النهب جزء من الانتقام.. الجنود الإسرائيليون يأتون على الأخضر واليابس في غزة
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
كان النهب دائما مرافقا للعمليات الإسرائيلية، وإن لم يحظ بقدر كبير من التغطية والاهتمام كجريمة حرب، ولكن الجديد في الحرب على قطاع غزة هذه المرة هو سعة نطاق هذا النهب واعتزاز الجنود به وضعف الجيش أمامه، كما تقول وسائل إعلام إسرائيلية.
وقد خصصت كل من صحيفة "هآرتس" ومجلة "+972" تقريرا لظاهرة النهب في قطاع غزة، مؤكدتين سعة انتشاره وكثرة الشهادات الشفهية على وجوده، فضلا عن توثيق الجنود عمليات النهب التي ارتكبوها بكل فخر واعتزاز، وعجز الجيش عن السيطرة عليه، وعدم بذله الجهود الكافية لذلك.
وبدأت هآرتس -في تقرير بقلم ياجيل ليفي- بقولها إن الجنود، وبعيدا عن رادار الجمهور، ينهبون ممتلكات سكان قطاع غزة بعد الاستيلاء على منازلهم، ونقلت شهادة أحد أطباء الاحتياط لصحيفة يديعوت أحرونوت حيث قال "قامت قوات أصغر وأقل انضباطا بنهب الهواتف والسيارات والدراجات النارية والدراجات الهوائية، هل هذا عادل؟ لقد شعرت بالحرج".
وأظهر جندي مقاتل في لواء جفعاتي للصحافة وبفخر مرآة كبيرة مأخوذة من منزل في خان يونس، كما نشر جنود على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يظهر أحدها جنديا يعرض بفخر قمصان كرة القدم مأخوذة من منزل في غزة، وفي آخر يتباهى جنود الاحتياط بوجبات الطعام اللذيذة المحضرة من الطعام الذي أخذوه من مطابخ سكان غزة.
وأشارت "+972" إلى أن المغني الفلسطيني حمادة نصر الله أصيب بالصدمة عندما صادف على تطبيق "تيك توك" جنديا يعزف على القيثارة التي اشتراها له والده قبل 15 عاما، كما ذكرت أن مقاطع فيديو أظهرت جنودا إسرائيليين يتفاخرون بالعثور على ساعات يد، وأخرى تظهر سرقة السجاد والبقالات والمجوهرات.
شهادات بالجملة
وفي مجموعة على فيسبوك للنساء الإسرائيليات تضم ما يقرب من 100 ألف مستخدم، تساءلت إحداهن عما يجب فعله "بالهدايا من غزة" التي أحضرها لها شريكها الجندي، ونشرت صورة لمستحضرات التجميل، وكتبت "كل شيء مختوم باستثناء منتج واحد. هل نستخدم هذه؟ وهل أحد يعرف المنتجات أم أنها في غزة فقط؟".
والحقيقة أنه منذ بدء الغزو البري الإسرائيلي في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي -كما تقول +972- كان الجنود يأخذون كل ما تقع عليه أيديهم من منازل الفلسطينيين الذين أجبروا على الفرار، وقد تم الإبلاغ عن ذلك على نطاق واسع دون انتقاد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، في حين كان الحاخامات من الحركة الصهيونية الدينية يجيبون على أسئلة الجنود حول ما يجوز نهبه وفقا للشريعة اليهودية.
وإذا كان الحاخامات يفتون بحرمة السرقة، فإن بعضهم أباح عدم الالتزام بقوانين الحرب تجاه الفلسطينيين الذين لا يحترمون تلك القوانين، حسب رأيه.
وأكد جنود عادوا من القتال في غزة أن هذه الظاهرة منتشرة في كل مكان، وأن قادتهم في الغالب يسمحون بحدوثها، معترفا بأنه هو نفسه أخذ "تذكارا" من أحد المراكز الطبية، وشهد جندي آخر، خدم في شمال ووسط غزة، أن الجنود "أخذوا السجاد والبطانيات وأدوات المطبخ".
