"زومبي الغزلان" ينتشر بصمت في أمريكا
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة مثيرة للقلق في غابات ومراع في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي مرض "الهزال المزمن" الذي أصاب مجموعات الغزلان، وأطلق عليه اسم "زومبي الغزلان".
تم اكتشاف هذا المرض العصبي، الذي يتميز بأعراض لا تعد ولا تحصى، مثل سيلان اللعاب والخمول والتعثر والنظرة الفارغة، في أكثر من 800 عينة من الغزلان في وايومنغ وحدها، ما يسلط الضوء على حجم المشكلة وإلحاحها.
وفي تقرير نشر في مجلة "ساينس أليرت" العلمية، تم شرح تفاصيل هذه الظاهرة الجديدة التي انتشرت بكثرة بين غزلان الولايات المتحدة الأمريكية، ما أثار مخاوف العلماء والمدافعين عن البيئة على حد سواء.
يشكل انتشار مرض "الهزال المزمن" مخاطر بيئية كبيرة وربما مخاطر على صحة الإنسان. على الرغم من عدم وجود دليل قاطع على أن مرض "الهزال المزمن" يمكن أن يصيب البشر مباشرة، إلا أن الاحتمال يظل نقطة مثيرة للقلق.
على الرغم من عدم وجود حالات مؤكدة من مرض "الهزال المزمن" لدى البشر، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة بسبب عدة عوامل. أولاً، أظهرت الدراسات أن البريونات المسؤولة عن مرض "الهزال المزمن" يمكن أن تصيب الخلايا البشرية وتنتشر داخلها تحت ظروف المختبر، ما يزيد من شبح انتقال العدوى المحتمل.
ثانياً، يتعرض البشر بالفعل عن غير قصد لحيوانات يحتمل أن تكون مصابة عن طريق صيدها وأكلها، وتشير التقارير إلى أن البشر استهلكوا ما بين 7000 إلى 15000 حيوان مصاب بمرض "الهزال المزمن" سنويًا في عام 2017، مع توقعات تشير إلى زيادة سنوية بنسبة 20 في المئة.
في المناطق التي يرتفع فيها معدل انتشار مرض "الهزال المزمن"، مثل ولاية ويسكونسن، قد يكون الآلاف من الأشخاص قد استهلكوا عن غير قصد لحوم الغزلان المصابة، ما يؤكد الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير للتخفيف من المخاطر.
لا تقتصر إمكانية تأثير مرض "الهزال المزمن" على صحة الإنسان على الانتقال المباشر. ويعني الثبات البيئي للبريونات أن البشر قد يتعرضون لها أيضًا من خلال طرق غير مباشرة، مثل التربة والمياه الملوثة والمصادر البيئية الأخرى. ونظرًا لمرونة البريونات وقدرتها على البقاء في البيئة لفترات طويلة، فإن العواقب طويلة المدى لمرض "الهزال المزمن" على صحة الإنسان تظل غير مؤكدة ولكنها تستحق دراسة جادة.
هناك حاجة أيضًا إلى مزيد من البحث لفهم ديناميكيات انتقال المرض بشكل أفضل وتأثيراته البيئية وآثاره المحتملة على صحة الإنسان.
في نهاية المطاف، يسلط شبح "الهزال المزمن" الضوء على الترابط بين النظم البيئية وصحة الإنسان. ومن خلال الاستجابة لتحذيرات العلماء واتخاذ إجراءات حاسمة للتخفيف من المخاطر، يمكننا أن نسعى جاهدين لحماية كل من الحياة البرية والمجموعات البشرية من القبضة الخبيثة لمرض "الهزال المزمن" وغيره من الأمراض الحيوانية المنشأ الناشئة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: زومبي الغزلان الولايات المتحدة الأمريكية على صحة الإنسان
إقرأ أيضاً:
علماء يحذرون من تفشٍ واسع لمتحور جديد من فيروس جدري القرود
حذّرت دراسة من تسارع انتشار فيروس إمبوكس (المعروف سابقا بجدري القرود) في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مع ظهور متحوّر جديد أكثر قدرة على الانتقال بين البشر، مما يزيد المخاوف من تفشٍ أوسع.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة التقنية في الدنمارك ومعاهد بحثية من ست دول مختلفة: الكونغو الديمقراطية، رواندا، الدنمارك، المملكة المتحدة، إسبانيا، وهولندا، ونُشرت نتائجها في مجلة نيتشر ميدسن Nature Medicine في فبراير/ شباط الجاري، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
ويُعرف المتحور بأنه نسخة متغيرة من الفيروس الأصلي، تَحدث بفعل طفرات جينية أثناء تكاثره، مما قد يؤدي إلى اختلاف في قدرته على الانتشار أو شدة تأثيره على المصابين.
