صحيفة التغيير السودانية:
2024-12-26@21:53:02 GMT

الحرب من الانغلاق إلى الفضاء العام

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

الحرب من الانغلاق إلى الفضاء العام

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن الأزمة السياسية الاجتماعية التي يعيشها السودان، هي أزمة فكر و مادام العقل السياسي السوداني عاجز على إنتاج الفكر ستظل الأزمة تتعمق أكثر.. أن الأفكار ظلت ثابته طوال النظم السياسية السابقة، و التغيير الذي حدث في مسيرة الإنقاذ كان تغييرا طفيفا طوال الثلاثين سنة عمر الإنقاذ، و يعود ذلك لأن الصراع كما قال الدكتور التجاني عبد القادر لم يخرج من دائرة ” القبيلة و السوق و جهاز الأمن” و حتى السوق حكمته البنية الطفيلية ذات الأفق المغلق، الذي لا يستطيع أن يغادر فكرة الأعمال الهامشية ذات العائد السريع.

و هذا الثالوث أيضا كان متعلقا بالسلطة و أدواتها و تسخيرها من أجل فئة محدودة، و الأهم كيفية الحفاظ عليها مما جعلها تدور في نسق واحد لا يساعد على اتساع قاعدة التفكير و الحوار حول المطروح.

أن الأفكار الثابتة غير المتجددة تجعل المواقف السياسية ثابته، و لن يحدث فيها أي نوع من التغيير. و بعض الفاعليات التي تنشط تكون محكومة بهذه الأفكار الثابته، لذلك يصبح نشاطها تكتيكا لا يفضي لتغيير. أما إذا استطاعت فئة أن تخرج من دائرة ثبات الأفكار و تقدم أفكارا جديدة سوف تحدث تغييرا كليا في العمل السياسي، لأن الأفكار سوف تغير طريقة التفكير السائدة و تجعلها تتجاوز النسق القديم إلي نسق جديد يتلاءم مع الأفكار الجديدة. لأنها هي التي تهيئة البيئة التي يجب أن تنمو فيها الديمقراطية، و لكن البيئة السياسية الحالية غير صالحة، حتى الآن القوى السياسةعاجزة أن تخرج من دائرة الفعل و ردة الفعل المضادة، غير قادرة تتجاوز المعادلات الصفرية و دعوات الإقصاء و المصطلح الجديد “لا نريد الإغراق السياسي” الذي طرحته ” قحت المركزي” في الساحة السياسية، فكلها تشكل إعاق لأي ألإكار جديدة يمكن أن تساعد على تهيئة البيئة للديمقراطية. و الحرب نفسها تشكل تحديا للمسار الديمقراطي لأنها تفرض شروطا جديدة للعملية الأمنية.

إذا نظرنا إلي واقع التجربة السياسية نجد في محطات الثبات و التضييق على شغل العقل الذي كان يقعد بالأحزاب السياسية نجد أن الأفكار الجديدة هي التي كانت تفتح نفاجات للحل، في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي جاء السيد الصادق بأفكار جديدة تهدف لتحديث الحزب و تطويره لكي يتحول من موروث الاقطاع للقوى الحديث، و استطاع الصادق أن ينافس عمه الهادي عبد الرحمن المهدي، و يسحب منه أغلبية القوى الحديثة بالأفكار التي كان قد طرح ذلك الوقت. و أيضا في عام 1956م دعت وثيقة الحزب الشيوعي في مؤتمره الثالث إلي تحويل الحزب إلي قوة أجتماعية كبرى.. و في عام 1963 نادت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وضع الترتيبا الازمة لتأهيل الحزب لاستقبال التطورات المرتقبة في الحياة السياسية بعد ما تصاعدت معارك الحركة ضد نظام عبود العسكري.. و كانت الدعوة لعملية

توحيد قوى اليسار و تحويل الحزب الشيوعي إلي ” حزب اشتراكي” و لكن توقفت الدعوة بعد نصيحة قدمها السوفيت إلي عبد الخالق محجوب أن تحويل الحزب إلي حزب اشتراكي يعني التخلص تماما من إرث الحزب النضالي السابق. و تراجعت القيادة. لكنها كانت فكرة و وجدت تأييدا من قبل القاعدة. و كانت قيادة الحزب سوف تنجز ذلك لولا تدخل قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي. و ايضا فكرة إعلان الاستقلال من داخل البرلمان التي وحدة الحركة الوطنية في فكرة واحدة.. فالأفكار هي التي تحرك الساكن في السياسية و تفتح منافذ للحل و ليس التمسك باراء أحادية لا تخدم إلا مصالحة حزبية و شخصية ضيقة.

