تعلمنا منها حب الوطن بالدموع والدماء، رحلة جبلية صعبة بين رحيق الحياة وجراح الواقع
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
د. الهادي عبدالله أبوضفائر
في لحظة صفاء، تسلل الحنين وحب الانتماء إلى أعماق قلبي، فتذكرت صورة وطني الحبيب، وطن دمرناه بما كسبت أيدينا، يوم أن أسقطنا مادة التربية الوطنية من المنهج، فسقطت من عقول الكبار قبل ان تنتزع من قلوب الأطفال، فتسللت الأنانية وحب الذات إلى قلوبنا يوم أن فضحتنا محنة الحرب، فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد، أصبح الطمع والجشع والاستغلال سمة فينا إلا من رحم ربي، يوم أن غاب عنا الأمن وضاعت أحلام وذكريات الطفولة البريئة ولحظات جمال الغروب على شواطئ النيل، حينما فقدنا البيت الكبير بضوئه الدافئ وكل الذكريات، مضى الزمن ونحن نتمزق تحت وطأة فقدان هيبة الثورة في أعيننا، وقلوبنا تحترق حين عم الظلم في أرضنا وضاعت قيمة الإنسان.
عفواً يا وطن.. من اعماق القلب نعزي انفسنا، يوم أن سطرنا الطمع والجشع في دفتر الأحوال اليومية وعندما تناثرت أحلام الفقراء في سماء الليل المظلمة. فغمر الحزن قلوب الأمهات يوم ان فقدت لقمة العيش بطون أطفالهن الجياع، انهمرت الدموع المتعبة، لتُروي لنا قصة استغلال الضعفاء، مما يعكس زيفنا الذي يلبس ثوب العدوانية على طرقات حياة تحمل في طياتها أمل العدالة المفقودة. ضاع الحلم يوم أن توارت النخوة بين ارتفاع الايجارات وصوت الدانات وأزيز الرصاص في الطرقات و على ارصفة الظلم والجور. وفي هذا السياق المؤلم، لا تزال قلوبنا محملة بالأمل مع غروب كل يوم، ومن بين سحب اليأس، يترجَّل الأمل على أرض الواقع، تُعلمنا أن الفجر يشرق يوماً ما وسيعود العدل، وينتظم خيطنا المبعثر، ويظهر حقنا المفقود، ويتحد الشعب المظلوم، يكسر القيود، ويهزم الاستبداد، ويهدم الحصون. يوم ان يهتف الشفاتة والكنداكات ويعلو صوت الثورة التي تضيء دياجير الظلم، بها نستعيد الأمل المفقود ويستحقُّ كل إنسان حياة تليق بكرامته. بكثير من الدموع والدماء عرفناك يا وطن انك مصدر عزتنا وفخرنا، ولا يمكن لأي عزٍّ أو حبٍّ يضاهي قيمتك.
في مشاوير الرحيل المر بين المدن والأرياف سري الحزن تحت وطأة الفقدان، وتغلغل الظلم في أرضنا، وتلاشت قيمة الإنسان. وأسراب الضحايا تشكل شهادة صامتة على الطريق المظلم، بحقائبهم الخفيفة، وعيونهم الجريحة. يتهامسون سراً، وآثار المعاناة تلوح في بريق عيونهم الذابلة. تسوقهم سياط الظالم الجلاد إلى المجهول. وهم يعانون ألم الرحلة القاسية، بينما المعتدون يتلذذون ويضحكون، وأفواه بنادقهم تعوي في الدجى المشؤوم. وعلى الطرقات جثث ممزقة تروي قصة الدمار، واطفال يسيرون حفاة عراة، بينما صوت المعتدي يشكل صخباً لا ينطفئ، يمزق أذن الوجود، حيث لا شعور للظلمة، كأنهم صمٌّ بكم تجاه صرخات الأطفال.
