مراكش الان:
2024-12-18@04:25:48 GMT

بنطلحة يكتب: المغرب وفرنسا.. فصل ذوبان الجليد

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

بنطلحة يكتب: المغرب وفرنسا.. فصل ذوبان الجليد

د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء

العلاقات المغربية – الفرنسية تاريخ ممتد عبر العصور، وهي ليست علاقة ظرفية ولكنها نتيجة علاقات تعززت وتوطدت بغض النظر عن تقلبات التاريخ.

لقد شابتها توترات في كثير من المحطات حركتها نوازع مصلحية وبراغماتية للطرف الفرنسي، وبلد يسعى إلى تثبيت خطوه المستقل حتى يمكنه التحليق عاليا دون قيود.

في هذا الإطار، نستحضر الأزمة الدبلوماسية التي عرفتها العلاقة بين البلدين مؤخرا بسبب خلافات عميقة بين الرباط وباريس بشأن العديد من القضايا، حيث نسجل غيابا لتبادل الزيارات الدبلوماسية ومخلفات ما يسمى بقضية «بيغاسوس» وتشديد باريس شروط منح التأشيرات للمواطنين المغاربة والموقف الفرنسي من مغربية الصحراء، حيث أنه وفي الوقت الذي ظهر فيه تطور واضح في مواقف شريكين أوربيين لهما ثقلهما في سياسة الاتحاد الأوروبي (ألمانيا وإسبانيا)، نجد أن الجانب الفرنسي لم يخرج من منطقته الرمادية حيث نسجل عدم وضوح في الرؤية من طرفه وعدم اتخاذه موقفا صريحا يدعم مغربية الصحراء، خاصة وأن باريس تفاعلت مع الخطوة الأمريكية التاريخية والتي اعترفت بمغربية الصحراء، بشكل محتشم، معلنة دعمها لمقترح الحكم الذاتي، وهو موقف دأبت الدبلوماسية الفرنسية على اقتراحه وتأييده على المستويين الأممي والأوروبي، وهو شبه اعتراف بمغربية الصحراء لكن يبقى دون مستوى القرار الأمريكي، في وقت فقدت فيه فرنسا مكانتها الجيوستراتيجية بالمنطقة وفي ظل تراجع واضح لنفوذها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.

نعم، ثمة درس نتعلمه من هذه الأزمات، وهو أن الرغبة في علاقات أفضل وأقوى وأوضح تظل هي الهدف المنشود، ولحسن حظنا ثمة عبارة حكيمة قالها فرانسوا هولاند أثناء زيارته الأخيرة للرباط في معرض تعليقه على علاقات بلاده مع المملكة المغربية؛ إن تلك العلاقات «يجب أن تتحسن بالعمل على تجاوز سوء الفهم وتخطي هذه المرحلة الصعبة».

بداية تجاوز سوء الفهم دشنته زيارة الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي للمغرب وتقديم كتابه الجديد واعترافه بمغربية الصحراء. إننا نعتبر ذلك نوعا من الدبلوماسية الناعمة، والتي لن تغفل عنها أنظار الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، كما يوضح بيير ريمون، الباحث في جامعة ليل الفرنسية لبعض وسائل الإعلام الدولية.

ونسجل تعيين سميرة سيطايل سفيرة للمغرب بباريس، بعد أن ظل المنصب شاغرا لبضعة أشهر، واستقبال ملك البلاد للسفير الفرنسي في الرباط كريستوف لوكورتييه، حيث قدم أوراق اعتماده بعد تعيينه قبل عام تقريبا.هذا السفير الفرنسي، الذي صرح في محاضرة حول آفاق العلاقات بين المغرب وفرنسا، نُظّمت مؤخرا بكلية الحقوق عين الشق بالدار البيضاء، بأنه سيكون من «الوهم وعدم الاحترام الاعتقاد بأنه بإمكاننا بناء مستقبل مشترك مع المغرب دون توضيح موقف فرنسا من مسألة الصحراء المغربية».

وحول العلاقات الاقتصادية، نوه السفير الفرنسي بحجم الاستثمارات الفرنسية بالمغرب في صناعة السيارات والطائرات واستثمارات الوكالة الفرنسية للتنمية التي بلغت 100 مليون أورو خلال 15 سنة، فضلا عن الآفاق الواعدة للتعاون المغربي الفرنسي في قطاع الطاقات المتجددة، علما أن باريس لها مكانتها في السوق الاقتصادي المغربي بما بقارب 1300 شركة فرنسية، من ضمنها الشركات الكبرى (CAC40)، كما تعد فرنسا أيضا أكبر مستثمر أجنبي في المغرب بقيمة استثمارات بلغت 8,1 مليار يورو العام الماضي.

نعم، إن فرنسا تعي جيدا أن المغرب حليف تقليدي، ولا يمكن التفريط في علاقات جيدة معه، وهذا ما أعلنه مؤخرا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني، وهو بالمناسبة كان من المتسببين الأساسيين في الأزمة التي طرأت بين المغرب وفرنسا بالبرلمان الأوروبي.

