جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-03@22:56:18 GMT

فلسفة التسامح

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

فلسفة التسامح

 

 

حمد الحضرمي

التسامح خُلق الرسل والأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- والمصلحين في الأمم على مر العصور؛ فهو الطريق المُوصِل للهدف المنشود الذي من أجله رُسِلوا به ويدعون إليه. والتسامح ينبذ الفرقة والخلافات والصراعات بين أفراد الأسرة والمجتمع، لأنه يدعو للمحبة والإلفة والود والوئام والإخاء والعدل والتراحم بين الناس.

وهو قيمة عظيمة وأحد المبادئ الإنسانية التي حوَّلها الإسلام إلى واقع يتعامل به المسلم في حياته اليومية العملية، بنسيان الماضي المؤلم بكامل حيثياته، والصفح عمَّن آذاه رغم قدرته عليه، وهو نابع من قوة إيمان ورغبة صادقة في طيب العيش والمقام في الآخرة، فهمته كانت عالية، لأن غايته الجنة.

إنَّ التسامح والعفو والصفح أمر رباني وواجب ديني، دلَّت عليه آيات القرآن الكريم المتعددة، وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من صفات المتقين، قال تعالى: "وأن تعفوا أقرب للتقوى" (البقرة:237) والله سبحانه يأمرنا بالعفو والصفح: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" (الأعراف: 199)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعفُ عمن ظلمك، وصل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك"؛ فالتسامح مبدأ يتوجَّب علينا جميعًا ترسيخه في الأسر والمجتمعات لما له من أهمية بالغة في الحياة البشرية، ولتفادي الصراعات والنزاعات التي تحدث بين الناس وتسبب القطيعة والأحقاد والبغضاء والكراهية.

ونحن نعيش في أيام شهر شعبان، وهو من الأشهر التي ميزها الله عز وجل، لاقترابه من شهر القربات والطاعات شهر رمضان المبارك، ولشهر شعبان فضائل منها ترفع الأعمال فيه إلى الله تعالى، فعن أسامة بن زيد قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحِب أن يرفع عملي وأنا صائم"، وفي شهر شعبان تغفر الذنوب قال رسولنا الكريم في الحديث: "إن الله تعالى ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشركٍ أو مشاحنٍ".

وشهر شعبان كالمقدِّمة لشهر رمضان؛ حتى تتأهب النفوس وترتاض العبادة والطاعة، فيكون ذلك كالتمرين على صيام رمضان، وقال أحد الصالحين: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع.

وبعد ثلاث ليال، ستكون ليلة النصف من شعبان التي ترفع فيها الأعمال إلى رب العالمين، ومن المحزن أن تمر علينا هذه الليلة وبيننا وفي أسرنا ومجتمعاتنا الكثير من المتشاحنين، الذين وقعت بينهم خلافات ثم تطوَّرت فأصبحت فراقًا وقطيعة، مر على بعضها سنوات، وقد مات بعضهم وهم على خصام، وهي لَخُطورة كبيرة لأن الله لا يغفر للمتشاحنين حتى يتصالحا. فلماذا الشحناء والبغضاء والخصام والهجران بين الأخوة وأبناء العم والخال والأقارب والجيران والأصدقاء؟ إنه أمر دنيوي زائل لا قيمة له، فبادروا للصلح والتصالح والتسامح فيما بينكم قبل فوات الأوان، واعفوا عن بعضكم البعض وقدموا تنازلات، حتى تعيشوا في هدوء وحب وسلام.

وكما تعلمون فإن التسامح ليس ضعفًا ولا انكسارًا ولا هزيمة، بل هو قوة ومروءة وسعادة لا يعرفها إلا أصحاب النفوس المتسامحة، التي صدقت مع الله ثم مع ذاتها ثم مع الناس. والإنسان المتسامح نفسه نقية صافية، تترفع عن صغائر الأمور وتسمو بها إلى المعالي، ولا يرد صاحبها الإساءة بالإساءة، ولا يغضب ولا يأخذ بالثأر، بل نفسه تكون نقية وفي صفاء وود ووئام مع الجميع. فالتمسوا العذر للمخطئ والبحث عن أسباب هذا الخطأ الذي ربما لم يكن مقصودًا، وإذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه، فالتمس له العذر، فإن لم تجد له عذرًا، فقل: لعل له عذرًا لا أعلمه، وإذا سمعت كلمة تؤذيك، فطأطئ لها حتى تتخطاك.

