لجريدة عمان:
2024-09-22@14:37:07 GMT

وجه الحقيقة

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

ينسى المرء أحيانا أن الفترة التي قضاها معتقدا لاعتقادات يرى بطلانها وسخافتها اليوم، ينسى بأنها مكملة لحياته صاقلة لروحه وبصيرته، ولعل الثمرة التي يجنيها المرء لحظة وفاته؛ هي نتاج التجارب المختلفة والمتنوعة بتناقضاتها التي لا سبيل إلى الجمع بينها منطقيا! فكما أن المراحل السنية للإنسان في حقيقتها مناقضة لبعضها البعض -أي أن نزق الطفولة يناقض رجاحة منتصف العمر، وطيش الشباب يناقض حكمة الشيخوخة، وهكذا- كذلك الإنسان نفسه يناقض حاله في فترة ما لسبب ما، وتتشكل شخصيته وحياته الكلية من اجتماع تلك النقائض كلها.

إن احتكار الحقيقة، والمعرفة والمعاني السامية التي نظن أننا نمتلكها ونحاكم بها الآخرين، لا يلزم أن يراها الآخرون بالنظرة التي نراها بها؛ فكما أن الجبل الأخضر له طريق مرصوف تتسنمه السيارات في مدة وجيزة، فكذلك له طرقه الأخرى التي يسلكها الناس صعودا على الأقدام، وفي المحصلة النهائية كلهم يصل إلى قمة الجبل الأخضر، وهذا هو المطلوب والغاية لكليهما.

تعمينا المعرفة المكتسبة والمقدَّرة بالمعلومات الكثيرة التي تراكمت عبر القراءات المتنوعة والمصادر المتعددة للمعرفة، عن عيش الحياة الحقيقية. فينظر الناس إلى المثقف كغريب، ويرميهم هو بالغرابة ذاتها. فلا ذا اقترب من هذا، ولا ذاك دنا وفهم هذا. ولو أنهما اقتربا للنقطة الوسطى التي تلتقي فيهما اهتماماتهما واعتقاداتهما وثقافتهما العامة المشتركة، لوجدا من أواصر القربى ما يَبُتُّ عُقَدَ التنافر أو سوء الفهم. بالنسبة إلي، فالمثقف الحقيقي هو الذي يعرف معارف مجتمعه من مأكل ومشرب وملبس وطبيعة، بجانب معرفته بالمعلومات المتراكمة. ومن كان شيخه كتابه، كان خطؤه أكثر من صوابه كما يُقَال. فمن يقرأ في كتب الطب المعتمدة على الأعشاب عن العشبة المعمرة من جنس الذفراء وفصيلة السذابية التي تعالج الكسور، لن يعرفها «البيدار» ولا «الشاوي» ولا «البدوي»!، لكنهم سيحضرونها لك في طرفة عين إن أخبرتهم بأنك تبحث عن «تفر التيس» أو «المخَيّسة». فمعرفة جانب واحد من الحقيقة لا يعني امتلاك الحقيقة كلها. وهذا يذكرني بالفيلسوف الفرنسي «باشلار» في مقابلة قديمة متحدثا عن نفسه «إنني في طرفة عين أعرف اللحم الجيد من الرديء»، و«باشلار» عند الفرنسيين له شأنه الكبير ومقامه العالي، ولكنه لا يستنكف عن الحياة الطبيعية البسيطة بحاجياتها المتجددة.

والمرء في حياته المعاشة يواجه شتى المآسي والاختبارات، ولربما كانت صعوبة المواقف بأنه يتعامل مع بشر مثله؛ فالطبيعة المختلفة للبشر واستعداداتهم النفسية ومقاربتهم للخير والشر، كلها تجعل من الصعوبة بل الاستحالة التعامل معهم بنفس الكيفية والطريقة. فلو أن البشر آلات أو جمادات، لأمكن التعامل معهم بالمنطق الرياضي والحساب الدقيق، ولكن الإنسان يتأثر ويؤثر بما يطرأ عليه من حوادث. وإحدى فوائد القراءة أنها تذكرنا بما نعرفه بداهة، وتنبهنا إلى ما نكاد ننساه.