هناك بعض أصوات اليسار تقول أن أي تحالف سياسي بين قوى مدنية و عسكرية يعد مشروعا لشمولية جديدة، لآن العسكر هم الذين سوف يتحكمون في مسار العمل السياسي، و يرسمون له طريق السير. و تصبح الأهداف غير واضحة، لآن العملية الشمولية لا تؤسس على مشروع سياسي واضح.. لكن الذين يقولون ذلك لا يقدمون أي رؤية أخرى بديلة، أو حتى تقديم أفكار يمكن أن تتطور عبر الحوار السياسي المفتوح.. الشمولية لا يقيمها العسكر لوحدهم أنما العقل السياسي المغلق ذو البعد الواحد هو أيضا مسار لشمولية، رغم محاولات فئات من اليسار تكثيف و نشر الشعارات الديمقراطية و لكن لا تجد لها أي سند في مرجعياتهم الفكرية.. أن عملية التحنيط للعقل و جعله لا ينظر إلا في مسار واحد غير واضح المعالم مشكلة تعمق الأزمة أكثر و لا تساعد على الانفراج، فالذي يؤمن بالديمقراطية يؤمن بدور الجماهير فيها و لا يحاول أن يسلبها هذا الحق بنشر الفزاعات و أدوات التخوين و غيرها، لأنها هي حجة المفلس فكريا.

كان الإمام الصادق المهدي أكثر القيادات السياسية إنتاجا للأفكار، و كان لا يطيق إغلاق المنافذ التي تحجب دخول الضوء، فكان يبادر بطرح المبادرة تلو الأخرى بهدف تحريك عملية الاشتغال على العقل، و رحل الإمام و وجد الحزب نفسه في دوامة غير قادر على الخروج منها، لآن الكل ينظر للعملية السياسية هي العمل من أجل الاستحواذ على السلطة، و من ثم فرض شروط تأسيسها على الأخرين في نيل أكبر حصة منها. هذا الرهان خاسر لآن اصحابه ينظرون للتاريخ و لا يعطوا أي أهتمام للمتغيرات التي حدثت في 34 سنة الماضية. فالتفكير العقلاني يبدأ بالنظر للمتغيرات التي حدثت في المجتمع، وأثرها على العملية السياسية. فالديمقراطية التي يتطلع لها العقل التقليدي ليس ديمقراطية نخبة محددة يتم أختيارها من بيوتات بعينها أو من أحزاب صفوية أو أحزاب تحاول أن تدثر التقليدية بأثواب جديدة لا تملك لها تاريخا نضاليا، أنما الديمقراطية هي التي يتحكم فيها الوعي الاجتماعي، و أيضا تتطلب الإغراق السياسي لكل الذين يرغبون في التغيير.. و نسأل الله حسن البصيرة.

الوسومزين العابدين صالح عبد الرحمن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: هی التی

إقرأ أيضاً:

موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم

قال موقع أخباري إسرائيلي إن المتمردين اليمنيين يهددون إسرائيل والاستقرار العالمي، ويشلون التجارة في البحر الأحمر على الرغم من الضربات التي تقودها الولايات المتحدة.

 

وذكر موقع "واي نت نيوز" في تقرير ترجمة للعربية "الموقع بوست" إن كبار المسؤولين الأميركيين يعبرون عن "صدمتهم" إزاء أسلحتهم المتقدمة، مما يثير مخاوف من زيادة الدعم الإيراني.

 

وأكد التقرير العبري أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تشير إلى موقف أميركي أكثر صرامة.

