جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-23@18:23:46 GMT

أمريكا وصناعة "حضارة التوحش"

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

أمريكا وصناعة 'حضارة التوحش'

 

 

محمد بن رضا اللواتي

سَعَت الولايات المتحدة منذ عقود لصناعة حضارة أبعد ما تكون عن الأخلاق والقيم والفضيلة، وفي الواقع فلقد سعت إلى تكريس انحطاط الإنسان بصناعة غابة مُوحِشَة ترأسها هي ومن يسايرها ممن أسمتهم بـ"المجتمع الدولي"، ذاك المصطلح الذي بات يُعبر عن مجتمع أمريكا السياسي والحربي والاستعماري.

في هذه الغابة المُوحِشَة، تبدو المفاهيم البديهية واضحة الدلالات عصية على الفهم، مشوشة وتحتاج إلى إثباتات!

وكما أشارت الكاتبة نوف السعدية في مقالها "غيرتنا غزة للأبد"، بأننا في حضارة، السرقة فيها بصفتها عمل غير أخلاقي، أضحت في مسيس الحاجة لتقديم دلائل على كونها غير أخلاقية!

وهكذا القتل، بما فيه قتل الأطفال، وأبشع أنواع القتل، وهدم المستشفيات والمدارس والمنازل على رؤوس من فيها من الرُّضع والعجزة والنساء، يحتاج لدليل ملموس يؤكد أن ذلك كله في حاجة لتحقيق لكي يتم التأكد من كونه عملًا لا أخلاقي!

غابة أمريكا المُوحِشَة هذه بدأت قبل عقود طويلة، بحرب لا هوادة فيها على الله، لأجل إخراجه من التفكير والاعتبار، فلقد عملت مؤسسات أمريكا الإعلامية وفي إطار الترفيه -هوليوود مثلا- على تحويل الإله إلى فكرة تنبت في العقل قهرًا، وليست فكرة تكون انعكاسا للواقع الخارجي. هذا اللون من غسيل الدماغ تمَّ بعد جهود كبيرة بُذلت لصياغة تعريف للعلم لا يدعم فكرة وجود الإله بالمرة، رافقه عمل رصين وهو جعل كل ما هو خارج عن تعريف العلم في أبجديات الغابة المُوحِشَة، مساوٍ للعدم!

ولم ننتبِه نحن إلى المسار الكارثي الذي نَنقاد إليه، رغم أننا نحملُ عقيدةَ التوحيد وبين أيدينا كتاب فيه كلام الله بحسب مُعتقدنا؛ ذلك لأن التطوُّر التقني الذي راهنت عليه أمريكا ليكون نبيَّ العصر، تمكَّن منا تماما، فبتنا لا نستطيع أن نتخيَّل أن حضارة رفدت إلى الأمم هذا التطور التقني من الممكن أن تكون مُتوحِّشَة إلى مقدار لعق دماء الأطفال وإماتتهم جياعًا، حتى سطع نجم "غزة" وسط فوران الدماء ونزف الجراح وبكاء الأطفال ونحيب النساء، لتوجد انقلابا حقيقيا في ضمير الأمم، ويتقشع الضباب الذي ظل جاثما على أعيننا لأمد، وتظهر معه معالم التوحُّش والإجرام العالمي الذي صنعت له أمريكا هذه الحضارة التي نعيشها نحن اليوم.

إنَّه عالم مُوحِش للغاية؛ فالإبادة الجماعية التي يمارسها الصهيانة بإملاء أمريكا في فلسطين السليبة، وبأسلحتهم، في حاجة إلى أن تُرفع ضدها "دعوى قضائية"، وإلا ومن دونها وكأن شيئا لم يكن! لقد خُتمت أفواه دُعاة حقوق الإنسان بالشمع الأحمر!

وما كانت قيمة تلك القرارات التي صدرت عن محكمة العدل الدولية بالأمس، في حين راعية الارهاب والقتل العالمي -أمريكا- تلقي ببطاقة الفيتو في وجه الهدنة الإنسانية الفورية في غزة، والتي اقترحتها الجزائر على مجلس الأمن. هل هناك ثمة من لا يزال مُرتابا في أن الولايات المتحدة قد صاغت هذه الحضارة على أنقاض الضمير الأخلاقي؟

لو لم تُختتم مسيرة الأنبياء بآخرهم "ص"، لكانت أمريكا اليوم تحشد مجتمعها الدولي لقتالهم، لأنهم لم يكونوا قد أتوا يوما لأجل إرشاد البشرية إلى كيفية استخدام تقنية النانو، ولا لأنهم لم يجدوا في ذلك جدوى أو فائدة تعود للمجتمع البشري، وإنما لأنهم أدركوا أنه ما لم تتم صناعة الإنسان، وما لم يتم بناء محتواه الداخلي الأخلاقي، ولن يتم ذلك إلا بحضور الإله في حياة هذا الإنسان، فإنَّ التطور التقني سيكون إحدى أشد وسائل الفتك والولوغ في دماء الأبرياء، كما نرى ذلك اليوم.

