أتمنى السعادة لمن يعيش بعد الحرب... كلمات مؤثرة للمقاوم ميساك مانوشيان في آخر رسالة له قبل إعدامه
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
إعداد: طاهر هاني إعلان اقرأ المزيد
بمناسبة دخول المقاوم الشيوعي من أصول أرمنية ميساك مانوشيان إلى مقبرة "العظماء" (البانتيون) الأربعاء وتكريما لكفاحه ضد النظام النازي في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، تم نشر آخر رسالة له كتبها لزوجته ميليني مانوشيان قبل إعدامه بالرصاص في موقع "مون فالريان" بالضاحية الباريسية، رفقة عدد من رفاقه في النضال.
واستهل مانوشيان مراسلته المؤرخة في 21 فبراير/شباط 1944 بالقول: "عزيزتي ميليني، يتيمتي الصغيرة والعزيزة، بعد بضع ساعات من الآن، سأغادر هذه الحياة وسيتم قتلنا بالرصاص عند الظهر، في حدود الساعة الثالثة. لا يمكن أن أصدق، لكن أدرك بأنني لن أراك أبدا".
اقرأ أيضافرنسا: دخول ميساك مانوشيان "مقبرة العظماء" تكريما له ولجميع المقاومين الأجانب ضد النازية
وتابع: "كل شيء غامض في ذهني وكل شيء في نفس الوقت واضح. لقد انخرطت في جيش التحرير كجندي متطوع. وسأموت قبل أيام قليلة فقط من النصر ومن تحقيق الهدف". وتمنى مانوشيان "السعادة" للذين سيعيشون بعد نهاية الحرب و"سيتذوقون نعيم الحرية والسلم".
"لا أشعر بالكراهية إزاء الشعب الألماني"وقتل المقاوم في 21 فبراير/شباط 1944 رميا بالرصاص بعد أن تم سجنه عدة مرات من قبل القوات النازية بسبب انخراطه في العمل المسلح والمقاومة إلى جانب عدد من المناضلين الشيوعيين الآخرين. كما لعب دورا مهما في بناء جسور بين الجالية الأرمنية التي كانت تعيش في فرنسا وتلك التي بقت في أرمينيا.
وأعرب مانوشيان في رسالة خطية دونها بقلم من الحبر، عن تمنياته ألا ينسى الفرنسيون "تضحيات الذين قتلوا من أجل الحرية وهزم النازية"، وكتب: "أنا متأكد بأن الشعب الفرنسي وكل المقاومين من أجل الحرية سيكرّمون ذاكراتنا بمهابة".
وخاطب بشكل مباشر الشعب الألماني قائلا: "حين أموت، أقر بأني لا أشعر بالكراهية إزاء الشعب الألماني..."، مضيفا إن "الشعب الألماني وبقية الشعوب الأخرى ستعيش في سلام ورخاء بعد الحرب التي لن تدوم طويلا".
"أقول وداعا للدنيا ولَكِ ولكل الأصدقاء"عاد مانوشيان ليتحدث بشكل مباشر وتلقائي مع زوجته قائلا لها: "أشعر بندم عميق كوني لم أتمكن من إسعادك. تمنيت أن تنجبي طفلا كما كنت ترغبين أنت أيضا".
وواصل: "أرجو منك أن تتزوجي بعد نهاية الحرب وتنجبي طفلا على شرفي، كي تتحقق رغبتي الأخيرة". ونصحها أن تتزوج من شخص يُسعدها، ودعاها أن "تطلب من الدولة الفرنسية أن تمنح لها حق المعاش" باسم زوجها الذي مات "جنديا".
وفيما يتعلق بالأبيات الشعرية التي كتبها عندما كان مقاوما، دعا مانوشيان زوجته ميليني وبعض أصدقائه أن ينشروا تلك التي يرونها جميلة ومعبرة وأن يمنحوا نسخة من الكتاب لعائلته في أرمينيا.
وختم رسالته بالقول: "سأموت رفقة 23 من أصدقائي بعد لحظات بكل شجاعة وبضمير مرتاح (...) اليوم، الطقس مشمس. أقول وداعا للدنيا ولك ولكل الأصدقاء وأنا أنظر إلى الشمس وإلى الطبيعة الجميلة التي كنت أحبها كثيرا...".
