نشر موقع “أريبيان بزنس” العربي، تقرير منح بنك غولدمان ساكس لقب “GRANOLAS” لأبطال سوق الأسهم في أوروبا، مثل: جلاكسو سميث كلاين، وروش، وASML، ونستله، ونوفارتيس، ونوفو نورديسك، ولوريال، وإل في إم إتش، وأسترازينيكا، وساب، وسانوفي، وغيرها. 

وأضاف التقرير، أنه قد فاق أداء هذه الشركات، التي تتجاوز قيمتها السوقية المجمعة 2.

6 تريليون يورو، أداء سوق الأوراق المالية الأوروبية بشكل عام في السنوات الأخيرة.

وتمثل “GRANOLAS” نحو ربع قيمة مؤشر ستوكس 600، وتعادل إجمالي قيمة القطاعات الرئيسة، مثل: الطاقة، والموارد الأساسية، والمالية، والسيارات. 

وقال الموقع إنه مع التطورات المتغيرة في السوق الأوروبية، أشار بنك غولدمان ساكس إلى تحول كبير من قادة الصناعة التقليدية، مثل: الاتصالات، والنفط، قبل عقدين من الزمن، إلى مجموعة متنوعة من القطاعات اليوم.

ولفت إلى أنه في الأشهر الاثني عشر الماضية، حققت “GRANOLAS” إيرادات تزيد على 500 مليار يورو، ما يمثل زيادة سنوية بنسبة 8%. 

وأشار بنك غولدمان ساكس إلى أن هذه الشركات قادرة على التصدي للتقلبات في السوق بسبب ممتلكاتها الكبيرة في الولايات المتحدة، ويُعتقد أنها قادرة على تحمل المزيد عقب الانتخابات الأمريكية واحتمال فرض تعرفة جمركية جديدة.
“قصة نجاح “GRANOLAS” لا يمكن إنكارها؛ ما يوضح براعة أفضل الشركات الأوروبية في السوق العالمية”، وفقًا للموقع.

وختم الموقع قائلًا، “إن العوامل التي تجعلها جذابة، مثل: الأرباح القوية، وتوقعات النمو القوية، والانتشار الدولي، تظل معرضة للتقلبات السوقية ويجب على المستثمرين أن يكونوا حذرين ويدرسوا السوق بعناية”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: السوق العالمية اوروبا

إقرأ أيضاً:

­5 سمات شخصية تحكم حياتك.. ماذا تعرف عنها وكيف تطوّعها لصالحك؟

كل فرد منا يحمل عالما غامضا ومعقدا، وفي ذلك العالم الفسيح أسرار شخصيتنا وطرائق تفكيرنا وكيفية تفاعلنا مع العالم من حولنا. إنها الشخصية، وللشخصية تحديدا فرع مثير في علم النفس يسعى إلى فهم وفك شفرات هذا العالم الداخلي، وتسليط الضوء على العوامل التي تشكل شخصياتنا وتؤثر في سلوكنا.

ومن بين النماذج الأكثر تأثيرًا واستخداما في هذا المجال، يبرز نموذج السمات الخمس للشخصية، الذي يعتبر وسيلة هامة لفهم ذواتنا، فهو يقدم إطارًا علميًّا لتحليل وفهم شخصياتنا، من خلال خمس سمات رئيسية هي: الانفتاحية، والانضباطية، والانبساطية، والتوافقية، والقلق العاطفي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف تكتشف أبرز الخدع السياسية التي تُستخدم يوميا "للنصب عليك"؟list 2 of 2الطبيب النفسي الغربي الذي قتل أرواحناend of list

ولتقريب الفكرة، يمكننا تخيل سمات الشخصية كألوانٍ أساسية في لوحة فنية، تمتزج وتتفاعل لترسم لوحةً فريدةً تعبر عن شخصية كل فرد.

في هذا المقال، سنأخذكم في رحلة لهذا النموذج، نستكشف فيها تلك السمات الخمس والجوانب الفرعية لكل سمة، سعيا لفهم الكيفية التي تتفاعل هذه الجوانب لتشكل نسخة شخصية فريدة لكل واحد منا. كما سنسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين هذه السمات وتصرفاتك واستجاباتك السلوكية وانفعالاتك النفسية، وكيف يمكنك استخدام هذه المعرفة لتحسين حياتك وعلاقاتك.

وفي نهاية التقرير، سنقدم مجموعةً من الأدوات والخطوات العملية التي يمكنكم تطبيقها في حياتكم اليومية، لتطوير سماتكم الإيجابية والتعامل مع الجوانب التي قد تسبب لكم القلق أو تؤثر سلبًا في علاقاتكم. فالهدف لا يقتصر على أن نفهم أنفسنا بشكل أفضل، بل أن نستخدم هذه المعرفة لنصبح أفضل نسخة من أنفسنا.

إعلان

 

ما وراء الواجهة: الأبعاد الخفية للسمات الخمس

يُعدّ نموذج السمات الخمس للشخصية الذي صاغه فريق بحثيّ ضخم ترأّسه باحثان مشهوران هما كوستا ومكّاراي، أحد أهمّ نماذج تحليل الشخصية في علم النفس الحديث، متجاوزًا العديد من النماذج البسيطة والاختزالية والشعبية.

تتميز السمات الخمس الكبرى للشخصية بقدرتها العالية على التنبّؤ بالسلوكيات، وثباتها عبر مراحل الحياة (مع انحرافات طفيفة)، كما أنها مدعومة بعدد ضخم من الدراسات الكمّية والكيفية، وأخيرًا لأنها مرنة وقابلة للقياس ويمكن توظيفها في سياقات مختلفة.

السمات الخمس الكبرى للشخصية يمكن اختصارها لتسهيل حفظها بالاختصار "OCEAN"، حيث يمثل المقياس الأول مُعامل الانفتاحية (Openness)، ويمثل المقياس الثاني مُعامل الانضباطية (Conscientiousness)، ويمثل المقياس الثالث مقياس الانبساطية (Extraversion)، ويمثل المقياس الرابع مقياس التوافقية (Agreeableness)، ويمثل المقياس الخامس مُعامل القلق العاطفي (Neuroticism).

