مصر تكشف وثائق سرية عن جرائم إسرائيلية بحرب أكتوبر 1973.. لماذا الآن؟
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
اعتبر مراقبون أن إقدام الجيش المصري على الكشف عن وثائق سرية متعلقة بحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 مع إسرائيل له دلالات مهمة من حيث التوقيت، وتزامنه مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح الملاصقة للحدود المصرية، وهي الخطوة التي دفعت القاهرة للتهديد بتداعياتها الواسعة على العلاقات مع تل أبيب.
وفي 17 فبراير/شباط الجاري، نشرت وزارة الدفاع المصرية، عبر موقعها الإلكتروني، وثائق سرية خاصة بحرب 1973، تحت عنوان "وثائق حرب أكتوبر 193.. أسرار الحرب".
ويتجاوز عدد الوثائق المصرية 200 وثيقة، وتتضمن مخاطبات عسكرية تكشف عن "جرائم" إسرائيلية، ومذكرات لقادة بخط اليد وتقارير وخرائط، وتفاصيل عن معركة "الثغرة" الشهيرة، وخطة الخداع الاستراتيجي في الحرب المعنونة باسم "الخطة سلامة".
وتعلق وكالة "الأناضول" التركية على ذلك بالقول إن نشر الوثائق يأتي بينما تتصاعد منذ أسابيع توترات بين القاهرة وتل أبيب بشأن شبه جزيرة سيناء التي حررتها مصر خلال حرب 1973، وذلك على وقع حرب مدمرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة المجاور منذ 7 أكتوبر الماضي.
اقرأ أيضاً
"رسالة ردع".. مصر تكشف عن وثائق نادرة بحرب أكتوبر 1973
ونقلت الوكالة تصريحات للواء يعمل مستشارا بأكاديمية ناصر العسكرية، التابعة للجيش المصري، قال فيها لصحيفة "اليوم السابع"، المقربة من السلطات، إن نشر الوثائق "يحمل دلالة مهمة في التوقيت في ظل منطقة تموج بكثير من المتغيرات".
وتابع أن هذه الوثائق "تجعلنا نتذكر ما حدث، و نذَّكر الآخرين بما حدث، لأننا نقول للعالم إنه رغم الظروف وقتها فقد حققنا المطلوب، وظروفنا اليوم أفضل ونستطيع فعل المطلوب في كل وقت وحين".
محتويات الوثائقالاستراتيجي العسكري"، و"إدارة العملية/ الحرب بمراحلها حتى وقف إطلاق النيران"، و"التخطيط لتصفية الثغرة".
وكذلك "فض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية"، ودور "الإعلام العسكري في حرب 1973"، و"الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية"، و"مذكرات القادة" بشأن الحرب.
وشملت هذه البنود، بحسب إطلاع الأناضول، مخاطبات وتقارير وخرائط عسكرية تكشف تفاصيل لأول مرة بشأن الحرب التي أسفرت عن استعادة مصر لسيناء.
اعتداءات إسرائيليةتحت بند "فض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية"، قالت الوزارة إنه "بعد اليوم السادس عشر من بدء حرب أكتوبر 1973، صدر قرار مجلس الأمن رقم 338، والذى يقضى بوقف بجميع الأعمال العسكرية بدءا من 22 أكتوبر 1973، والذى قبلته مصر ونفذته، ولكن خرقته كعادتها إسرائيل؛ مما أدى إلى صدور قرار آخر في 24 أكتوبر التزمت به إسرائيل اعتبارا من 28 أكتوبر".
اقرأ أيضاً
ناشطون مصريون يدعون الجيش للتدخل قبل وقوع مجزرة في رفح
وأضافت: "اضطرت بعدها إسرائيل للدخول في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات في أكتوبر ونوفمبر 1973، وهي مباحثات الكيلو 101 التي تم فيها الاتفاق على وقف إطلاق النار وتولي قوات الطوارئ الدولية المراقبة، ثم بدأ تبادل الأسرى والجرحى".
ضمن البند نفسه، وتحت عنوان "تقارير هامة"، أظهرت وثيقة بندا حمل رقم 538/ 20051 بتاريخ 1 ديسمبر/ كانون الأول 1973 يشير إلى تقرير بخصوص اعتداءات إسرائيلية على المدنيين والأهداف غير العسكرية.
وتحت عنوان "سري"، نشرت الوزارة 13 وثيقة، إحداهما بعنوان "بيان بالاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين والأهداف غير العسكرية التي تمثل خرقا لنصوص الاتفاق الدولي".
