شركات الشحن تعاني ازدحام الموانئ بسبب اضطرابات البحر الأحمر
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
تواجه خطوط شحن الحاويات العالمية صعوبات في التكيف مع الموانئ المزدحمة ونقص السفن مع استمرار الاضطرابات في البحر الأحمر للشهر الثالث.
وقال جيريمي نيكسون الرئيس التنفيذي لشركة "أوشن نتوورك إكسبريس" اليابانية لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أمس الثلاثاء، إن العديد من خطوط الشحن تواجه مشكلات في الجدولة.
وظهرت هذه المشكلة منذ أن دفعت الهجمات التي شنها الحوثيون في اليمن على السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية وغيرها المبحرة نحو إسرائيل معظم الشركات إلى التوقف عن استخدام الطريق الطبيعي من آسيا إلى أوروبا عبر البحر الأحمر ومن ثم قناة السويس المصرية.
وقال نيكسون إن هذا يعني أن السفن تصل بتكرار إلى الموانئ في الأيام التي لم يكن فيها جدول زمني محدد، مضيفاً: "يعاني الجميع عدم وضوح الجدول الزمني، فنواجه صراعات على الرسو في عدد من الموانئ".
وأضاف أن تحويل مسار السفن نحو رأس الرجاء الصالح ما بين 10 أيام إلى أسبوعين لكل رحلة بين آسيا وشمال أوروبا، عقّد إلى حد كبير مهمة خدمة بعض أجزاء العالم. وقال نيكسون إنه كان هناك أيضاً ضغط إضافي على الموانئ "المحورية" الرئيسية.
وأوضح أن "ما نراه هو زيادة الأحجام في الموانئ المحورية في آسيا والموانئ المحورية في البحر الأبيض المتوسط"، مشيراً إلى سنغافورة ودبي والموانئ المحيطة بمضيق جبل طارق، باعتبارها شهدت زيادات حادة.
ومع ذلك، قلل من أهمية التلميحات إلى أن الصناعة تعاني مشكلة الطاقة الفائضة، مضيفاً أن خطه الذي يشغل سادس أكبر أسطول من سفن الحاويات في العالم، لديه عدد قليل جداً من السفن للحفاظ على خدماته الأسبوعية العادية.
وكان فينسنت كليرك الرئيس التنفيذي لشركة "ميرسك" الدنماركية المشغلة لثاني أكبر أسطول لسفن الحاويات في العالم، قد حذر مؤخراً من أن الطاقة الفائضة في الصناعة من شأنها أن تضع أرباح الشركة "تحت الضغط".
ومن المتوقع أن تنمو سعة الأسطول العالمي بنحو 8% في عام 2024، وهو أسرع من نمو الطلب المتوقع البالغ نحو 3%. وتعمل السعة الزائدة على خفض الأسعار التي يمكن أن تفرضها الخطوط على العملاء.
لكن الرئيس التنفيذي لشركة "أوشن نتوورك إكسبريس" قال: "لا أؤيد الرأي القائل بوجود فائض كبير في المعروض في صناعة شحن الحاويات". وأضاف أنه خلال عمليات التحويل الحالية في البحر الأحمر، كان خطه يعاني نقصاً في السفن.
وأشار إلى أن الوقت المطلوب لمدة 102 يوم لإكمال حلقة بين آسيا وشمال أوروبا والعودة عبر رأس الرجاء الصالح يعني أن الخط يحتاج إلى نشر 16 سفينة لخدمة أسبوعية، بدلاً من 12 سفينة عادية.
ولفت إلى أن السفن تسير أسرع بنسبة تتراوح بين 10% و15% لمحاولة تقليل التأخير، ورغم ذلك فإن هذا الأمر لا يعوض تماماً. وقال: "ببساطة لا يوجد ما يكفي من السفن المتاحة على مستوى العالم" لتغطية أوقات العبور الأطول بكثير.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر وتأثيراتها على التجارة العالمية
أشارت الباحثة أيمن امتياز في تقريرها على موقع الدبلوماسية الحديثة إلى أن البحر الأحمر يعد من أهم الممرات البحرية على مستوى العالم، حيث يربط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي عبر قناة السويس. ويمثل هذا الممر الحيوي نقطة اختناق رئيسية، إذ يسهل مرور حوالي 12% من التجارة العالمية.