ويجدر التنويه هنا أنه يمكن أن نجد شخصين يسجّلان نسبًا متقاربة على مقياس إحدى السمات الخمس، وفي الوقت نفسه نلاحظ اختلافًا في كيفية التعبير عن ذات السلوك.

على سبيل المثال، قد نجد شخصًا انبساطيًّا تشعر بأنه ودود ولطيف للغاية، وشخصًا آخر انقباضيًّا/انطوائيًّا وهو أيضًا لطيف وودود للغاية رغم أنه يُفضّل أن لا يُنشئ الكثير من العلاقات. يمكن تفسير هذا التناقض في التفكير كالآتي: لكلّ سمة من السمات جوانب ستة فرعية تشكّلها، تختلف من حيث الدافع والحافز والكيفية التي تُعبّر بها السمة عن ذاتها.

من المهم التنبه إلى أن كل جوانب السمة الستة مترابطة من حيث النوع. غالبًا ما نقول إن شخصًا ما يُسجّل قيمة مرتفعة على مقياس الانفتاحية، وهذا يعني أنه في الغالب يُسجّل قيمًا مرتفعة على الجوانب الستة الفرعية للانفتاحية. لكن وعلى الرغم من هذا الترابط، فإن الجوانب الستة بعضها مُستقلّ عن بعض من حيث الكمّ؛ ولذلك يحدث أحيانًا أن يُسجّل شخص ما قيمًا مرتفعة على أربعة أو خمسة جوانب فرعية لنفس السمة، ويُسجّل قيمة متدنّية ومنخفضة على جانب أو جانبين من الجوانب الستة للسمة ذاتها.

إعلان

وهذا ما يُفسّر الكثير من الفروق الفردية والاختلافات بين الأشخاص الذين يُسجّلون قيمًا متقاربة على مستوى السمات، إذ يكون الاختلاف على مستوى الجوانب الستة التفصيلية لكل سمة. تُقاس السمات الخمس وجوانبها الستة باستخدام عدة مقاييس وأدوات علمية.

صورة تعبيرية عن المشاعر المختلفة (بيكساباي) الانفتاحية: عندما تتفتح الأبواب على عالم جديد

تُعبّر سمة الانفتاحية عن مدى إقبال الشخص على التجارب والأفكار الجديدة، وتلك المخالفة لما اعتاده وتربّى عليه. من المهم التأكيد على أن سمة الانفتاح على التجربة لا تُعبّر عن الذكاء بالضرورة، وإنما تُعبّر عن قابلية الشخص ونزوعه نحو تعلّم خبرات وأفكار جديدة. فإذا فهمنا هذا، يمكننا أن نوضح أن سمة الانفتاح على التجارب من بين السمات الأخرى، تُظهر قدرًا من الارتباط النسبي مع الذكاء، وهو ارتباط ضعيف نسبيًّا، لكنه الأوضح من بين جميع السمات الخمس. تنقسم جوانب الانفتاحية إلى ستة جوانب فرعية، هي:

أولًا، الخيال: من يُسجّل قيمة مرتفعة على هذا الجانب من الانفتاحية، فهذا يُعبّر عن ميول الشخص نحو التجارب الجامحة والأفكار غير التقليدية، مثل التجارب الغريبة والغامضة، بما يشمل الأطعمة الجديدة واللباس الجديد والزينة غير التقليدية ونحوها. فالعالَم عنده بشكله الحاليّ مُملّ وعادي ويحتاج إلى إضافة الكثير من التجارب الجديدة. ومَن يُسجّل قيمة مُنخفضة، فهذا يعني مَيل الشخص إلى التجارب التي عرفها واعتادها وقَبول نمط الحياة الذي يألفه.

ثانيًا، الاهتمام الفنّي: مَن يُسجّل قيمة مُرتفعة على هذا الجانب من الانفتاحية، يعكس ذلك اهتمامه بالأعمال الفنّية وتقديره للفَنّ والجمال. من الضروري التأكيد هنا على أننا لا نتحدّث عن قدرة الشخص على إبداع الفَنّ أو ممارسة الفَنّ أو إنتاج عَمَل فنّي إبداعيّ، بل عن تقدير هذا الشخص للأعمال الفنّية والجَمالية بمختلف أنواعها واهتمامه بها.

إعلان

ثالثًا، العاطفية: مَن يُسجّل قيمة مرتفعة هنا، فإن من شأن هذا أن يُعبّر عن قدرة الشخص على الوصول إلى مشاعره، وتقديرها والتفاهم معها وبالتالي التعبير عنها بأريحية. إن هذا المقياس تعبير عن تقدير الشخص لعواطفه ومشاعره واستجابته لها بدل إهمالها وكبتها.

رابعًا، المغامرة/المخاطرة: يُعبّر هذا الجانب عن مدى ميول الشخص للمخاطرة والإقدام على المغامرات والتجارب غير المألوفة. مَن يُسجّل قيمة منخفضة على هذا الجانب، لا يُحبّ عادةً تغيير روتينه اليوميّ، وإذا حدث هذا فسيشعر بعدم ارتياح كبير.

تعد الرغبة بالمخاطرة إحدى سمات الانفتاحية التي تقود الفرد لتجربة ما هو جديد ومثير (بيكسلز)

خامسًا، التثقّف: يُعبّر هذا الجانب عن مدى انجذاب الشخص إلى الأفكار والفلسفة والتحدّيات الفكرية، والنقاشات الثقافية، والأُحجيات العقلية والمُعضلات الفكرية والتفكّر في الأفكار المُعقّدة ونقاشها والخوض فيها. ومَن يُسجّل قيمة مُنخفضة على هذا الجانب، يرى النقاشات الفكرية والنظرية مَضيعةً للوقت، ويُفضّل أن يتناقش مع من حوله في شؤون الأشخاص والأحداث اليومية المُبسّطة ونحوها.

سادسًا، "التحرّر من التقاليد": يُعبّر هذا الجانب عن ميول الشخص للتحرّر من التقاليد والقوانين المُحافظة. ومَن يُسجّل قيمة مرتفعة على هذا الجانب، يكره اتّباع القوانين ويتعاطف مع مَن لا يخضع لها. وإذا دفعنا هذا المقياس إلى أقصاه، فإنّ مَن يُسجّل قيمة مرتفعة جدًّا على هذا المقياس، فهو غالبًا ما يُحبّ اللاسلطوية وعدم الامتثال.

