دراسة تثبت الدور الذي لعبته فيروسات قديمة في تطور أدمغة البشر
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
لعبت فيروسات قديمة أصابت الفقاريات قبل مئات الملايين من السنين دورا رئيسيا في تطور أدمغة البشر المتقدمة وأجسامهم الكبيرة، وفق ما كشفته دراسة جديدة.
وتناولت الدراسة التي نُشرت الخميس في مجلة «سيل»، أصول الميالين، وهو غشاء دهني عازل يتشكل حول الأعصاب ويساهم في توزيع النبضات الكهربائية بسرعة أكبر.
وأشار معدّو الدراسة إلى أنّ التسلسل الجيني المكتسب من الفيروسات الراجعة، وهي فيروسات تنسخ عكسيا الجينومات من صيغة الحمض الريبوني إلى الحمض الأكريبوني، يُعدّ أمرا مهما جدا لإنتاج الميالين.
وقال المشارك في إعداد الدراسة روبن فرانكلين «إنّ أكثر أمر ملحوظ هو أن كل هذا التنوع في الفقاريات الحديثة المعروفة، والحجم الذي وصلت إليه، وبينها الفيلة والزرافات والأناكوندا، ما كان ليحدث» لولا إصابتها بهذه الفيروسات الراجعة.
ولجأ الباحثون إلى قواعد بيانات الجينوم لمحاولة اكتشاف العوامل الجينية المرتبطة بإنتاج الميالين.
وأظهر تاناي غوش، عالم الأحياء وعلم الوراثة الذي يعمل مع فرانكلين، اهتماما بالمناطق الغامضة «غير المشفرة» في الجينوم، والتي ليس لها وظيفة واضحة وكانت تعتبر في مرحلة ما عديمة الفائدة، ولكن باتت معروفة بأنها ذات أهمية في مسألة التطور.
وأسفرت أبحاثه عن تسلسل مشتق من الفيروس الراجع الموجود في جيناتنا منذ فترة طويلة، والذي أطلق عليه الباحثون اسم «ريترو ميالين».
وللتحقق من اكتشافهم، أجروا تجارب تتمثل في حذف هذا التسلسل لدى الجرذان، ولاحظوا أنها توقفت عن إنتاج البروتين اللازم لتكوين الميالين.
ردود فعل أسرع وأجسام أكبر
ثم بحث العلماء عن تسلسلات مماثلة في جينومات الأنواع الأخرى ووجدوا رمزا مشابها في الفقاريات الفكية كالثدييات والطيور والأسماك والزواحف والبرمائيات، لكن ليس في الفقاريات عديمة الفك أو في اللافقاريات.
وخلصوا إلى أن التسلسل ظهر في شجرة الحياة في الوقت نفسه تقريبا الذي ظهر فيه بالفكين، أي قبل نحو 360 مليون سنة.
ووصف براد زوشيرو من جامعة ستانفورد الدراسة بأنها «إضاءة مذهلة» على تاريخ أسلافنا الفكيين.
وقال فرانكلين «كان هناك ضغط دائم لجعل الألياف العصبية تقوم بتوصيل النبضات الكهربائية بشكل أسرع». وأضاف «من خلال القيام بذلك بشكل أسرع، يمكن التصرف بوتيرة أسرع»، وهو أمر مفيد للحيوانات المفترسة التي تطارد الفريسة، أو الفريسة التي تحاول الفرار.
ويساعد الميالين على توصيل هذه الإشارات سريعا من دون زيادة قطر الخلايا العصبية، مما يتيح لها أن تصبح متقاربة من بعضها.
ويوفر أيضا دعما هيكليا، مما يعني أن الأعصاب يمكن أن تنمو بشكل أكبر متيحةً نموا أكبر للأعضاء.
وفي غياب الميالين، وجدت اللافقاريات طرقا أخرى لنقل الإشارات الكهربائية بسرعة، فالحبار العملاق مثلا مجهز بخلايا عصبية أكبر.
موجات متعددة من العدوى
وأراد فريق الباحثين أخيرا أن يفهم ما إذا كانت العدوى الفيروسية قد حدثت لدى نوع واحد من الأسلاف، مرة أم مرات عدة.
وللإجابة عن هذا التساؤل، حللوا تسلسلات «ريترو ميالين» لدى 22 نوعا من الفقاريات الفكية. كانت هذه التسلسلات أكثر تشابها داخل النوع الواحد منها بين الأنواع المختلفة.
