أبوظبي: عماد الدين خليل
أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، أن دولة الإمارات، بفضل الرؤية الحكيمة، والقيادة المستنيرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ستظل نموذجاً فريداً وناجحاً للتعايش السلمي والمثمر بين البشر، من مختلف الأديان، والثقافات، والجنسيات، والخلفيات، وتلتزم الدولة بمواجهة سوء الفهم، والتحيز، والجهل، والخوف، والكراهية، لإيمانها بأن التفاهم والاحترام المتبادل بين الناس من مختلف الثقافات والأديان والأعراق يمكنه تحقيق نمو اقتصادي لا مثيل له، مصحوبا بالاستقرار الاجتماعي والسياسي.


قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان خلال كلمته الافتتاحية، أمس الثلاثاء، للمؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح، الذي ينظمه مركز باحثي الإمارات للدراسات والبحوث، ووزارة التسامح والتعايش، على مدار 3 أيام، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، ومكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض تحت شعار «تجسير الحضارات ورعاية التنوع»، إن انعقاد المؤتمر يأتي في وقته المناسب، لأن ما يشهده العالم حالياً من صراعات وأحداث مؤسفة تتطلب أن يكون الجميع أكثر إدراكاً للحاجة الملحّة إلى إضفاء روح الأمل والتفاؤل على العلاقات بين الشعوب، وبين الدول، وأن تتركز الجهود على كسر حواجز سوء الفهم، وإحياء تقاليد التسامح والأخوّة والحوار، والتبادل المثمر للأفكار والتعاون في مواجهة التحديات.
ونبه إلى أن محاور وموضوعات هذا المؤتمر تذكّره بالعنوان الرئيسي لدبي إكسبو 2020، حيث كان موضوع المعرض «تواصل العقول وصنع المستقبل»، مؤكداً أن العقول تعتمد في تواصلها على الحوار، الذي يساعد على بلوغ التقدم، والتسامح، والتفاهم، والسلام، قائلاً: «إن بناء مجتمع عالمي يسوده السلام والرخاء يجب أن يرتكز على الالتزام بالقيم الإنسانية العالمية التي نتشاركها جميعاً، وعلينا أن ندرك أن حل المشاكل، الاجتماعية الاقتصادية العالمية، والتفوق في الأسواق العالمية شديدة التنافسية، وتحقيق الاستفادة المثلى من التكنولوجيا الحديثة، وحلّ الصراعات الإقليمية والعالمية، كلها مرتبطة بإعطاء الأولوية القصوى للاستثمار في الحوار والاحترام والتعاطف والتفاهم والروابط الإنسانية».
وأشار خلال كلمته إلى بيت في قصيدة لروديارد كيبلينج نشرت في عام 1889 قائلاً «يبدو أنها مرتبطة بحواركم اليوم، وهذا البيت هو «أوه، الشرق هو الشرق، والغرب هو الغرب، ولن يتفق الاثنان أبداً»، وسرعان ما أصبحت القصيدة مشهورة عالمياً، وكثيراً ما يستشهد بها خارج سياقها، وكثيراً ما يساء تفسيرها، كما أصبحت أساساً لقبول فكرة الانقسامات الثقافية والحضارية التي لا يمكن تجاوزها، ولا يزال هذا الافتراض الذي يصر على وجود فجوة ثقافية وحضارية لا يمكن تجاوزها، سائداً في العديد من أنحاء العالم اليوم.
وتحدث خلال الجلسة الافتتاحية الشيخ الدكتور عبد الله بن بيه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة أديان من أجل السلام، وميغيل موراتينوس الممثل السامي لمنظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، والدكتور على راشد النعيمي رئيس لجنة الدفاع والداخلية والخارجية بالمجلس الوطني الاتحادي، واللواء أحمد ناصر الرئيسي رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول»، والمستشار محمد عبد السلام الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، بحضور ما يزيد على 100 منظمة عالمية، وأكثر من 5000 مشارك، بما في ذلك 50 متحدثاً، كما حضر جلسات المؤتمر الدكتور عبد الله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ورئيس مجلس الأمناء لمركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، وعفراء الصابري مدير عام وزارة التسامح والتعايش.
الحضارات والتسامح
وتحدث الشيخ الدكتور عبد الله بن بيه حول «أصالة الحوار في الإسلام، ودور مفكري الإسلام في تعزيز حوار الحضارات والتسامح»، قائلاً: «للحوار قيمة مركزية، وسمة بارزة، في الحضارة الإسلامية والعربية، فالحوار هو وسيلة التعارف التي وضعها القرآن الكريم أساس التعارف بين الشعوب والقبائل، والحوار وحده يتيح التعرف والتعريف، التعرف إلى الغير والتعريف بالنفس، وقد أَصّل الإسلام للحوار، وجعله مبدأ أساسياً للتواصل مع الآخر، القريب أو الغريب، المشابه أو المغاير».
