لا يعرف زملائى فى "الأسبوع" أن رحلتى معهم بدأت بقصة حب، كنت ومازلت أراهم فرسانًا حاربوا فى جبهة الحق، ويوم أرسلت أبياتى عن سقوط طائرة مصر للطيران فى نيويورك "مال النهار منكسر، مال الفؤاد موجوع، قلبك يا مصر حزن، والحزن شيء مشروع ".. ونشرها الأستاذ مجدى شندى الذى كان واحدًا من رجال "الأسبوع" آنذاك، كدت أطير فرحًا، وأنا أشاهد التوقيع باسمى على نصى فى باب "بعد التحية" تحت مقال الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى، كان يومًا خاصًا تساوى مع أيام أخرى يحدث فيها كل شىء جميل للمرة الأولى، فتتأكد أنك على الطريق، ومنها نصوصى التى نشرت فى مجلة "المصور"، "أهرام" الجمعة، والنص الذى نشره لى أستاذنا الراحل إبراهيم حجازى فى "الأهرام الرياضى" بين سطور مقالته الأسبوعية، لكن ليس من رأى كمن سمع، فقد كانت "الأسبوع" فى ذلك العام تحتفل بعيدها السنوى بحفل كبير فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، شابة، ناضجة رغم أنها مازالت فى سنواتها الأولى، يومها أخبرنى الأستاذ مجدى شندى بالاحتفال، فقررت الذهاب، وطرحت عليه فكرة أن ألقى قصيدة، كتبتها فى دقائق وعلى ما أذكر ألقيتها عليه فى الهاتف، كنت حقًّا مشحونة بالحب لهذا الكيان، أذكر من تلك الأبيات: "والواد محروس بتاع الجرنان، بينادى الصبح فى قلب ميدان، بيقول أسبوع وانت الكسبان"، ومنذ اللحظة الأولى، عندما وقفت لألقى قصيدتى، أدركت أن ظنى بهذا الحشد الرائع فى محله، حشد المحبين لهذا الكيان كان يفوق تخيلى، كتيبته وضيوفها يزينون منصة الحفل الذي أذكر من بين الحاضرين فيه الأستاذ الكبير صلاح منتصر والنجمة وفاء سالم، والفنان محمد منير، وبالطبع كنت أرى للمرة الأولى على الطبيعة وجوه كل من أصبحوا زملاء فيما بعد، وعلى رأسهم الأستاذ مصطفى بكرى، وعلى الرغم من مراسلتى للجريدة، واهتمام الأستاذ عبد الفتاح طلعت ونشره لرسالتى الناقدة لأحد الأفلام الأجنبية التى عرضت على القناة الثانية للتليفزيون المصرى، لم أكن أعرف وقتها أن القدر سيجعلنى من أهل "الأسبوع"، لقد اتفقت بالفعل على العمل فى صحيفة أخرى كانت ناشئة فى ذلك الوقت، وكنت أتحدث مصادفة مع أحد أقاربى بهذا الشأن، فقال لى بالحرف الواحد: "الأسبوع مكان آمن عليك فيه"، لم أفهم مغزى جملته إلا بعد أن حملت قصصى وأشعارى وصفحات عملى السابق وذهبت للقاء الأستاذ مصطفى بكرى، ولعله سيعرف الآن فقط أننى قبل لقائه كنت فى حيرة من أمرى لأننى بالفعل كنت سأعمل فى مكان آخر، كنا وقتها على مشارف شهر رمضان الكريم، كمثل أيامنا هذه تمامًا، لكن ترحابه بى وهو يتفحص ملف أوراقى، غير اتجاهى على الفور، اتصل بالأستاذة نجوى طنطاوى، لأصبح متدربة معها فى قسم التحقيقات، وعندما رأيتها تجلس مع الزميلة زينب عبد اللاه، اكتملت الصورة، كان قريبى يدرك أن وراء نجاح "الأسبوع" روح أسرية وسمات إنسانية متفردة، وأيقنت على الفور أننى فى المكان الذى أريده تمامًا، وأن ما كان يجذبنى إلى أقلام كتاب الأسبوع ليس ثوريتها فقط، وإنما أيضًا هذا القدر الكبير من الأخلاق، الكتيبة