لجريدة عمان:
2024-11-23@19:47:23 GMT

كتب مفقودة

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

قيل أنّ عصفورة كانت تجاور حيّة رقشاء، إذا هي فرّخت، سرت الحية لأكل فراخها في الظلام، في عام بعد عام، فقضى بتلك الحية أن أصبحت كفيفة، فلزمت الوجار، فقال أحباء العصفورة: «لم لا تأتين الحيّة الظالمة، فتظهرين الشماتة فيها؟ قالت: لو كنتُ وهي المبصرة أقدر على ضير، لكنت إليها وشيكة السير، فأما إذ كفتنيها الأقضية، فإن عيني عليها مغضية».

هذه واحدة من حكايات كتاب (القائف) لأبي العلاء المعرّي

والقائف، لغة، هو مَنْ يُحْسِن معرفة الأَثَر وتَتّبُعَهُ، وهو كتاب مفقود لم تصلنا منه سوى شذرات على هيئة حكايات تجري على ألسنة الحيوانات، في إطار رمزي، يغلب عليها صوت الحكمة، وقد يرمي واضعو الحكايات التي تجري على ألسنة الحيوانات والطير، إلى أبعد من ذلك، فقاموا «بانتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية والأخلاقية، بدءا بخرافات أيسوب اليوناني وفايدر الروماني، ولافونتين الهادفة ثم حكايات أمير الشعراء أحمد شوقي» كما يقول أ.د. سيدي محمد بن مالك في كتابه (حكايات الحيوان في الشوقيات).

وكتاب (القائف) يشبه كتاب (كليلة ودمنة) لابن المقفع، ويؤكد الدارسون أّنّه أكبر حجما منه، رغم مجيئه بعده، حتى أن المعري لا ينكر ذلك، فقد ذكر في رسالته لابن سنان أنّه لا يملك نسخة من (كليلة ودمنة)، وهذا دليل على معرفته به، لكنّ الكتاب، للأسف الشديد، فُقِد، فخسرنا بفقدانه، الذي لا نعرف ظروفه، وكيف جرى، كنزا أدبيا، وقد بذل المهتمون بكتب التراث جهودا من أجل العثور عليه، لكنها لم تسفر عن شيء، يقول د.وليد محمود خالص الباحث المعروف في كتب الأدب العربي القديم والمخطوطات «بحثتُ عن نسخة مخطوطة منه، فلم أنجح وقرأت قبل سنتين، أو أكثر في إحدى المنشورات التي تعتني بالمخطوطات أن أحد الباحثين المغاربة عثر على نسخة منه في المغرب، فقوي الأمل في قراءته وخصوصا أن (بنت الشاطئ) -رحمها الله- اعتمدت على نسختين مخطوطتين من كتاب المعري (الصاهل والشاحج) عثرتْ عليهما في المغرب وكتبتُ - والكلام للدكتور وليد- وقتها إلى تلك النشرة أسالها وأطلب عونها أن تعطيني اسم الباحث المغربي، فلم ترد».

و(القائف) ليس الكتاب الوحيد المفقود للمعرّي، فهناك كتب أخرى مفقودة من بينها كتاب (الفصوص)، الذي فقده خلال سنوات إقامته ببغداد، بينما كان يحمله قاصدا أحد الأمراء، فسقط منه في نهر دجلة، فقال أحد الشعراء مداعبا إياه:

قد غاص في النهر كتاب (الفصوص)

وهكذا كل ثقيل يغوص

فأجابه المعرّي:

عاد إلى معدنه إنما

توجد في قعر البحار الفصوص

وللجاحظ الذي عاش في العصر العباسي في الفترة من 159 إلى 255 هجرية، كتاب مفقود عنوانه (حيل اللصوص) ذكره في مقدمة كتابه (البخلاء) ويقال هما كتابان؛ الأول عنوانه «حيل لصوص النهار» والثاني «حيل سراق الليل»، وعنه يقول الخطيب البغدادي أنه من الكتب التي ضاعت من جملة ما ضاع من تصانيف الجاحظ، ويقال أنه أُحرق بأمر الحاكم، عندما صار اللصوص يقرؤونه، ويتعلّمون منه حيلهم في اللصوصية، فإذا ألقى العسس، أو(الشرطة) القبض على لص، يسألونه عن مصدر تلك الحيلة، فيجيب: قرأتها في كتاب الجاحظ، لذا صدر أمر بإتلافه.

لقد خطرتْ ببالي سيرة الكتب المفقودة، وأنا أتنقل بين أجنحة معرض مسقط الدولي للكتاب، بحثا عن كتب لها مكانة عالية في الذاكرة ولها دور في تكويننا المعرفي والثقافي، لكنها اليوم لم تعد تحتلّ حيزا في رفوف المكتبات كما كانت، تلك الكتب روايات عالمية مترجمة، وقصص قصيرة ودواوين شعرية ومسرحيات من الأدب العالمي.

