السياسة مصالح عبارة تردد كثيرا لتبرير المواقف المتقلبة للساسة في سياق ذرائعي يخدع به القادة أتباعهم حتى صار من لوازم السياسة إذا أطلقت الكذب والخداع والميوعة والسيولة وعدم الثبات وترسخ هذا المعنى للسياسة لدى العامة في ممارساتهم اليومية فربما يكذبون ويخونون ويبررون لأنفسهم بأن الأمر سياسة وأن السياسة مصالح.


أي مصالح هذه التي تتجرد من القيم وتتلبس أقنعة الكذب والخداع، ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب.
زيف لاستقطاب الساذجين وإشغال الميادين بتصفيق التافهين وتنظير الجاهلين .
ربما تصح هذه المقولات في إطار الفلسفة المادية التي جوهرها الغاية تبرر الوسيلة، لكنها لا تصح مطلقا في نطاق الفلسفة أو قل المقولة الإسلامية فالسياسية باعتبارها تدبير ورعاية أوضاع الرعية وأحوالهم بأدوات الشرع الإسلامي منضبطة وقيمية مقاصدها الأعلى توحيد الله وتزكية النفوس وعمران الأرض، تقام الدنيا من حيث النظر إلى الآخرة، تتطابق فيها دائرة الأخلاق مع دائرة الشرع وتفسح لسلطة الضمير مجالا يتجاور مع سلطة القانون.
لذا فللغاية حكم الوسائل، فالحرام لا يصون المصلحة بل يهدرها لأنه مفسدة بجوهره وعرضه، والكذب والزيف والخداع مفاسد والمفاسد لا تنطوي على مصالح ولا تفضي في مآلاتها إليها.
الحرية في السياسة الشرعية الإسلامية مصلحة عليا ومقصد أسمى والطريق لتحقيقها في كمال العبودية لله من جميع الأغيار فمن يكفر بالطاعوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها .
وكمال العبودية لله كما يقتضي التجرد من الأغيار يوجب الامتثال لجميع أوامر الله، أداء في دائرة الواجب والمندوب واجتنابا في دائرة الحرام والكراهة، مع مغايرة في سياق الفعل الإنساني وهو وقوع المطلوب بحدود الاستطاعة في دائرة الأداء و الانتهاء مطلقا في دائرة المنع .
كل ذلك من غير نظر للطاغوت، فمن كبر الله في نفسه أيقن بنصر الله وتحرر من خوف ما عداه، يأتي بالسبب ويترك المسبب لرب الأسباب، لذا يحصل عنده ما يفقد عند غيره ويجتمع في حساباته ما يفترق في حسابات غيره .
فالمصلحة كموضوع للسياسة وفقا لهذا الطرح لا ينظر إليها من جانب واحد ولكن من جانبين، جانب الدنيا وجانب الآخرة مما يعزز المسلك القيمي ويجعل الدنيا مفعمة بالخير خالية من الشر لأنها ليست الغاية وإنما وسيلة لحياة أكثر حيوية وعدلا .
ومن هنا يصبح معنى القاعدة الفقهية تصرف ولي الأمر في أمر الرعية مناطاً بتحقيق المصلحة أكثر شمولية وكلية وأكثر اتفاقا مع الفلسفة الإسلامية في السياسة .
تلك مقدمة ارتأينا تمهيدها كأساس نظري لفهم خطابات السيد القايد عبدالملك بدر الدين الحوثي، باعتبارها أطروحات تؤسس لسياسة القيم الحقة بالمفهوم القرآني والتي مركزها المصلحة بتجلياته الدنيوية والأخروية وفقا لمراد الله من خلال الزامات الخطاب الشرعي في دائرتي الحكم التكليفي والحكم الوضعي.
وهو اتجاه جديد يعلي من القيم الإنسانية بالمعنى الإسلامي ويتجافى حد القطيعة مع السياسة البرجماتية، كونها مادية متقلبة وفقا لتفسيرات ضيقة، النفعية المادية فيها غاية والقيم وسائل وأدوات توظف في إطار ضيق يفقدها مصداقيتها ووهجها .
سلام على السيد القائد .