وأكد أهمية تبادل الأفكار ووجهات النظر للوصول إلى تفاهمات وتقدير للتنوع والاختلاف وبحث عن القيم والفضائل المشتركة، وأنه تأكيد على أهمية الاحترام المتبادل والتسامح والتعايش بين الحضارات على الرغم من اختلاف اللغات والأعراق والأديان، إنه بناء الجسور بين المجتمعات ونشر لقيم السلم والتعايش.
التعايش الإنساني
من جانبه أكد ميغيل موراتينوس، إن دولة الإمارات حاضنة للتسامح والأخوّة الإنسانية، ونموذج للتعايش الإنساني، وأصبحت الدولة مركزاً معترفاً به عالمياً للتسامح والتعايش بين البشر، مؤكداً أن تعزيز التفاهم والتعاون بين الحضارات والثقافات المختلفة هدف يستحق ان نسعى جميعاً من اجل تحقيقه لمصلحة الإنسانية في كل مكان، مؤكداً أن الحوار يعد السبيل الأمثل للوصول إلى حلول لكل التحديات والصعوبات التي تواجهها البشرية، وأن هذا المؤتمر، بما يضمه من الخبراء والأكاديميين والمهتمين، من مختلف المجالات المرتبطة بتعزيز قيم التسامح والتعايش، والأخوّة الإنسانية، يمكنه ان يقدم إضافة مهمة في هذا المجال، مؤكداً أن الإمارات كانت، ولا تزال حاضنة للتسامح والأخوّة الإنسانية، بل إنها نموذج رائع للتعايش الإنساني بمفهوم حضاري راق.
وأكد المستشار محمد عبد السلام، أن أبوظبي أصبحت اليوم مركز إشعاع عالمي لقيم الاعتدال والتعايش والأخوّة الإنسانية، فهي عاصمة الإمارات التي اتخذت من قيم الاعتدال منهجاً، ومن الانفتاح سبيلاً، ومن الأخوّة الإنسانية شعاراً، بل مبدأ راسخاً رسوخ وثيقة الأخوّة الإنسانية، التي رعتها الدولة، واستقبلت حدث توقيعها من قبل الرمزين الدينيين العالميين، شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس، على هذه الأرض الطيبة، مشيراً إلى أن مبادئ الخمسين التي اعتمدتها الإمارات لتكون مرجعاً يقود الدولة إلى تحسين جودة حياة مواطنيها، تؤكد القيم الراسخة والمبادئ السامية لوثيقة الأخوّة الإنسانية، كما أن بيت العائلة الإبراهيمية الذي تحتضنه أرض الإمارات يرسل رسائل حضارية في هذا الوقت الصعب، ويؤكد أن الأديان جاءت لإسعاد الإنسان على مختلف مضامينها، وشرائعها.
ردع الإرهاب
من جانبه، قال اللواء أحمد ناصر الرئيسي: «نؤمن في «الإنتربول» بأن جوهر العمل الشرطي يكمن في منع الجريمة قبل وقوعها، وهذا يعني أن نتعاون مع مختلف المجتمعات المحلية، كما ندرك أن تعزيز روح التسامح يلعب دوراً هاماً في ردع الإرهاب، بخاصة أن المنظمات والجماعات الإرهابية تبني أجندتها لتأجيج مشاعر الكراهية والتفرقة بين الشعوب، واستغلال المجتمعات المستضعفة لاستقطاب المزيد من الأعضاء، ولا شك في أن ترسيخ قيم التسامح والاحترام سيسهم في الحد من جاذبية الأفكار المتطرفة ومعالجة ظاهرة التطرف من جذورها».
صناعة السلام
واستعرض الدكتور علي النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي، خلال كلمته، دور دولة الإمارات الريادي في تعزيز السلام، قائلا: «نحن في دولة الإمارات السلام ليس خياراً، بل ضرورة ونعتبره من المبادئ الأساسية لكل مشاريعنا الداخلية والخارجية، ونرى أن صناعة السلام يجب أن تكون أولية في حياة الأفراد والأسر، وعلى مستوى الدول، وأنه لا خيار لنا إذا أردنا أن ننعم بأمن واستقرار وازدهار، إلا أن نصنع أبطالاً للسلام يؤمنون به، يضحّون من أجله، ويجعلونه أولوية في حياتهم».
البحث العلمي
أكد الدكتور فواز حبال، رئيس المؤتمر، والأمين العام لمركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، أن المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح، يعقد اليوم بأسلوب علمي ممنهج، ويستند إلى البحث العلمي والتجارب التاريخية والدينية، للوصول إلى رسم أفضل صورة للمستقبل والتعايش بين الحضارات. ومن جانبه أشار الدكتور فراس حبال، رئيس مركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، إلى الأهمية التي يوليها هذا المؤتمر لتجسيد التطور والتكنولوجيا في تحقيق الطموح العالمي، في تنمية المجتمعات والحفاظ على حضاراتها ومكتسباتها للأجيال القادمة، في ظل روح التسامح والتعايش التي يجب أن تسود دوماً.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الحضارات والتسامح التسامح والتعایش دولة الإمارات

إقرأ أيضاً:

«محمد بن زايد للعلوم الإنسانية» تتعاون مع وفد أكاديمي من تشاد

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة مجلس «راشد بن حميد الرمضاني» يستعرض دور الإعلام في صناعة المستقبل «الوطنية لحقوق الإنسان» تشارك باجتماع المؤسسات الوطنية في جنيف

بحثت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، ووفد من جمهورية تشاد يضم الشيخ عبد الدائم عبدالله عثمان النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والأمين العام، وفضيلة الشيخ أحمد النور محمد الحلو المفتي العام، وعدد من كبار المسؤولين آفاق التعاون في مجالات التعليم الديني، وتعزيز قيم المواطنة في المناهج التعليمية.
وكان في استقبال الوفد في مقر الجامعة بأبوظبي، الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير الجامعة، وعدد من مسؤولي الجامعة.
وتم خلال الاجتماع مناقشة سبُل تبادل المعرفة والخبرات بين الجامعة والمؤسسات الأكاديمية في تشاد، وتعزيز الفهم الثقافي المشترك، إضافة إلى استكشاف أطر الشراكات الأكاديمية الدولية، والبحث في سبل التعاون في مجالات العلوم الإنسانية، لا سيما دراسات السلام والتنمية والاستقرار والتسامح والتعايش، بما يعزّز الروابط الحضارية والإنسانية بين الشعوب.
واطلع الوفد على مبادرات الجامعة وجهودها في هذا الصدد، ومنها برامج أكاديمية متخصّصة، مثل أول بكالوريوس معتمد في التسامح، إلى جانب برامج الدراسات العليا في التسامح ودراسات الأديان.
وتعرف أيضاً إلى دور الجامعة في استضافة المؤتمرات العلمية والورش وحلقات النقاش التي تجمع الباحثين من جميع أنحاء العالم، لتعزيز الحوار الأكاديمي حول التسامح والسلام والتنمية.
وأكد الدكتور خليفة الظاهري، أن زيارة الوفد التشادي تأتي ضمن انفتاح جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية على المجتمعات الإنسانية إقليمياً ودولياً، لتعزيز الروابط المشتركة، وترسيخ قيم التسامح والتعايش.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من التبادل الأكاديمي والتعاون المعرفي بين الجامعة والمؤسسات التعليمية في تشاد.
وأشاد وفد جمهورية تشاد، بجهود الجامعة في مجال الدراسات والعلوم الإنسانية، وبتجربتها في نشر رسالة التسامح والسلام، والتي تُعد نموذجاً يُحتذى به، وتعكس التزام دولة الإمارات ومؤسساتها الأكاديمية بدعم قضايا السلام والاستقرار العالمي من خلال نهجها في القوة الناعمة التي تسهم في تعزيز التفاهم بين الشعوب.

مقالات مشابهة

  • «حكماء المسلمين» ينشر قيم السلام والتعايش
  • نهيان بن مبارك: الوقف ركيزة أساسية لتنمية المجتمع وتعزيز التكافل
  • نهيان بن مبارك: رعاية الطفل تجسيد حي للقيم الإماراتية الأصيلة
  • مكتوم بن محمد: سيبقى مجتمعنا نموذجاً ملهماً للتلاحم ومنارة للتسامح
  • نهيان بن مبارك: التزام رئيس الدولة برعاية الطفل تجسيد لقيمنا
  • مكتوم بن محمد: سيبقى مجتمعنا بروابطه المتينة نموذجاً ملهماً للتلاحم ومنارة للتسامح
  • نهيان بن مبارك : التزام رئيس الدولة برعاية الطفل تجسيد حي للقيم الإماراتية الأصيلة
  • نهيان بن مبارك: التزام رئيس الدولة برعاية الطفل تجسيد حي للقيم الإماراتية الأصيلة
  • «محمد بن زايد للعلوم الإنسانية» تتعاون مع وفد أكاديمي من تشاد
  • «الاتحاد لحقوق الإنسان»: ندعم التدابير المحلية والدولية لمكافحة كراهية الإسلام