لو لم تُختتم سلسلة المبعوثين بالوحي لكانت الولايات المتحدة قد لطَّخت أيديها بدمائهم، ولعملت على إقناعنا بضرورة قتلهم، وما أسهل ذلك عندما يتم طرد الإله من حياة الإنسان، ثم تصبح المثلية حالة طبيعية يُعاقب عليها المعتَرِض، ثم تُشن حربٌ على "الجيندر"، وختاما تنقلب البديهات لتصبح أفكارا في حاجة لإثبات.

الصراع اليوم هو في مقدرة الإنسان في الحفاظ على إنسانيته في غابة التوحُّش الأمريكية هذه، ومقدرته على القول "لا" للفيتو الخبيث الذي تتستَّر خلفه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جبران: نعمل على تعزيز علاقات العمل وصناعة بيئة لائقة تشجع على الاستثمار

حضر وزير العمل محمد جبران ، إجتماع لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ، برئاسة المهندس مجدي سليم ،وذلك للإجابة ،والإستماع إلى إستفسارات ومقترحات "أعضاء اللجنة"،فيما يخص "ملفات العمل" .

وبحسب بيان اليوم الإثنين ،أكد الوزير جبران حرصه على التواصل مع السادة "نواب الشعب" ،كشركاء أساسيين مع "الوزارة" في صناعة بيئة عمل لائقة ،لصالح أطراف العمل الثلاثة من حكومة وأصحاب أعمال وعمال ،وجهودهم في صياغة تشريعات تُحقق التوزان بين "طرفي الإنتاج" مُستشهدًا بمشروع قانون العمل ،الذي تستهدف الدولة من خلاله تحقيق المزيد من الأمان الوظيفي للعامل ،والتشجيع على الإستثمار ،والتعامل مع كافة أنماط العمل الجديدة التي فرضتها الثورة التكنولوجية العالمية،وإستشراف "وظائف المستقبل".

وأوضح الوزير جهود "الوزارة" في مكافحة الهجرة غير الشرعية ، وإيجاد فُرص بديلة بالتعاون مع كافة الشركاء في الداخل والخارج ،كما تعمل على تعزيز استثمار رأس المال البشري، وتنمية مهارات الشباب،من خلال منظومة التدريب المهني التي تشهد تطور مُستمر،بحسب احتياجات سوق العمل في الداخل والخارج .

وأضاف أن "الوزارة" تُكثف جهودها خلال هذه الفترة ،للمشاركة في تنفيذ أهداف المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان "، والعمل على خفض معدل البطالة، وزيادة فُرص التشغيل،ودمج ذوي الهمم في سوق العمل، وتحسين بيئة التشغيل ،ونشر ثقافة السلامة والصحة المهنية لصالح صحة العمال ،وسلامة أدوات الإنتاج ،وتمكين المرأة إقتصاديًا ،وحماية ودعم العمالة غير المنتظمة، والتوسع في قاعدة بياناتها ،وإعداد مسودة مشروع لحماية "العمالة المنزلية"، وذلك بالتعاون مع "القطاع الخاص"..كما تعمل "الوزارة" على حماية العمالة المصرية بالخارج، وتوعيتها بحقوقها وواجباتها ،وتعزيز دور مكاتب التمثيل العمالي في عددِ من البلدان الأوروبية والعربية التي تتواجد فيها أعداد كبيرة من "العمالة المصرية"،وذلك في إطار خطة تعزيز التعاون العربي والدولي بشأن فتح أسواق العمل الخارجية أمام العمالة المصرية الماهرة و"المُدربة".

وقال الوزير إن كل هذه الملفات وغيرها يتم إنجازها بالشراكة مع الوزارات ،والمنظمات ،والمؤسسات ذات الأهداف المشتركة ،مُستشهدًا بالعديد من بروتوكولات التعاون ،ومذكرات التفاهم الداخلية والخارجية خاصة في مجالات التدريب والتشغيل وتنمية مهارات الشباب وتعزيز علاقات العمل، مواجهة الهجرة غير الشرعية .

مقالات مشابهة

  • موقع إخباري يجر بنكيران للقضاء بسبب الإساءة لرئيس تحريره
  • وزير العمل: نعمل على تعزيز العلاقات وصناعة بيئة لائقة تُشجع على الاستثمار
  • وزير العمل بالبرلمان: تعزيز علاقات العمل وصناعة "بيئة لائقة" تشجع على الاستثمار
  • جبران: نعمل على تعزيز علاقات العمل وصناعة بيئة لائقة تشجع على الاستثمار
  • "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمر اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة
  • عطوان: لماذا سيدخل الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي قصف قلب يافا اليوم التاريخ من أوسع أبوابه؟
  • الاثنين.. بدء أعمال"المنتدى الاقتصادي العماني الكويتي"
  • كيف يُمكن إعلان أمريكا وإسرائيل عدوًا للجنس البشري؟
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)
  • بهجت العبيدي يدين الحادث الإرهابي المروع الذي وقع اليوم في ألمانيا