د. سنية الحسيني: عن اتفاقية الحبوب الروسية الأوكرانية
تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT
د. سنية الحسيني قفزت أسعار القمح والذرة في أسواق السلع العالمية يوم الإثنين الماضي، بعد انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب مع أوكرانيا. وكانت أسعار المواد الغذائية ارتفعت عالمياً بنحو ٤٠ بالمائة بعد الحرب الروسية الأوكرانية بسبب أهمية البلدين كسلة غدائية لدول العالم، اذ تعد أوكرانيا خامس أكبر مصدر للقمح على مستوى العالم، ومن أهم مصدري زيت عباد الشمس، ومن بين أهم الدول المصدرة للشعير والذرة، كما تعد روسيا أكبر مورد عالمي للأسمدة.
وأعلنت روسيا يوم الإثنين الماضي انتهاء سريان العمل باتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، والتي تسمح بمرور الحبوب الأوكرانية وعناصر غدائية أخرى إلى خارج أوكرانيا. وجاء ذلك الإعلان بعد يوم واحد من مغادرة آخر سفينة حبوب أوكرانية من ميناء أوديسا. ولا يزال الجدل محتدماً حول مدى احتمال تجديد العمل بالاتفاق، والذي تجدد ثلاثة مرات قبل الآن، جاء آخرها بعد تدخل تركيا لدى روسيا في شهر آذار الماضي، ووافقت موسكو على التمديد لمدة شهرين بدلاً من أربعة أشهر، ثم عادت واستكملت المدة التي انتهت قبل يومين من الشهر الجاري. بعد توقف صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية عقب بدء الحرب الروسية في شهر شباط من العام الماضي، وقعت اتفاقية الحبوب بين روسيا وأوكرانيا بوساطة كل من تركيا والأمم المتحدة في إسطنبول، في شهر تموز من العام الماضي. وسمحت تلك الصفقة لثلاثة موانئ أوكرانية بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر إنساني فتحه الأسطول الروسي في البحر الأسود، شريطة إتاحة وصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية. وسمحت الاتفاقية بشحن أكثر من ٣٣ مليون طن منذ تحرك أول سفينة مطلع شهر آب من ذلك العام حتى يوم الاثنين الماضي، من خلال أكثر من ألف سفينة، الا أن الجزء الخاص بروسيا من الصفقة لم ينفذ، والمتعلق بوصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية، بسبب العقوبات الغربية، التي تضع قيوداً على شركات التأمين وخدمات الموانئ والسفن التي تتعامل مع روسيا، وتضع العراقيل أمام صادراتها الغذائية ومن الأسمدة الروسية وتجمد أصول وحسابات الشركات الروسية العاملة في مجال تصنيع المواد الغذائية والأسمدة. تعد أوكرانيا واحدة من أكبر موردي الحبوب في العالم، الا أن روسيا لا تقل أهمية عنها في تصدير الحبوب والأسمدة وغيرها من المنتجات الضرورية، وتلكأ الغرب في تخفيف العقوبات على روسيا، خصوصاً تلك المرتبطة بالقطاع المالي والمصرفي الروسي، واستمرار منع ربط البنوك الروسية مع نظام شبكة السويفت الدولية. وتشتكي روسيا من أن القيود المفروضة على الشحن والتأمين على منتجاتها عطلت صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة، والتي تعد أيضا مهمة لسلسلة الغذاء العالمية، وهو نقض للجزء الخاص بروسيا من اتفاقية الحبوب. ولا يوجد لأوكرانيا منفذ آخر غير ذلك البحري، لتصدير الحبوب نحو