محاولة لفهم قوانين تأجير العقارات في تركيا (2)
تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT
تعتبر القوانين التي تنظم تأجير العقارات في تركيا واضحة ولكنها مربكة بالقدر نفسه للمستثمرين الأجانب أو للمقيمين في تركيا، وينشأ هذا التعقيد من حقيقة أن المستثمرين الأجانب غالبا ما يفضلون الاستثمار في العقارات كوسيلة لتعظيم عائداتهم، بينما يعتمد مئات الآلاف من الأجانب غير المستثمرين على اتفاقيات الإيجار لتأمين السكن في تركيا.
في ضوء ذلك، قررت الشهر الماضي بدء سلسلة من المقالات تشرح جوانب مختلفة من قوانين تأجير العقارات في تركيا، بعد أن لاحظنا -كمحامين- زيادة كبيرة في المنازعات الإيجارية في السنوات الأخيرة، ولذلك فالهدف من هذه المقالات هو زيادة الوعي بالحقوق القانونية لكل من المستثمرين والمستأجرين الأجانب، وتسليط الضوء على الجوانب المهمة في قانون التأجير العقاري.
وكما ذكرت في المقال السابق الذي افتتحت به هذه السلسلة، فسوف نغطي هذا الموضوع في سلسلة من أربع مقالات.
في الشهر الماضي، بحثتُ في شروط عقود الإيجار والقواعد المتعلقة بإخلاء المستأجرين للعقار. وكان الدافع وراء هذا الاختيار الخاص هو التوترات المتصاعدة بين الملاك والمستأجرين، نتيجة ارتفاع معدلات التضخم في تركيا والحماية القانونية الصارمة للمستأجرين، قد يسعى الملاك إلى إنهاء عقود الإيجار بأسرع ما يمكن.
المستأجرون ملزمون بدفع رسوم الإيجار باستخدام التحويلات المصرفية إذا كانت تزيد عن 500 ليرة تركية، والدفع نقدا يعتبر خطأ فادحا يمكن أن يزعج المستأجرين في أي نزاع مستقبلي
والحقيقة أن السبب الكامن وراء هذا التوتر يكمن في القيود القانونية المفروضة على زيادة رسوم الإيجار. في هذا الصدد، يوفر النظام القانوني التركي حماية واسعة للمستأجرين، ويحرم الملاك من حرية زيادة رسوم الإيجار بشكل تعسفي على أساس سنوي. وبذلك فكما يحمي القانون المستأجرين في أحكام العقد وقواعد الإخلاء، فإنه يحميهم من الزيادات الكبيرة في رسوم الإيجار.
لكل من المستأجرين والملاك الحرية في تحديد رسوم الإيجار في بداية العقد فحسب، فلا يتعين عليهم الامتثال لحد أدنى أو أقصى. لكنه يمنع تحديد رسوم الإيجار بعملة أجنبية أو بالذهب أو بأي معادن ثمينة أخرى أو تثبيتها عليها، ولا يجيز إلا استخدام الليرة التركية لتحديد تلك الرسوم. الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو عندما يكون المستأجر شركة، 50% من أسهمها أو أكثر مملوكة لأفراد لا يقيمون في تركيا.
يُسمح أيضا لأطراف عقود الإيجار بالاتفاق على معدل زيادة الإيجار لكنه يلزمهم بحد أقصى، وبالتالي يقيد حرية أصحاب العقارات في رفع رسوم الإيجار عند تجديد العقود.
هنا يجب أن نتذكر أنه لا يُسمح لأصحاب العقارات، عادة، بالامتناع عن تجديد عقود الإيجار. وعند التجديد، لا يمكن أن يتجاوز معدل زيادة الإيجار متوسط مؤشر أسعار المستهلك "TUFE" خلال فترة 12 شهرا، ويحدد معهد الإحصاء التركي "TUIK" هذا المعدل شهريا.
ولكن، اعتبارا من يونيو/ حزيران 2022 وحتى يوليو/ تموز 2024، نفذت الحكومة التركية إجراء مؤقتا واستثنائيا يقيد معدل زيادة الإيجار بحد أقصى 25%، بغض النظر عن مؤشر أسعار المستهلك الفعلي.
