لجريدة عمان:
2025-04-26@21:28:22 GMT

هل تفضي قدرات الذكاء الاصطناعي إلى «لا شيء» ؟

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

هل تفضي قدرات الذكاء الاصطناعي إلى «لا شيء» ؟

ترجمة: أحمد شافعي -

لو أنكم سألتم روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي (تشات جي بي تي) عما قد يعنيه صعود الذكاء الاصطناعي بالنسبة لمستقبل الإنسانية، فإنه يعمد إلى إجابة محسوبة فيقول إن «مستقبل الإنسانية مع الذكاء الاصطناعي ليس محسوما سلفا، فسوف يعتمد أثره على كيفية تطور الذكاء الاصطناعي، والقواعد التي ستوضع له، وطريقة اندماجه في مختلف جوانب الحياة».

ولا بأس بذلك الجواب، ولكنه ـ لو تحرينا الصراحة ـ مراوغ. لكن لو أنكم تريدون حقا أن تعرفوا كيف ستنتهي حقبة الذكاء الاصطناعي بالنسبة لنا، فخير لكم أن تطرحوا السؤال على سكوت آرونسن وبوعاز باراك، عالمي الكمبيوتر في جامعة تكساس وجامعة هارفرد على الترتيب. فقد تكبدا بالفعل عناء تصفية النقاش المطول في هذا الأمر ووصلا إلى حفنة من النتائج، وأطلقا على كل نتيجة منها اسما غريبا. يقول آرونسن «لقد كان هدفنا هو أن نوضح السيناريوهات التي يتكلم عنها الناس في الوقت الراهن».

خلال مناقشة مسهبة للأمر على عشاء، انتهى العالمان إلى الاقتناع بوجود خمسة عوالم تشمل جميع النتاجات المحتملة لتطوير الذكاء الاصطناعي. ثم كتب الاثنان منشورا على مدونة آرونسن بعنوان «عوالم الذكاء الاصطناعي الخمسة» راجين من ذلك أن يساعدا أهل المجال على أن يكون حديثهم مجديا حول الغايات النهائية، وحول وضع القواعد الحاكمة لتطوير الذكاء الاصطناعي. يقول باراك «تحرينا نبرة مازحة، لكننا لم نحد عن الجدية في محاولة وضع أساس للنقاش».

إليكم إذن استكشاف لعوالمهما الخمسة على طريقة (اختر مغامرتك بنفسك). وهي لا تخلو من طرافة في ظل منعطف سببه أن طريقة تعاملنا مع الأمور قد تنتهي بنا إلى عالم طوباوي مدعوم بالذكاء الاصطناعي أو إلى محو الإنسانية.

تبدأ رحلة هذه العوالم الخمسة بسؤال بسيط: هل يمكن أن تنتهي قدرات الذكاء الاصطناعي المحتملة إلى لا شيء؟ لا يبدو الأمر كذلك في اللحظة الراهنة، لكن يحتمل كثيرا أن تتوقف مسيرة الذكاء الاصطناعي بسبب شرهه الشديد إلى الموارد. فمن المحتمل أن تتسبب الكهرباء والمياه اللازمتان لإدارة وتبريد خوادم الذكاء الاصطناعي إلى فرض حظر في نهاية المطاف على المزيد من تطويره. أو ربما نستنفد ما لدينا من بيانات نستعملها في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المستقبلية، بمعنى ألا تتحقق للتكنولوجيا مطلقا قوة تغيير اللعبة التي تعد بها فينشأ العالم الذي يطلق عليه آرونسن وباراك اسم «أرض الفشل المدعومة بالذكاء الاصطناعي». يقول باراك «أعتقد أن هذا السيناريو مستبعد. أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سوف يغير العالم تغييرا كبيرا».

بفرض أننا لا ننتهي في «أرض الفشل»، على حد تعبير أحد المعلقين، يكون علينا أن نواجه سؤالا آخر: هل تستمر الحضارة في التطور وتظل مألوفة لنا؟ لو أن الإجابة هي نعم، يذهب آرونسن وباراك إلى أننا قد ننتهي في أحد سيناريوهين إضافيين، أحدهما جيد ويطلقان عليه اسم مسلسل تلفزيوني كارتوني هو (مستقبل فيوتشراما) تظهر فيه حضارة المستقبل شديدة الإيجابية. والسيناريو الآخر ليس كذلك كثيرا فيسميانه «ديستوبيا الذكاء الاصطناعي».

نعرف الدستوبيا من قصص خيال علمي لا حصر لها، وأشهرها (1984) لجورج أورويل. وفيها تستعمل الحكومة نظام مراقبة عميقا لإرغام المواطنين على الطاعة العمياء. وتترسخ التفاوتات والانحيازات، وتصبح أماكن العمل أماكن شقاء، ويحصل العاملون على أجور متدنية، اللهم إلا نخبة ضئيلة. يقول آرونسن إن «هناك من قالوا إن سيناريو 1984 غير ممكن لأنه لن يتوافر مطلقا العدد الكافي لمتابعة جميع الشاشات. لكن هذا ممكن مع الذكاء الاصطناعي».

