صرًّح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية المصرية، بأن جمهورية مصر العربية تقدمت بمرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، اليوم، بشأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المقدَّم إلى محكمة العدل الدولية لطلب منح الرأي الاستشاري للمحكمة بشأن الآثار القانونية المترتبة على الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧.

ممثلة مصر أمام "العدل الدولية": الرأي الاستشاري سيكون مرشدًا للمجتمع الدولي المستشارة القانونية لمصر أمام العدل الدولية: الحياة في الضفة الغربية مستحيلة

قدمت الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، المرافعة المصرية أمام المحكمة.

وقد تضمنت المرافعة الدفوع والأسانيد القانونية لتأكيد اختصاص المحكمة بمنح الرأي الاستشاري في تلك المسألة، ومن الناحية الموضوعية تأكيد عدم شرعية ممارسات الإحتلال الإسرائيلي الممنهجة ضد حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف.

وأوضح السفير أبو زيد، أن مصر أكدت في مرافعتها أمام المحكمة على الأهمية القصوى للأبعاد القانونية المترتبة على منح الرأي الاستشاري للمحكمة بشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن طلب الرأي الاستشاري يأتي في ظل ظرف دقيق، وعلى خلفية تاريخ يمتد لنحو خمسة وسبعين عاماً من الممارسات الإسرائيلية الرامية للدفع بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وسلب للأراضي والمنازل، وتنفيذ سياسات العقاب الجماعي، واستخدام ممنهج وعشوائي للعنف ضد المدنيين، ومواصلة تعريض أبناء الشعب الفلسطيني للمعاناة الإنسانية بنهج غير مسبوق الحجم والتأثير، وبينما لايزال العالم يقف صامتاً أمام اتخاذ موقف حازم بحتمية إنهاء الاحتلال طويل المدى.

وأوضحت مصر في المرافعة، أنه بات من المستحيل تجاهل مسئولية الأطراف الدولية عن تغيير الوضع الراهن، فالإعتداءات الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة المحتل لاتزال مستمرة، حيث تجاوز أعداد الضحايا ٢٩ ألفاً من أبناء الشعب الفلسطيني، وتم نقل وتهجير ما يقرب من 2,3 مليون شخص قسراً، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي، وفي ظل عجز مجلس الأمن عن تحقيق وقف إطلاق النار بشكل فوري، مشيرة إلى أن هذا الوضع الكارثي قد امتد ليشمل الضفة الغربية، حيث تم تهجير مجتمعات فلسطينية كاملة على إثر تصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين، ووضع قيود على تنقل المواطنين، وتنفيذ الإجراءات العقابية بهدم المنازل، فضلاً عن توسع سياسات الحكومة الإسرائيلية في أنشطتها الاستيطانية على نحو يزيد من الفصل بين الأراضي الفلسطينية، ويهدد أسس مقررات الشرعية الدولية بحل الدولتين، بل ويقوض من آفاق إرساء السلام الدائم والتعايش بين شعوب المنطقة.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الخارجية، أن المرافعة ركزت في متنها على الدفع بالأسانيد والحجج القانونية تجاه أربعة موضوعات رئيسية، أولاً- تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بمنح الرأي الاستشاري في الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧، وثانياً- استبيان الآثار القانونية المترتبة عن الإحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده بالمخالفة لقانون الحرب والمبادئ التي تحكم مشروعية استخدام القوة، فضلاً عن الآثار القانونية الخاصة بحظر الإستيلاء على الأراضي بالقوة، ومبدأ حق تقرير مصير الشعوب، وحظر العنصرية والفصل العنصري، وثالثاً- دحض المبررات القانونية الخاصة باستخدام مبدأ الدفاع عن النفس، والضرورة الأمنية أو العسكرية، ورابعاً- ملخصاً للآثار القانونية الناشئة عن الممارسات الإسرائيلية.

وأردف السفير أبو زيد، بأن المرافعة المصرية استندت إلى سوابق أحكام وآراء المحكمة، التي تؤكد انطباق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذا مبدأ عدم شرعية ضم الأراضي والإستيلاء على الإقليم بالقوة، ورفض ممارسات إسرائيل بتهويد القدس، وإدانة إنتهاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وعلى رأسها الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الخاص بالجدار العازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أكدت مواقف المحكمة سابقاً انطباق المبادئ القانونية الواردة بميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذا قواعد لاهاي الخاصة بقانون وأعراف الحرب، والمعاهدات الخاصة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بالإضافة إلى مبادئ القانون الدولي العرفي، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقد أكدت مصر على أن اختصاص محكمة العدل الدولية في منح الرأي الاستشاري لا غنى عنه في سبيل دعم هدف حل الدولتين لإرساء ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة، والتوصل لحل عادل وشامل ودائم للصراع العربي – الإسرائيلي استناداً لأحكام القانون الدولي، مشددة على أن السبيل الأوحد لتحقيق تلك الغاية يظل من خلال إقامة الدولة الفلسطينية، متصلة الأراضي والقابلة للحياة، على خطوط ما قبل عام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.

