ملتقى أخلاقيات البيولوجيا يناقش الأبعاد الصحية والقانونية لعمليات تغيير الجنس
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
كتب - يوسف الحبسي
نظمت جامعة السلطان قابوس ممثلة في اللجنة الوطنية لأخلاقيات البيولوجيا الملتقى الفكري الحادي عشر بعنوان "الجوانب الأخلاقية المتعلقة بالأسرة: الواقع والتحديات"، وقد تناول الملتقى الذي رعى حفل افتتاحه صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد، رئيس جامعة السلطان قابوس، محورين أولهما: دراسة الأبعاد الصحية والقانونية والدينية والأخلاقية لعمليات تغيير الجنس، وركز المحور الثاني على وقاية الأسرة من الأمراض الجنسية المنقولة.
وقال أحمد بن سميط البدوي، أمين سر اللجنة الوطنية لأخلاقيات البيولوجيا: إن موضوع الشذوذ الجنسي يعد من أحدث المواضيع التي تثير اهتمام الناس بمختلف مشاربهم وانتقال دعاتها من مرحلة الدفاع إلى الهجوم وتحديهم التشريعات التي تجرمهم، ولا بد من الانتباه والوقوف أمام هذه الأفكار التي تريد أن تغيّر الطبيعة البشرية إذ تهدف إلى القضاء على الجنسي البشري، ويستعرض الملتقى التحديات التي تواجه الأسرة عبر التعرّف على الأبعاد الصحية والقانونية والدينية والأخلاقية لعمليات تغيير الجنس وإلزامية الفحص ما قبل الزواج.
وتطرقت الجلسة الأولى إلى الأبعاد الصحية والقانونية والدينية والأخلاقية لعمليات تغيير الجنس، حيث تحدث الدكتور حمد بن ناصر السناوي، طبيب استشاري أول بمستشفى جامعة السلطان قابوس، عن اضطرابات الهوية الجنسية، موضحا أن اضطراب الهوية الجنسية هي حالة نفسية بعد التوافق بين الهوية الجنسية "جنس الشخص الذي يشعر بأنه عليه" والجنس البيولوجي "جنس الشخص الذي ولِد به"، مؤكدا أن العلم الحديث لم يستطع اكتشاف أسباب محددة لاضطراب الهوية الجنسية، كما أن الكروموسومات والهرمونات لها دور أساسي في اضطرابات الهوية الجنسية إضافة إلى التربية في مرحلة الطفولة.
وأشار إلى أن إدراك الاختلافات المادية بين الذكور والإناث تتشكل في عمر سنتين إلى 3 سنوات من العمر وبحلول العمر الرابع يصبح لمعظم الأطفال شعور ثابت بهويتهم الجنسية، وخلال مرحلة المراهقة تؤثر السمات الشخصية والتفاعل بين الأقران على تطور الهوية الجنسية، وتسهم الهرمونات خلال البلوغ في تعزيز الهوية الجنسية، ويتفاعل الدور الجنسي مع الميول الجنسي، لافتا إلى أن الدراسات تشير إلى أن بعض المراهقين المصابين باضطراب الهوية والراغبين في التحوّل الجنسي تغيّرت لديهم هذه الرغبة بالفعل بعد انتهاء فترة المراهقة وتوفقوا بشكل كامل مع جنسهم.
وقدم الدكتور نواف بن أحمد المقيمي، استشاري جراحة تجميل وتصحيح بمستشفى جامعة السلطان قابوس ورقة عمل حول "عمليات تغيير الجنس من المنظور الطبي" وقال: إن 0.3% إلى 0.5% من البالغين يعانون من اضطرابات الهوية الجنسية، ويتّبع معظم المختصين المبادئ والإرشادات التي وضعتها الرابطة المهنية العالمية لصحة المتحولين جنسيا، مؤكدا أن الهدف من العلاج بالهرمونات البديلة هو قمع الهرمونات الجنسية غير المرغوبة وتعزيز زيادة الهرمونات للجنس المرغوب، والتحوّل الجنسي في الغرب أحدث موجة كبيرة لا تزال تتسع إذ لا يستطيع أي مرء انتقاد هذه التوجه الغربي في مجتمعاتهم الأمر الذي بلغ حد الطرد من الوظيفة، وقد خُصّصت موازنات مالية ضخمة لمثل هذه العمليات الجراحية رغم المخاطر الصحية لهذا الأمر.
