◄ القوانين هي الوسيلة الضابطة للأنظمة وضمانة توجيه بوصلتها لمسارات تستقيم معها دورة الحياة
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
هل سألت نفسك يوما وقد غارت النجوم ونامت العيون وأنت تنفض عنك في وقت ما عتمة الليل في مكان فسيح ربما، أو في بيتك، أو حيث توقفت وأنخت مطاياك أو وسيلتك: ما الذي تود أن يُواسيك في هذه اللحظة؟ هل الطمأنية؟ هل الشعور بالأمن والامان؟ وهب أنك أوتيت ملك سليمان، لكنك لا تجرؤ أن تخرج من بيتك خشية أن يتم اقتناصك، جهلا من أحدهم أو اعتداءً غاشمًا من أرذلهم، فكيف ستكون حالك وقتئذ؟
إنَّ لكل شيء نظامًا، وهذا النظام حتى يكون حياة وسلوكا فرديا ووطنيا ومجتمعيا ومترسخا وباقيا بشكل يتعسَّر اختراقه أو التخلي عنه، يحتاج لشيء يُقوِّمه ويُهذِّبه ويُحسِّنه ويقوِّم اعوجاجه حتى يستقيم، وهو "القانون".
وفي عُماننا الكل مطمئن إلى أنَّ حقوقه محفوظة، فحينما انطلق هذا البلد العزيز في رحلته ليكون دولة عصرية ذات سيادة في عالمنا المعاصر، فَهِمَ أهلُها واتقنوا لغة ومنطق القانون حتى قبل أن يُشرِّعه مشرِّع ويصوغ له الملامح، وهو أصلٌ في التربة العُمانية بتاريخها الضارب في القدم، وسلوك نعيشه حتى يرث الله الأرض ومن عليها. واليوم ونحن نعيش عصر ازدهار نهضتنا المتجددة، نهضة اكتملت فيها دعائم دولة المؤسسات والقانون، لا مجال فيها لأن يسخط أحد من قانون إلا فيما ندر، وهذه الندرة لا قياس عليها؛ فالمجتمع العماني برمته مجتمع واعٍ ومتجانس، مُكمل لبعضه البعض، ومتداخل فيما بينه يستقي السلوك الحسن من خلال تداخل الجزء مع الكل، والفرع مع الأصل.
والحمدلله، وصلنا في مؤشرات فهم القوانين والأنضمة والعمل بها على أكمل وجه، إلى مقاييس نفتخر ونعتز بها، فالسمت العماني والأدب والاتزان الأخلاقى منذ القدم مشهود لنا به، وتعمل حكومتنا الرشيدة على مواصلة إرساء دعائم الأمن في البلاد عبر قنوات وتشريعات مختلفة تحميها قوانين، وهذه القوانين كثيرا ما تكون مغلفة بالرحمة واللطف والاحترام والدعوة لبث الوعي وتعلم الآداب بالحكمة والموعظة الحسنة، إعمالا بالمقولة الخالدة "الرحمة فوق القانون"، والسياق العام لنا في عُمان معروف عنه الكفاءة والأخلاق حتى في قوانينا، لذلك لا غرابة إن رأيت القوانين لدينا سبورة في هيئة بشر، وظاهرة هي طبع بشر، ألا وهم شعب هذه الأرض الأبية المعطاءة.
وإذا كان للقانون سخط في بعض المواقف والأحداث، فإن له أيضا رِضَا وعين رأفة ينظر بها للملابسات، وإننا من هذا المنبر لنتمنَّى أن تنظر عين الرحمة هذه لمعاناة الزميل والأستاذ إبراهيم المعمري رئيس تحرير جريدة "الزمن" ومالكها، الذي يَقرُّ في محبسه نتيجة ملفات تنفيذ مدنية عديدة، نتمنى نجدته مراعاةً لسنِّه التي كَسَرتْ حاجز السبعين، وعفى الله عما سلف.. نتمنى.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً: