حرب غزة تقسِّم مجموعة العشرين وتنذر بشلل في اجتماعاتها
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
كشفت مصادر مطلعة أن مجموعة العشرين منقسمة بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لدرجة أنها قد تقلص نطاق اجتماعتها للعام الجاري، وتتجنب القضايا الجيوسياسية تماما، وفقا لوكالة "بلومبرج" الأمريكية (Bloomberg).
وقال أحد المصادر، لم تكشف الوكالة عن هويته في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، إن إزالة جميع المواضيع السياسية الحساسة من بيانات مجموعة العشرين من شأنه أن يقلل من أهمية الاجتماعات.
ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية المجموعة في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل بداية من اليوم الأربعاء، ومن المتوقع أن تناقش المجموعة الصراع في الشرق الأوسط.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلَّفت حتى مساء الثلاثاء 29 ألفا و195 شهيدا و69 ألفا و170 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا للسلطات الفلسطينية.
((1))
رئاسة لولا دا سيلفا
ومما يزيد من تعقيد اجتماعات مجموعة العشرين، بحسب الوكالة، هو أن الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا قارن قبل أيام حرب إسرائيل على غزة بإبادة أدولف هتلر لليهود خلال المحرقة.
وأضافت أن لولا دا سيلفا سيحدد المسار بالنسبة للدول النامية منذ أن تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين، وقد سحبت عدة دول في أمريكا اللاتينية سفرائها من إسرائيل، بينما رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها تل أبيب بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة.
وبينما تمثل مجموعة السبع الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين، فإن مجموعة العشرين تجمع دولا من مختلف الأطياف، بينها الصين، وبالتالي تصبح بؤرة للنزاعات العالمية.
وتضم مجموعة العشرين 19 دولة هي الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وتركيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
وتعتبر دول وكيانات في المجموعة، في مقدمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حركة "حماس" منظمة "إرهابية"، بينما تؤكد "حماس" أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية منذ عقود.
((2))
إبادة جماعية
وفي الفترة التي سبقت اجتماع وزراء الخارجية، وكذلك اجتماع وزراء المالية الأسبوع المقبل، قال مسؤولون يمثلون الدول النامية، بما في ذلك جنوب أفريقيا والبرازيل، إنهم يريدون أن ينعكس موقفهم المتمثل في أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في أي بيانات مشتركة تصدر عن المجموعة، وفقا للمصادر.
وتابعت أن هذه الصياغة تم رفضها من جانب دول عديدة أخرى في المجموعة، بينها الولايات المتحدة وألمانيا، ومن المحتمل إصدار بيان واحد في نهاية رئاسة البرازيل للمجموعة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وليس بعد كل اجتماع وزاري كالمعتاد.
وقال سكرتير الشؤون الاقتصادية والمالية بوزارة الخارجية البرازيلية ماوريسيو كارفالو ليريو، للصحفيين الثلاثاء، إن الوزراء المشاركين في الاجتماعات سيصدرون تقريرا وليس بيانا.
ويعني ذلك أيضا أن مجموعة العشرين ستعيد التركيز على هدفها الأولي المتمثل في تعزيز التعاون الاقتصادي والمرونة المالية، لمنع تكرار الأزمة المالية العالمية، بحسب المصادر.
لكن كارفاليو ليريو أصر على أن الجغرافيا السياسية والأزمات ستظل الموضوع الرئيسي للمناقشة في اجتماعات ريو دي جانيرو المغلقة، وسيركز الوزراء أيضا على إصلاح الحوكمة العالمية، بما في ذلك تجديد مؤسسات مثل صندوق النقد ومجلس الأمن الدوليين، وهو مجال رئيسي يثير قلق البرازيل المضيفة.
وخلال اجتماع في المغرب، في أكتوبر الماضي، بعد أيام قليلة فقط من انداع الحرب، اتفق وزراء مالية مجموعة العشرين على بيان لم يذكر الصراع.
وجاء ذلك في أعقاب قمة مجموعة العشرين في الهند، في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث تمكن الزعماء بعد أيام من المشاحنات من الاتفاق على لغة تسوية بشأن الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.