ولكن مع كل هذه المعاناة هناك أمل بالعودة إلى القرية الغناء وللكوخ الموشح برائحة الورود، والبسمة تكسي الوجوه، فترسم لوحة جديدة من الأمل والإصرار.
برغم ضراوة التحديات والكوارث وجور السنين وألم النزوح وفقدان الآباء والأمهات، ما زال الاطفال، كالفراشات الصامدة يحولون تلك الابتلاءات إلى فرص للبناء وهم ينشدون( الألف اللام السين الواو الدال الألف النون) نحن جند الله جند الوطن نتحدى الموت عند المحن محن قد تعصف بالأمم وتكسر ظهر الاوطان، ولكن من بين دياجير الظلام تنفجر الإرادة وتشتعل جذوة التصميم. إنها اللحظة التي تجعل الشعوب تستعرض قوتها وصمودها.. تماما مثل الحشائش التي تنبت بين الصخور وصم الحجارة. وكما يقول الحكماء: "إن البحار الهائجة تخفي للسفن أفقاً جديداً." فالشعوب الحية تعتبر الكوارث فرصاً لاستكشاف الإمكانيات وتحديد اتجاهات المستقبل، حيث يظهر الإبداع في إعادة بناء ما دُمّرته الحرب. إنها رحلة الحياة التي تتمايل على أنغام الأمل والتحدي. تحكي لنا أن الكوارث ليست النهاية، بل هي بداية لمرحلة جديدة، حيث يتجسد التحول الإيجابي في قدرة الإنسان على تحويل الألام إلى إلهام والظلام العنيد إلى فجر جديد.. لننهض معاً نحو مستقبل باهر يتسامى فيه الأمل والبناء.
في ساحة الوطن، تتراقص الابتسامات كألحان مخفية في سيمفونية الوجوه التي شربت كاسات المحن والإحن لعشرات السنين، في معسكرات النزوح، متحملين كل ألوان العذاب من التمثيل بالجثث ودفن الناس أحياء..
رغم ذلك يظل داخلهم الوطن، ام تحكي قصة الأمل الأخضر مقابل اليأس والبرود.. والقوة في مواجهة الأحزان. فقد كل وجه يرسم لوحة من البهجة، وخلف كل ابتسامة ينسج القلب أوتاراً خفية من الصمود. كأن الحياة تختبئ في تفاصيل الضحكة، حيث تتداخل الأفراح والأحزان كأنها تنقش على قلوبنا قصائد جميلة. فقط الحكيم من يدرك أن السحب السوداء أحياناً تلون سماء الأرواح. ما بين مسافة الحزن والفرح يكون الإنسان كالفنان الذي يمتزج بألوان اللحظات. ورغم غموض الأزمان، تكمن جمالية الوجوه المبتسمة في قدرتها على انجاز لوحة جديدة حتى في أصعب التحديات ترسم آهات الحياة بأنامل الأمل، ينسج البسمة على شواطئ الحياة، حبهم لأرضهم جعلهم يعيشون في عالم من الظلام الذي يفصلهم عن أشعة الراحة والسلام. وهم يحملون متاعب الحياة ، في حين يجد الآخرون طريقهم إلى الهناء. ينظرون للحياة بعيون تمتلئ بالتفاؤل والإيجابية. إنها رحلة تتخذ من الثقة في الآخرين والنظرة الإيجابية رفيقين، يهديان السفر عبر الأمواج الصعبة نحو شاطئ الوطن المنشود.