العالم، اذ لا ترحب دول شرق الاتحاد الأوروبي بتصدير أوكرانيا لحبوبها من خلالها، وهي الغنية أيضاً بإنتاج هذه الحبوب، فتصدير أوكرانيا لحبوبها عبر تلك الدول يقوض انتاجها محلياً، ويؤثر على سوق محاصيلها، فمنعت بولندا واردات الحبوب الأوكرانية، الأسبوع قبل الماضي، كما أثار مزارعون رومانيون مشكلات على الحدود لذات السبب. وهذا ما يفسر أهمية هذا الاتفاق لأوركرانيا والغرب. وهددت روسيا مراراً بالانسحاب من اتفاق الحبوب، لعدة أسباب عكستها تصريحات روسية رسمية. وقد يكون أهم تلك الأسباب عدم تلبية الجزء الخاص بها فيه، خصوصاً تلك البنود المتعلقة بتصدير المنتجات الزراعية الروسية. فشددت التصريحات الروسية في شهر أيار الماضي على أنه في حال عدم الوفاء بالجزء الخاص بها في الاتفاق، فلن يكون هناك تمديد أو تجديد لاتفاقية الحبوب، أي بعد السابع عشر من الشهر الجاري. وتتركز مطالب روسيا وفق صفقة الحبوب على إعادة ربط البنك الزراعي الروسي بنظام نظام “SWIFT” الدولي للمدفوعات، واستئناف توريد الآلات الزراعية وقطع الغيار اللازمة للعمل في المجال الزراعي الروسي، وإلغاء الحظر الغربي على لوجستيات النقل والتأمين، وإعادة إحياء خط أنابيب الأمونيا بين مدينتي تولياتي الروسية وأوديسا الأوكرانية، وإلغاء تجميد أصول الشركات الروسية وحسابات الشركات العاملة في مجال تصدير المواد الغذائية والأسمدة. كما ركزت تلك التصريحات الروسية حول أسباب الانسحاب من اتفاقية الحبوب على استخدام أوكرانيا الممر البحري الآمن الذي وفرته روسيا لنقل الحبوب الأوكرانية للعالم في تنفيذ هجمات أوكرانيا ضدها بطائرات مسيّرة. وقد انسحبت روسيا بالفعل من هذا الاتفاق، بعد هجمات أوكرانية وقعت على مواقع تابعة لها، وجاءت استغلالاً للتسهيلات التي سمحت بها روسيا، وفق ذلك الاتفاق. فتوقف العمل بالاتفاق في شهر تشرين الأول من العام الماضي بعد تفجير في جسر القرم، أشارت التحقيقات الروسية إلى أنه حدث نتيجة حمولة متفجرة في إحدى شاحنات الحبوب الأوكرانية. كما جرى استهداف سفن روسية راسية في ميناء سيفاستوبول في ذلك الوقت، كانت ضمن الأسطول المشارك في اتفاق نقل الحبوب، من قبل طائرات مسيرة، واشارت التحقيقات الروسية إلى أن تلك الطائرات خرجت من أوديسا الأوكرانية باتجاه القرم. ولم تتراجع روسيا في الشهر التالي، عن قرارها بتعليق الاتفاقية، الا بعد تدخل تركي، ومنح الجانب الروسي ضماناتٍ بعدم التعرض لأسطولهِ أو المساس به، وتعهداً أوكرانياً كتابياً بعدم استخدام الممر الآمن، الذي توفره روسيا لاوكرانيا، في العمليات العسكرية. ومن بين تلك الأسباب الأخرى التي تستخدمها روسيا لوقف العمل باتفاق الحبوب وعدم تجديده، عدم وصول القمح الأوكراني للدول الفقيرة والنامية ووصوله فقط وبشكل حصري للدول الغنية الغربية في الاتحاد الأوروبي. فاعتبر الرئيس الروسي أن الهدف الرئيس من اتفاق الحبوب الأوكرانية، لم يتحقق، والمتمثل بتسليم الحبوب إلى البلدان المحتاجة، ولا سيما في القارة الأفريقية. والحقيقة أن ٤٣ بالمائة من الحبوب الأوكرانية المشحونة بحرياً نقلت إلى أوروبا، بينما ١٧ بالمائة منها فقط وجد طريقه للدول المتوسطة و٢.