وتبرر موسكو الحرب على أوكرانيا بأن خطط جارتها، المدعومة من الغرب، للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
((3))
المصدر | بلومبرج- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مجموعة العشرين حرب غزة إسرائيل إبادة جماعية البرازيل جنوب أفريقيا الولایات المتحدة مجموعة العشرین
إقرأ أيضاً:
هل ستنسحب الولايات المتحدة من محادثات أوكرانيا وروسيا ؟
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
وقد بدت علامات نفاد الصبر واضحة في حديث ترامب عن العملية السلمية، تلك التي وعد خلال حملته الانتخابية في 2024 بأنها ستكون سهلة وسريعة. فقال: «إذا جعل أحد الطرفين الأمر صعبًا جدًا، فسوف نقول ببساطة: أنتم حمقى، أنتم فاشلون، أنتم أناس فظيعون، وسننسحب من هذا كله». ثم أضاف: «لكن نأمل ألّا نضطر لفعل ذلك».
تصريحاته جاءت مكملة لتحذير أطلقه في وقت سابق يوم الجمعة وزير الخارجية ماركو روبيو، مفاده أن الرئيس قد «يمضي قُدمًا» في حال عدم التوصل إلى اتفاق. وقال روبيو للصحفيين في باريس: «هذه ليست حربنا. لم نبدأها»، مضيفًا: إن ترامب سيقرر «خلال أيام» ما إذا كان الاتفاق ممكنًا أم لا. وأضاف: «إذا اتضح أن الفجوة بين الطرفين واسعة لدرجة أنه لا مجال للاتفاق، أعتقد أن الرئيس سيقول ببساطة: انتهى الأمر».
أما نائب الرئيس جي دي فانس، المعروف بتشكيكه في دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، فقد بدا أكثر تفاؤلًا، قائلا يوم الجمعة: «نشعر بالتفاؤل بأننا سنتمكن من إنهاء هذه الحرب الوحشية». وشارك ترامب ذلك التفاؤل، مؤكدًا أنه لا يزال يرى «فرصة جيدة لحل المشكلة». وقد يعكس هذا التفاؤل رغبة الإدارة في دفع أوكرانيا الضعيفة نحو قبول تسوية «الآن أو أبدًا».
لكن وتيرة ترامب المحمومة خلال أول 100 يوم من ولايته أعادت إلى البيت الأبيض طابعًا من مرض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. فكل يوم يطلق ترامب هجمات على الرسوم الجمركية، والمهاجرين، وشركات المحاماة، والجامعات، والقضاة، والوكالات الفيدرالية، وغيرها من القضايا، بينما يواجه دبلوماسيوه تحديات كبرى مع روسيا، وإيران، وغزة. وفي الوقت نفسه، يبدو أن التزامه بإنهاء الحرب بدأ يتلاشى، حتى مع اعترافه بأن «2500 جندي يُقتلون أسبوعيًّا» في «معركة شرسة»، كما وصفها يوم الجمعة.
لقد تبين أن أوكرانيا ليست مشكلة تُحل في يوم، بل مسار يتطلب دبلوماسية منهجية وضغطًا حقيقيًّا على روسيا.
العائق الأساسي الذي يواجه ترامب وفريقه التفاوضي هو رفض روسيا تقديم أي تنازلات في القضايا الكبرى، وفقًا لمصادر مطلعة على المحادثات. فقد أجرى ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، محادثة طويلة مع الرئيس فلاديمير بوتين هذا الشهر استمرت أكثر من أربع ساعات. لكن بوتين لم يتراجع عن مطالبه الصلبة بالحصول على أراض أوكرانية وضمانات أمنية موسعة. وقد حاول ويتكوف صياغة مقترح يمكن أن يقبله بوتين.
وقد عرض ويتكوف يوم الخميس على القادة الأوكرانيين والأوروبيين إطارًا تفاوضيًّا مستمدًا من لقائه مع بوتين. غير أن هذا المقترح تضمن تنازلات كثيرة لموسكو في المسائل الأمنية، ما دفع الأوكرانيين والأوروبيين إلى الاعتراض، وفقًا لمصادر تحدثت للكاتب. فقد تضمن المقترح، بحسب تقرير لوكالة بلومبيرج، منح روسيا السيطرة على الأقاليم الخمسة التي تحتلها حاليًّا، ومنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو.