وتشير هذه النتيجة إلى حدوث موجات متعددة من العدوى، مما ساهم في تنوع أنواع الفقاريات المعروفة اليوم، بحسب الباحثين.
وقال فرانكلين «نحن نميل إلى التفكير في الفيروسات كمسببات للأمراض، وعوامل تسبب المرض».
لكن الواقع أكثر تعقيدا بالنسبة إليه. ففي مراحل مختلفة من التاريخ، دخلت الفيروسات الراجعة الجينوم واندمجت في الخلايا التكاثرية للأنواع، متيحة انتقالها إلى الأجيال اللاحقة.
ومن بين أحد الأمثلة الأكثر شهرة المشيمة، وهي سمة لدى معظم الثدييات التي اكتسبتها من مسبب مرض اندمج في الجينوم منذ زمن.
ورأى تاناي غوش أن هذا الاكتشاف للميالين هو خطوة أولى في مجال ناشئ. وقال «لا يزال يتعين فهم الكثير في شأن كيفية تأثير هذه التسلسلات على مختلف عمليات التطور».
وكالة فرنس بريس العالمية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
خبراء يحذِّرون: الذكاء الاصطناعي يجعل البشر أغبياء
#سواليف
أصبح #الذكاء_الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من مختلف جوانب حياتنا، وقد حقق تقدماً كبيراً في #مجالات_متعددة.
إلا أن هذه التقنية تثير بعض المخاوف المتعلقة بالسلامة والأمان، كما يخشى البعض من أن تحل محل البشر في بعض #الوظائف.
والذكاء الاصطناعي هو عملية محاكاة نظم الحاسوب لعمليات الذكاء البشري، بهدف تحقيق أمر ما. وقد حذَّرت مجموعة من الخبراء في دراسة جديدة من أن هذه التقنية تجعل البشر أغبياء.
وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد حلَّل الخبراء عدداً من الدراسات السابقة التي تُشير إلى وجود صلة بين التدهور المعرفي وأدوات الذكاء الاصطناعي، وخصوصاً في التفكير النقدي.
مقالات ذات صلة ثورة علمية.. الذكاء الاصطناعي يحل لغزا حيّر العلماء لأكثر من مئة عام 2025/04/29وتُشير إحدى الدراسات التي تم تحليلها إلى أن الاستخدام المنتظم للذكاء الاصطناعي قد يُسبب ضموراً في قدراتنا المعرفية الفعلية وسعة ذاكرتنا، بينما توصلت دراسة أخرى إلى وجود صلة بين «الاستخدام المتكرر لأدوات الذكاء الاصطناعي وانخفاض قدرات التفكير النقدي»، مُسلِّطة الضوء على ما أطلق عليه الخبراء «التكاليف المعرفية للاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي».
وأعطى الباحثون مثالاً لذلك، باستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؛ حيث تُحسِّن هذه التقنية كفاءة المستشفيات على حساب الأطباء، والذين تقل لديهم القدرة على التحليل النقدي لحالات المرضى واتخاذ القرارات بشأنها.
ويشير الخبراء إلى أن هذه الأمور تؤدي مع مرور الوقت إلى زيادة غباء البشر؛ لافتين إلى أن قوة الدماغ هي مورد إن لم يتم استخدامه فستتم خسارته.
وأكد الخبراء أن اللجوء لتقنيات الذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي» في التحديات اليومية مثل كتابة رسائل بريد إلكتروني مُعقدة، أو إجراء بحوث، أو حل المشكلات، له نتائج سلبية للغاية على العقل والتفكير والإبداع.
وكتب الخبراء في الدراسة الجديدة: «مع ازدياد تعقيد المشكلات التي يُحمِّلها البشر لنماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة، نميل إلى اعتبار الذكاء الاصطناعي «صندوقاً سحرياً»، أي أداة شاملة قادرة على القيام بكل ما نفكر فيه نيابة عنا. وهذا الأمر تستغله الشركات المطورة لهذه التقنية لزيادة اعتمادنا عليها في حياتنا اليومية».
إلا أن الدراسة حذَّرت أيضاً من الإفراط في التعميم وإلقاء اللوم على الذكاء الاصطناعي وحده في تراجع المقاييس الأساسية للذكاء في العالم، مشيرين إلى أن هذا الأمر قد يَنتج أيضاً لتراجع اهتمام بعض الحكومات بالتعليم، وقلة إقبال الأطفال على القراءة وممارسة ألعاب الذكاء.