جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-10@10:30:54 GMT

أمريكا وصناعة "حضارة التوحش"

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

أمريكا وصناعة 'حضارة التوحش'

 

 

محمد بن رضا اللواتي

سَعَت الولايات المتحدة منذ عقود لصناعة حضارة أبعد ما تكون عن الأخلاق والقيم والفضيلة، وفي الواقع فلقد سعت إلى تكريس انحطاط الإنسان بصناعة غابة مُوحِشَة ترأسها هي ومن يسايرها ممن أسمتهم بـ"المجتمع الدولي"، ذاك المصطلح الذي بات يُعبر عن مجتمع أمريكا السياسي والحربي والاستعماري.

في هذه الغابة المُوحِشَة، تبدو المفاهيم البديهية واضحة الدلالات عصية على الفهم، مشوشة وتحتاج إلى إثباتات!

وكما أشارت الكاتبة نوف السعدية في مقالها "غيرتنا غزة للأبد"، بأننا في حضارة، السرقة فيها بصفتها عمل غير أخلاقي، أضحت في مسيس الحاجة لتقديم دلائل على كونها غير أخلاقية!

وهكذا القتل، بما فيه قتل الأطفال، وأبشع أنواع القتل، وهدم المستشفيات والمدارس والمنازل على رؤوس من فيها من الرُّضع والعجزة والنساء، يحتاج لدليل ملموس يؤكد أن ذلك كله في حاجة لتحقيق لكي يتم التأكد من كونه عملًا لا أخلاقي!

غابة أمريكا المُوحِشَة هذه بدأت قبل عقود طويلة، بحرب لا هوادة فيها على الله، لأجل إخراجه من التفكير والاعتبار، فلقد عملت مؤسسات أمريكا الإعلامية وفي إطار الترفيه -هوليوود مثلا- على تحويل الإله إلى فكرة تنبت في العقل قهرًا، وليست فكرة تكون انعكاسا للواقع الخارجي. هذا اللون من غسيل الدماغ تمَّ بعد جهود كبيرة بُذلت لصياغة تعريف للعلم لا يدعم فكرة وجود الإله بالمرة، رافقه عمل رصين وهو جعل كل ما هو خارج عن تعريف العلم في أبجديات الغابة المُوحِشَة، مساوٍ للعدم!

ولم ننتبِه نحن إلى المسار الكارثي الذي نَنقاد إليه، رغم أننا نحملُ عقيدةَ التوحيد وبين أيدينا كتاب فيه كلام الله بحسب مُعتقدنا؛ ذلك لأن التطوُّر التقني الذي راهنت عليه أمريكا ليكون نبيَّ العصر، تمكَّن منا تماما، فبتنا لا نستطيع أن نتخيَّل أن حضارة رفدت إلى الأمم هذا التطور التقني من الممكن أن تكون مُتوحِّشَة إلى مقدار لعق دماء الأطفال وإماتتهم جياعًا، حتى سطع نجم "غزة" وسط فوران الدماء ونزف الجراح وبكاء الأطفال ونحيب النساء، لتوجد انقلابا حقيقيا في ضمير الأمم، ويتقشع الضباب الذي ظل جاثما على أعيننا لأمد، وتظهر معه معالم التوحُّش والإجرام العالمي الذي صنعت له أمريكا هذه الحضارة التي نعيشها نحن اليوم.

إنَّه عالم مُوحِش للغاية؛ فالإبادة الجماعية التي يمارسها الصهيانة بإملاء أمريكا في فلسطين السليبة، وبأسلحتهم، في حاجة إلى أن تُرفع ضدها "دعوى قضائية"، وإلا ومن دونها وكأن شيئا لم يكن! لقد خُتمت أفواه دُعاة حقوق الإنسان بالشمع الأحمر!

