءه على قطاع غزة، لقصف عنيف وكثيف وغير مسبوق، وكان آخر قصف للاحتلال أمس عندما شن الاحتلال غارات عنيفة وتسبب في سقوط الكثير من الشهداء والجرحى، فمن هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه، بحسبما ذكرت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية
من هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه؟وفي التقرير التالي نكشف مَن هو كمال عدوان الذي سُمي مستشفى غزة باسمه، وأيضًا لماذا سُمي المستشفى الذي يخدم جزءا كبيرا من سكان القطاع باسمه؟
يحمل مستشفى كمال عدوان في شمال غزة هذا الاسم تخليدًا لذكرى الشهيد كمال عدوان، أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية البارزين، الذي استشهد عام 1973 وهو من أبناء المحافظة.
وُلد كمال عدوان، القيادي البارز في حركة فتح وعضو لجنتها المركزية، في قرية بربرة قرب عسقلان عام 1935، وعاشت عائلته النكبة عام 1948، ما أدى إلى انتقالها إلى قطاع غزة، وفقاً لما وثقته مؤسسة «خليل الوزير».
ويُشير مركز الناطور للدراسات والأبحاث الفلسطيني إلى أن والد كمال عدوان، وهو مقاول من وجهاء بربرة، هاجر مع عائلته إلى قطاع غزة إثر نكبة عام 1948، ومكثت العائلة في رفح لمدة ستة أشهر قبل الاستقرار في غزة، حيث توفي والد كمال عام 1952.
وبدأ كمال عدوان مسيرته التعليمية في مدرسة بربرة الابتدائية، بعد انتقال عائلته إلى غزة، التحق بمدرسة الرمال الإعدادية التابعة لوكالة الأونروا، ثم بمدرسة الإمام الشافعي الثانوية، وفي عام 1954، واصل تعليمه العالي في جامعة القاهرة، حيث درس الهندسة، تخصص بترول ومعادن.
وبعد مغادرته غزة عام 1955، سافر عدوان إلى مصر ثم إلى قطر، حيث عمل مدرسًا لمدة عام، وانتقل بعدها إلى السعودية عام 1958، ليعمل مهندسًا متدربًا في أرامكو بالدمام.
كمال عدوان لعب دورًا في تأسيس حركة فتحولعب كمال دورًا رائدًا في تأسيس حركة فتح، وشارك في المجلس الوطني الفلسطيني منذ دورته الأولى في القدس عام 1964، واستقال من عمله في قطر عام 1968 ليتفرغ للعمل في حركة فتح مسؤولًا عن الإعلام، مُقيمًا مقره في عمان، حيث أسس جهازًا إعلاميًا متطورًا.
وبعد أحداث أيلول الأسود، انتقل كمال عدوان إلى دمشق وبيروت حيث أعاد بناء جهاز إعلام حركة فتح، شارك في تأسيس وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، وانتخب عضوًا في اللجنة المركزية لحركة فتح عام 1971، مُكلفًا بمسؤولية قطاع الأرض المحتلة (القطاع الغربي).
ويُصف مركز الدراسات والأبحاث الفلسطيني كمال عدوان بأنه مناضل كبير وواعٍ، استشهد عام 1973 في شقته بشارع فردان ببيروت، حيث قاوم مهاجميه حتى النهاية، مُصيبًا وقتلًا عدداً منهم قبل استشهاده.