ينطبق هذا الإجراء على وجه التحديد على عقود الإيجار السكنية ولا يشمل العقارات التجارية. فبالنسبة للأخيرة، يستمر تطبيق القاعدة القياسية القائمة على مؤشر أسعار المستهلك. رغم أن فرض حد أقصى يصل إلى 25% في مواجهة معدلات التضخم التي يمكن أن تصل إلى 100% يشكل تحديا كبيرا لأصحاب العقارات، فقد اتخذت الحكومة هذه الخطوة غير العادية لمعالجة أزمة الإسكان والتضخم الحادة التي تمر بها تركيا في السنوات الأخيرة.
من المهم التأكيد أن أي بند يضاف إلى عقود الإيجار يتعارض مع القواعد والحدود المذكورة أعلاه يعتبر غير صالح، فهذه القواعد إلزامية ولا يمكن تجاوزها، حتى لو اتفق الطرفان على القيام بذلك. والغرض منها هو توفير الحماية الأساسية للمستأجرين وضمان الامتثال للإطار القانوني المعمول به.
هناك ملحوظة مهمة يجدر أن يلتفت لها المستأجرون لأنها تحمي حقوقهم، فالقانون يلزمهم بدفع رسوم الإيجار عبر التحويلات المصرفية إذا كانت تلك الرسوم تزيد عن 500 ليرة، ونحن نواجه أحيانا حالات قام فيها المستأجرون بدفع إيجاراتهم نقدا، ووقعوا بذلك في خطأ فادح يمكن أن يزعجهم في أي نزاع مستقبلي، لأنه سيكون من الصعب إثبات أن رسوم الإيجار قد دفعت على النحو الواجب وفي الوقت المحدد.
في بعض الحالات، أغلق بعض الملاك عمدا حسابهم المصرفي الذي يستخدمه المستأجرون لتحويل رسوم الإيجار، وحجبوا معلومات حسابهم المصرفي الجديد عن سوء نية، ليتهموا المستأجر بعدم دفع رسوم إيجار المنزل، مطالبين بناء على ذلك بإخلاء العقار. في مثل هذا الظرف يجب على المستأجر ألا يكون سلبيا حتى لا يتعرض لاتهامات غير عادلة في المستقبل. والتصرف الصحيح أن يرسل بشكل عاجل إشعارا رسميا أو خطابا إلى المالك من خلال خدمة البريد العام "PTT" للمطالبة رسميا بالحصول على معلومات الحساب المصرفي للمالك.
زيادة الرسوم عبر دعوى قضائيةيمتلك أصحاب المنازل خيار رفع دعوى قضائية من أجل تعديل أو زيادة رسوم الإيجار فوق الحد الأقصى، ولكن هذا يخضع لشروط صارمة؛ أولها، أن يكون عقد الإيجار قد بدأ قبل 5 سنوات أو أكثر. في مثل هذه الحالات، يقوم القاضي بتحديد الزيادة على أساس مبادئ العدالة والإنصاف. ولكن، إذا كانت رسوم الإيجار محددة بعملة أجنبية في العقد (في بعض حالات التأجير لشركات يقيم أصحابها في الخارج) فلا يمكن رفع هذه الدعوى.
وبشكل عام، يأخذ القضاة في الاعتبار عوامل مختلفة مثل حالة وخصائص العقار المستأجر، بالإضافة إلى رسوم الإيجار الفعلية السائدة في السوق. ولاتخاذ قرار دقيق، غالبا ما يعتمدون على تقارير الخبراء التي يتم إعدادها كجزء من إجراءات الدعوى وإجراء الاستكشاف الرسمي الخاص بهم للممتلكات المعنية.
ولضمان دخول رسوم الإيجار الجديدة حيز التنفيذ مع بدء السنة الإيجارية الجديدة، يجب رفع الدعوى قبل 30 يوما على الأقل من تاريخ التجديد. وكذلك، إذا كان المالك ينوي طلب الزيادة دون رفع دعوى قضائية، فعليه إرسال إشعار قانوني إلى المستأجر قبل 30 يوما على الأقل من تاريخ التجديد. ورغم أن إرسال إشعار قانوني ليس إلزاميا، فإنه يوصى به بشدة كوسيلة لحماية حقوق المستأجرين. وإذا لم يتخذ أي إجراء خلال الإطار الزمني المحدد، فلا يمكن رفع دعوى تعديل بأثر رجعي.
