ممثلو دول أمام العدل الدولية للجزيرة نت: لهذه الأسباب يجب محاسبة إسرائيل
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
لاهاي – افتتح ممثلو جنوب أفريقيا، أمس الثلاثاء، اليوم الثاني من جلسات الاستماع العامة في محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث دعوا إلى إصدار رأي قانوني غير ملزم بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية "غير قانوني" للمساعدة في التوصل إلى تسوية.
وتأتي الجلسة ضمن سلسلة جلسات ستستمر إلى غاية 26 فبراير/شباط الجاري على خلفية طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2022 من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري بشأن احتلال إسرائيل فلسطين.
وإلى جانب فريق جنوب أفريقيا القانوني، قدم ممثلون عن 10 دول حججهم بشأن العواقب القانونية لدولة الاحتلال، بما فيها السعودية والجزائر وبنغلاديش وبلجيكا وهولندا، في حين شاركت البرازيل وبليز وبوليفيا في فترة ما بعد الظهر.
وكان من المقرر أن تقدم كندا حججها وملاحظاتها خلال الجلسة الصباحية، إلا أنها قررت الانسحاب في اللحظة الأخيرة.
وأعلن بيتر أندرياس ستيميت المحامي الذي يمثل جنوب أفريقيا والقائم بأعمال كبير مستشاري قانون الدولة في وزارة العلاقات الدولية والتعاون، التزام جنوب أفريقيا بالدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مشيرا إلى اعتراف الأمم المتحدة عدة مرات بحق الفلسطينيين "غير القابل للتصرف" في ذلك.
كما دان ستيميت النشاط الاستيطاني الإسرائيلي الذي ينتهك المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي وقع عليها الاحتلال، مؤكدا أن حظر الفصل العنصري ينطبق على كل دول العالم بما فيها إسرائيل.
وفي مقابلة للجزيرة نت، لفت سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا إلى عدم امتثال إسرائيل لأمر العدل الدولية -الذي أصدرته يوم 26 يناير/كانون الثاني الماضي- باتخاذ إجراءات مؤقتة بعد اتهامها بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية.
وقد اعتمدت المحكمة تدابير مؤقتة أو أوامر ملزمة، تشمل مطالبة إسرائيل بمنع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وضمان توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية، ومنع التحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية والمعاقبة عليه.
وأضاف مادونسيلا أن بلاده قدمت رسالة للمحكمة الأسبوع الماضي تطلب منها استخدام صلاحياتها فيما يتعلق بالمادة 75 من نظام روما الأساسي لتحديد الحاجة إلى فرض مزيد من التدابير المؤقتة.
وتنص هذه المادة على وضع المحكمة مبادئ حول جبر الأضرار التي تلحق بالمجني عليهم أو فيما يخصهم، بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار.
وعليه، يجوز للمحكمة أن تحدد حكمها عند الطلب أو بمبادرة منها في الظروف الاستثنائية نطاق ومدى أي ضرر أو خسارة أو أذى، وأن تبين المبادئ التي تصرفت على أساسها وفق نظام روما الأساسي.
احتلال غير قانوني
وخلال الجلسة، انتقد سفير السعودية لدى هولندا زياد العطية تصرفات إسرائيل لأنه لا يمكن الدفاع عنها قانونيا، مشددا على ضرورة محاسبتها على تجاهل القانون الدولي فيما يتعلق بمعاملتها المدنيين في قطاع غزة بشكل خاص واستمرار إفلاتها من العقاب.
وقال إنه "مطلوب من محكمة العدل الدولية الإجابة عن أسئلة متعلقة بالآثار القانونية الناتجة عن حرمان الفلسطينيين من حق تقرير المصير".
وأضاف العطية في حديثه للجزيرة نت "نحن نؤيد إعلان المحكمة عدم شرعية وعدم قانونية الاحتلال، وأن أي مقاربة معه تساهم في تعزيزه، في كل مرحلة تاريخية تخسر إسرائيل شرعيتها ومقوماتها، مما ينعكس على من يحاول الدفاع عنها".
كما رفضت السعودية حجة إسرائيل بالدفاع عن نفسها، معتبرة أن حرمان الشعب الفلسطيني من وسائل العيش الأساسي "أمر غير مبرر"، ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك.
وفي سياق متصل، دان سفير بوليفيا في هولندا روبرتو كالزاديلا سارمينتو إجراءات إسرائيل التمييزية وذات النية الاستعمارية لأنها انتهاك واضح للقانون والأعراف الدولية، وتهدف إلى تجريد الشعب الفلسطيني من ممتلكاته، وتغيير المشهد الديمغرافي في القدس.
وعزز ممثل بليز المحامي بن جوراتويتش الحجة القائلة بأن قطاع غزة لا يزال تحت الاحتلال، على الرغم من انسحاب القوات الإسرائيلية والمستوطنين في عام 2005، موضحا أن احتلال القطاع يسبق تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ويعود إلى عام 1967.