في حال وصولنا إلى هذا، لن يكون ذلك ذنب الذكاء الاصطناعي حقا، لأن دور التكنولوجيا القوية لا يعدو أنها تضخم ما يكون قائما بالفعل، حسبما يقول آرونسن. «سيقول بعض الناس إننا لا ينبغي أن نبدع تكنولوجيا لو أننا نعرف أنها سوف تستعمل في أمور سيئة. لكن لو أننا لن نخترع أي شيء يمكن استعماله في شر، فالواقع أننا لن نخترع أي شيء».

يرجو باراك أن يؤدي تطور الذكاء الاصطناعي إلى خاتمة أفضل، على غرار مستقبل فيوتشراما، فهذا في رأيه هو أفضل العوالم المحتملة، إذ يقول إن «هذا بالدرجة الأساسية هو السيناريو الذي يكون كل شيء فيه كما هو الآن، لكنه أفضل». ها هنا يستعمل الذكاء الاصطناعي لتقليل الفقر وضمان توافر الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والفرص الاقتصادية لمزيد من البشر. وقد يقع ضرر بين الحين والآخر بسبب الشر أو الإهمال البشريين، ولكن سكان هذا العالم من البشر سيكونون على الأرجح مسرورين كثيرا بنصيبهم، إجمالا.

بل إن الوضع قد يكون أفضل من ذلك. إذ يرجو آرونسن أن يأتي يوم محتمل فتوجد فيه يوتوبيا يقودها الذكاء الاصطناعي ويطلق عليها هو وباراك سنجولاريا. وسوف يحدث هذا إذا ما بلغ أثر الذكاء الاصطناعي من العمق أن يجعل مستقبلنا مغايرا لدرجة ألا نعرفه، لكنه مغاير على نحو إيجابي. وها هنا تعيشون جنبا إلى جنب كائنات الذكاء الاصطناعي التي تكون عمليا سلالة فائقة الذكاء تستولي على إدارة الحضارة. ومن حسن الحظ أنها ستكون قوى خيرة، متسامحة مع فقراء الكوكب، من البشر المساكين. ستحل جميع مشكلاتنا المادية، وتمدنا بوفرة لا حدود لها، وتنوب عنا في كثير من مهامنا المضجرة وتوفر التسلية لعقولنا المفتقرة حديثا إلى الحوافز. يقول آرونسن «إنها عمليا جنة الذكاء الاصطناعي».

جميل. لكن ماذا لو أن كائنات الذكاء الاصطناعي ذات القوة الكلية هذه لم تأت بهذا السخاء؟ إذن مرحبا بكم في (جحيم المشابك). وثمة سبب وجيه لهذه التسمية الغريبة. في عام 2003 وصف عالم الرياضيات والأخلاقيات إليزار يودكووسكي ـ الشريك المؤسس لمعهد بحوث الذكاء الآلي في كاليفورنيا ـ تجربة فكرية تكلف فيها الإنسانية الذكاء الاصطناعي بتحسين إنتاج بعض الأشياء العادية، ولنقل إنها مشابك الورق. في حال عدم التفكير جيدا في الخصائص المطلوبة، قد ينتهي الذكاء الاصطناعي إلى محو الإنسانية لوقوفها في وجه حصد جميع موارد الأرض، وربما موارد كل العوالم الأخرى، وتسخيرها جميعا لصنع مشابك ورق أفضل.

كان طرح يودكووسكي أكثر دقة مما يبدو هنا، ولكن الهدف العام بسيط: من الصعب أن نتخيل سيناريوهات لا يكون فيها خلقنا للذكاء الاصطناعي هو آخر ما نفعله نحن البشر. ومن هنا فنحن بحاجة إلى التفكير كثيرا في ما نسمح للذكاء الاصطناعي بالعمل عليه، وفي ربطه بالموارد المادية من قبيل محطات الطاقة أو الأسلحة النووية، وفي إلزام صانعي الذكاء الاصطناعي بالشفافية وإخضاعهم للمحاسبة. ونحن بحاجة إلى التفكير بسرعة أيضا. تقول جريتا دوليبا مديرة الاتصالات في معهد بحوث الذكاء الآلي إن «تغيير السياسات والقواعد يستغرق وقتا طويلا، لأن تروس الحكم بطيئة الدوران. ونخشى أن ينفد الوقت قبل سن تشريعات ذات مغزى».

أما آرونسن وباراك فليسا خائفين كثيرا من احتمال «جحيم مشابك الورق». ففي حين يرى يودكووسكي أن الاحتمال الأرجح، بل الفرض شبه المؤكد، هو أن ينجم حدث كارثي عن بحوث الذكاء الاصطناعي الرديئة، ويعتقد آرونسن أن هذا مستبعد. أما باراك فهو أكثر حذرا، إذ يقول «أنا لست مؤمنا بالاحتمالات البعيدة من قبيل سنجيولاريا أو جحيم مشابك الورق، لكنني أعتقد أن عقولنا يجب أن تبقى منفتحة».