وشدَّدت جمهورية مصر العربية على ضرورة التزام المجتمع الدولي وفقاً لمبادئ المسئولية الجماعية، بوقف الإنتهاكات الإسرائيلية الممنهجة لأحكام القانون الدولي، وعدم الاعتراف ورفض أية آثار تنشأ عن الممارسات الإسرائيلية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، من استيطان وتهجير وسلب للأراضي وعرقلة الشعب الفلسطيني عن تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، مؤكدة ضرورة قيام الأطراف الدولية بالضغط على إسرائيل للامتثال لمقررات الشرعية الدولية ذات الصِلة، واحترام أحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

هذا، واختتم المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية تصريحاته، كاشفاً أن المذكرتين المكتوبتين اللتين تقدمت بهما مصر إلى محكمة العدل الدولية في يوليو وأكتوبر ٢٠٢٣، بالإضافة إلى المرافعة الشفهية، قد تم إعدادها من جانب الفريق القانوني لوزارة الخارجية المصرية، حيث تناولت بشكل مستفيض الآثار القانونية للممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧، واستهدفت تأكيد اختصاص المحكمة للنظر في المسألة، وإثبات الآثار القانونية الناشئة عن الممارسات الإسرائيلية في إطار التزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: العدل الدولية محكمة العدل الدولية الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة الممارسات الإسرائیلیة محکمة العدل الدولیة الآثار القانونیة الرأی الاستشاری الشعب الفلسطینی الإسرائیلیة فی القانون الدولی عام ١٩٦٧

إقرأ أيضاً:

إحباط إسرائيلي رغم الضجيج الإعلامي.. أونروا تواصل عملها في الأراضي المحتلة

رغم مُضيّ قرابة الستة أشهر منذ أن أقر الكنيست قانونين يحظران أنشطة الأونروا في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإنها من الناحية العملية، لا تزال مدارسها ومعظم مرافقها في القدس المحتلة تعمل رغم أوامر الإغلاق الصادرة عن الشرطة والبلدية، فيما تُبدي سلطات الاحتلال ارتباكا في كيفية تطبيق تلك القوانين تجاه الأونروا.

نوريت يوحنان مراسلة موقع زمن إسرائيل، ذكرت أنه "في أكتوبر 2024، أقر الكنيست قانونين يحظران فعليا أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ويحظران تعاون ممثلي الدولة معها. ورغم الانتقادات الدولية لهذه الخطوة، فقد احتفل أعضاء الكنيست بإقرار القوانين ضد الأونروا، بزعم أنها معادية للدولة، ولكن بعد خمسة أشهر، تواصل الأونروا عملها في القدس دون انقطاع تقريبا، ولم تتخذ الشرطة أي خطوات إلا في الأيام الأخيرة".

وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "يُنظر للتشريع الاسرائيلي أن تأثيره متواضع على عمليات الأونروا في المناطق الأخرى التي تتطلب التعاون الإسرائيلي، رغم أنه بعد وقت قصير من دخول القانون حيز التنفيذ في أواخر يناير 2025، فقد أغلق الاحتلال المركز اللوجستي للأونروا في شرق القدس، لكن مراكزها تواصل تقديم الخدمة للاجئين الفلسطينيين، حيث يقع مركزها الرئيسي في مخيم شعفاط، الذي يخضع لقوانين الاحتلال، وفيه تواصل مدرستان تابعتان للأونروا وعدد من المراكز الصحية والاجتماعية في شعفاط العمل كالمعتاد".


وأشارت أن "أونروا التي أنشئت عام 1948 لتقديم الخدمات للاجئين، تعمل بشكل رئيسي داخل مخيماتهم التي تحولت على مدى السنوات الـ 77 الماضية من مدن خيام إلى أحياء فقيرة حضرية مكتظة، وتعمل الأونروا خارجها، حيث تقدم الخدمات للاجئين وأحفادهم المقيمين في الأحياء العادية شرق القدس، مثل سلوان وغيرها. ورغم أن الشرطة والبلدية أصدرتا أوامر إغلاق لها، فمن غير الواضح ما إذا كانت هناك خطوات حقيقية يتم اتخاذها لإغلاق هذه المرافق".