ومَن يُسجّل قيمة مُنخفضة هنا، فإنّ هذا يُعبّر عن ميول الشخص إلى الأفكار التقليدية. وهناك ارتباط مبدئي بين هذا الجانب تحديدًا وبين الحزب السياسيّ الذي يميل إليه الشخص، فمَن يُسجّل قِيَمًا مُرتفعة يميل نحو الأحزاب اللّيبرالية، ومَن يُسجّل قِيَمًا مُنخفضة يميل نحو الأحزاب المُحافظة.

إعلان الانضباطية: حيث النظام والتفاني يصنعان المعجزات

تُعبّر الانضباطية بشكل عام عن مدى انضباط الشخص في حياته وجوانب معيشته، ومدى قدرته على الالتزام والتفاني في المسؤوليات والواجبات المُوكَلة إليه. ومن بين جميع السمات الخمس للشخصية، ترتبط هذه الشخصية ارتباطًا إحصائيًّا قويًّا جدًّا بالنجاح في الوظيفة والدراسة والحياة المهنية، لأن مَن يُسجّل قيمة مرتفعة على هذا المقياس، يستطيع أن يجتهد ويتفانى لتحقيق الأهداف التي يضعها لنفسه.

يجدر التنويه هنا إلى أن هذه السمة من بين جميع السمات الخمس هي الأكثر قدرة على الاكتساب والتعلّم، أي أن الشخص بإمكانه أن يرفع قيمة ما يُسجّله على هذا المقياس، من خلال التدرّب والتمرّن على الالتزام والانضباط، فهي قابلة للتعديل والتعلّم، على عكس سِمَتيّ التوافقية والقلق العاطفيّ المَحكومَتين بشكلٍ كبير إلى حد ما بعوامل تكوينية يَصعُب -ولا يستحيل- تعديلها وتقويمها بسرعة. تنقسم الانضباطية إلى ستة جوانب فرعية، كالآتي:

أولًا، الفعالية الذاتية: تُعبّر عن قدرة الفرد على تحقيق الأهداف وإنجاز المهام المَوضوعة أمامه. مَن يُسجّل مستوًى عاليًا على هذا الجانب من جوانب الانضباطية يمتاز بأنّه يستطيع السيطرة على حياته، وأنه مُنافِس وفعّال في الأوساط التي يوجد بها، ومنضبط ذاتيًّا. في المُقابل، مَن يُسجّل قيمة مُنخفضة على هذا المقياس، لا يستطيع النجاح في الكثير من المهام، ولا يستطيع تحسين ظروفه وحياته إلى الأفضل بسهولة.

ثانيًا، الترتيب: يُعبِّر الترتيب عن ميول الشخص إلى الاهتمام بوضع القوائم والجداول لحياته، ووضع الأمور بمكانها الصحيح، بما يشمل ترتيب الأمور والأشياء من حوله، سواء أكانت أوقاتًا، أو أشياءَ، أو مهامَّ، أو نشاطات أو حتّى الأثاث. فمَن يُسجّل مستوًى عاليًا بهذا الجانب يكون مُنظّمًا في حياته على مستوى العديد من التفاصيل. أمّا مَن يُسجّل قيمة مُتدنّية هنا فغالبًا ما يظهر على نمط حياته قدر عالٍ من الفوضى والعشوائية.

إعلان

ثالثًا، الامتثالية: يُعبّر هذا الجانب عن امتثال الشخص للتعليمات والقواعد، ومدى اتّباعه للعقود والقوانين والتزامه بها. فمَن يُسجّل مستوًى عاليًا في هذا الجانب، يكون عالي الامتثال للتعليمات والقوانين، أمّا مَن يُسجّل قيمة متدنّية فهو في الغالب يظهر كشخص لا يمكن الاعتماد عليه، كثيرًا ما يتجاهل التعليمات ويخرق القوانين، بل إنّه يرى التعليمات شيئًا مُقيِّدًا وخانقًا للغاية بالنسبة له.

رابعًا، السعي للإنجاز: مَن يُسجّل مستوًى عاليًا على هذا الجانب يميل لأن يكون شخصًا ناجحًا ومُنافسًا في المجال أو المكان الذي يوجد به، يضع لنفسه أهدافًا عالية ويطمح لتحقيق أعلى الدرجات. ومَن يُسجّل قيمة مُنخفضة لا يسعى جاهدًا لتحقيق أهدافه ومهامه، وحتى تلك التي ينجزها يبذل فيها أقل جهد ممكن.

يجدر التنويه هنا، إلى أنّ أولئك الذي يسجلون قيمة مرتفعة جدًّا على هذا المقياس، قد يسبّب لهم ذلك بعض المتاعب المتعلّقة بوضع أهداف عالية تفوق قدراتهم، ومن تبعات ذلك أيضًا أن يفقدوا القدرة على التفكير في الخيارات والبدائل الأخرى للهدف العالي الذي يضعونه لأنفسهم.

خامسًا، الانضباط الذاتيّ: يُعبّر هذا الجانب تحديدًا عن تفاني الشخص، فمَن يُسجّل مستوًى عاليًا بهذا الجانب يظهر كشخص بإمكانه التفاني في مهمة مُحدّدة، فحين يريد أن يُحقّق أمرًا تراه ملتزمًا بفعل كل ما يستطيع فعله لتحقيق هدفه، المظهر الأشد وضوحًا لهذا الجانب هو قدرة الفرد على قضاء ساعات طوال لإنجاز مهمة مُحدّدة، إذ تجده منهمكًا تمامًا في أداء مهمته ولا يتركها حتى ينتهي منها، على عكس من يُسجّل قيمة متدنّية هنا، إذ تراه لا يستطيع أن يقوم بمهمة ما أكثر من دقائق قليلة، حتى لو كانت مهمة ممتعة أصلًا.