وقدم الأستاذ الدكتور محمد بندري السيد، أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة السلطان قابوس ورقة عمل حول "الجوانب القانونية لعمليات تغيير الجنس" قال فيها: إن موضوع تغيير الجنس بسبب اضطرابات الهوية الجنسية أو حتى دون أي اضطراب كما يريد أن يروّج الغرب بأن اختيار الشخص لجنسه إنما هو من قبيل الحرية الشخصية للإنسان، حيث يفرقون بين الجنس وهو كون الشخص ذكرا أو أنثى من الناحية البيولوجية وبين النوع الاجتماعي وهو الوصف الذي يختاره الإنسان لنفسه عندما ينضج ويكبر، وذلك بحسب هويته الجنسية التي يختارها ويشعر بالانتماء إليها، وهذه الهوية الجندرية قد تكون متفقة مع هويته الجنسية أو مختلفة عنها، ويمكن القول إن هذه الصيحات الغربية قد وجدت للأسف صدى لها في كل المجتمعات العربية والإسلامية.
وأضاف: إذا بحثنا في نصوص القانون العماني نجد نصّا وحيدا أشار إلى عملية تغيير الجنس وهو نص المادة 32 من المرسوم السلطاني رقم 75 لسنة 2019 الخاص بتنظيم مزاولة مهنة الطب البشري والمهن الطبية المساعدة حيث ينص على أنه "لا يجوز لمزاول مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة إجراء أي عمل يؤدي إلى تحويل الذكر إلى أنثى أو العكس مع اكتمال أعضاء الذكورية والأنوثة، ويستثنى من ذلك الحالات التي يصدر بها قرار من لجنة تشكل لهذا الغرض من قبل وزير الصحة مكونة من ثلاثة أطباء على أن يكون أحدهم متخصصا في الغدد الصماء"، ويتضح أن قانون مزاولة مهنة الطب العماني منع صراحة في الفقرة الأولى من المادة 32 منه أي عمل يؤدي إلى تغيير الجنس، وهذا يعني أي عمل ولو كان غير الجراحة يؤدي إلى تغيير الذكر إلى أنثى أو العكس.
النظرة الدينية
وقدّم فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي، مساعد المفتي العام لسلطنة عمان، نائب رئيس اللجنة الوطنية لأخلاقيات البيولوجيا، ورقة عمل حول "الجوانب الدينية والأخلاقية لتغيير الجنس"، وأكد فضيلته أن أمر جعل ذكر أو أنثى هو أمر استأثر به الله جل وعلا لنفسه ولم يكله إلى غيره ليتصرفوا فيه، مشيرا إلى أن قضية المتغيرين قضية أعمق وأبعد من الجدل حول الحكم الشرعي، وتداعيات هذه القضية لا نهاية لها حتى في المسائل المحسومة شرعا وقانونا، والمسألة ليست مسألة تغيير الجنس وإنما أكبر من ذلك وأعمق ولا ينبغي لنا أن ننظر إليها بسطحية.
وقال: هناك 7 نقاط رئيسية في التعامل مع هذه القضية إذا أردنا التعامل معها بأساس معرفي واستراتيجي صحيح، والأمر الأول أن العالم يشهد تغييرا في المفاهيم؛ إذ يُعاد تشكيل وصياغة مفاهيم الرجل والأنثى والأسرة، والأمر الثاني أن هناك تزويرا للعلم حتى في الأبحاث العلمية إذ لم تعد محايدة أبدا، والأمر الثالث أن هناك تهميشا للعلم تماما إذ لم يعد الجانب البيولوجي هو من يحدد هوية الشخص، وإنما اختياره الحر في المجتمعات الليبيرالية، إذ أن الحرية الليبيرالية هي القيمة الأعظم عندهم ثم يأتي العلم وهذا ما يصرح به علماؤهم في البيولوجيا اليوم، والأمر الرابع يكمن في استغلال الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وإعادة صياغة الكثير من الاتفاقيات وخاصة منها المتعلقة بالأسرة والمرأة والطفل، والأمر الخامس أن هناك تطرفا وغلوا في فضاء الإعلام الرقمي لنصرة قضايا الشاذين جنسيا، والأمر السابع أن هذا التوجه أصبح سوقا لتكديس الثروات لمئات المليارات في هذا السوق.