إنَّ الإنسان المتسامح يغسل قلبه من شوائب الألم، ويحرر نفسه من قيود الحقد والحيرة والتفكير، ويظل أكثر قوة من الحاقد والمنتقم والكاره، لأنه يعيش في راحة بال وسكينة وطمأنينة، فنحن نسامح لأجل أن نحيا بقلب طاهر من درن الحقد، لنحيا بقلب نظيف من التعب واللوم والملامة، فقلوبنا أضعف من أن تحمل ثقل هذا الألم، فبالتسامح نعيش بقلوب سليمة، ونحب بلا شروط، وننام بلا قلق، هذه هي فلسفة التسامح، لأجل أن نحيا بسلام.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

موعد السحور وأذان الفجر رابع أيام رمضان.. تعرف عليه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحرص المسلمون في شهر رمضان على معرفة موعد آذان المغرب والفجر يومياً بدقة، حيث يمثل آذان المغرب بداية الإفطار بعد يوم من الصيام، بينما يحدد آذان الفجر بداية الامتناع عن الطعام والشراب خلال ساعات النهار، وتعتبر هذه الأوقات من أهم ما يهتم به المسلمون في رمضان، إذ يساعدونهم على تنظيم عباداتهم وطقوسهم اليومية، بدءاً من السحور وحتى الإفطار، ويعتمد المسلمون في معرفة هذه الأوقات على إمساكية رمضان وحسابات فلكية دقيقة، مما يعكس عناية المسلم بدينه وحرصه على أداء عباداته في مواعيدها الصحيحة.

وبدأ شهر رمضان لعام 1446 هجريا الموافق 2025 ميلاديا، السبت أول مارس 2025، وعدته هذا العام 29 يوما، واخر أيامه 29 مارس 2025.

مدة الصيام في اليوم الرابع من رمضان:

 (الإثنين 3 مارس): 13 ساعة و21 دقيقة.

السحور: 2:33 صباحاً.

إمساك: 4:33 صباحاً.

أذان الفجر: 4:53 صباحاً.

أذان المغرب: 5:55 مساءً.

ووفقا لـ إمساكية أول أيام شهر رمضان كان أقصر أيام الشهر من حيث عدد ساعات الصيام بمعدل الصوم 13 ساعة و20 دقيقة، واخر أيامه هو الأطول من حيث عدد ساعات الصيام بمعدل 14 ساعة و12 دقيقة.

وشهر رمضان هو الشهر التاسع في السنة القمريّة، ويأتي بعد شهر شعبان، ويتبعه شهر شوّال، وقد فضّله الله -تعالى- على باقي أشهر السنة؛ لأنّه أحد أركان الإسلام، كما أنَّ صيامه فَرض على كلّ مسلم، وعنه قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)،

وسخر الله الأرض والسماء لخدمة الإنسان، فزخرت السماء بالأجرام السماوية التى يمكن دراسة الوقت من خلال حركتها، وذلك لثبات واستقرار حركتها مثل النجوم "الشمس والكوكب والأقمار"، ومن خلال متابعة حركة هذا الأجرام وحسابها اتخذ الإنسان منذ القدم هذه الحسابات لتحديد التقويم، والتقويم هى الترجمة العربية لكلمة "calendar" أى أول يوم من الشهر.

ولقد اتخذت شعوب كثيرة تقاويم خاصة بها ومن أمثلتها: "التقويم المصرى الفرعونى "القبطى" - التقويم الميلادى اليوليانى "الجريجورى" – التقويم العبرى – التقويم السريانى – التقويم الرومانى – التقويم الفارسى – التقويم الإغريقى – التقويم البابلى – التقويم الهجرى"

ونظام التقويم الهجرى يعتمد على الشهر القمرى الذى يتمثل بالمدة الزمنية التى يستغرقها القمر فى دورة كاملة حول الأرض والأشهر الهجرية هى " 1 المحرم – 2 صفر – 3 ربيع الأول – 4 ربيع الآخر – 5 جمادى الأول – 6جمادى الآخر – 7 رجب – 8 شعبان – 9 رمضان – 10 شوال – 11 ذو القعدة – 12 ذو الحجة".

والتقويم الهجرى أو القمرى أو الإسلامى هو تقويم يعتمد على دورة القمر لتحديد الأشهر وتتخذه بعض البلدان العربية مثل السعودية كتقويم رسمى للدولة، وأنشأه الخليفة عمر بن الخطاب وجعل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة فى 12 ربیع الأول (24 سبتمبر عام 622م) مرجعًا لأول سنة فيه، وهذا هو سبب تسميته التقويم الهجرى.

مقالات مشابهة

  • المجتمع البشري في عهد النبي إبراهيم عليه السلام.. (لماذا حظر الطغاة ذكر الله وسمحوا باتخاذ آلهة غيره؟)
  • شاهد| معاناة نبي الله إبراهيم عليه السلام من الغربة لحالة الشرك التي وصلت حتى إلى محيطه الأسري
  • موعد السحور وأذان الفجر رابع أيام رمضان.. تعرف عليه
  • قصة هجرة إبراهيم عليه السلام ومعجزة ماء زمزم
  • السعودية.. مكة تسجل إحدى أسرع مبادرات العفو في جريمة قتل (فيديو)
  • الطبق الذي كان يفضله الرسول عليه الصلاة والسلام
  • دعاء اليوم الثاني من رمضان.. تعرف عليه
  • موعد سحور ثاني يوم رمضان.. تعرف عليه
  • تهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
  • فلسفة الحياة والزمن