سادسًا، التأنّي والحذر: يُعبِّر التأنّي والحذر عن قدرة الشخص على التمهّل والتفكير جيدًا قبل إقدامه على خطوة أو سلوك ما. مَن يُسجّل مستوًى عاليًا هنا، تراه يحسب جيدًا خياراته، ويأخذ بعين الاعتبار أبعاد ما سيقوم به. في المقابل، مَن يُسجّل قيمة متدنّية هُنا، يبدو كشخص مندفع ومتهوّر. هذه السمة تحديدًا هي الأكثر إظهارًا لمُعامل الاندفاعية. مَن يُسجّل قيمة متدنّية على جانب التأنّي والحذر، لا يمكنه أن يمنع نفسه من القيام بردٍّ مُستعجِل ومباشر، وهو ما قد يسبّب له بعض المتاعب وشعورا لاحقا بالندم.

صورة تعبيرية عن التنظيم (بيكساباي) الانبساطية: سحر العلاقات الاجتماعية وراحة الانطوائية

تُعبّر سمة الانبساطية عن مدى الإقبال الاجتماعيّ للشخص ومدى حُبّه ورغبته للتفاعلات الاجتماعية والانخراط في التجمّعات والمناسبات الاجتماعية. وتُقابل هذه السمة، سمة الانقباضية/ الانطوائية. وتنقسم سمة الانبساطية إلى ستة جوانب، هي:

إعلان

أولًا، اللُّطف والمودّة: يُعبّر هذا الجانب عن مدى لُطف الشخص في التعامل الاجتماعيّ. مَن يُسجّل قيمة مرتفعة على هذا المقياس، غالبًا ما يرى الأشخاص الآخرون أنّه شخص لطيف وودود. لكن هذا الجانب يُعبّر في الحقيقة عن مدى اهتمام الشخص ورغبته في تكوين علاقات اجتماعية، وقدرته على بناء علاقات ودودة ومُقرّبة بُسرعة. ومَن يُسجِّل قيمة مُتدنّية على هذا المقياس، غالبًا ما يُرى على أنّه شخص مُنعزل، منشغل بنفسه، وهذا الشخص في حقيقته لا يشعر بأنّه مُهتم بتكوين علاقات اجتماعية، لذلك فهو لا يُبادر ولا يحاول أساسًا، فيبدو بمظهر الشخص المنعزل.

ثانيًا، العِشرة أو الانخراط الاجتماعيّ: حينما نتحدّث عن أنّ شخصًا ما انبساطيّ (Extrovert) فإننا في الغالب نقصد هذا الجانب على وجه التحديد من جوانب سمة الانبساطية، فهذا الجانب تحديدًا يُعبّر عن الإقبال الاجتماعيّ للشخص، وعن مدى حماسه للانخراط في نشاطات اجتماعية. فمَن يُسجّل مستوًى عاليًا على هذا المقياس، يُحبّ أن يوجد في التجمّعات الاجتماعية والمناسبات والاحتفالات والاجتماعات والمشاركة والمبادرة، ويبدو مُتحمّسًا وهو يفعل ذلك.

وعلى الرغم من أنّ جانب اللطف وجانب العشرة الاجتماعية في الغالب مترابطان، فإن الجوانب كما ذكرنا سابقًا ينفصل بعضها عن بعض من حيث النوع؛ لذلك قد نجد شخصًا ما لديه إقبال اجتماعيّ مرتفع لكنّه غير ودود أو لطيف في نظر الآخرين، والعكس.

ثالثًا، الحزم والإصرار: من اللّافت أن يوجد هذا الجانب تحت سمة الانبساطية، وهو ما يملك قدرة تفسيرية عالية لكثير من السلوكيات. مَن يُسجّل قيمة مرتفعة على هذا الجانب، يُحبّ أن يملك زمام الأمور، وأن يُدير النشاطات وأن يتولّى الحديث والتخطيط. وهذا الجانب تحديدًا هو الأكثر ارتباطًا إحصائيًّا بمهارات القيادة. وهذا الجانب مُستقلّ نوعيًّا عن باقي الجوانب الأخرى للانبساطية، فقد نجد شخصًا انطوائيًّا، ولكنّه يُسجّل قيمة مرتفعة على جانب الحزم والإصرار.

إعلان

رابعًا، النشاط والحيوية: يُعبّر هذا الجانب عن نشاط الشخص وحيويته ومدى انهماكه في العديد من النشاطات، ومدى امتلاء جدوله اليوميّ. مَن يُسجّل قيمة مُرتفعة فيه تجده غالبًا منشغلًا، وليس لديه الكثير من أوقات الفراغ ويعيش حياته بنمط سريع الوتيرة. أمّا مَن يُسجّل قيمة متدنّية فيه فنمط حياته يسير بوتيرة أبطأ وأكثر راحة وتفرّغًا.

خامسًا، السعي للإثارة: يُعبّر هذا الجانب عن مدى بحث الفرد عن الحماس والإثارة في نشاطاته اليومية. مَن يُسجّل قيمة مرتفعة على هذا الجانب يملّ بسرعة من النشاطات التقليدية، ويُحبّ أن يوجد بالأماكن الصاخبة والمثيرة. ومَن يُسجّل قيمة منخفضة هنا، يشعر بالإرباك والانزعاج من الصخب والنشاطات المفرطة في الحماس والإثارة.

سادسًا، المرح: مَن يُسجّل قيمة مرتفعة على مقياس الفرح، تجده شخصًا مَرِحًا ومليئًا المشاعر الإيجابية والحيوية، ولا يعني هذا أنّك ستجد مَن يُسجّل قيمة متدنّية هنا حزينًا أو كئيبًا، ولكنّك ستراه محايد التعبير الانفعاليّ في أسوأ أحواله، فهذا ليس مقياسًا للفرح والحزن، بقدر ما هو تعبير عن مرح الشخص في تفاعلاته الاجتماعية وعن مدى حُبّه للمتعة والمرح.

التوافقية: جسور التعاطف.. نحو علاقات أكثر دفئًا

تُعبّر سمة التوافقية عن مدى سهولة الشخص في قبول طلبات الآخرين وابتعاده عن الخلافات والصراعات وتُعبِّر أيضًا عن مدى تقديم الشخص التوافقيّ لأولويات الآخرين على أولوياته الشخصية، ومدى تعاطفه واهتمامه بما يشعر به الآخرون حياله.