وأكد أنه لا مناص في هذه القضية من التحصن بالدين عقيدة وعبادات وأخلاقا في مواجهة هذا المد، ولا بد أن يكون مصدر المعرفة هو الدين متمثلا في القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنتمكن من تحصين مجتمعنا من الاختراق، لافتا إلى أهمية العناية بالبحث العلمي ونشر البحوث الرصينة، وتكوين تحالفات وبناء مواثيق حتى يكون هناك تأثير في المنظمات الدولية والأمم المتحدة، إضافة إلى الحيطة والحذر من الاتفاقيات الدولية، وتجنب تأثيرها القوانين الوطنية، كما أشار إلى أهمية وجود منصات وتطبيقات لنشر وجهة النظر الصحيحة والوصول إلى صوت مسموع.
ويأتي هذا الملتقى تكملة لسلسلة ملتقيات أخذت اللجنة على عاتقها تنظيمها للخروج برؤية وطنية وتشريعات تفيد المجتمع وتكون مرجعا علميا ودينيا واجتماعيا وأخلاقيا متكاملا لصنّاع وواضعي القوانين واللوائح التشريعية.
ويسعى الملتقى الحادي عشر إلى الخروج برؤية شاملة تسمح بإعداد وثيقة وطنية علمية رصينة، مراعيا معطيات المجتمع وخصوصياته ووضع التشريعات لعمليات تغيير الجنس والتوصيات الخاصة بالجوانب الأخلاقية المتعلقة بالأسرة وكذلك النظر في إلزامية فحوصات الأمراض الجنسية المنقولة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جامعة السلطان قابوس إلى أن
إقرأ أيضاً:
معاذ بلال أسير قسامي خطط لعمليات استشهادية لتحرير أخيه
معاذ سعيد بلال معتقل قسامي فلسطيني، ولد عام 1971 في نابلس لأسرة اعتقل جميع أفرادها، وتأثر باعتقال أخيه عثمان، فقرر إنشاء مجموعة تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، من أجل تنفيذ عمليات استشهادية لتحرير الأسرى، قبل أن يعتقله الاحتلال في كمين قرب مدينة الخليل، ويحكم عليه بالسجن المؤبد 26 مرة مع 25 سنة إضافية.
المولد والنشأةولد معاذ سعيد بلال عام 1971 في مدينة نابلس لأسرة متدينة معروفة بالتزامها وجهادها، والده سعيد بلال من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، واعتقله الاحتلال في ثمانينيات القرن الـ20 بسبب نشاطه الجهادي.
ومعظم عائلته عانت الاعتقال، فأخوه عثمان اعتقل معه، وأخوه عبادة أفرج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" وأبعد إلى غزة، كما اعتقل أخواه بكر وعمر، وحتى والدته اعتقلها الاحتلال في الثمانينيات بهدف الضغط على زوجها، ثم أعاد اعتقالها عام 2009 يومين للضغط على أبنائها.
وتعلق معاذ بالمساجد، وكبر في ساحات المواجهة مع الاحتلال منذ نعومة أظافره، متأثرا بنهج والده.
ففي طفولته، خاض معاذ أولى مواجهاته مع الاحتلال عندما عرقل جنديا أثناء اقتحامه منزل عائلته بعصا وضعها بين قدميه، مما أدى إلى سقوطه أرضا، فرد الجندي بصفع معاذ على وجهه.
وفي أوائل الثمانينيات من القرن الـ20، اعتُقل والد معاذ عقب اكتشاف خلية مسلحة تابعة للحركة الإسلامية داخل الأراضي المحتلة. ولم تمض سنوات حتى وجد معاذ نفسه أسيرا وهو في الصف الرابع، عندما اعتقله الاحتلال مع والدته للضغط على والده وإجباره على الاعتراف.
وداخل غرفة التحقيق، دفع المحقق بمعاذ إلى حضن والده المقيّد بالأغلال، وأمره أن يحدّق في عينيه، ويقبّل وجنتيه، ويداعب لحيته، ويطلب من والده الاعتراف، لكن معاذ وعلى الرغم من صغر سنه، التقط رسالة الرفض الواضحة في نظرات والده.
إعلانولم يكتف المحقق بذلك، بل انتزع الطفل من حضن أبيه، وأودعه بزنزانة انفرادية قريبة، ليصل صوت بكائه إلى والده، في محاولة لتعميق الألم النفسي وزيادة الضغوط على الوالد.
الدراسة والتكوين العلميالتحق معاذ بجامعة النجاح الوطنية لدراسة الشريعة الإسلامية، على خطى والده في طلب العلم الشرعي، وفي أثناء دراسته الجامعية، انضم إلى صفوف الكتلة الإسلامية، وشغل فيها مناصب قيادية بارزة.