٥ بالمائة منها ذهب للدول الفقيرة. وكان بوتين قد أكد على استعداد بلاده لتصدير الحبوب إلى البلدان الأكثر فقراً، بالتنسيق مع قادة الدول الأفريقية. وتعد روسيا وأوكرانيا من أهم المصدرين للقمح والشعير وزيت عباد الشمس بأسعار معقولة، الأمر الذي يفسر اعتماد الدول النامية والفقيرة على إنتاج البلدين. ورغم أهمية كل من روسيا وأوكرانيا في سوق الحبوب عالمياً، الا أن دول العالم عقدت اتفاقيات عديدة لانتاج واستيراد القمح بعد الحرب، فمصر على سبيل المثال لديها احتياطات آمنة من عدد من السلع الاستراتيجية على رأسها القمح تغطي الأشهر الستة القادمة، كما أنها نوعت مصادر إمداداتها من جهات متعددة. كما أن روسيا استطاعت اختراق الحصار الغربي باتجاه آسيا، واستطاعت الوصول الى الجهة الجنوبية من العالم. ولا تزال المساعي الدولية حاضرة لإحياء الاتفاق، الا أن إحياء الاتفاق يبقى مرتبطاً بتلبية الجزء الخاص بالالتزامات الغربية تجاه روسيا فيه. فلا يزال الأمين العام للأمم المتحدة ينتظر ردًا من بوتين على مقترح لتمديد الاتفاق، في حين أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن تواصله مع نظيره الروسي لإحياء الاتفاق مستمر، رغم التصريحات الروسية، خصوصاً خلال زيارة بوتين المتوقعة لبلاده الشهر المقبل، مع تأكيده على أن ذلك النقاش سيكون بالتوازي مع مناقشة سبل نقل الحبوب والسماد الروسيين أيضاً إلى العالم. وتدعم الحكومة التركية روسيا في مطالبها، والمتعلقة بشروطها لتجديد صفقة الحبوب، في ظل رفض الأطراف الغربية تلبيتها.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
مونيكا ويليم تكتب: الهدنة الروسية الأوكرانية: هل تُمهد لتسوية شاملة أم تعيد ترتيب الأوراق؟
أصبحت العلاقات الدولية تشهد تسارعًا ملحوظًا في التغيرات وتشابكًا متزايدًا في الملفات، مما أدى إلى تعقيد المشهد الجيوسياسي العالمي. فلم تعد النزاعات تقتصر على أطرافها المباشرين، بل باتت تمتد تأثيراتها إلى قوى إقليمية ودولية، تتداخل مصالحها وتتفاوت مواقفها بين الدعم والممانعة، هذا التشابك جعل من الصعب تحقيق حسم سريع في الصراعات، إذ أصبحت الدول أكثر اعتمادًا على بعضها البعض، مما يفرض على الجميع حسابات دقيقة قبل اتخاذ أي موقف حاسم.
وتُعد الحرب الروسية الأوكرانية في هذا الإطار، مثالًا واضحًا على هذا الواقع الجديد، حيث لم تبقَي المواجهة محصورة بين طرفي الصراع، بل امتدت تداعياتها لتشمل قوى كبرى وفاعليين إقليمين، مما جعل موازين القوى أكثر تعقيدًا. وعليه، برزت جهود دبلوماسية، كالمباحثات التي استضافتها المملكة العربية السعودية، والتي تعكس رغبة بعض الأطراف في إيجاد حلول وسطية تُجنّب العالم مزيدًا من التصعيد، وذلك بالتزامن مع دراسة ترامب التراجع عن قراره بتجميد المساعدات العسكرية والتبادل الاستخباراتي مع أوكرانيا بشكل رسمي.
أثار هذا قرار العديد من التساؤلات حول دلالاته وتأثيراته المحتملة على مسار الحرب، لاسيما أن هذا التصعيد سوف يُعيد ترتيب ساحة المعركة مع روسيا، إما عن طريق وقف القتال، أو تغيير موازين القوى لصالح روسيا بمنحها ميزة حاسمة.