في عمق تلك اللحظات المشحونة بالضياع وانقطاع خيوط الأمل، يرقد وطني بين رزايا الأزمان وذرايا الأحزان، وهمسات الضياع. تتطاير آمال الأجيال كأوراق يابسة بعثرتها اعاصير الصيف في براري النسيان، تختبئ بين أفق ةالماضي وأضواء الحاضر، وفي تلك الفوضى المحتدمة، يصرخ القلم بألم على صفحات الواقع المرير. تحلق الأحزان كأطياف مهزوزة في سماء الزمان، تتلاشى وتتبدد بين لحظات الصمت وأفكار الاختلاط، وفي تلك الرحلة المتلاطمة، يتوه نضال مرير بين أوراق النسيان وأسرار الزمان. عندما تشتعل أشعة الشمس بلهيب الحقيقة، و تحكي قصة خيانة مخفية بين ألوان الصمت وظلال الانقسام. في ذلك المسرح المظلم، ينادي الوطن نداء الألم والأمل، يندب الأحلام المحطمة تحت أعباء الظلم والاحتلال، وتجدد الروح شرارة الصمود والتحدي. بين جدران السجن اللئيم وضجيج السلاسل والعقيد الثقيل..
اليوم يرفع شباب الوطن راية التحرير والعزة، يتحدون عاصفة الخيانة وأمواج الظلم.. تمضي التضحيات كأحجار الزمان، تمهر تاريخ البطولة والفداء بأحرف من ذهب. وبطولات ستبقى خالدة في ذاكرة الأجيال، ترسم دروساً للمستقبل ومعاني للوطنية والفداء.
وفي ساحات العز و الشرف، تتجلى قيمة الوطن وأمنه، وتتصاعد أصوات الرجال وهم يحملون شعلة الأمل وراية الحرية..
لك الله يا وطن...
نفديك بأغلى ثمن.
abudafair@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: یوم أن
إقرأ أيضاً:
«تحولات الفكر والسياسة» وتشخيص أزمة الواقع العربي
(1)
أثار رحيل المفكر البحريني الكبير محمد جابر الأنصاري عن 85 عاما الكثير من الشجون والذكريات والقراءات أيضا!
صحيح أنه توارى عن الأنظار منذ عانى آلام المرض قبل سنوات، واعتكف في بيته، إلا أن أي محاولة لترسيم حدود الفكر العربي الحديث والمعاصر لا تكتمل من دون الرجوع إلى كتبه وأعماله القيمة بغض النظر عن اتفاقنا معها أو اختلافنا حولها، فالجهود النظرية والتحليلية لفكرنا العربي في جملتها شحيحة ومحدودة بالنظر إلى تاريخ أي فكر وثقافة أخرى مغايرة.
قدم الأنصاري عبر ما يقرب من نصف القرن نشاطا وافرا ومحمودا وغزيرا في قراءة معطيات الواقع العربي منطلقا من دائرته الانتمائية الأولى، وموسعا الدائرة بعد ذلك لتشمل الدائرة العربية الأوسع، وفي خلال ذلك المسار المركزي الرئيسي في مشروعه الفكري، تفرعت روافد يمينا ويسارا لتعالج قضايا وموضوعات لا تبتعد في جوهرها عن مساره الأصلي؛ قراءة وتحليل ونقد الفكر العربي الحديث والمعاصر منذ بداياته في القرن التاسع عشر، وحتى اللحظة الراهنة التي أنجز فيها محاولاته تلك..
وإذا كان المغرب العربي قد قدم للثقافة العربية اسما بقيمة وعطاء محمد عابد الجابري، فإنه يحق للثقافة الخليجية والمشرقية عموما أن تفخر بإنجاز وعطاء المرحوم محمد جابر الأنصاري، الذي يعد وبحق أحد آباء الثقافة الخليجية المعاصرة، بما قدم من جهود وبما أنجز من مؤلفات وبما كتب من مقالات ودراسات وبحوث تعد بالمئات، وهو إنتاج جدير بالاحترام والتقدير، مهما كان حجم الاتفاق معها أو الاختلاف فيما تقدمه من طروحات وقراءات وتفسيرات ورؤى..