و إذا كانت كتب المعري والجاحظ قد بقيت مخطوطة وفُقدت، فالكتب التي اختفت من رفوف المكتبات كانت رائجة في النصف الثاني من القرن الماضي، لكن الناشرين أداروا لها ظهورهم، لقلة إقبال الجيل الجديد من القرّاء عليها، فلكل زمان دولة ورجال.

لكنهم حرموا هذه الأجيال من كنوز أدبية، ولا يتحمّل الناشرون كامل المسؤوليّة، بل المؤسسات الثقافية، التي نتمنّى عليها تبنّي إعادة طبعها لتعريف الأجيال الجديدة بها، قبل أن تصبح كتبا مفقودة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مؤتمر أدب الطفل بدار الكتب والوثائق يناقش مخاطر الذكاء الاصطناعي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهدت وزارة الثقافة المصرية ممثلة في دار الكتب والوثائق القومية برئاسة الدكتور أسامة طلعت، انطلاق فعاليات ثاني أيام المؤتمر السنوي التاسع لمركز توثيق وبحوث أدب الطفل.

بدأت الفعاليات بانعقاد الجلسة الثالثة للمؤتمر والتي تحدث فيها الدكتور حسام إبراهيم محمد قطب عن فرص وتحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في أدب الأطفال.  

وأكد أن الذكاء الاصطناعي (AI) هو مجال علوم الكمبيوتر المخصص لحل المشكلات المعرفية المرتبطة عادةً بالذكاء البشري، مثل: التعلم والإبداع والتعرف على الصور، وتجمع المؤسسات الحديثة كمياتٍ كبيرةً من البيانات من مصادر متنوعة، مثل: أجهزة الاستشعار الذكية، والمحتوى الذي ينشئه الإنسان، وأدوات المراقبة وسجلات النظام. فالهدف من الذكاء الاصطناعي هو إنشاء أنظمة ذاتية التعلم تستخلص المعاني من البيانات.

وأوضح، أنه يُمكن للذكاء الاصطناعي تطبيق تلك المعرفة لحل المشكلات الجديدة بطرقٍ تشبه الإنسان، فعلى سبيل المثال، يُمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي الاستجابة بشكلٍ هادف للمحادثات البشرية، وإنشاء صور ونصوص أصلية، واتخاذ القرارات بناءً على مُدخلات البيانات في الوقت الفعلي، ويمكن لأي مؤسسة دمج إمكانات الذكاء الاصطناعي في تطبيقاتها لتحسين عمليات الأعمال لديها وتحسين تجارب وخبرات العملاء وتسريع الابتكار.

فيما تناولت الدكتورة داليا مصطفى عبد الرحمن موضوع "إعادة تصوَّر دور المؤلف البشري لأدب الأطفال في عصر الذكاء الاصطناعي" حيث  يشهد مجال أدب الأطفال كغيره من المجالات تحولًا جذريًا مع التقدم السريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مما يستدعي إعادة تصور شامل لدور المؤلف البشري، مع التركيز على التحديات والفرص الناشئة في هذا السياق الجديد.

وقدمت نظرة تاريخية على تطور أدب الأطفال، مُسلّطة الضوء على الدور التقليدي للمؤلف البشري في عملية الإبداع والنشر، ثم انتقلت إلى تحليل الوضع الراهن لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال أدب الأطفال، مُستعرِضة التطبيقات الحالية في إنشاء القصص والرسوم التوضيحية. من خلال دراسات حالة محددة، تُظهر الورقة كيف بدأت هذه التكنولوجيا في تغيير ديناميكيات الإبداع والنشر.

واقترحت إعادة تعريف شاملة لدور المؤلف البشري بدلا من كونه مجرد منشئ للمحتوى، كما تناقش الورقة كيف يمكن للمؤلفين البشريين أن يتكيفوا مع هذا الدور الجديد، بما في ذلك تطوير مهارات جديدة.
تتطرق الدراسة أيضًا إلى الجوانب الأخلاقية والقانونية لهذا التحول.

وعرض الدكتور كرم خليل سالم، دراسة حول أدب الطفل الياباني المعاصر و روايات الرسوم المتحركة "Animation"، والروايات المصوَّرة الورقية "Manga".