ما فيروس إمبوكس؟عرّفت منظمة الصحة العالمية جدري القرود على أنّه مرض فيروسي يسببه فيروس ينتمي إلى عائلة الفيروسات الجدرية (Poxviridae)، وهي نفس العائلة التي تضم فيروس الجدري البشري. ويتميز المرض بظهور طفح جلدي يمر بعدة مراحل قبل الشفاء، إلى جانب أعراض أخرى مثل الحمى، وآلام العضلات، وتضخم الغدد الليمفاوية.
واكتُشف الفيروس لأول مرة في عام 1958 لدى قردة المختبر، ومن هنا جاء اسمه، وسُجلت أول إصابة بشرية فيه عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وشهد جدري القرود عدة تحوّلات منذ اكتشافه، حيث ظل انتشارُه محدودا في أفريقيا عقودا، قبل أن يتفشى عالميا عام 2022، وانتقل إلى البشر على نطاق واسع، بعد الاعتقاد السائد أن جدري القردة ينتقل أساساً من الحيوانات مثل القوارض والقردة إلى البشر.
إعلان
وبناء على التحليلات الجينية، ينقسم الفيروس إلى نوعين رئيسيين يختلفان من حيث مناطق الانتشار وشدة الأعراض:
كلايد 1 (Clade I): ينتشر في وسط وشرق أفريقيا، ويُعد الأكثر خطورة. يضم السلالة الفرعية كلايد 1 إيه (Clade Ia) المنتشرة في الكونغو والسودان، وكلايد 1 بي (Clade Ib)، التي تثير القلق حاليا بسبب قدرتها المتزايدة على الانتقال بين البشر. كلايد 2 (Clade II): ينتشر في غرب أفريقيا، وهو أقل خطورة من سلالة كلايد 1. يضم السلالة الفرعية كلايد 2 إيه (Clade IIa) الأقل خطورة بين جميع الأنواع الفرعية، وكلاد 2 بي (Clade IIb) المسؤولة عن التفشي العالمي بين البشر الذي بدأ في عام 2022. المتحوّر الجديد وانتشاره السريعرُصد المتحوّر كلايد 1 بي لأول مرة في سبتمبر/ أيلول 2023 بمدينة كاميتيغا، جنوب كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكشفت التحليلات الجينية أنه تطور إلى ثلاثة أنواع فرعية، أحدها انتشر إلى مدن أخرى داخل الكونغو، ثم إلى دول مثل السويد وتايلاند.
ويختلف انتشار كلايد 1 بي عن التفشي في 2022، مع تسجيل ارتفاع في الإصابات عند الأطفال والعاملين الصحيين.
وكشفت الأبحاث أن كلايد 1 بي قد يزيد من خطر الإجهاض لدى النساء المصابات، وهو تطور غير مسبوق في تاريخ انتشار الفيروس.
إصابات متزايدة ومخاطر صحية جديدة
بلغ عدد الإصابات المؤكدة بالمتحوّر الجديد كلايد 1 بي حتى 5 يناير/كانون الثاني الماضي أكثر من 9500 حالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها، مع نسبة وفيات تقدر بـ 3.4%، أي ما يعادل 323 حالة وفاة تقريبا.
وحلل الباحثون المشاركون في الدراسة عينات من 670 مريضا مصابا بالفيروس، وكشفت النتائج أن الإصابات توزعت على 52.4% من النساء و47.6% من الرجال، معظمها انتقلت عبر الاتصال الجنسي. كما سُجلت 7 وفيات بين المرضى الذين خضعوا للتحليل.
وتعرضت 8 من أصل 14 امرأة حامل مصابة بالفيروس للإجهاض، مما يشير إلى احتمال ارتباط الفيروس بارتفاع مخاطر فقدان الحمل.
إعلان إجراءات عاجلة لاحتواء التفشييرى الباحثون أن استمرار انتشار هذا المتحوّر دون تدخل فوري قد يؤدي إلى تفشٍ عالمي جديد. لهذا، يدعو العلماء إلى استجابة محلية ودولية عاجلة للحد من خطورته. وتشمل الإجراءات الضرورية تعزيز المراقبة الصحية لرصد الحالات الجديدة بسرعة، وتكثيف حملات التوعية الصحية حول طرق انتقال الفيروس والوقاية منه، إلى جانب توسيع نطاق التطعيم في المناطق الأكثر تضررا، وإصدار تحذيرات السفر إلى المناطق الموبوءة.
ويؤكد الخبراء أن التراخيَ في اتخاذ التدابير الوقائية قد يسمح للفيروس بالتحوّر أكثر، مما يزيد من صعوبة احتوائه لاحقا.