لقد صرح أمام البرلمان الفرنسي مؤخرا أنه فتح باب التواصل مع المملكة المغربية من أجل تجاوز «سوء الفهم» الذي أدى إلى صعوبات في التفاهم، موضحا أن العلاقة مع المغرب «أساسية» وأنه يرغب في تجديد أواصر الثقة بين البلدين.

الوزير سيجورني أكد كذلك، في حواره المشترك مع وسائل إعلام غربية، أنه يتحرك بناء على تعليمات من الرئيس إيمانويل ماكرون الذي طلب منه الاستثمار في العلاقات المغربية-الفرنسية.

داية فصل جديد في العلاقات المغربية الفرنسية من شأنه أن يتصالح مع التاريخ والجغرافيا الحقيقيين ليكون انتصارا للمصالح العليا بين البلدين، هاته المصالح وكما تعلمنا على أيدي علماء الجيوبوليتيك، والكثير منهم فرنسيون، أنها لا تستقيم إلا على خطين متوازيين.

المصدر: مراكش الان

إقرأ أيضاً:

الجزائر تستدعي السفير الفرنسي.. نشاط استخباراتي يثير الجدل

ذكرت وسائل إعلام جزائرية أن وزارة الخارجية الجزائرية استدعت السفير الفرنسي في خطوة تعكس توترًا جديدًا في العلاقات بين البلدين، وذلك للتعبير عن استيائها الشديد من تقارير تشير إلى وجود نشاط استخباراتي فرنسي داخل الأراضي الجزائرية.

ورغم عدم الكشف عن تفاصيل دقيقة بشأن طبيعة هذا النشاط الاستخباراتي أو مدى تأثيره، إلا أن الحادثة تثير تساؤلات حول مستوى التنسيق الأمني بين الجزائر وفرنسا، لا سيما في ظل القضايا الإقليمية والدولية الحساسة التي قد تشمل مكافحة الإرهاب أو عمليات استخباراتية عبر الحدود.

وتأتي هذه الخطوة في سياق تاريخي معقد للعلاقات الجزائرية الفرنسية، والتي شهدت فترات من التعاون والتوتر على مر العقود. التاريخ الاستعماري الطويل بين البلدين لا يزال يؤثر في العلاقات، فحتى بعد الاستقلال الجزائري في 1962، استمرت التوترات حول قضايا مثل الذاكرة التاريخية وحروب الذاكرة.



وقد أثارت التقارير الأخيرة المتعلقة بالنشاط الاستخباراتي الفرنسي في الجزائر حفيظة السلطات الجزائرية بشكل خاص، حيث ينظر إلى مثل هذه الأنشطة على أنها تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد وتهديد لسيادتها. السلطات الجزائرية ترى أن مثل هذه الأنشطة تمثل خرقًا لحدود الثقة التي تحتاجها العلاقات الدولية.

رغم غياب بيان رسمي حتى الآن من وزارة الخارجية الجزائرية، فإن المصادر الإعلامية المحلية أكدت أن الجزائر أبدت قلقًا بالغًا إزاء ما وصفته بـ"التصرفات غير الودية". في هذا السياق، تم استدعاء السفير الفرنسي ليقدم توضيحات رسمية حول النشاط الاستخباراتي المزعوم، فيما طالبت الجزائر السلطات الفرنسية بالامتناع عن أي أنشطة من شأنها التأثير على الاستقرار والعلاقات الثنائية.

ويتوقع المحللون أن هذه الأزمة قد تؤدي إلى مزيد من التأزيم في العلاقات بين الجزائر وفرنسا، في وقت حساس تمر به المنطقة على الصعيد الأمني والدبلوماسي.

مقالات مشابهة

  • كاتب ياسين.. الروائي الجزائري الذي أخذ الفرنسية غنيمة حرب
  • %1.5 من سكان المغرب يعرفون قراءة وكتابة الأمازيغية بـ"تيفيناغ" مقابل 57.7% متمكنون من الفرنسية
  • ابو الغيط يستقبل وفد مجلس الشيوخ الفرنسي ويؤكد علي العلاقات التي تربط بين المنطقة العربية وفرنسا
  • خبير : تصريحات غالي منفصلة عن الواقع والتاريخ
  • رفع العلم الفرنسي على مبنى السفارة الفرنسية في دمشق لأول مرة منذ 2012
  • وزير الرياضة يشكر المملكة المغربية على حسن استضافة احتفالية الكاف 2024
  • اللهجة المغربية واللهجة الصعيدية.. جسر لغوي يمتد عبر التاريخ
  • الذكرى 4 للاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.. معهد أمريكي يرصد تحولات موقف استراتيجي
  • «الصديق الصور» يلتقي مسؤول العلاقات الدولية في «مدرسة القضاء الفرنسية»
  • الجزائر تستدعي السفير الفرنسي.. نشاط استخباراتي يثير الجدل