(2)
ولأن عطاء ومنجز الدكتور الأنصاري كان من الضخامة والاتساع ما تضيق به المساحة لتقديم صورة كلية وشاملة عن هذا المنجز القرائي الضخم، فاللمحة تغني والإشارة دليل، والجزء يشير إلى الكل.. فقط أنوه بأن مشروع الدكتور الأنصاري الفكري قد اشتمل من ضمن الكثير مما ألف وكتب ما يزيد على الكتب العشرة التأسيسية في مجالها؛ كتب تغطي مساحات زمنية في تاريخ الفكر والسياسة والثقافة والاجتماع تبدأ منذ مطالع القرن التاسع عشر، وتقف عند سبعينيات القرن الماضي. أما من حيث فضاء النصوص والموضوعات والأعلام فإنها اتسعت وشسعت لتشمل تاريخ الفكر والثقافة منذ ابن خلدون وحتى نتاج المفكرين والمثقفين العرب في الربع الأخير من القرن العشرين، وبما يشمل الفضاء الجغرافي العربي بأكمله مضافا إليه المساحات الجغرافية التي تقاطعت لغويا وثقافيا واكتسبت هُويتها الإسلامية الحضارية والثقافية من غير الدول العربية والإسلامية المتاخمة لها (دول وسط وشرق آسيا وبعض البلدان الأوروبية التي اكتسبت طابعا إسلاميا).
ولا يمكن البدء في مقاربة أو تقديم قراءة لمشروع الدكتور الأنصاري من دون الوقوف عند كتابه صغير الحجم عظيم القائمة والفائدة (تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي)، الذي صدر للمرة الأولى في نوفمبر من عام 1980 عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية.
وقد كان هذا الكتاب على المستوى الشخصي أحد مراجعي الأساسية في مستهل حياتي للتعرف على ما أسميه خريطة تيارات الفكر العربي الحديث، وقد كان الأنصاري سباقا في هذا الكتاب يسك مصطلحاته ومفاهيمه الإجرائية والتحليلية التي صارت لازمة له وعلامة عليه وعنصرا تكوينيا رئيسيا في بناء جهازه الاصطلاحي والمفاهيمي.. منها على سبيل المثال لا الحصر: القسمة الثنائية بين السلفية والعلمانية، والإحيائية التوفيقية، والنهضة، ونقد الذات.. فضلا على أن هذا الكتاب الصغير قد شهد بزوغ مجموعة من الأنوية لإشكالات فكرية وثقافية سيتناولها تفصيلا في مشروعات تالية؛ مثل: التوفيقية كحاصل ضرب (وليس حاصل جمع) الصراع بين الأصولية "السلفية" و"العلمانية".. و"الحسم المؤجل بين الإسلام والغرب"، و"تشخيص حالة اللا حسم" هذه.. إلخ.
(3)
يقول الأنصاري في مقدمته الموجزة للكتاب إن هذا البحث محاولة منهجية للعثور على بدايات الفترة الحاضرة من التاريخ العربي في الفكر والسياسة والاجتماع، ثم استجلاء ملامحها وخصائصها، وتطوراتها اللاحقة. من أين تبدأ هذه الفترة الحاضرة؟ ومتى ظهرت إرهاصاتها وجذورها وتحولاتها؟ وبم اختلفت عما سبقها من فترات واتجاهات؟
ولقد تردد لدى مؤرخي هذه الفترة الجديدة أنها تبدأ بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945، ولذلك سميّت «فترة ما بعد الحرب» على الرغم من كون الحرب حدثًا خارجيًا غير منبثق عن تاريخ العرب أنفسهم. وقد اكتشف الأنصاري بعد البحث والرجوع إلى المصادر أن جذور هذه الفترة المعاصرة تبدأ بتحولاتٍ عربية -إسلامية ذاتية عميقة منذ حوالي عام 1930 عندما "أخذت تتجمع مؤشرات الإحياء «التوفيقي» المستجد بين التراث والعصر، وذلك بعد أن تباعد التياران "السلفي" و"العلماني" بين عامي 1920-1930، وكادا يؤديان بانشطارهما إلى تصدعٍ خطير في بنيان الأمة، وكيانها الحضاري".