وما كانت قيمة تلك القرارات التي صدرت عن محكمة العدل الدولية بالأمس، في حين راعية الارهاب والقتل العالمي -أمريكا- تلقي ببطاقة الفيتو في وجه الهدنة الإنسانية الفورية في غزة، والتي اقترحتها الجزائر على مجلس الأمن. هل هناك ثمة من لا يزال مُرتابا في أن الولايات المتحدة قد صاغت هذه الحضارة على أنقاض الضمير الأخلاقي؟

لو لم تُختتم مسيرة الأنبياء بآخرهم "ص"، لكانت أمريكا اليوم تحشد مجتمعها الدولي لقتالهم، لأنهم لم يكونوا قد أتوا يوما لأجل إرشاد البشرية إلى كيفية استخدام تقنية النانو، ولا لأنهم لم يجدوا في ذلك جدوى أو فائدة تعود للمجتمع البشري، وإنما لأنهم أدركوا أنه ما لم تتم صناعة الإنسان، وما لم يتم بناء محتواه الداخلي الأخلاقي، ولن يتم ذلك إلا بحضور الإله في حياة هذا الإنسان، فإنَّ التطور التقني سيكون إحدى أشد وسائل الفتك والولوغ في دماء الأبرياء، كما نرى ذلك اليوم.

لو لم تُختتم سلسلة المبعوثين بالوحي لكانت الولايات المتحدة قد لطَّخت أيديها بدمائهم، ولعملت على إقناعنا بضرورة قتلهم، وما أسهل ذلك عندما يتم طرد الإله من حياة الإنسان، ثم تصبح المثلية حالة طبيعية يُعاقب عليها المعتَرِض، ثم تُشن حربٌ على "الجيندر"، وختاما تنقلب البديهات لتصبح أفكارا في حاجة لإثبات.

الصراع اليوم هو في مقدرة الإنسان في الحفاظ على إنسانيته في غابة التوحُّش الأمريكية هذه، ومقدرته على القول "لا" للفيتو الخبيث الذي تتستَّر خلفه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الطاهر ساتي يكتب: هذا الذي ..!!

:: من كتاب أخبار الحمقى لابن الجوزي، يُحكي أن أعرابياً بال في بئر زمزم أمام الحجاج، فانهالوا عليه ضرباً ولعناً، ثم سألوه عن السبب، فقال : (حتى يعرفني الناس فيقولون هذا الذي بال في بئر زمزم)..!!

:: ياسر عرمان يُمكن أن يفعل فعل الأعرابي لكي يبقى في الحياة شيئاً مذكوراً ..وناهيكم عن تقليد الاعرابي بالتبول في بئر زمزم، فان عرمان – ليصبح تِرند – يُمكن أن ينتحر أيضاً..!!
:: بالأمس، بعد غياب طويل، راج اسم عرمان في خبر يزعم أن السلطات الكينية أوقفته بمطار نيروبي بناءً على مذكرة توقيف صادرة من السلطات السودانية عبر الإنتربول، ثم أطلقت سراحه بعد ساعات ..!!

:: الملاحظة الأولى هي أن عرمان من وزّع خبر القبض عليه و إطلاق سراحه وذهابه إلى الفندق، وهذا غير طبيعي.. فالطبيعي هو أن ترصد وسائل الإعلام الكينية – أو رويترز – لحظة القبض بالمطار ثم تنفرد بالنشر .. !!

:: و الملاحظة الثانية، ذكر عرمان أن توقيفه تم في الواحدة ظهراً، وتم اطلاق سراحه عند التاسعة مساءً ..(٩ ساعات) فترة كافية جداً لتنشر وسيلة اعلام الحدث، وهذا ما لم يحدث، بل نشره عرمان بنفسه ..!!

:: و الملاحظة الثالثة، كاثرين هورليد، مديرة مكتب واشنطن بوست بشرق إفريقيا، غردت على منصة إكس بالنص : (مصدر في الإنتربول يؤكد عدم إصدار نشرة حمراء بحق الناشط السياسي السوداني ياسر عرمان )..!!