ارتكزت دلالة قرار الرئيس الأميركي كونه سيؤثر على تدفق الأسلحة والذخيرة بما في ذلك الصواريخ الباليستية أرض- أرض، والمدفعية الصاروخية بعيدة المدى، التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، إذ سيؤدي إلى وقف عمليات تسليم المعدات من مخزونات وزارة الدفاع (البنتاجون)، بالإضافة إلى المساعدات عبر مبادرة "المساعدة الأمنية لأوكرانيا"، التي توفر الأموال التي يمكن لكييف استخدامها لشراء معدات عسكرية جديدة من شركات الدفاع الأميركية بشكل مباشر.
وعلي الصعيد التكتيكي، تزامن هذا القرار مع استعادة روسيا ثلاث قري في كورسك من القوات الأوكرانية، على الرغم من تمسك أوكرانيا بالاحتفاظ بكورسك للمقايضة ضمن مفاوضات إنهاء الحرب، كما تستمر روسيا في غارات وهاجمتها، واستهدفت البنية الطاقة وذلك بالتزامن مع المساعي الأوكرانية لتحسين وضعها التفاوضي والاستقواء بأوروبا.
وبالنظر إلي أن المشهد الحالي يثير عدة تساؤلات، فلابد من قراءة دقيقة ومفصلة لكافة موازين القوي داخل الصراع الروسي الأوكراني والتي تتضمن أطراف مثل أوروبا والولايات المتحدة التي بدأ يحدث تغيير في شكل دعمها وموقفها السياسي، كما يمثل هذا الانسحاب اختبار حقيقي الي حلف الناتو في أول حرب يخوضها أكبر حلف عسكري.
ودفع هذا التصعيد الجانب الأوكراني لقبول الهدنة ووقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً وتوقيع صفقة المعادن الإطارية والتي سوف يتبعها عدد من الاتفاقيات الذي يمتد تأثيرها إلي نمو الناتج المحلي الإجمالي في أوكرانيا، والتي تنص على مناحي مختلفة بينها في نظري الحيز الأمني بارتباط المصالح الاقتصادية الأوكرانية بالمصالح الأمريكية.
وعلي الرغم من أن الموقف الأوكراني هش، بل ويفتقر إلى أي أوراق تفاوضية للمساومة، كما يفتقد إلى قوة ميدانية تمكّنه من فرض شروطه، وأثبات استعداده للسلام في مقابل حصوله على بعض الامتيازات، تتمثل في 3 مطالب وسيناريوهات الأول متعلق بانضمام أوكرانيا لحلف الناتو والتي تعتبر أعلي ضمانة أمنية لأوكرانيا تضمن معها عدم حدوث أي اعتداء مستقبلي من قبل روسيا تفعيلاً بالبند الخامس، وفي هذا الإطار يتعين استذكار بان أوكرانيا في عام 1994 تخلت عن ترسانتها النووية مقابل ضمانات أمريكية وروسية وبريطانية.
في حين أن السيناريو الثاني يختص بضمانات تكتيكية من قبل الولايات المتحدة لتعزيز موقف أوكرانيا التفاوضي، إما السيناريو الثالث فهو تعزيز قدرات الجيش الأوكراني لتدعيم قوته ولصد أي هجمات مستقبلية، ومما لا شك فيه أن تنفيذ أي من هذه سيناريوهات سوف ينشب صدام بين الولايات المتحدة وروسيا.
أما من جهة ترامب فهو سعي إلى إرغام زيلينسكي على تغيير موقفه حيال محادثات السلام؛ بما في ذلك الاستعداد لتقديم تنازلات على غرار التخلي عن أراضي لصالح روسيا وأيضا التحرك نحو أجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومن المرجح أن يصر الرئيس الأمريكي عن تنحي زيلينسكي عن منصبه وذلك بعد أن شهدت العلاقات بين الطرفين منعطفًا دراماتيكيًا علي خلفية اللقاء المحتدم بينهما. في ضوء أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى بشكل رئيس إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا بهدف تحييد روسيا عن أي تعاون محتمل مع الصين. فهو لا يرغب في أن تكون روسيا قوية بما يكفي لمنافسته، ولا ضعيفة إلى الحد الذي يدفعها لتعميق علاقاتها مع الصين.