من جانبه، دان الخبير القانوني البلجيكي فايوس كوتروليس سياسة الاستيطان الإسرائيلية "التي تنتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي"، مسلطا الضوء على أن هدفها هو إحداث تغييرات ديمغرافية دائمة في الأراضي الفلسطينية، وإحداث نظامين منفصلين، أحدهما للمستوطنين والآخر للفلسطينيين، مما يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة.
أما ممثل بنغلاديش رياض حميد الله، فقد أكد أن مبدأ الدفاع عن النفس لا يمكن أن يكون مبررا لاحتلال طويل الأمد، مشيرا إلى أن إسرائيل تتناقض مع ثلاث ركائز أساسية للقانون الدولي، وهي: حظر التمييز والفصل العنصري، والحق في تقرير المصير، وحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
ولفت ممثل هولندا في العدل الدولية رينيه لوفيبر إلى أنه يُحظر على قوات الاحتلال نقل السكان في الأراضي التي تحتلها، مما يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي. وخلص -في حديثه خلال الجلسة- إلى وجوب تعاون الدول لإنهاء المواقف غير القانونية والامتناع عن الاعتراف بهذه الانتهاكات أو دعمها.
وخلال عرضه موقف بلاده بشأن القضية، تطرق الممثل القانوني للجزائر أحمد لعرابة إلى المادة 42 من اتفاقية لاهاي لعام 1907، والتي تنص على أن "أرض الدولة تُعتبر محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو. ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها".
وأشار لعرابة إلى التناقض بين النظام المؤقت المقصود وواقع الاحتلال المطول، قائلا إن واضعي الصياغة في ذلك الوقت لم يتوقعوا تعايشا سلميا بين المحتَل والاحتلال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العدل الدولیة جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
ريتشارد بويد للجزيرة نت: إسرائيل نظام استعماري عنصري يجب عزله دوليا
دبلن- أكد النائب الأيرلندي ريتشارد بويد باريت، في مقابلة خاصة مع جزيرة نت، أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، ودعا إلى فرض عقوبات شاملة عليها.
وأكد النائب الأيرلندي أن استمرار حكومة بلده في التجارة مع المستوطنات مثير للقلق وقد يرتقي للتواطؤ، وأن عدم اتخاذها إجراءات حاسمة رغم الإدانات العلنية أمر يثير غضب الأحزاب المعارضة في أيرلندا.
وتحدث باريت في بداية المقابلة عن تجربته الشخصية مع القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أنه عندما كان عمره 19 عاما، سافر إلى إسرائيل للعمل، لكنه عاد من فلسطين بعد أن اكتشف "أن إسرائيل هي أرض سُرقت من الفلسطينيين".
وقال "خلال إقامتي هناك، تعرفت على فلسطينيين من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، وكنت شاهدا على بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وسرعان ما أدركت حجم القمع والاضطهاد الذي تعرض له الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، وشعرت بالرعب من سياسات الفصل العنصري التي تمارسها إسرائيل، ومن ذلك الحين أقول إنني ذهبت إلى إسرائيل ولكنني عدت من فلسطين".
"معاداة السامية"
انتقد باريت اعتماد الحكومة الأيرلندية لتعريف "التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست" (IHRC) لمعاداة السامية، مؤكدا أن هذا التعريف يُستخدم كأداة سياسية لإسكات النقد المشروع لإسرائيل.
وقال "إنه لمن المخزي أن تفكر الحكومة الأيرلندية في تبني تعريف يساوي بين انتقاد نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ومعاداة السامية، هذا لا يخدم سوى أجندة الصهاينة وأنصار إسرائيل، الذين يسعون إلى فرض رقابة على أي انتقاد للجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".
إعلانوشدد باريت على أنه لا ينبغي لأي حكومة أن تتستر على هذه الجرائم بحجة مكافحة معاداة السامية، وأشار إلى أن هذه الاتفاقية لم تكن مدرجة في برنامج الحكومة حينما طرحته قبل الاقتراع.
شرعية المقاومة
أشاد النائب الأيرلندي ريتشارد بويد باريت بمقاومة الشعب الفلسطيني ضد ما وصفه بـ"حملة الإبادة الجماعية المروعة" التي تشنها إسرائيل، مؤكدا أن الفلسطينيين، باعتبارهم شعبا مضطهدا، يمتلكون الحق القانوني والأخلاقي في المقاومة، تماما كما كان للشعب الأيرلندي الحق في مقاومة الاستعمار البريطاني.
وقارن بويد باريت بين الجرائم الإسرائيلية الحالية وما تعرض له الأيرلنديون خلال المجاعة الكبرى في القرن الـ19، معتبرا أن الحصار والتجويع الذي يواجهه الفلسطينيون اليوم يعكس السياسات البريطانية الاستعمارية التي فرضت على أيرلندا سابقا.
وانتقد بشدة دعم بريطانيا المستمر لإسرائيل، سواء عبر إمدادها بالسلاح أو توفير الغطاء السياسي لها، مؤكدا أن "لولا الدعم البريطاني لما حدث التطهير العرقي في فلسطين عام 1948".