كانت هذه الإشارة أول ما أقرأه عن "التوفيقية" أو تيار الإحياء التوفيقي في الفكر العربي الحديث والمعاصر، في أواخر الثمانينيات ومطالع التسعينيات من القرن الماضي، وكان ذلك في الوقت الذي بدأت فيه معاول النقد والتشريح تنهال على هذه التوفيقية في مسماها الذي عرفت به آنذاك "الوسطية".. فكان هذا الكتاب النافذة الأولى التي أطل منها على ملامح وسمات هذه التوفيقية.. خصوصا وأن الأنصاري قد بدأ عرضه لهذا الإحياء الفكري "التوفيقي" في الثلاثينيات، معتبرا أنها كانت "بمثابة التمهيد وحجر الأساس للاتجاهات "القومية" و"الاجتماعية" الصاعدة في الخمسينيات، والتي حلت محل الاتجاهات "الليبرالية" السابقة ذات النمط الغربي أو المستغرب.
(4)
كانت هذه نقطة البداية، من حيث النظرة الإجمالية الشاملة لخريطة تشكلات الفكر العربي الحديث والمعاصر، التي انطلق منها الأنصاري في رسم هذه الخريطة المعقدة، خصوصا وأنه قد رأى أن الاتجاهات الغالبة في الشرق العربي المعاصر، من فكرية واجتماعية وسياسية، تندرج في مجملها تحت «الظاهرة التوفيقية» التي تعود بجذورها إلى "التوفيقية" الإسلامية القديمة بين الدين والعقل، وبين مختلف المؤثرات المتباينة والمتعارضة التي هضمتها الحضارة العربية الإسلامية بعد أن قامت بعملية «التوفيق» فيما بينها.
كما رأى أن هذه النزعة "التوفيقية" ترد إلى الظهور، بل تفرض ذاتها بقوة، عندما يتعرض المجتمع العربي للعنف الاجتماعي، والانشطار الحضاري بين التمسك بالتراث ومحاكاة الغرب، فتحول جاهدة دون تصدعه وانقسامه، وتعيد الالتئام بين قديمه وجديده، وبين ماضيه وحاضره، وبين تناقضاته وتعارضاته العديدة، مولدة صيغًا توفيقية شتى في الفكر والسياسة والاجتماع، تمثل في مجموعها هذه «الظاهرة التوفيقية» الشاملة التي تحكم المجتمع العربي حتى يومنا هذا.
وإذا صح هذا التفسير، فيما يطرحه الأنصاري، وقد جهد لدعمه بشواهد عديدة، فإننا "نكون قد تقدمنا بمحاولة متواضعة لتفسير الواقع العربي، والتاريخ العربي المعاصر بفكرة مستمدة من تراثه وحضارته وذاتيته، وذلك بعد أن أخضع لتفسيرات كثيرة مقتبسة من خارج نطاقه الحضاري. ولقد أصبحت الدعوة ملحة للعودة إلى الذات الحضارية، وفهمها من الداخل، واستكشاف قوانينها الأصلية، بعد أن أخفقت محاولات التحديث الخارجي، وما ارتبط بها من تنظير فكري شديد التأثر بالتجارب الأجنبية".
وهكذا يرى الأنصاري أن هذه الدراسة، في مجملها، محاولة استجابة لدعوة العودة إلى استكشاف الجذور في ميدان البحث والفكر، محترزا وواعيا تماما لمزلق أن أي محاولة لاكتشاف الذات لا يعني "تقديس الذات"، وإنما يعني فهمها وتحليلها ونقدها، ثم الارتفاع بها نحو «ذات متجددة» أنضج وأسمى. ومن هذا المنطلق حاول معرفة القوانين الذاتية التي تحكم مجتمعنا، وتمثل خصوصيته، وتفسر مسلكه التاريخي، سلبًا وإيجابًا، دون أن نضعها فوق مستوى النقد..