نقاط جديرة بالانتباه يجب على أصحاب المنازل دفع جميع الضرائب والتأمين الإجباري ضد الزلازل على ممتلكاتهم المستأجرة. عادة ما تكون الرسوم الشهرية أو رسوم صيانة المبنى أو المجمع السكني من مسؤولية المستأجرين لأنهم من يستخدمون العقار. يحظر القانون تضمين عقد الإيجار بنودا جزائية تلزم المستأجرين بدفع مبالغ إضافية في حالة التأخر في السداد، أو تلزمهم بدفع الضرائب، وتعتبر مثل هذه البنود باطلة وغير قابلة للتنفيذ. من الممارسات الشائعة لأصحاب العقارات طلب وديعة تأمين عند توقيع عقد الإيجار، وهو إجراء وقائي لأصحاب العقارات ضد الأضرار المحتملة التي قد يتسبب فيها المستأجرون ولا تعالج عند إنهاء عقد الإيجار. ومع ذلك، فوفقا للوائح القانونية، لا يمكن أن يتجاوز مبلغ التأمين إجمالي رسوم الإيجار لمدة 3 أشهر. الأهم أنه إذا لم يكن هناك أي ضرر للعقار المستأجر، فيجب إعادة مبلغ التأمين إلى المستأجر كاملا. وإذا زادت قيمة الوديعة عن النفقات المطلوبة لإصلاح الأضرار، يجب إعادة المبلغ المتبقي إلى المستأجر. لا يحق لمالك العقار التعسف في تقييم الأضرار لحجب الوديعة، وهو ملزم بإجراء فحص شامل للعقار وتزويد المستأجر بتقرير مفصل يوضح أي أضرار تم اكتشافها. هذا الفحص الفوري بالغ الأهمية في تحميل المستأجر المسؤولية عن أي أضرار. وإذا لم تكن الأضرار واضحة في البداية، يجب على المالك إخطار المستأجر المغادر بمجرد اكتشافها. يوصى بدفع قيمة التأمين عبر تحويل مصرفي للتأكد من صحة وقيمة المبلغ المدفوع. ويُسمح بالاحتفاظ بالوديعة بالعملة الأجنبية، وهو ما ننصح به للحفاظ على قيمتها ضد الانخفاض الكبير في قيمة العملة التركية. aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العقارات فی فی ترکیا لا یمکن یمکن أن
إقرأ أيضاً:
قوانين إسرائيلية عنصرية ضد الشعب الفلسطيني لتصفية القضية.. عمرو خليل يكشف التفاصيل
قال الإعلامي عمرو خليل إن قانون حظر التعامل مع وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الإسرائيلي الكارثي يمثل تحديًا لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وأهمها القرار الدولي رقم 194، الذي ينص على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ولا يمكن اعتباره إلا أنه جزء لا يتجزأ من حرب الإبادة التي تشنها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل على الشعب الفلسطيني.
وأضاف "خليل"، خلال تقديمه برنامج "من مصر"، المذاع على قناة القاهرة الإخبارية، أنه ينص القانون على منع أي نشاط للمنظمة الأممية في إسرائيل، وألا تقوم بتشغيل أي مكتب تمثيلي وألا تقدم أي خدمة للفلسطينيين، ولا تقوم بأي نشاط بشكل مباشر أو غير مباشر في الأراضي الواقعة تحت سلطتها.
وأشار إلى أنه يمنح هذا القانون العنصري وزير التعليم الإسرائيلي صلاحية سحب الميزانيات من المؤسسات التربوية التي تتضامن مع حقوق الشعب الفلسطيني.
الرئاسة الفلسطينية: ندين الفيتو الأمريكي وندعو مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته بقطاع غزة أحمد موسى: التاريخ لن ينسى جرائم أمريكا وإسرائيل ودعمهما للإبادة في غزة|فيديو وزير الداخلية الإسرائيليولفت إلى أنه استمرارا للعنصرية صادق الكنيست أيضا على مشروع قانون يمنح وزير الداخلية الإسرائيلي صلاحية اتخاذ القرار بترحيل وطرد عائلات منفذي العمليات ضد أهداف إسرائيلية إلى قطاع غزة أو موقع آخر.. وهو ما يعني ترحيل عائلات بأكملها دون ارتكاب أي ذنب يذكر.
وواصل: "من حظر الأونروا إلى ترحيل الفلسطينيين.. قوانين إسرائيلية عنصرية هدفها تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على مشروع إقامة دولته الفلسطينية.. لكن التاريخ دوما يقول كلمته بأن الأرض ستكون في النهاية لأصحابها وقتها لن تكون تلك القوانين إلا حبرا على ورق".