وأوضح الجندي أنه لم تكن هناك أي إحاطة بهذا الشأن من الجيش سواء قبل الدخول أو أثناء وجوده في الميدان، وقال "لم يكن هناك أي حديث عن ذلك من القادة. يعلم الجميع أن الناس يأخذون الأشياء. ويعتبر الأمر مضحكا، يقول بعضهم: أرسلوني إلى لاهاي. وهذا لا يحدث سرا. لقد رأى القادة ذلك، والجميع يعلم، ولا يبدو أن أحدا يهتم".
وأشار الجندي إلى أن بعض كبارهم كانوا يفعلون ذلك أيضا، وأضاف أن "رقيب السرية وزع المصاحف التي وجدها وأهداها لمن يريدها. وأخذ جندي آخر مجموعة من فناجين القهوة".
وتحدثت القناة 13 أيضا عن هذه الظاهرة في وقت سابق من هذا الشهر، ولكن بدلا من إدانتها، أشار مقدمو البرامج ببساطة إلى أن مقاطع الفيديو هذه تتم مشاركتها في جميع أنحاء العالم من أجل "فضح" الجنود الإسرائيليين.
لا أحد يهتم
وقالت هآرتس إن الكم الهائل من الشهادات الشفهية على هذه الظاهرة يعكس مشكلة واسعة النطاق، مرجحة أن الجيش يواجه صعوبة في منع النهب، وأوضحت أن هذه القضية أثيرت في محادثات رئيس الأركان مع مختلف الوحدات، ولكن لم يتم القيام بأي محاولة منهجية لمنع النهب. وأصدر كبير ضباط الانضباط رسالة إلى القوات حول هذه القضية كلها مخصصة للنهب، لإظهار أن هذه المشكلة تزعج الجيش.
لا ينهب الجنود بالضرورة لتلبية احتياجاتهم الجسدية -كما ترى هآرتس- كما أنهم ليسوا بالضرورة مدفوعين بالجشع، بل إن النهب أثناء القتال تعبير عن الرغبة في الانتقام، حيث يعتقد الجنود أن الاستيلاء على ممتلكات أعدائهم بعد هزيمتهم مؤشر على النصر الكامل.
وتمحورت حجج كبير ضباط الانضباط حول الضرر الذي يلحقه النهب بثقة الجمهور في الجيش وتماسك الوحدة، والمساهمة التي يقدمها في الدعاية المناهضة لإسرائيل، ولكنه نسي -حسب الصحيفة- "أن يذكر المنع الواضح الصريح للسرقة، خاصة أنه منصوص في سفر يشوع الذي يعد مصدر إلهام للجيش".
وفي بيان صدر هذا الأسبوع إلى القادة المسؤولين عن الوحدات القتالية في غزة، حث رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الجنود على "عدم أخذ أي شيء ليس ملكنا"، لكن هذه الرسالة تأتي بعد عدة أشهر أصبحت فيها عمليات النهب روتينية تماما.
ولا ينهب الجنود بالضرورة لتلبية احتياجاتهم الجسدية -كما ترى هآرتس- كما أنهم ليسوا بالضرورة مدفوعين بالجشع، بل إن النهب أثناء القتال تعبير عن الرغبة في الانتقام، حيث يعتقد الجنود أن الاستيلاء على ممتلكات أعدائهم بعد هزيمتهم يرمز إلى النصر الكامل.
وليس من قبيل الصدفة أن يصاحب النهب تدمير الممتلكات، لأنه يعكس إنكارا لإنسانية العدو، مما يجعل من المقبول تفتيش ممتلكاتهم الشخصية، واختيار ما يجب أخذه منها، وهو تأكيد لمقولة "لا يوجد مدنيون أبرياء" في غزة، وبالتالي لا بأس بإيذاء المدنيين حتى بعد فرارهم، وهو بالتالي استمرار لهذه الحرب الانتقامية بوسائل أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
عائلة بيباس ترد على نتنياهو: لا نريد الانتقام بل إعادة جثمان شيري وكل الأسرى
ردت عائلة الأسيرة الإسرائيلية شيري بيباس، على تهديدات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لغزة، وقالت إنها لا تريد الانتقام، وإنما إعادة جثمان ابنتها وباقي الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
وفي معرض رد العائلة، على نتنياهو الذي توعد بالانتقام "بسبب عدم تسلم إسرائيل جثمانها من غزة وفق الاتفاق"، قالت عوفري بيباس، شقيقة زوج شيري، في بيان: "لا غفران لخذلانهم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ولا غفران لبقائهم في الأسر".