روبيو أشار بدوره إلى الفجوة الواسعة بين موقفي روسيا وأوكرانيا قائلًا للصحفيين: «ما نحاول فعله هو تقييم المسافة بين الطرفين- لا أحد يتوقع إنجاز كل شيء في 12 ساعة، لكننا نريد أن نرى إن كانت هذه الفجوة قابلة للتضييق». ومن المقرر أن يُعقد اجتماع جديد هذا الأسبوع في لندن بين مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين وأوروبيين.
ويُعد المقترح الحالي صعب القبول على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لا سيما في ظل غياب أي ضمانات أمنية أمريكية. فوفقًا للمصادر، فإن الاتفاق يترك أوكرانيا معتمدة على مساعدات أوروبية فقط، دون أي «شبكة حماية» أمريكية.
وقد أخبر مسؤولون أوروبيون الكاتب أن غياب الدعم الأمريكي يعني أن قدراتهم العسكرية والاستخباراتية لن تكون كافية لحماية أوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق سلام. فهم لا يملكون قوات كافية أو أسلحة متطورة لردع هجوم روسي شامل، كما يفتقرون إلى أنظمة القيادة والسيطرة اللازمة لمراقبة وقف إطلاق النار أو الرد على أي عدوان مستقبلي.
أما المشكلة الأهم لأوروبا فهي الاستخبارات. فقد تمكنت كييف الشهر الماضي من الصمود خلال ستة أيام من انقطاع الدعم الاستخباري الأمريكي، وهو قرار أمريكي مقصود للضغط على زيلينسكي. لكن مسؤولين أوكرانيين يعتقدون أنه لو استمر ذلك أسبوعًا إضافيًّا، لكانت النتائج كارثية. فمن دون صور الأقمار الاصطناعية الأمريكية، لا تستطيع أوكرانيا رصد الهجمات الروسية الصاروخية أو بالطائرات المسيّرة. وليس لدى الأوروبيين بدائل جيدة.
وقد أظهر ترامب ازدراءه لأوكرانيا الأسبوع الماضي برفضه بيع صواريخ «باتريوت» الدفاعية، رغم إمكانية استخدامها لصد الهجمات الروسية مثل الهجوم الأخير على مدينة سومي الذي أسفر عن مقتل 35 شخصًا. وقال ترامب: «لا تبدأ حربا مع خصم يفوقك بعشرين ضعفًا، ثم تتوقع أن يمنحك الآخرون صواريخ».
وبينما يسخر ترامب من أوكرانيا، ويلقي باللوم، بشكل غريب، عليها في غزو روسيا لها عام 2022، لا يزال متحمسًا لتوسيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع موسكو. ويقال إن مسؤولين بالبيت الأبيض طرحوا في اجتماعات استراتيجية فكرة أن «تريليونات الدولارات» يمكن جنيها من الاستثمارات الأمريكية المستقبلية في روسيا. وهذه الرؤية يدفع بها كيريل دميترييف، رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي، الذي يُعد وسيطًا رئيسيًّا لويتكوف. غير أن هذه الآمال حول ازدهار اقتصادي روسي لا تحظى بدعم كبير من المحللين المستقلين.
إن تراجع اهتمام ترامب بالتوسط في السلام بأوكرانيا هو أحد الأسباب الرئيسية لتنامي شكوك حلفاء أمريكا في أوروبا وآسيا بشأن مصداقية الحماية الأمنية الأمريكية. وفي أوروبا، هذه الشكوك تمثل أزمة وجودية. فدون ضمانات أمريكية، وبوجه طموحات روسيا المتزايدة، قد تجد أوروبا نفسها في مواجهة تهديد مباشر. لكن ترامب يبدو مشغولا بحلم الثراء القادم من موسكو.
ديفيد إغناتيوس روائي وكاتب عمود في الشؤون الخارجية بصحيفة واشنطن بوست، وروايته الأخيرة بعنوان: «المدار الشبحي»