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

"حديث الحيتان" يكشف غموض أصوات المحيطات بعد 4 عقود

بعد 4 عقود على رصده للمرة الأولى، توصل علماء بحار إلى تحديد هوية صوت غامض انبعث من أعماق المحيطات، تحديداً في نقطة تلاقي بين المحيطين الهندي والهادئ قرب السواحل الأسترالية.

وكان العلماء قد حدّدوا أن هذا الصوت "بيولوجي المصدر"، ثم اكتشفوا أنه عبارة عن أحاديث متبادلة بين "حيتان المنك" الضخمة، وذلك بناء على ربط المعلومات، ومراجعة التحليلات السابقة التي جمعت حولها.

وحسب صحيفة "ميرور"، يعود اكتشاف الضجيج الغريب للمرة الأولى في يوليو (تموز) 1982 من قبل باحثين نيوزيلنديين خلال محاولتهم توثيق أصوات الأعماق البحرية في منطقة فيجي الساحلية، من خلال استخدام أجهزة "هيدروفونية"، تسحبها السفينة البحثية خلفها، على عمق حوالى 200 متر تحت الماء، لتسجيل الصوت.
لكن النبض المجهول، الذي أُطلقوا عليه "بيو داك" كان من الصعب جداً التعرف عليه في ذلك الوقت، أو أقله تحديد نوعيته ومصدره، حسب  الباحث الأسترالي روس تشابمان من جامعة فيكتوريا.


أربعة عقود من الدراسات

بعد دراسات استمرت 4 عقود، لم يتمكن تشابمان وفريقه من تحديد هوية الصوت أو مصدره، حتى أعلن علماء من نيوزيلندا ومواقع بحرية أخرى في أستراليا رصد نفس الصوت وبشكل متكرر، وعندها اعتبروا أنّه من غير الممكن أن يكون ناجماً عن بركان أو تحركات غواصة، في أكثر من مكان بنفس الوقت، لذلك استنتج الباحثون أن الصوت لا بد وأنه ينتمي إلى كائن حي.


حوارات بين حيتان المنك

ربط العلماء الضجيج الغامض بالأصوات، حيث تم اكتشاف أنها لغة التخاطب بين "حيتان المنك"، التي استقرت في منطقة حوض القطب الجنوبي كموطن لها في سبعينيات القرن الماضي، بعد تعرضها موطنها الأصلي لزلازل.
وبعد مقارنة البيانات، اعتبروا أن هذا الصوت منبعه هذا النوع من الحيوانات البحرية الضخمة، وهو عبارة عن محادثة بين مخلوقات متعددة.
وما أثار دهشة العلماء هو الاحترام المتبادل خلال تواصل الحيتان فيما بينها، إذ تصمت مجموعة الحيتان حين يتحدث أحدها، تماماً كما يفعل البشر خلال دخولهم في نقاش.
 

مقالات مشابهة

  • دعاء الهداية للنفس والغير.. اللهم ذكِّرنا بأن الدنيا زائلة
  • أمين الأعلى للشئون الإسلامية: تعزيز التعاون الدولي ضرورة لمواجهة تحديات القيم الأخلاقية
  • كشف غموض جريمة حريق هايبر شملان في صنعاء.. تفاصيل مثيرة عن مصير المتهم
  • دعاء تسهيل الرزق والمال.. اللهم أعطنا من الدنيا ما تقينا به فتنتها
  • محمد عبد الرحيم البيومي: القيم الإسلامية الأصيلة تدعو إلى السلم والتعايش
  • الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية يلقى خطبة الجمعة من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت
  • ين عام "الأعلى للشئون الإسلامية" يلقى خطبة الجمعة من المسجد الكبير بمدينة خاسفيورت
  • الجميّل من مالطا: نحذر من صفقة تراعي مصالح إيران وإسرائيل على حساب لبنان وسيادته
  • "حديث الحيتان" يكشف غموض أصوات المحيطات بعد 4 عقود
  • أمين الأعلى للشئون الإسلامية يشارك في مؤتمر بداغستان لتعزيز القيم الروحية والأخلاقية