والنقيض لهذه السمة (مَن يُسجّل نسبة متدنّية فيها) هو العِدائية (Disagreeable). والشخص العدائي يتورّط بالكثير من الخلافات وينهج سلوكًا عدائيًّا ومؤذيًا وعدوانيًا، وتشير الدراسات الإحصائية إلى أنّ الموجودين بالسجون لأسباب جنائية هم في الغالب أشخاص عدائيون، وكذلك إلى أنّ مَن يُسجّلون نسبة متدنّية في سمة الانضباطية (C) كثيرو الانتهاك للقوانين والتعليمات. أمّا السمات الست للتوافقية فهي:

أولًا، الثقة: مَن يُسجّل قيمة مرتفعة في هذا الجانب، يشعر بأنّ الناس في مُجمَلهم ذوو نيات حسنة، ويمكن الوثوق بهم، وأنهم أخيار بطبعهم ويستحقّون الثقة. ومَن يُسجّل قيمة متدنّية هنا، يشعر بأنّ الناس لا يستحقّون الثقة وأنّهم خطر وتهديد مُحتَمَل.

إعلان

ثانيًا، الوضوح والمُباشرة: وتُعبّر عن مدى الالتواء والتلاعب الذي ينهجه المرء في سلوكه وفي حديثه، لتحقيق رغباته أو إيصال فكرته أو بلوغ هدفه خاصّة على المستوى الاجتماعيّ. مَن يُسجّل قيمة مرتفعة هنا، تجده صريحًا ومباشرًا في سلوكه وفي حديثه. ومَن يُسجّل قيمة متدنّية هنا، يستخدم الكثير من التلميحات والالتواءات وأحيانًا لا يُعبّر أبدًا عن حقيقة ما يشعر به أو ما يقتنع به، ويلجأ إلى التلاعب أو الطرق الملتوية والبديلة للتعبير عنها.

ثالثًا، الإيثار: يُعبّر هذا الجانب عن الرغبة العامّة في مساعدة الآخرين، وعن الطريقة التي ينظر بها المرء إلى فكرة مُساعدة الآخرين. مَن يُسجّل قيمة مرتفعة هنا، يشعر بأنّ مساعدة الآخرين بالنسبة له مكافأة ذاتية تُشعره بالرضا عن ذاته. ومَن يُسجّل قيمة منخفضة هنا، ليس بالضرورة أنّه لا يُساعد أحدًا، لكنّه لا يشعر براحة كبيرة إذا فعل ذلك.

تمثل رغبة الشخص في المساعدة مؤشرا على ارتفاع منسوب التوافقية (بيكسيلز)

رابعًا، المُطاوَعة: يُمكن أن نقول إنّ هذه السمة تحديدًا هي ما يقصده الناس حينما يقولون إن شخصًا ما توافقيّ. وتُعبّر عن مدى استجابة الشخص لما يُطلب منه وموافقته لمَن حوله. مَن يُسجّل قيمة مرتفعة يكره المواجهات ويكره حدوث الخلافات أو أن يشتبك في صراعات، كما أنّه يضع رغبات واحتياجات الآخرين فوق رغباته وحاجاته وهذا يؤذيه بالطبع. ومَن يُسجّل قيمة منخفضة هنا، تجده شخصًا ندّيًّا، منافسًا، وقد يكون عنيدًا في حال تسجيل قيمة مرتفعة للغاية، ويهمّه أن يحقق رغباته وحاجاته واقتناعاته.

خامسًا، التواضع: ويُعبِّر هذا الجانب عن مدى شعور المرء بضرورة تأكيد أنّه شخص أفضل أو أسمى أو أنجح أو أقدر من بقيّة الناس أو بقيّة الحاضرين. مَن يُسجّل قيمة مرتفعة هنا، يكره أن يدّعي أو أن يظهر بمظهر الشخص الأفضل، وقد يرجع هذا إلى تدنّي تقدير الذات، أو انعدام الثقة بالنفس، لكنّه ليس ترابطًا سببيًا، بمعنى أنه قد يُسجّل شخص ما قيمة مرتفعة على جانب التواضع، ويكون لديه تقدير عالٍ لذاته. ومَن يُسجِّل قيمة منخفضة هنا يبدو شخصًا متعجرفًا.

إعلان

سادسًا، التعاطف: مَن يُسجّل قيمة مرتفعة على هذا الجانب، تجده كثير الشعور بمعاناة الآخرين ويأخذها بتفكيره بعين الاعتبار، إنّه يشعر بمعاناتهم وكأنّها معاناته ويكون قادرًا على تخيّلها وفهمها. والإفراط في هذا الجانب إفراط في المعاناة أيضًا، وهو ما قد يكون شيئًا مَرَضيًّا ومؤذيًا.

أمّا مَن يُسجّل قيمة متدنّية هنا، فغالبًا ما ينظرون إلى المواقف بمنظار الموضوعية والمنطقية ويفصل بين شعوره وشعور الآخر ومعاناته؛ ولذلك لا يتأثّر كثيرًا بمعاناة الآخرين. يُنظَر أحيانًا إلى هذا الجانب على شكل تقدير قِيَميّ لقيمتَي العَدل والرحمة. مَن يُسجّل نسبة مرتفعة هنا، يتجّه أكثر باتّجاه قيمة الرحمة، ومَن يُسجّل نسبة متدنّية هُنا يتجّه أكثر نحو قيمة العدل.

القلق العاطفي: بين الخوف والأمان.. رحلة في تقلبات المشاعر

المقياس الأخير والسمة الخامسة هي القلق العاطفيّ، وقد يُوحي اسمه بشيء من اللّبس المتعلّق بالعلاقات العاطفية، وتُسمّى أحيانًا بنقيضها بالاستقرار العاطفيّ. وقد يكون أكثر دقة أن نتحدث عن الشعور أكثر من العاطفة، إنّه شعور المرء حيال نفسه والأشياء من حوله. إنّها تُعبّر عن مدى خوفه وقلقه وكيفية استجابته للضغوط والظروف الحياتية وشعوره بالاستقرار والأمان.