فضلا عن أن الولايات المتحدة تعاني من أزمات داخلية متفاقمة تتمثل في أسعار النفط وأيضا حجم الديون الأمريكية تبلغ نحو 36 تريليون دولار.
وفي المقابل بدأت القارة الأوربية تدرس سبل تعويض أوكرانيا عن المساعدات الأمريكية، كما أعلنت فرنسا أنها سوف تستخدم فوائد الأصول روسيا المجمدة لتمويل 95 مليون يورو المساعدات العسكرية المقدمة إلي أوكرانيا.
ومع استقراء خريطة الاحتياجات الأوروبية في حال تم بانسحاب الولايات المتحدة من حلف الناتو الأول حول النظام الدفاعي في أوروبا، فوفقا لسيناريوهات عدة طرحتها فايننشال تايمز نوفمبر 2024 بالتوقع الخاص بانسحاب الولايات المتحدة من حلف الناتو .
فأوروبا سوف تنفق ما يعادل 4% من الناتج القومي لزيادة الإنفاق الدفاعي والموازنة العسكرية، كما أن انسحاب الولايات المتحدة من قواعدها داخل الدول الأوروبية يعني احتياج أوروبا لنحو 300 ألف جندي، و1400 دبابة و2000 عربة قتالية و700 مدفع وبالتالي سوف تحتاج أوروبا ما يقرب من 250 مليار يورو لتعزيز الاستثمار الدفاعي، وفي الوقت نفسه وفقا لتقديرات عدة، فهناك تأويلات حول عدم جاهزية أوروبا لهذا الانسحاب الكلي والمفاجئ.
أما ما يتعلق بسيناريوهات الموقف الروسي، فهناك عدة تساؤلات باتت تطفو علي السطح وذلك علي غرار، هل ستوافق روسيا علي الهدنة ووقف اطلاق النار لمدة 30 يوماً وما هي التحفظات المتوقعة؟
فعلياً، تعتبر روسيا هذه الهدنة هي محاولة لكسب الوقت من ناحية أوكرانيا لاستعادة قواها واستعادة ثقة الولايات المتحدة بعد أن جمدت الولايات المتحدة التعاون الاستخباراتي والدعم الأمريكي، ووفقا للتصريحات الروسية فأن أي اتفاق بين الولايات المتحدة وأوكرانيا لابد من يأخذ في الاعتبار التقدم العسكري الروسي وإبعاد الناتو عن الحدود الروسية، وفي نظري ثمّة أسبابٌ عديدةٌ تدفع روسيا إلى إنهاء الحرب، يأتي في مقدّمتها رغبتها في إنهائها من موقع قوّة، لا سيّما في ظلّ تحقيقها مكاسب عسكرية ملموسة على الأرض وأيضاً مواقفة الجانب الروسي علاوة علي ذلك تسعى روسيا إلى تجنّب المزيد من الخسائر الاقتصادية، التي قد تتفاقم مع استمرار النزاع، مما يجعل التوصّل إلى تسوية تعزّز مكاسبها الاستراتيجية. وأخيرا نتيجة تنامي السمة التفاوضية والملفات التوافقية بين الرئيس الأمريكي والرئيس الروسي والتي تنطلق من نسق عقائدي مفاداه ضرورة أنهاء التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا الذي نشب خلال الثلاث السنوات الماضية.
ختاما، التوصل إلى تسويات حاسمة يظل رهينًا بإرادة القوى الفاعلة ومدى استعدادها لتقديم تنازلات حقيقية تُنهي حالة الجمود والصراع المستمر.