 

وحسب التقرير فلإنه في واحدة من أخطر الحوادث للقوات الأميركية في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في غزة، أسقطت سفينة حربية أميركية عن طريق الخطأ طائرة مقاتلة من طراز إف/إيه-18 تابعة للبحرية الأميركية فوق البحر الأحمر خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتزامن الحادث مع غارات جوية أميركية استهدفت مواقع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء.

 

وذكر أن الطيارين قد قفزوا من الطائرة بسلام وتم إنقاذهما، في حين أعلن المتمردون الحوثيون بسرعة مسؤوليتهم عن إسقاط الطائرة. ومع ذلك، لم يوضح البنتاغون ما إذا كانت النيران الصديقة مرتبطة بشكل مباشر بالقتال الجاري ضد المجموعة المدعومة من إيران.

 

"تؤكد هذه الحلقة على التحدي الأوسع الذي يفرضه وكلاء إيران، ليس فقط على إسرائيل ولكن أيضًا على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي"، حسب الموقع الاسرائيلي.

 

وأكد أن هجمات الحوثيين تضع إدارة بايدن في موقف صعب، لأنها تتزامن مع الجهود الأمريكية للتوسط لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن والصراع السعودي الحوثي. فشلت تلك الحرب، التي قتلت عشرات الآلاف من المدنيين في الغارات الجوية السعودية، في هزيمة الميليشيات المتحالفة مع إيران.

 

وفق التقرير فإنه مع استمرار التوترات المرتفعة، قد تنمو احتمالات تكثيف العمل من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الشهر المقبل.

 

وقال "ومع ذلك، أصبحت قدرة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على ردع الحوثيين موضع تساؤل بعد أن أظهروا مرونة في مواجهة سنوات من الضربات الجوية السعودية المتواصلة، متجاهلين في كثير من الأحيان المعاناة الشديدة للمدنيين اليمنيين. يعيش ثلثا سكان اليمن تحت سيطرة الحوثيين".

 

وتوقع بن يشاي أن يرفع ترامب القيود التشغيلية التي فرضها بايدن على القوات الأميركية في اليمن، مما يمهد الطريق لحملة أميركية إسرائيلية منسقة لتحييد التهديد الحوثي.

 

وقد تتضمن هذه الاستراتيجية استهداف قيادة الحوثيين وتدمير صواريخهم الباليستية وطائراتهم بدون طيار وأنظمة الإطلاق ومرافق الإنتاج الخاصة بهم - وهي الإجراءات التي قال بن يشاي إنها ستعكس العمليات الإسرائيلية الناجحة ضد الأصول الاستراتيجية لحزب الله في لبنان وقدرات نظام الأسد في سوريا. ومن المرجح أن تتطلب إسرائيل تعاونًا كبيرًا من القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) والأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، الذي يعمل في المنطقة بحاملات الطائرات ومدمرات الصواريخ وغيرها من الأصول. إن المسافة الجغرافية والتحديات الاستخباراتية تجعل العمل الإسرائيلي الأحادي الجانب غير محتمل.

 

وزعم بن يشاي أن الجهد المنسق يمكن أن يمنع الحوثيين من المزيد من زعزعة استقرار النظام العالمي والاقتصاد. وأشار إلى أنه في حين أن الحوثيين لا يردعون عن الضربات على البنية التحتية لدولتهم، فإن قطع رأس القيادة والهجمات الدقيقة على قدراتهم العسكرية يمكن أن يغير التوازن.

 


مقالات مشابهة

  • هل يستطيع رئيس وزراء فرنسا الجديد حل الأزمة السياسية والمالية؟
  • دور الأحزاب في التوعية السياسية .. ندوة بـ الحرية المصري
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • "دورالأحزاب في التوعية السياسية" ندوة بالمجالس المحلية بالحرية المصري
  • وحدة السودان بين تعددية الجيوش والمليشيات وتعددية المراكز الجغرافية السياسية
  • المعارضة تطالب بإقالة رئيس وزراء كوريا الجنوبية وتصاعد الأزمة السياسية
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • حزب ناكر: سنحيي ذكرى الاستقلال وندعو القوى الوطنية إلى حل الانسداد السياسي
  • موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم
  • الخطر‎ ‎الحقيقي جنوب‎ ‎الليطاني ‏