وبالطبع هذه السمة مثل باقي السمات الزيادة المفرطة فيها مَرَضية مثل النقص المُفرِط فيها. إذ لا يعكس انعدامها (أو تسجيل 0% على هذا المقياس) سلامة النفس واستقرار الصحّة النفسية أبدًا. وبشكل عام فإنّ تسجيل قيمة مرتفعة بهذه السمة، مرتبط بأداء وظيفيّ سيّئ، ويشعر الشركاء العاطفيون لهؤلاء الأشخاص بعدم الرضا عن علاقاتهم ويشكون من كثرة المشاكل. ولكي نفهم هذه السمة أكثر، نستعرض جوانبها الستّة.

أولًا، القلق: وهذا ليس تعبيرًا عن "اضطراب القلق" وإنّما مقياس لسرعة وسهولة شعور الشخص بالقلق والتوتّر حيال الأمور التي تحدث من حوله، وكيف ينظر إلى المُحيط والأحداث على أنّها مصدر تهديد وخطر، وهو في الحقيقة تعبير عن قدرة المرء على تنظيم استجابة الهروب/المواجهة. مَن يُسجّل قيمة مرتفعة على هذا الجانب في الغالب، يُعاني من: قلق عام، توتّر، ذُعر، أو فوبيا من مُحفِّز مُعيّن. أمّا مَن يُسجّل قيمة متدنّية، فهو يشعر بهدوء وطمأنينة، ولا يخشى عواقب ما يحدث من حوله.

إعلان

ثانيًا، الغضب: وهذا ليس تعبيرًا عن الإيذاء أو العدوان (الإيذاء والعدوان متعلّق بتسجيل قيمة متدنّية على مقياس سمة التوافقية وهو ما يُسمّى بالعِدائية). ويُعبّر الغضب عن حِدّة الردّ الذي يستجيب به الشخص لحدث ما لا يسير بالطريقة التي ينبغي له أن يسير بها، أو عند تعرّضه للخداع أو الظلم.

ثالثًا، الاكتئاب: وهذا أيضًا ليس تعبيرًا عن اضطراب الاكتئاب بصيغته المَرَضية أو السريرية، وإنّما تعبير عن الحالة الطبيعية للمَرء من حيث شعوره الداخلي، ومدى سلبية مشاعره وحوافزه وإقباله على الحياة. فَمَن يُسجّل قيمة مرتفعة هنا، تجده معظم الأوقات متقاعسًا، حزينًا، طاقته منخفضة، ونشاطه ضعيف. أمّا مَن يُسجّل قيمة منخفضة هنا، فهذا لا يعني أنّه فرح ومتحمّس، هذه نقطة مهمة، مَن يُسجّل قيمة منخفضة هنا، تجده لا يملك أيّة مشاعر سلبية، وإنما شيء من الحياد الشعوريّ فحسب (تذكّر أنّ الحَمَاس والإقبال المَرِح على الحياة، يتعلّق بجانب المَرَح من سمة الانبساطية أكثر ممّا يتعلّق بهذه السمة الفرعية).

رابعًا، الوَعيّ بالذات: ويُعبّر هذا الجانب عن مدى اهتمام المَرء بصورته الذاتية، فَمَن يُسجّل قيمة مرتفعة هنا، يهتمّ كثيرًا بالطريقة التي ينظر بها الآخرون إليه وإلى سلوكه، ويكون واعيًا لتصرّفاته بشكل حسّاس يأخذ بعين الاعتبار كيف سيفهم الآخرون سلوكه. أمّا مَن يُسجّل قيمة منخفضة فهو يتصرّف بعفوية وراحة أكثر بخصوص التفاعلات الاجتماعية لأنّه لا يقلق كثيرًا للطريقة التي يفهمه بها الآخرون.

خامسًا، الاندفاعية: هذه السمة تشترك فيها الانضباطية والقلق العاطفي، وهي تعبير عن سرعة وطريقة الاستجابة الاندفاعية للمرء وقدرته على ضبط استجابته وردّه على موقف ما. مَن يُسجّل قيمة مرتفعة هنا، يشعر برغبة شديدة، وحاجة مُلحّة إلى الردّ والاستجابة الفورية، ولا يملك القدرة على منع التلبية الفورية لحاجاته أو انفعالاته، وتفكيره يكون في العوائد والملذّات العاجلة القريبة (لا يحتمل العوائد البعيدة المدى).

إعلان

سادسًا، الحساسية: وقد يكون من الأدقّ ترجمتها بالقابلية للذُّعر. وهي تُعبّر عن مدى جاهزية المَرء وقابليته لأن يُصاب بالذُّعر والتوتّر، وإحصائيًّا ترتبط بالجانب الأوّل لهذه السمة (وهو القلق) وهي تختلف عن جانب القلق، في أنّ القلق تعبير عن القدرة على ضبط استجابة التوتّر، في تعبير عن إدارة الاستجابة، أمّا الحساسية فهي تعبير عن الجاهزية المُسبقة، وبإمكان تخيّل هذا الجانب على شكل كأس من الماء، كَم كمية يحتاج حتى يمتلئ ويفيض؟ كلّ شخص مُعبّأ مُسبقًا بكمية من الماء (التوتّر المُسبَق) ويحتاج إلى أن يُسكَب فيه مزيد من الماء (عوامل الضغط ومُحفّزات التوتّر) حتى يمتلئ ويفيض (يبدأ الذعر والهلع والخوف).

فالبعض يحتاج إلى وقت طويل (مُحفِّز أكبر، مصيبة أكبر، حدث أعظم) والبعض يحتاج إلى مُحفِّز بسيط وهكذا. مَن يُسجّل قيمة متدنّية، يبدو شخصًا هادئًا، وواثقًا ومتّزنًا، إنّه يبدو متماسكًا لفترة طويلة تحت ضغوط الحياة والمصائب من حوله. لكن يجدر بالذكر أنّ تسجيل قيمة متدنّية للغاية هنا أمر سيّئ أيضًا، إذ يبدو الشخص بليدًا أو منفصلًا أو غير مبالٍ، وهو ما قد يزعج مَن يهتمّ بما يحدث من حوله، وهو أيضًا ما قد يؤدّي إلى عدم الشعور بالأهمية لفعل شيء ما حيال مشكلة حقيقية.