حيث أوضح، أن أدب الطفل الياباني المعاصر يحتل مكانةً فريدة وبارزة في الساحة العالمية للأدب، ويستمد قوته من السمات والخصائص العريقة للتقاليد اليابانية ذاتها، وعلى الرغم من أن القارئ العربي قد أُتيح له فرصة التعرف على بعض تراجم روايات الطفل الياباني الحديث والمعاصر، فإن الدراسة الخاصة بأدب الطفل الياباني المعاصر في الوقت الحالي تفتقر بعض الشيء إلى نوعٍ من أدب الطفل المعاصر وهو روايات الرسوم المتحركة "Animation" أمثال: روايات (كابتن ماجد، وناروتو، ونبيس، وكونان، وجاري توتورو)، والروايات المصوَّرة الورقية "Manga"، أمثال: روايات (دراجون بول، ودورايمون، وهاداشي نو جن)، وفيها يقع المكوّن النصي أسفل أو أعلى الصور، وتتميز بأنها تُقرَأ من اليمين إلى اليسار، والرسوم ملونة بالعديد من الألوان، وتحظى بشعبية كبيرة حول العالم، فهي تسرد القصص اليابانية الغنية والمليئة بالشخصيات الديناميكية والنابضة بالحياة الممتعة للأطفال والكبار. ونظرًا لضخامة أدب الطفل الياباني المعاصر وتنوعه، وصعوبة الإحاطة بكل جوانبه في مثل هذا الحيز، يجب التركيز على واقع أدب الطفل الياباني وتطور أدب الطفل الياباني المعاصر، وأنواع أدب الطفل، وإبراز دراسة معاصرة حول روايات الرسوم المتحركة "Animation"، والروايات المصوَّرة الورقية "Manga"، وأثرهما الواضح في تطور أدب الطفل الياباني المعاصر.

فيما ركز بحث تاجوج الخولي على 
"أدب الطفل بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني" حيث تم استعراض مفاهيم مثل:  الرقمنة، الأتمتة، السايبورج، الواقع الافتراضي، الميتافرس، الذكاء الاصطناعي، تلك هي مفاهيم عصرنا وأدواته التي تتطور أسرع من استيعاب الكثير منا، وأحيانًا أسرع من الوعاء اللغوي لنا فنجد الكثير منها مجرد مصطلح مُعرَّب لا يجد ما يقابله في اللغة العربية، كل ما نفعله هو محاولة اللحاق بما استُحدِث ومناقشة مدى انسجامه مع بيئتنا ومنظومتنا القيمية، وموضوع النقاش الحالي هو الذكاء الاصطناعي، ذلك الوافد الوديع كوداعة ملامح صورة مفلترة ببرامجه على حائط وسائل التواصل الاجتماعي، الشرس باحتلاله القوي لفرص العمل، لقد حول المترجم لمجرد محرر، وكما أكلت الأتمتة فرص عمل أصحاب الياقات الزرقاء، تتآكل الآن فرص عمل أصحاب الياقات البيضاء من مترجمين ومصممين ومهندسين وكاتبي محتوى.

ويصف فولكر لانج في كتابة الطلاقة الرقمية، الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته بأنه من أكثر التقنيات التخريبية التي عرفها العالم منذ اختراع الآلة البخارية، وتآكل فرص العمل لصالحه، لنجد في النهاية اضطرار الجميع للعمل في إنتاج الذكاء الصناعي، أو لمن ستذهب منتجات الذكاء الاصطناعي؟ مع زيادة طوابير العاطلين عن العمل, لقد امتد تأثيره لشتى مناحي الحياة، وخصوصًا الأنساق العلمية والثقافية للمجتمعات، مثل: الطب والجرافيك والإعلام والكتابة الأدبية.

وتناولت الورقة البحثية: مفهوم الذكاء الاصطناعي ونشأته منذ سبعينات القرن الماضي، وما يُعرَف بشتاء الذكاء الاصطناعي، وتأثير بناء الكمبيوتر الكمي والتخزين السحابي على الذكاء الاصطناعي وربيع الذكاء الاصطناعي، ومفهوم الأمن السيبراني وعلاقته بالذكاء الاصطناعي، وأهمية تطبيقات الذكاء الاصطناعي للأمن السيبراني في حماية النشء من الأنساق الأخلاقية التي تخالف عاداتنا وتقاليدنا.

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تخسر أكثر من 40% من الأراضي التي استولت عليها في كورسك
  • ‏مصدر عسكري أوكراني: أوكرانيا فقدت أكثر من 40% من الأراضي التي سيطرت عليها في منطقة كورسك الروسية
  • «كان يتردد علينا وأعاد قطعا مفقودة».. تفاصيل اتهام زوجة خالد يوسف للمخرج عمر زهران بسرقة مصوغاتها الذهبية
  • Spotify توسع مكتبة الكتب الصوتية
  • حكايات مر بها أبطال مسلسل «6 شهور» مع موظفي «السيلز».. ماذا قالوا؟
  • نادين نجيم.. حكايات من القلب عن حبها لمصر وذكريات الطفولة
  • حكايات الإبداع بـ«أيادي مصرية».. عم ربيع يحول «العرجون» لتحف فنية و«ملك» ترسم بالرمال الملونة
  • مؤتمر أدب الطفل بدار الكتب يختتم فعالياته.. ويعلن التوصيات
  • حكايات السكان والمقاعد: كيف تُرسم خارطة العراق من جديد؟
  • مؤتمر أدب الطفل بدار الكتب والوثائق يناقش مخاطر الذكاء الاصطناعي