طاهر هاني
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل ألكسي نافالني ريبورتاج النازية أرمينيا تكريم النازية إيمانويل ماكرون فرنسا للمزيد أرمينيا فرنسا للمزيد صحة مستشفى الهجرة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الشعب الألمانی
إقرأ أيضاً:
التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
في الحروب، لا تُطلق النيران فقط من فوهات البنادق والمدافع، بل تنطلق أيضاً من وراء الشاشات وصفحات التواصل، عبر رسائل مشبوهة وأحاديث مثبطة، في إطار ما يُعرف بالحرب النفسية. ومن بين أبرز أدوات هذه الحرب وأكثرها خبثاً: “التشكيك”. هذا السلاح الناعم تُديره غرف إلكترونية متخصصة تابعة للمليشيات، تهدف إلى زعزعة الثقة، وتفتيت الجبهة الداخلية، وبث الهزيمة النفسية في قلوب الناس، حتى وإن انتصروا في الميدان.
التشكيك في الانتصارات العسكرية، أحد أكثر الأساليب استخداماً هو تصوير الانتصارات المتحققة على الأرض من قِبل القوات المسلحة السودانية على أنها “انسحابات تكتيكية” من قبل المليشيات، أو أنها “اتفاقات غير معلنة”. يُروّج لذلك عبر رسائل تحمل طابعاً تحليلياً هادئاً، يلبسونها لبوس المنطق والرصانة، لكنها في الحقيقة مدفوعة الأجر وتُدار بخبث بالغ. الهدف منها بسيط: أن يفقد الناس ثقتهم في جيشهم، وأن تتآكل روحهم المعنوية.
التشكيك في قدرة الدولة على إعادة الإعمار، لا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ رسالة أو منشوراً يسخر من فكرة إعادة الإعمار، خصوصاً في مجالات الكهرباء والمياه وإصلاح البنى التحتية المدمرة. هذه الرسائل تهدف إلى زرع الإحباط وجعل الناس يشعرون أن لا جدوى من الصمود، وأن الدولة عاجزة تماماً. لكن الواقع أثبت أن إرادة الشعوب، حين تتسلح بالإيمان والثقة، أقوى من أي دمار، وقد بدأت بالفعل ملامح إعادة الحياة تظهر في أكثر من مكان، رغم ضيق الموارد وشدة الظروف.
التشكيك في جرائم النهب المنظمة، مؤخراً، لاحظنا حملة تشكيك واسعة، تُحاول التغطية على جرائم النهب والسلب والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات طوال عامين. الحملة لا تنكر تلك الجرائم بشكل مباشر، بل تثير أسئلة مغلّفة بعبارات تبدو عقلانية، لكنها في جوهرها مصممة بعناية لإثارة دخان كثيف ونقل التركيز نحو جهات أخرى.
كيف نُساهم – دون قصد – في نشر التشكيك؟ المؤسف أن الكثير منا يتداول مثل هذه الرسائل بعفوية، وأحياناً بدافع الحزن أو القلق على الوطن، دون أن يتوقف ليتساءل: من كتب هذه الرسالة؟ ولماذا الآن؟ وما الذي تهدف إليه؟ وبهذا نُصبح – دون أن ندري – أدوات في ماكينة التشكيك التي تخدم أجندة المليشيات وتطعن في ظهر الوطن.
كيف نواجه هذه الحرب النفسية؟
الرد لا يكون بصمتنا أو بتكرار الرسائل المشككة، بل بـ:
وقف تداول أي رسالة مجهولة المصدر أو الكاتب.
عدم إعادة نشر أي محتوى يحمل ظنوناً أو يشكك أو يُحبط أو يثير اليأس.
نشر الإيجابيات، وبث الأمل، وتعزيز الثقة بالله أولاً، ثم بمؤسسات الدولة مهما كانت لدينا من ملاحظات أو انتقادات.
في الختام، التشكيك لا يبني وطناً، بل يهدمه حجراً حجراً. فلنكن على وعي، ولنُفشل هذا السلاح الخفي، بمناعة داخلية قائمة على الإيمان، والعقل، والأمل، والثقة بأن الوطن سيعود أقوى، ما دام فينا من يرفض الانكسار ويؤمن بأن النصر لا يبدأ من الجبهة، بل من القلب والعقل.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢١ أبريل ٢٠٢٥م