الملتحمة مع هموم الناس، وأوجاعهم كانت كذلك حقًّا دون ادعاء، أو ارتداء ثوب بطولة زائف، وكما أذهلنى هذا الكم من كتّاب مقالات "الأسبوع" الرائعين وشعرت بأننى تقلدت وسام أن أكون بينهم، لم تهبنى "الأسبوع" شرف أن أنضم إلى كتيبتها فحسب، لكنها منحتنى ما هو أثمن، عندما انطلق قلمى على صفحاتها دفاعًا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما فتحنا ملفات كبيرة حفاظًا على تراث مصر، وأثارها ودفاعًا عن المظلومين، ومنحتنى حبًّا لا أستطيع وصفه، عندما صفق لى زملائى فى مجلس التحرير تقديرًا لعملى فى تكريم ثمين عن عمر من المحبة والعمل المخلص، هذا البيت الكبير الدافيء وهذا العمل المخلص الدؤوب من الجميع، هو ما يجعل "الأسبوع" مهما مر الزمن عليها المكان الأروع والصحيفة التى تمنيتها.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس: في الحب فقط تجد حياتنا النور والمعنى!
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ترأس قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان صباح الأحد القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس وللمناسبة ألقي عظه عظة قال فيها في نهاية السنة الليتورجية، تحتفل الكنيسة بعيد يسوع المسيح ملك الكون.
وتدعونا لكي ننظر إليه هو الرب، أصل كل شيء ومكمله، والذي "لا يزول ملكوته أبدًا".
تابع البابا فرنسيس يقول إنه تأمّل يرفع ويحمِّس ولكن، إذا نظرنا بعد ذلك إلى ما حولنا، يبدو لنا ما نراه مختلفًا، وقد تثور في داخلنا أسئلة مقلقة. ماذا عن الحروب والعنف والكوارث البيئية؟ وماذا عن المشاكل التي عليكم أنتم أيضًا، أعزائي الشباب، أن تواجهوها فيما تتطلعون إلى المستقبل: انعدام الأمن الوظيفي والشكوك الاقتصادية، بالإضافة إلى الانقسامات وعدم المساواة، جميع هذه الأمور التي تستقطب المجتمع؟ لماذا يحدث كل هذا؟ وماذا يمكننا أن نفعل لتجنب الوقوع في براثنها؟ إنها أسئلة صعبة ولكنها مهمة. لهذا السبب، وبينما نحتفل اليوم باليوم العالمي للشباب في جميع الكنائس، أود أن أقترح عليكم أنتم الشباب بشكل خاص، في ضوء كلمة الله، أن نتأمل في ثلاثة جوانب يمكنها أن تساعدنا على المضي قدمًا بشجاعة في مسيرتنا عبر التحديات التي تواجهنا. وهي: الاتهامات، الإجماع والحقيقة.
أضاف يقول أولاً: الاتهامات. يقدم لنا إنجيل اليوم يسوع في مكان المتهم. هو - كما يقولون - "على المنصة"، في المحكمة يستجوبه بيلاطس، ممثل الإمبراطورية الرومانية، الذي يمكننا أن نرى فيه جميع القوى التي تضطهد الشعوب بقوة السلاح في التاريخ. إنّ بيلاطس لا يهتمُّ بيسوع. لكنه يعرف أن الناس يتبعونه، ويعتبرون أنه مرشد ومعلم والمسيح، ولا يمكن للوالي أن يسمح لأحد أن يخلق الفوضى والاضطراب في "السلام العسكري" في منطقته. لذلك فهو يرضي أعداء هذا النبي الأعزل الأقوياء: فيقدمه للمحاكمة ويهدده بالحكم عليه بالموت. وهو، الذي لم يبشر إلا بالعدالة والرحمة والمغفرة، لا يخاف، ولا يسمح بأن يتعرّض للترهيب ولا يتمرد حتى، بل يبقى أمينًا للحق الذي أعلنه وصولاً إلى التضحية بحياته.