وبما أن معرض الكتاب عاد إلينا بعد طول فراق، فلنتذكر الحقائق التي تهمنا وتحسّن من حياتنا ومسارنا العلمي والعملي. فلا نلتفت إلى ما يتوقع الآخرون منا قراءته وما يريدنا الأصدقاء أن نقرأه وحده، وليس في هذا دعوة إلى أن نهمل اقتراحات الأصدقاء رأسا؛ وإنما بأن نقرأ ما نراه مناسبا ومتسقا لنا ولمسارنا الخاص. ففي نهاية حياتنا ونحن ننظر إلى الوراء، إلى ما حققنا وما أسفنا على عدم تحقيقه أو محاولة السعي إليه؛ لن تفيدنا نظرة الآخرين لنا أو رأيهم فيما قرأنا وفعلنا. وأختم بعبارة لم يزل أبي يرددها على مسامعنا مذ كنا صغارا «السيفُ بحدِّهِ والقلمُ بمدِّهِ والرَّجُلُ بِسَعْدِهِ لا بأبيهِ ولا بجدِّهِ». فعلى المرء أن يختار طريقه ويشقه بسعده غير آبه ولا ملتفت لمسار أقرانه، إلَّا بالقدر الذي ينفعه في تصحيح مساره وتقويم طريقه، فـ «الحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق الناس بها» كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مغردون: الحقيقة ترعبهم وإغلاق مكاتب الجزيرة في فلسطين لن يوقف نقل جرائمهم

"الحقيقة ترعبهم"، بهذه العبارة عبر جمهور منصات التواصل عن استنكارهم اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مكتب الجزيرة في رام الله وإغلاقه 45 يوما بموجب أمر عسكري ومصادرة كافة الأجهزة والوثائق الموجودة فيه ومنع العاملين فيه من استخدام سياراتهم ووقف بث القناة.

وأظهرت المشاهد التي بثتها قناة الجزيرة اقتحام جنود الاحتلال مدججين بالسلاح مكتب قناة الجزيرة وقيامهم بتسليم مدير المكتب الزميل وليد العمري أمرا عسكريا بإغلاق المكتب 45 يوما.

وعلق بعض المغردين على المشهد بالقول "هذا التصرف ليس بغريب على الاحتلال، فهكذا كل الطغاة والمستعمرين يخافون من كاميرا وميكرفون ينقل حقيقة الإجرام والعدوان الإسرائيلي إلى العالم".

الصورة لن تغيب اصبح كل مواطن فلسطيني صحفي يصور بهاتفه وينشر ولن تحجب الحقيقة

— أنيس منصور (@anesmansory) September 22, 2024

وأشار ناشطون إلى أن الاحتلال الإسرائيلي دائما ما يخاف من صوت الجزيرة ونقلها الأحداث بالقول أولا، قتلوا مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، وبعدها قتلوا عائلة مراسلها في غزة وائل الدحدوح، وبعد ذلك قتلوا مصور قناة الجزيرة سمير أبو دقة، ثم حظروا تغطية الجزيرة في إسرائيل.

وفي وقت لاحق، قتلوا مراسل الجزيرة إسماعيل الغول في غزة، والآن حظروا قناة الجزيرة في الضفة الغربية.