وأكدت الأونروا أن "أوامر الإغلاق غير قانونية، ومن شأنها أن تُعرّض تعليم 800 ألف طالب للخطر، ولذلك فقد استمرت المدارس ومراكز التدريب في العمل، فيما زعمت أوساط بلدية القدس المحتلة أنه تم إجراء استعدادات مسبقة لتطبيق القانون، شملت توفير أماكن دراسية مؤقتة للمئات من طلاب الأونروا، من أصل 105 آلاف طالب وطالبة في شرق المدينة، وزعمت التواصل مع الأهالي بعد إقرار القانون لتذكيرهم بإمكانية نقل أبنائهم إلى مدارس غير التابعة للأونروا".

وأوضح التقرير أن سلطات الاحتلال "تعمل منذ فترة طويلة على تفكيك الأونروا، بزعم أنها تعمل على إدامة مشاعر صورة الضحية لدى الفلسطينيين، والاعتماد على المساعدات، لأنها تمنح وضعية اللاجئ لأحفاد من طُرِدوا خلال حرب 1948. ويتهم الاحتلال الأونروا، العاملة أيضًا في الأردن وسوريا ولبنان، بالترويج لأيديولوجية معادية بشدة له من خلال موادها التعليمية، وتوظّف مدرسين وإداريين وموظفين آخرين ينتمون إلى منظمات فلسطينية مسلحة".

المراسلة نقلت عن "أحد سكان مخيمات اللاجئين في القدس المحتلة أن دور الأونروا لا يقتصر على توفير الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، بل إنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بهويتهم كفلسطينيين طردوا في عام 1948، وهذه قضية سياسية وأخلاقية، بطاقة لاجئ الأونروا هي إعلان بأنني لاجئ، ’كان لوالدي بيت وممتلكات تم سلبها منه في حرب 1948، وسأعود للبيت يوماً ما’".

وأشارت إلى أن "الساسة الإسرائيليين واصلوا التحرك ضد الأونروا رغم التحذيرات الدولية، ففي 28 أكتوبر 2024، صوّت أعضاء الكنيست بأغلبية 92 صوتًا مقابل 10 أصوات للموافقة على القانون الذي يحظر عمل الأونروا، وبأغلبية 87 صوتاً مقابل 9 لصالح قانون آخر يحظر على السلطات الحكومية أي اتصال مع الأونروا، رغم إدراكهم للمخاطر الإنسانية، وردود الفعل الدولية المتوقعة، وبذلك فإن الثمن السياسي لمعارضة التشريع أصبح مرتفعا للغاية".

وأشارت إلى أنه "رغم أن عمليات الأونروا في غزة والضفة انخفضت في الأشهر الأخيرة، فإنها تؤكد أن الانخفاض يرجع إلى العدوان على غزة، وليس بسبب التشريعات القانونية، رغم مزاعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن استبدال منظمات دولية أخرى بالأونروا لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقد حاول الاحتلال نقل المسؤولية لوكالات أخرى مثل برنامج الغذاء العالمي واليونيسف، فيما تواصل الأونروا توزيع ما تبقى لديها من مساعدات إنسانية داخل القطاع، رغم أنها تواجه نقصًا حادًا في الأدوية في الضفة، بسبب أزمتها المالية المتفاقمة، وليس بسبب التشريع الإسرائيلي".

وأكدت المراسلة أنه "لا تزال بعض جوانب القانون غير واضحة، بما فيها مسألة ما إذا كان يلزم البنوك الإسرائيلية بإغلاق الحسابات المصرفية للأونروا، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على قدرتها على دفع رواتب موظفيها، وغالبيتهم العظمى من الضفة وغزة، رغم إعلانها أن حسابها الوحيد في بنك لئومي الإسرائيلي تم تجميده نهاية 2024، أي قبل دخول القانون حيز التنفيذ، مع أن الحساب استخدم لدفع أموال للموردين الإسرائيليين مقابل خدمات مثل نفقات المكاتب والاتصالات، وليس لدفع رواتب الموظفين الفلسطينيين".

مقالات مشابهة

  • غضب واسع بعد اعتقال قيادي فلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948
  • الخارجية الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي بوقف جرائم إبادة وتهجير الفلسطينيين
  • سجن عمدة إسطنبول يكبد حزب أردوغان خسائر باستطلاعات الرأي
  • ماذا يعني مقاضاة السودان لدولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية
  • الرئيس الفلسطيني و نظيره الفرنسي يبحثان هاتفيا آخر المستجدات في الأراضي الفلسطينية
  • أول خطوة هي إدانة قادة المليشيا أمام المحكمة الجنائية بارتكابهم جرائم إبادة جماعية
  • إحباط إسرائيلي رغم الضجيج الإعلامي.. أونروا تواصل عملها في الأراضي المحتلة
  • إحباط إسرائيلي رغم الضجيج الإعلامي.. الأونروا تواصل عملها في الأراضي المحتلة
  • "البرلماني الدولي" يصفع إسرائيل
  • الإبادة الجماعية في معسكر زمزم أمام محكمة العدل الدولية