كما هاجم زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر، متهما إياه بمحاولة إسكات الأصوات المنتقدة لإسرائيل، ومن بينها جيرمي كوربن بعد أن استدعته الشرطة في محاولة لقمع الحركة الاحتجاجية في لندن.
وفي رسالة وجهها إلى أهالي غزة، أكد بويد باريت أن "الغالبية العظمى من الشعب الأيرلندي لا تزال تقف إلى جانبكم"، مشددا على أن الملايين حول العالم يدعمون نضال الفلسطينيين حتى تحقيق الحرية والعدالة وتقرير المصير.
فرض العقوبات
أكد باريت أن الحراك الشعبي في أيرلندا هو المحرك الأساسي لمواقف الحكومة فيما يخص القضية الفلسطينية، وأوضح أن الاحتجاجات الجماهيرية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة تعكس تضامنا واسعا مع الفلسطينيين. وقال "الأغلبية العظمى من الشعب الأيرلندي تقف مع الفلسطينيين، وترفض سياسات الفصل العنصري والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل. هناك مطالب شعبية بفرض عقوبات على إسرائيل وقطع العلاقات معها".
إعلانوأضاف "نحن نقود حملة لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات، نؤمن بأن إسرائيل نظام استعماري عنصري، ويجب عزله دوليا بسبب الجرائم التي يرتكبها بحق الفلسطينيين".
ومع ذلك، أشار إلى أن الحكومة الأيرلندية لم تتخذ أي خطوة فعلية في هذا الاتجاه، وما زالت مواقفها مقتصرة على التصريحات الإعلامية دون إجراءات ملموسة.
ابتزاز وترهيبكشف باريت عن محاولات أميركية وغربية لابتزاز الحكومة الأيرلندية وتخويفها من فرض عقوبات على إسرائيل. وقال "بينما يناقش البرلمان الأيرلندي فرض عقوبات على إسرائيل بسبب جرائمها في غزة وفلسطين، نسمع مسؤولين أميركيين يهددون بعواقب وخيمة على أيرلندا إذا تم اتخاذ أي إجراءات ضد إسرائيل".
وأكد أن هذه الأساليب تهدف إلى ترهيب الحكومة الأيرلندية ومنعها من اتخاذ قرارات مستقلة بشأن القضية الفلسطينية، لكنه شدد على أن ذلك يجب ألا يثني الحكومة عن التزامها بالمبادئ الإنسانية والقانون الدولي.
وأضاف "ينبغي على الحكومة الأيرلندية أن تتحدى هذه الضغوط، وأن تفرض عقوبات حقيقية على إسرائيل التي تقوم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وفصل عنصري واحتلال استعماري وحشي ضد الفلسطينيين".
ترامب والتصعيد
أعرب باريت عن قلقه من أن عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تؤدي إلى تصعيد محاولات الضغط على أيرلندا والدول الأخرى التي تنتقد إسرائيل.
وقال إن ترامب كان داعما متطرفا للصهيونية والنظام الإسرائيلي خلال ولايته الأولى، ومن المحتمل جدا أنه سيسعى إلى تصعيد محاولاته لإرهاب الحكومات التي تنتقد إسرائيل أو تحاول فرض عقوبات عليها.
وأضاف "لذلك، نحن بحاجة إلى ضغط شعبي مضاد، يجب على الناس أن يستمروا في التظاهر والاحتجاج والمطالبة بفرض عقوبات حقيقية على إسرائيل". وأكد أن الحركة الشعبية في أيرلندا والعالم الغربي تزداد قوة في معارضة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
رأى باريت أن الشعب الفلسطيني يكسب معركة القلوب والعقول على مستوى العالم، مشيرا إلى أن التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية في تصاعد مستمر.
إعلانوقال "خلال العام الماضي، شهدنا مستوى غير مسبوق من التضامن مع الفلسطينيين، وهذا يعكس تحولا في الرأي العام العالمي ضد إسرائيل".
وأشار إلى أن الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل خلال العامين الماضيين، خصوصا في غزة، كشفت للعالم حقيقة الاحتلال الإسرائيلي، مما دفع الملايين حول العالم إلى دعم القضية الفلسطينية بشكل غير مسبوق. وأضاف "رغم الوحشية التي شهدناها، فإنني أشعر بالتفاؤل بأن الحركة المناهضة للفصل العنصري الإسرائيلي تزداد قوة، وأن المزيد من الدول قد تبدأ في اتخاذ إجراءات فعلية ضد إسرائيل".
معايير مزدوجةودعا باريت المجتمع الدولي إلى إنهاء سياسة المعايير المزدوجة التي تتبناها الدول الغربية فيما يخص القانون الدولي. وقال "نرى كيف تتحرك الدول الغربية سريعا لفرض عقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، بينما لا تفعل شيئا تجاه إسرائيل رغم ارتكابها جرائم مماثلة بحق الفلسطينيين".
وأضاف "إذا كان المجتمع الدولي جادا في احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، فيجب أن يفرض على إسرائيل العقوبات نفسها التي يفرضها على أي دولة أخرى تنتهك القوانين الدولية".