:: و الملاحظة الرابعة، كل جنجويد المليشيا و تقدم صدرت بحقهم مذكرات توقيف عبر الإنتربول، وكلهم كانوا بنيروبي لتشكيل حكومة دقلو الديمقراطية، فلماذا يتم توقيف عرمان وحده؟..هل أخذوه – كعَينَة من المطلوبين – للفحص والتحليل ..؟؟

:: وهكذا، كل الوقائع تُشير إلى أن عرمان لم يترك عادة أن يكون – هو شخصياً – جوهر الحدث، وليس أفكاره و أعماله..فالساسة يصنعون الأحداث المؤثرة في حياة الناس، ولكن عرمان تعجبه إشارة الناس إليه : ( هذا الذي أُعتقل)، كذاك الذي بال ..!!

:: المهم .. لو كنت المسؤول بالحكومة السودانية لما اهدرت الزمن و المال في ملاحقة عرمان أو اعتقاله حتى لو كان يسكن بجوار سجن كوبر .. وخير للحكومة والشعب و البلد أن يكون عرمان حُراً طليقاً..!!

:: فالشاهد، لم تبحر سفينة قادها عرمان في هذه البلاد إلا نحو القاع؛ ولم ينج من ركابها أحد..يغرق الرُكاب ويخرج عرمان سالماً.. تابعوا مسيرة الرجل البارع في اغراق السفن بمن فيها..!!

:: أغرق سفينة الحركة الشعبية قطاع الشمال بحماقته وتطرفه وديكتاتوريته؛ وشتت شمل الحلو و عقار وجلاب؛ ثم ذهب لجناح عقار ..وكاد ان يغرق سفينة حركة عقار لو لم يطردوه سريعاً.. !!

:: ثم التحق بحكومة حمدوك مستشاراً؛ و قبل أن يصرف راتب الشهر؛ تلاشت تلك الحكومة؛ و غادر حمدوك مستقيلاً و تاركاً البلد – بما حمل – لعرمان والنشطاء و العساكر ..!!

:: فالتحق بالدعم السريع مستشاراً لحميدتي و عبد الرحيم..و نجح في التأثير عليهما ليحوّلا وحدة عسكرية مستقرة وتابعة للجيش الي مليشيا متمردة.. وهي التي تحترق حالياً بكل عدتها وعتادها و أوغادها..!!

:: وكالعهد به في إنقاذ نفسه بعد إغراق الآخرين، قفز عرمان من سفينة المليشيا المحترقة؛ ليقود سفينة تقدم مستغلاً ضعف حمدوك .. ثم غادرها بعد أن أوصل حال سفينة تقدم الى ما آل عليه حال سفينة تايتانك ..!!

:: رجل بهذه القوة التدمرية الموجهة للمتمردين والمعارضين والُعملاء، لماذا تلاحقه الحكومة و تعتقله؟..بالعكس، على الحكومة تخصيص ميزانية لعرمان، ليُمزّق المليشيات المتمردة وحواضنها السياسية إرباً إرباً ..!!

الطاهر ساتي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ما قصة القرش الذي حرمَ مشتركاً من راتب التقاعد المبكر؟
  • حيث الإنسان في اليوم العالمي للمرأة يوثق تجربة فريدة في تمكين عائشة من مشروعها المستدام ليكون عونا لها ولكل صديقاتها ..
  • بن صهيون.. والد نتنياهو الذي غرس فيه كره العرب
  • صحفيون لحقوق الإنسان: فى ذكري اليوم العالمي للمرأة (8 مارس) … أوقفوا الحرب القائمة على اجساد النساء
  • عبد الإله بائع السمك المراكشي يشكو تعرضه لاعتداء من طرف "الشناقة" بأكادير (فيديو)
  • مصطفى بكري ناعيا اللواء أحمد أبو طالب: رحل الإنسان الذي عرفت فيه كل معاني المروءة
  • الطاهر ساتي يكتب: هذا الذي ..!!
  • تهديدات بالقتل تطال “عبد الإله مول الحوت”
  • مصدر لـبغداد اليوم يوضح الانفجار الغامض الذي وقع في منشأة عسكرية بطهران
  • أمل أم يتلاشى وهي تنتظر ابنها الذي فُقد وهو يحاول العبور إلى سبتة