وتقول حكومة الاحتلال، إنه بعد الفحص اتضح أن الجثمان الذي تسلمته الخميس، لا يعود لشيري بيباس، وإنما لسيدة مجهولة من غزة.
وأضافت: "السيد رئيس الوزراء نتنياهو، لم نتلق اعتذارا منك في هذه اللحظة المؤلمة".
وتابعت: "من أجل أرييل وكفير (ابني بيباس)، لا نسعى للانتقام الآن، بل نطلب إعادة شيري".
عوفري طلبت مساعدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات بغزة، وقالت: "السيد الرئيس ترامب، أطلب منك أن تساعد إسرائيل وعائلتنا في إكمال هذه المهمة".
كما وجهت الاتهام إلى حركة "حماس" بقتل شيري وطفليها، قائلة: "لم يستحقوا مثل هذا المصير".
وفي وقت سابق الجمعة، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "إسرائيل" تدرس تحديد "مهلة نهائية" لإعادة جثمان الأسيرة بيباس من غزة خلال 24 ساعة، بعد ادعاء نتنياهو تسلم جثة مجهولة بدلا منها، الخميس.
والخميس، سلمت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة 4 توابيت لجثامين أسرى إسرائيليين، وقالت إنها لشيري بيباس وطفليها كفير وأرئيل، والأسير عوديد ليفشتس، وذلك ضمن الدفعة السابعة من المرحلة الأولى باتفاق وقف إطلاق النار الساري.
بيد أن نتنياهو ادعى في كلمة مصورة بثها فر الجمعة، أن "حماس" أعادت جثة لسيدة من قطاع غزة وليست للأسيرة بيباس، متوعدا الحركة "بالانتقام لخرقها الاتفاق"، على حد قوله.
وردا على ادعاءات نتنياهو، قالت "حماس" الجمعة، إنها "ستفحص هذه الادعاءات بجدية تامة، وستعلن عن النتائج بوضوح".
وأوضحت في بيان: "نشير إلى احتمال وجود خطأ أو تداخل في الجثامين، قد يكون ناتجا عن استهداف الاحتلال وقصفه للمكان الذي كانت تتواجد فيه العائلة مع فلسطينيين آخرين".
وفي السياق، تحدثت "يديعوت أحرونوت" اليوم عن أن مسألة جثمان شيري لن تسبب ضررا لصفقة التبادل بين تل أبيب والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
وادعت قائلة إن "التقييم في إسرائيل أن الصفقة لن تنهار، رغم انتهاك حماس لها بعدم إعادة جثة شيري بيباس".
وفي 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، بدأت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، والتي تتضمن ثلاث مراحل تمتد كل منها 42 يومًا، مع اشتراط التفاوض على المرحلة التالية قبل استكمال المرحلة الجارية.
وحتى الجمعة، تسلمت دولة الاحتلال 19 أسيرا حيا و4 جثث، ومن المقرر أن تتسلم السبت 6 أسرى أحياء، إضافة إلى 4 جثامين أخرى الأسبوع المقبل، لتنتهي المرحلة الأولى من الاتفاق.
في المقابل، أفرجت سلطات الاحتلال عن 1135 أسيرا فلسطينيا، بينهم عشرات ممن صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد، ومن المتوقع أن تفرج عن 602 آخرين خلال الأسبوعين المقبلين، ليصل إجمالي المفرج عنهم ضمن المرحلة الأولى إلى 1737 أسيرا فلسطينيا.
وبدعم أمريكي، شنت إسرائيل حربًا على غزة بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، أسفرت عن أكثر من 160 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود، وفق معطيات فلسطينية.