للشخصية أطياف عدة يمكن تهذيبها وإنضاجها ومعالجة عيوبها (بيكسلز) ترويض السمات الصعبة: كيف نُعدّل عيوبنا الشخصية؟

من المفارقات المحزنة في رحلتنا عبر دروب النفس البشرية، أننا غالبًا ما نجد أنفسنا نغذي السمات التي تؤذينا، كأننا نسقي بوعي بذور الشوك في حديقتنا الداخلية. الشخص القلق يروي بذور قلقه بأفكارٍ سوداوية، والمعتمد يبحث عن عكازاتٍ بشرية تزيده اعتمادًا، والتوافقي يختار بيئةً تسلبه صوته وحقوقه. إنها سلسلة من الخيارات اللاواعية التي تحول سماتنا من أدواتٍ للنمو إلى قيودٍ خانقة. لكن، هل هناك وصفة سحرية لشخصية "مثالية"؟ الحقيقة أن الإجابة ليست بهذه البساطة.

إعلان

فكل منا يمتلك مزيجًا فريدًا من السمات، وكل سمة تحمل في طياتها إمكاناتٍ للخير والشر. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن أولئك الذين يعبّرون عن رضا أكبر عن حياتهم غالبًا ما يتميزون بانفتاحية معتدلة، وانبساطية متوازنة، وتوافقية مرنة، وانضباطية عالية، وقلق عاطفي منخفض نسبيًّا.

إذا وجدت نفسك أسيرًا لسمةٍ ما تؤثر سلبًا في حياتك أو علاقاتك، فلا تيأس. فالمفتاح يكمن في وعيك بآثاره السلبية، وسعيك الدؤوب لتعديل سلوكياتك وأفكارك، وبناء بيئة تدعم نموك وتطورك. تذكّر أن شخصيتك ليست أمرا حتميا، بل هي لوحةً يمكنك إعادة رسمها بألوانٍ أكثر حيوية. وسنضع بين يديك أربع استراتيجيات لتعديل سماتك الشخصية والاستفادة منها:

 

الاستراتيجية الأولى: التحالف مع الذات واحتواء المشكلات

بدلًا من خوض حربٍ ضروسٍ مع سماتنا الشخصية، فلنتعلم فن التحالف معها. فكل سمة، مهما بدت قاسيةً أو حادةً، تحمل في طياتها بذور قوةٍ وإمكاناتٍ كامنة. مهمتنا ليست اجتثاث هذه السمات، بل توجيهها وتطويعها لخدمة أهدافنا وتحقيق سعادتنا. تخيل أن كل سمة هي كائن حيّ يتعايش معنا. بدلًا من محاربته، دعنا نتعرف عليه عن قرب، نكتشف نقاط قوته ونقاط ضعفه، ونتعلم كيف نتعامل معه بحكمة. لنرسم خريطةً واضحةً لمكاسبه وآفاته، ولنستخدم هذه المعرفة لبناء علاقةٍ متوازنةٍ معه، حيث نستفيد من قوته ونروض جموحه.

على سبيل المثال، إذا كنت شخصًا "عدائيًّا" بسبب انخفاض مستواك في سمة التوافقية، فلا تحارب هذا الجانب من شخصيتك، بل حاول فهمه. قد يكون هذا "العداء" درعًا يحميك من الاستغلال، أو وسيلةً للتعبير عن آرائك بصدق. لكن تذكر أيضًا أن هذا الدرع قد يجرح الآخرين ويبعدهم عنك. لترويض هذا الجانب، ابدأ تدريب نفسك على التعاطف مع الآخرين.

خصص وقتًا كل أسبوع للتفكير في شخصٍ عزيز عليك، وتخيل ما الذي قد يسعده أو يفرحه. هذه الخطوة البسيطة ستفتح نافذةً على عالم الآخرين، وتساعدك على بناء جسورٍ من التفاهم والتواصل. تذكّر أن التحالف مع الذات هو رحلة مستمرة من التعلم والتطور. كل خطوة، مهما كانت صغيرة، تقربك من تحقيق التوازن والانسجام الداخلي، وتساعدك على بناء شخصية أكثر قوة ومرونة وسعادة.

إعلان

الاستراتيجية الثانية: اسأل نفسك.. هل أنت في المكان الخطأ؟

تخيل نفسك سمكةً ذهبيةً في صحراء قاحلة، أو طائرًا محبوسًا في قفصٍ ضيق. هذا بالضبط ما قد يشعر به الشخص الانطوائي اللطيف عندما يجد نفسه في بيئة عملٍ صاخبةٍ تتطلب مهاراتٍ قياديةً وحزمًا في التعامل. فبينما يزدهر الانطوائي في العمل الهادئ والمستقل، قد يجد نفسه غارقًا في بحرٍ من التفاعلات الاجتماعية وضغوط القيادة؛ مما يؤدي إلى استنزاف طاقته وإرهاقه النفسي.

قد يتأقلم البعض مع هذه البيئة غير الملائمة لفترة، لكن على المدى الطويل، قد يؤدي هذا التعارض بين الشخصية ومتطلبات العمل إلى تدني الأداء، والشعور بالإحباط، وحتى الإصابة بمشاكل صحية نفسية. فالشخصية ليست مجرد مجموعة من الصفات، بل هي جزءٌ لا ينفصل من كياننا، تؤثر في كل جانب من جوانب حياتنا.

إذا وجدت نفسك في موقفٍ مشابه، حيث تشعر بأن بيئة عملك أو دراستك أو حتى علاقاتك الاجتماعية تتعارض مع سمات شخصيتك الأساسية، فقد حان الوقت لإعادة تقييم الوضع. هل أنت في المكان الصحيح؟ هل هذا هو المسار الذي يلائم طبيعتك وميولك؟ قد يكون تغيير المسار قرارًا صعبًا، ولكنه قد يكون أيضًا الخطوة الأولى نحو حياةٍ أكثر سعادةً ورضا. فلا تدع الخوف من التغيير يمنعك من البحث عن بيئةٍ تحتضن شخصيتك وتسمح لك بالتألق والإبداع. تذكّر أن السعادة الحقيقية تكمن في التناغم بين ذاتك والعالم من حولك.