هذه هي الديمقراطية الوحيدة المزعومة في الشرق الأوسط…
لا تحتمل الكلمة وتصادرها بأمر عسكري…
ملاحقة قناة الجزيرة وإصدار القوانين ضدها واغلاق مكاتبها لن يوقف نقل الحقيقة في زمن التقنيات والسرعة…
بل سيزيد من فضح حقيقة هذا الكيان المجرم اللا أخلاقي

— أياااااااات الله????????????✌???? (@noursalim99) September 22, 2024

وقال مدونون إن الدولة الديمقراطية الوحيدة المزعومة في الشرق الأوسط لا تحتمل الكلمة وتصادرها بأمر عسكري، ملاحقة قناة الجزيرة وإصدار القوانين ضدها وإغلاق مكاتبها لن يوقف نقل الحقيقة في زمن التقنيات والسرعة، بل سيزيد فضح حقيقة هذا الاحتلال المجرم اللاأخلاقي.

اغلاق مكتب الجزيرة يعني ان هناك جريمة كبرى سترتكب في رام الله ويريدونها ظلاما دامسا بلا كاميرات .

— علي شرف الدين (@LAldyn20124) September 22, 2024

وسخر آخرون من تصرف الاحتلال الإسرائيلي بالقول "في خضم حالة الهزيمة التي يغرق فيها الكيان من المهم الإشارة إلى نجاحه في تنفيذ عملية محكمة وسط هذا القتال الدائر على جبهتين، حيث تمكنت كتيبة نخبوية من قواته المدججة بالسلاح والمدرعات من تحييد عدو خطير على جبهة ثالثة".

وأضافوا "وبعد اشتباك دامٍ وقتال عنيف ضد لواء من الكاميرات والميكروفونات وبزّات الصحافة انتهت العملية بنجاح كبير ونصر مؤزر بدا جليا في تمزيق صورة وإغلاق مكتب! هذه إسرائيل العظمى التي تصنع النصر وتعيد الردع إلى نصابه!".

هي وين السلطة الوطنية الفلسطينية صاحبة السيادة في الضفة الغربية؟! أليس المكتب في قلب رام الله بجوار المقاطعة؟! كيف يعني أمر محكمة اسرائيلي؟! https://t.co/cIZJyLrJCM

— أدهم أبو سلمية ???????? Adham Abu Selmiya (@adham922) September 22, 2024

وتساءل آخرون: كيف دخلت القوة الإسرائيلية إلى مكتب الجزيرة في رام الله وهو يقع ضمن نطاق السلطة الفلسطينية؟! وقالوا "أين سلطة #أوسلو في #رام_الله، مش على أساس هذه منتجات السلام والرهان على السلام واحترام السلطة الفلسطينية وشرعيتها أمام العالم ولا أحد يتحدث خارج السلطة، سلطة عباس لا تستطيع أن تحمي حتى قناة إخبارية!".

من ناحيته، قال مدير مكتب الجزيرة في رام الله وليد العمري إن جنود الاحتلال مزقوا صورة الزميلة شيرين أبو عاقلة على واجهة مكتب رام الله وخربوا محتوياته.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنه تقرر إغلاق مكتب الجزيرة في رام الله لأن "بثها يضر بأمن الدولة".

مقالات مشابهة

  • الجزيرة: إغلاق الاحتلال مكتبنا في رام الله يهدف لمنع العالم من مشاهدة الحقيقة
  • هل التهابات الكبد تنتقل عبر لدغة البعوض.. طبيب يكشف الحقيقة
  • مغردون: الحقيقة ترعبهم وإغلاق مكاتب الجزيرة في فلسطين لن يوقف نقل جرائمهم
  • هل القهوة مفيدة لمرضى ارتفاع ضغط الدم .. دراسة تكشف الحقيقة
  • ماذا يحدث في أسوان؟.. نواب المحافظة يوضحون الحقيقة
  • هل حالات الإصابة في أسوان ناتجة عن الكوليرا.. المحافظ يكشف الحقيقة (فيديو)
  • الحقيقة والمصالحة !
  • سوق ووهان: هل الحقيقة مخفية حول أصل فيروس كورونا؟
  • ناشطة من مصراتة: البلاد أصبحت عصابات كلها بسبب عدم المحاسبة
  • أخدم وعول : شاهدوا الحقيقة الكاملة .. دلاع مسقي بالزيقو