وعند اعتقاله، كان معاذ قد أنهى متطلبات تخرجه من كلية الشريعة، لكنه لم يستطع استلام شهادته، فاستلمتها والدته نيابة عنه. وأثناء سنوات اعتقاله، واصل مسيرته الأكاديمية، وحصل على الماجستير في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس عام 2016.
يصفه شقيقه عمر بأنه خطيب مفوّه ويمتلك مهارة الكتابة والشعر، وأضاف "صرّحت المخابرات الفلسطينية بعد اعتقال معاذ أنه أكثر من خدعها"، وأن الاحتلال رفض بشكل مطلق الإفراج عن معاذ لأنه يعتبره من أخطر الأسرى.
التجربة النضاليةمع انتقال عائلته للسكن في مخيم بلاطة والتحاقه بالمدرسة الثانوية، ورث معاذ المسؤولية الدعوية عن والده، وأسس مع زملائه في المدرسة مجموعة "الشباب المسلم"، التي لعبت دورا بارزا أثناء الانتفاضة الأولى، وانخرط أفرادها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي عام 1994، التحق معاذ بكتائب القسام ضمن مجموعة ضمّت قادة بارزين أمثال الشهيد يحيى عياش وعلي عاصي وعدنان مرعي، واعتقل عامها على إثر ارتباطه بها لأول مرة، وقضى 11 شهرا في السجن قبل أن يُفرج عنه.
واعتقل معاذ مجددا عام 1995 مدة 17 شهرا، عقب أسبوع واحد من اعتقال شقيقه عثمان بسبب نشاطه في الكتلة الإسلامية، وبعد الإفراج عنه عزم العمل على تحرير الأسرى، بمن فيهم شقيقه عثمان المحكوم بالمؤبد، فشكل بعد 3 أيام فقط مجموعة عسكرية تابعة للقسام.
دمجت مجموعته لاحقا ضمن مجموعة "شهداء من أجل الأسرى"، التي ضمّت قادة ميدانيين بارزين أمثال خليل الشريف ومحمود أبو هنود ويوسف السركجي.
إعلانوفي عام 1997، أعيد تشكيل الجهاز العسكري لكتائب القسام في خان يونس، وهدفت مجموعة معاذ إلى تنفيذ سلسلة عمليات استشهادية للمطالبة بتحرير الأسرى والضغط على الاحتلال.
وفي 31 يوليو/تموز 1997، خطط معاذ ورفاقه لاستهداف سوق "محانيه يهودا" في القدس المحتلة، وأسفرت عمليتهم عن مقتل 15 إسرائيليا وإصابة 170 آخرين، وجاءت العملية ردا على نشر صور مسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وللمطالبة بالإفراج عن الشيخ أحمد ياسين وبقية الأسرى المحكوم عليهم بالمؤبد.
ونفّذت مجموعة معاذ العملية الاستشهادية الثانية بعد أيام من العملية الأولى، في شارع "بن يهودا" بالقدس المحتلة، وأسفرت عن مقتل 4 إسرائيليين وإصابة 200 آخرين.
الأسير عثمان بلال مع والدته أثناء زيارتها له في السجن 2008 (الجزيرة) الاعتقالفي 19 أغسطس/آب 1995، اعتقل الاحتلال معاذ بلال برفقة شقيقه عثمان على خلفية اتهامهما بالمشاركة في سلسلة عمليات استشهادية أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الإسرائيليين.
وحكم على عثمان بالسجن المؤبد 27 مرة، في حين صدر حكم بالسجن المؤبد مرة واحدة بحق معاذ. واحتجز معاذ في سجن نفحة، بينما أودع شقيقه عثمان في سجن جلبوع.
وفي 11 يناير/كانون الثاني 1998، وقَع معاذ في قبضة الاحتلال مجددا بعد كمين محكم نُصب له عند مخيم العروب في الخليل، أثناء عودته إلى نابلس، وخضع لتحقيق استمر 3 أشهر، انتهى بإصدار حكم بالسجن المؤبد 26 مرة، إضافة إلى 27 سنة.
تلقى معاذ خبر وفاة أبيه في السجن عام 2005، وذلك بعد زيارته وأخيه بشهرين فقط، كما تلقى خبر وفاة شقيقه الأكبر بكر عام 2016، وقد تأثر بفقده كثيرا، خاصة أنه حرم من لقائه منذ اعتقاله.