ومع تزايد التوترات الجيوسياسية والصراعات، أصبح البحر الأحمر منطقة غير مستقرة، حيث حذر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق زبيغنيو بريجنسكي من أن أوراسيا تشهد صراعًا مستمرًا على السيادة العالمية، ويقع البحر الأحمر في مركز هذه الديناميكيات.
وقد بدأت آثار الأزمة الحالية في التأثير على التجارة والأمن الدوليين، مما غير حسابات القوى العالمية.
تاريخيًا، كان البحر الأحمر مركزًا للتجارة والصراعات الإمبراطورية، فطوال العصور تنافست دول مثل مصر والرومان والعثمانيين للسيطرة على موانئه. ومع افتتاح قناة السويس عام 1869، أصبح البحر الأحمر أهم طريق بحري مختصر. وبحلول القرن الحادي والعشرين، كانت نسبة كبيرة من التجارة العالمية وحركة الحاويات تمر عبر مياهه. ومع ذلك، تعاني الدول الساحلية من تحديات كبيرة في تأمين هذا الشريان المائي.
ويعتبر البحر الأحمر ممرًا جيوستراتيجيًا له أهمية اقتصادية وعسكرية، حيث تتنافس الدول المطلة عليه مثل مصر والسعودية مع قوى عالمية مثل الولايات المتحدة والصين. يُعتبر مضيق باب المندب أحد أهم المعابر البحرية، وأي اضطراب في المنطقة قد ينعكس سلبًا على الأسواق العالمية.
وتتعدد نقاط التوتر الجيوسياسية في البحر الأحمر، منها الصراع في اليمن حيث تهاجم الحوثيون المدعومون من إيران السفن، مما يزيد من المخاطر على التجارة العالمية. وقد ردت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها بزيادة العمليات الأمنية البحرية، لكن التهديدات المستمرة من الحوثيين تبقى قائمة.
أيضًا، هناك التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، حيث أثار توسع الصين في البحر الأحمر من خلال قاعدتها في جيبوتي مخاوف الغرب. فالصين تُعتبر تحديًا للهيمنة الأمريكية في المنطقة، مما أدى إلى عسكرة البحر الأحمر وزيادة الدورية البحرية الأمريكية.
في سياق آخر، تلعب المملكة العربية السعودية ومصر دورًا محوريًا في تأمين البحر الأحمر، إذ تعتمد السعودية على مشاريعها المستقبلية على الاستقرار البحري، بينما تعتمد مصر على إيرادات قناة السويس.
وتشير التطورات الراهنة إلى أن التجارة العالمية تواجه تحديات بسبب التهديدات الأمنية، حيث ارتفعت أقساط التأمين على السفن بشكل كبير. كما أن العديد من شركات الشحن تُفكر في مسارات بديلة، مما يزيد من تكاليف النقل ويؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع.
ويعتبر البحر الأحمر نقطة حيوية لنقل شحنات النفط والغاز الطبيعي، وأي انقطاع قد يسبب تقلبات حادة في أسعار الطاقة. ومع وجود قوات عسكرية متعددة، فإن خطر التصعيد أو المواجهة العرضية مرتفع، مما يزيد من زعزعة استقرار التجارة العالمية.
ويتوقع أن يستمر المشهد الجيوسياسي في البحر الأحمر بالتطور، متأثرًا بصراعات القوى العالمية والإقليمية.
وقد تكون جهود الوساطة الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والحوثيين مفتاحًا لتحقيق الاستقرار، إلا أن التصعيد العسكري قد يؤدي إلى تفاقم الوضع.
وتتطلب أزمة البحر الأحمر اهتمامًا دوليًا عاجلًا، سواء من خلال الدبلوماسية أو الاستراتيجيات العسكرية أو الحلول التكنولوجية، لضمان أمن هذا الممر المائي الحيوي.