تبدو هذه فكرة طيبة، لكي نتأكد أننا منتبهون لـ«كيفية تطوير الذكاء الاصطناعي، ووضع قواعده، ودمجه» على حد تعبير (تشات جي بي تي). وإن لم نكن كذلك، فقد نجد أنفسنا بلا أي خيارات في لعبة (اختر مغامرتك بنفسك) التي نلعبها مع تطورات الذكاء الاصطناعي.

الحقيقة أنه حتى في ظل وجود قواعد حسنة النية، من المحتمل تماما أن ننتهي في أحد العوالم المتأثرة بالذكاء الاصطناعي التي نفضّل اجتنابها. وفي هذه الحالة، يجب أن نعمل أيضا على كيفية التنقل بين العوالم. ففي نهاية المطاف، قد نرغب يوما ما في العثور على طريقنا نخرج به من سيناريو دستوبيا الذكاء الاصطناعي لنصل إلى سيناريو فيوتشراما، بل وإلى سنجولاريا. يتساءل آرونسن «هل أرغب في الحياة في عالم تزدهر فيه بلا حدود كائنات حساسة داخل محاكاة لجنة ما؟ نعم، أنا أدعم ذلك كثيرا».

مايكل بروكس مستشار فيزياء في مجلة «New Scientist»، حاصل على درجة الدكتوراه في فيزياء الكم، ويعمل مؤلفاً وصحفياً ومذيعاً

خدمة تربيون عن مجلة «New Scientist»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی إلى بالذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

تحذيرات من تصاعد خطر الذكاء الاصطناعي في هجمات التصيد الاحتيالي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 حذّرت شركة كاسبرسكي من استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير وتخصيص هجمات التصيد الاحتيالي، مشيرة إلى تزايد تعقيد هذه الهجمات وصعوبة كشفها حتى من قبل موظفين ذوي خبرة عالية في الأمن السيبراني.

وكشفت دراسة أجرتها كاسبرسكي في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا عن زيادة بنسبة 48% في الهجمات السيبرانية على المؤسسات خلال العام الماضي، حيث شكلت هجمات التصيد الاحتيالي التهديد الأوسع، إذ واجهها 51% من المشاركين في الدراسة. 

ويتوقع 53% من المشاركين تزايدًا في تلك الهجمات مع استمرار المجرمين السيبرانيين في استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي يعزز تخصيص الهجمات

بينما كانت هجمات التصيد سابقًا عامة وتُرسل بشكل عشوائي، بات بالإمكان الآن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لاستهداف الأفراد برسائل دقيقة مخصصة تتوافق مع وظائفهم واهتماماتهم، اعتمادًا على معلومات منشورة عبر الإنترنت. ويُظهر ذلك كيف يمكن بسهولة انتحال صفة مسؤول تنفيذي لإقناع الموظفين باتخاذ إجراءات ضارة.

خطر التزييف العميق يتصاعد

وأشارت كاسبرسكي إلى أن تقنيات التزييف العميق أصبحت أداة فعالة في يد المهاجمين لإنتاج محتوى صوتي ومرئي مقنع لانتحال شخصيات، ما يؤدي إلى حالات مثل تحويل ملايين الدولارات بناءً على مقاطع فيديو وهمية.

تستخدم هجمات التصيد المدعومة بالذكاء الاصطناعي خوارزميات لتجاوز أنظمة الحماية التقليدية وتحاكي أسلوب البريد الإلكتروني الشرعي، مما يتيح لها تفادي اكتشاف برامج الحماية.

الخبرة وحدها لا تكفي

ورغم الخبرة، يظل الموظفون عرضة لهذه الهجمات المتطورة نتيجة لقدرتها على استغلال العوامل النفسية، مثل الاستعجال والخوف والثقة في السلطة، مما يقلل من فرص التحقق المسبق.

استراتيجية دفاعية متعددة المستويات

أوصت كاسبرسكي باعتماد استراتيجية شاملة للتصدي لهذه الهجمات، تتضمن تدريب الموظفين على التهديدات الحديثة عبر منصات مثل Kaspersky Automated Security Awareness Platform، 

واستخدام أدوات الحماية المتقدمة مثل Kaspersky Next وKaspersky Security for Mail Server، بالإضافة إلى تطبيق نموذج أمان انعدام الثقة الذي يضمن الحد من الوصول للأنظمة الحساسة.

مقالات مشابهة

  • الشعب الجمهوري يعزز قدرات كوادره الإعلامية بدورة عن الذكاء الاصطناعي
  • "إكسترا نيوز" تبرز مخاطر الذكاء الاصطناعي على الأطفال
  • الرئيس الصيني: الذكاء الاصطناعي سيغير أسلوب الحياة البشرية بشكل جذري
  • كيف أصبحت غزة ساحة لتطوير الاحتلال قدرات الذكاء الاصطناعي وتجريبه؟
  • محمد جبران: الذكاء الاصطناعي دخل سوق العمل .. وبعض الوظائف ستندثر
  • لطافتك تكلف الذكاء الاصطناعي الملايين!
  • جهاز ذكي يساعد المكفوفين على التنقل باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • تحذيرات من تصاعد خطر الذكاء الاصطناعي في هجمات التصيد الاحتيالي
  • كيف تعمل من المنزل باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
  • يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