تابع يقول أيها الشباب الأعزاء، ربما قد يحدث لكم في بعض الأحيان أن تتعرّضوا أنتم أيضًا للاتهام لأنكم تتبعون يسوع. في المدرسة، بين الأصدقاء، في البيئات التي تترددون عليها، قد يكون هناك من يريد أن يجعلكم تشعرون بأنكم مخطئون لأنكم أمناء للإنجيل وقيمه، لأنكم لا تتوافقون ولا تنحنون لكي تفعلوا مثل الجميع. ولكن، لا تخافوا من "الأحكام"، ولا تقلقوا: فعاجلاً أم آجلاً تسقط الانتقادات والاتهامات الباطلة وتظهر القيم السطحية التي تدعمها لما هي عليه، أوهام. وما يبقى، كما يعلمنا المسيح، هو شيء آخر: إنها أعمال المحبة. هذا هو ما يبقى وما يجعل الحياة جميلة! أما الباقي فلا يهمُّ. لذلك، أكرر لكم: لا تخافوا من "أحكام" العالم. استمروا في المحبة!
أضاف يقول ونأتي إلى النقطة الثانية: الإجماع. يقول يسوع: "ليست مملكتي من هذا العالم". ماذا يعني ذلك؟ لماذا لا يفعل شيئًا لكي يضمن نجاحه ويتملق الأقوياء ويكسب التأييد لبرنامجه؟ كيف يمكنه أن يعتقد أنه يستطيع تغيير الأمور إذا كان "مهزومًا"؟ في الواقع، يتصرف يسوع هكذا لأنه يرفض أي منطق للسلطة. إنه متحرر من كل هذا! وأنتم أيضًا ستُحسنون صنعًا إن اقتديتم به، ولم تسمحوا بأن تعديكم النزعة - المنتشرة اليوم - في أن تكونوا مرئيين ومحل استحسان وثناء. إن الذين يسمحون لهذه الهواجس بأن تسيطر عليهم ينتهي بهم الأمر بالعيش في حالة ركود. وينحصرون في "التهافت" والمنافسة والتظاهر والتنازلات وبيع مُثُلهم العليا من أجل الحصول على القليل من الاستحسان والظهور لكن الله يحبكم كما أنتم، وأحلامكم النقية أمامه تساوي أكثر من النجاح والشهرة، وصدق نواياكم أكثر من الاجماع. لا تسمحوا بأن يخدعكم الذين يغرونكم بوعود واهية، وهم في الواقع لا يريدون سوى استغلالكم وتكييفكم واستعمالكم لمصالحهم الخاصة.
تابع يقول لا تكتفوا في أن تكونوا "نجومًا ليوم واحد"، على وسائل التواصل الاجتماعي أو في أي سياق آخر! إن السماء التي أنتم مدعوون لكي تسطعوا فيها هي أعظم: إنها سماء الله التي تنعكس فيها محبة الآب اللامتناهية في أنوارنا الصغيرة التي لا تُحصى: في عاطفة الأزواج المخلصة، في فرح الأطفال البريء، في حماس الشباب، في رعاية المسنين، في سخاء المكرسين، في المحبة تجاه الفقراء، وفي الصدق في العمل. هذه هي السماء الحقيقية التي يجب أن تسطعوا فيها كالنجوم في العالم: لا تسمعوا للذين إذ يكذبون ويقولون لكم عكس ذلك! ليس الإجماع هو الذي سيخلّص العالم، ولن يجعلكم سعداء، وإنما مجانيّة المحبّة. وهكذا نأتي إلى النقطة الثالثة: الحقيقة.
واختتم لقد جاء المسيح إلى العالم "لكي يشهد للحق"، وقد فعل ذلك عندما علمنا أن نحب الله والإخوة. هناك فقط، في الحب، تجد حياتنا النور والمعنى. وإلا فسنبقى أسرى كذبة كبيرة: كذبة الـ "أنا" الذي يكفي لذاته، أصل كل ظلم وتعاسة.