الاستراتيجية الثالثة: المحاكاة عبر المرآة والأصدقاء

في رحلتنا نحو تطوير الذات، قد نحتاج أحيانًا إلى مرآة تعكس لنا صورتنا الحقيقية، وصديق يضيء لنا الطريق بصدق ونصيحة. فالتغيير يبدأ بالوعي، والوعي يتطلب وجود عينٍ ثاقبة ترصد سلوكياتنا وتنبهنا إلى مكامن الخلل. تخيل أنك تقف على خشبة المسرح، تستعد لتقديم عرضٍ هام. قبل أن ترفع الستار، تحتاج إلى بروفاتٍ مكثفةٍ لتتقن دورك وتتجنب الأخطاء. كذلك هو الحال في حياتنا، فنحن بحاجة إلى "بروفات" لمواقفنا وتفاعلاتنا، لنتعلم من أخطائنا وننمي مهاراتنا.

إعلان

إذا كنت شخصًا توافقيًّا يجد صعوبة في قول "لا"، أو في التعبير عن احتياجاته بوضوح، فالتمرين التالي قد يكون مفتاحًا لتحريرك من هذا القيد. اطلب من صديقٍ مقرب أن يؤدّي دورًا معاكسًا لك، وأن يفتعل جدالًا حول موقفٍ تشعر فيه عادةً بالاستغلال. دعه يضغط عليك، ويختبر قدرتك على الدفاع عن نفسك والتعبير عن رأيك بوضوح وثقة. في البداية، قد تجد صعوبة في صياغة حججك، وقد تلجأ إلى التبريرات غير المنطقية أو التنازلات السريعة. لا بأس، فهذه هي طبيعة "البروفات"، حيث نتعلم من أخطائنا ونتحسن تدريجيًّا.

مع تكرار هذا التمرين، ستبدأ في اكتساب مهارات التفاوض والتعبير عن الذات، وستتعلم كيف تميز بين الخلاف البناء والصدام المدمر. ستكتشف أن بإمكانك الدفاع عن حقوقك واحتياجاتك دون أن تؤذي الآخرين، وأن التواصل الصادق والمباشر هو مفتاح بناء علاقات صحية ومتوازنة. هذه "البروفات الحياتية" ليست مجرد تمارين نظرية، بل هي أدوات عملية تساعدك على تطوير مهاراتك الاجتماعية، وتعزيز ثقتك بنفسك، وبناء شخصية أكثر قوة ومرونة في مواجهة تحديات الحياة. فلا تتردد في الاستعانة بصديقٍ تثق به، واطلب منه أن يكون مرآتك الصادقة ومرشدك الأمين في رحلتك نحو التغيير والنمو.

الاستراتيجية الرابعة: دائمًا ابدأ بالانضباط فهو مفتاحك الذهبي

تشير الدراسات إلى أن الانضباط هو حجر الأساس الذي يُبنى عليه النجاح في مختلف جوانب الحياة. فهو يمنحنا القدرة على الالتزام بخططنا، وتسخير طاقاتنا لتحقيق أهدافنا، مهما كانت التحديات. لذا، إذا كنت تسعى إلى تطوير شخصيتك وتحقيق التوازن الداخلي، فابدأ بتقوية هذه السمة الجوهرية. تخيل الانضباط كبوصلة ترشدك في رحلتك نحو النمو والتطور. عندما تمتلك بوصلة قوية، يصبح من الأسهل عليك تحديد وجهتك والالتزام بالمسار الصحيح، حتى في خضم العواصف والتحديات. وإذا كنت محظوظًا بامتلاك انضباطٍ عالٍ، فاعتبر ذلك نعمةً تستحق الشكر، وانطلق في رحلة تطوير سماتك الأخرى بثقة.

إعلان

أما إذا كان الانضباط يمثل تحديًا بالنسبة لك، فلا تيأس. ابدأ بتنظيم حياتك اليومية، وضبط وقت استيقاظك ونومك. فهذه الخطوة البسيطة ستساعدك على بناء إيقاعٍ يومي منتظم، يمنحك الشعور بالسيطرة والاستقرار، ويفتح الباب أمام إنجازات أكبر. بالتوازي مع ذلك، اعمل على خفض مستوى القلق العاطفي الذي قد يعيق تقدمك ويشتت تركيزك. تذكر أن العقل السليم في الجسم السليم، فالتغذية الصحية وممارسة الرياضة والتأمل هي أدوات فعالة لترويض القلق وتعزيز الاستقرار العاطفي. هذه الخطة الذهبية، التي تبدأ بالانضباط وتليها إدارة القلق، ستمهد الطريق أمامك لبناء شخصية متوازنة وقوية، قادرة على تحقيق أهدافها والتعامل بفعالية مع تحديات الحياة. إنها رحلة تستحق العناء، فاستعد للانطلاق نحو نسخة أفضل من نفسك!

مقالات مشابهة

  • روسيا تحاول صنع وحدات تحكم ألعاب للاستقلال التكنولوجي
  • أسوق المال الإماراتية تضيف 257 مليار درهم إلى قيمتها السوقية في 2024
  • مع نهاية العام 2024.. ماهي أسوأ سلوكيات المسافرين المشاغبين المسجّلة؟
  • تحقق قبل أن تحكم.. ما الفبركة الإلكترونية وكيف تكتشفها؟
  • تحقق قبل أن تحكم.. ماهى الفبركة الإلكترونية وكيف تكتشفها؟
  • ­5 سمات شخصية تحكم حياتك.. ماذا تعرف عنها وكيف تطوّعها لصالحك؟
  • قضايا قيمتها 7 ملايين جنيه.. ضربات مستمرة ضد تجار النقد الأجنبي
  • إسبانيا تحكم قبضتها على "القارة العجوز" في 2024
  • ما هي الدول الأوروبية التي حظرت استخدام الهواتف الذكية في المدارس؟
  • ماهي تمارين الـ HIIT .. وكم مرة عليك ممارستها في الأسبوع