ورصد البيان الاعتداءات التي قام بها "العدو" على مختلف محافظات مصر بين 6 أكتوبر و6 نوفمبر/تشرين الثاني 1973، وتشمل غارات وإطلاق صواريخ ونيران وهدم منازل في محافظات بينها الدقهلية والبحيرة وكفر الشيخ ودمياط والقليوبية (شمال) والإسماعيلية والسويس وبورسعيد (شرق).
وهذه الاعتداءات أسفرت، وفق الوثائق، عن استشهاد وإصابة أعداد كبيرة من المواطنين وتدمير عشرات المنازل وتلف طرق عام وتضرر في شبكة الاتصالات واشتعال حرائق.
الخطة سلامة"الخطة سلامة".. كانت عنوان خطة الخداع الاستراتيجي والتعبوي للهجوم المصري المفاجئ، وبدأت قبل حرب 6 أكتوبر، وهدفت بحسب الوثائق إلى "التمهيد لقيام القوات المسلحة بعمليات هجومية قريبة، مع التركيز على تضليل العدو".
اقرأ أيضاً
مصر تؤكد رفضها أي محاولة لتهجير سكان غزة طوعا أو قسرا
الخطة شامل"الخطة شامل" هو عنوان التخطيط العسكري لتصفية "ثغرة الدفرسوار"، وهو مصطلح يشير إلى منطقة في محافظة الإسماعيلية مطلة على قناة السويس، تمكن "العدو" من اختراقها ليلة 16 أكتوبر 1973، قبل أن تعمل تلك الخطة على القضاء عليها.
كما تتضمن الوثائق عشرات الخرائط والتقارير العسكرية بشأن تحركات "العدو" ومخاطبات عبر الهاتف اللاسلكي بشأن عبور وتحطيم الساتر الترابي الشهير المعروف باسم "خط بارليف" (ِشرق قناة السويس)، ومحادثات بين قادة.
تقرير الجمسيومن بين الوثائق تقرير رئيس هيئة العمليات في الجيش المصري آنذاك اللواء محمد عبد الغني الجمسي، الذي ألقى ملخصه أمام لجنة الأمن القومي في مصر خلال جلسة سرية
وقال الجمسي، في التقرير المؤلف من 24 ورقة، إن مصر بدأت حرب استنزاف ضد اسرائيل في 28 سبتمبر/ أيلول 1968 وتوقفت في 7 أغسطس/ آب 1970، وهدفت إلى "إنزال أكبر قدر من الخسائر في صفوف العدو"، بموازاة الإعداد للحرب.
الجمسي اختتم تقريره بأن "الدور الرئيسي في حسم هذه المعركة وتحقيق النصر هو المقاتل المصري الذي يتمتع بإيمان راسخ وروح معنوية قتالية عالية والمؤمن بالهدف الذي يحارب من أجله، وكانت أكبر مفاجأة في هذه الحرب هي كفاءة الجندي المصري واستعداده للتضحية".
وإلى جانب التقرير، شملت الوثائق العسكرية المصرية الجزء الأول من مذكرات الجمسي بخط يده، ويستعرض فيهم أوضاع ما قبل حرب 1973.
المصدر | الخليج الجديد + متابعاتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العلاقات المصرية الإسرائيلية حرب أكتوبر وثائق سرية غزة الجيش المصري حرب أکتوبر أکتوبر 1973 حرب 1973
إقرأ أيضاً:
صحيفة إسرائيلية تكشف عن حياة الأسد الجديدة في موسكو.. الزوجة والابن والمال
#سواليف
بينما تقرأ هذه السطور، يحدّق رجل طويل القامة، منحنٍ قليلاً، عبر النافذة الواسعة لشقته فوق ناطحة سحاب في مدينة موسكو، ويفحص المنظر بنظرة حزينة. على مدى الشهرين الماضيين، اعتادت عيناه على هذا المنظر، رغم أنهما لم يتعلما قط كيف يستمدان الراحة من هذا المنظر. تثقل سماء الشتاء الرمادية في العاصمة الروسية أفكاره الكئيبة، فتسحق آخر بقايا الأمل. النهر الذي يمكن رؤيته من النافذة مثير للإعجاب، لكن تدفقه المستمر لا يثير سوى صور ربما أراد قمعها، أو ربما حرقها في الذاكرة: القصر الدافئ في دمشق، وخط الجنرالات تحت قيادته، والبلد الذي كان ملكه بالكامل، بلده البعيد عنه.
ولكن لا ينبغي لنا أن نتعجل في الشفقة على بشار الأسد، المقيم الجديد في مدينة موسكو. يقول صحافي مقيم في موسكو يتابع حياة الحاكم السوري الجديدة في العاصمة الروسية، شريطة عدم الكشف عن هويته، مبتسماً: “لا شك أن معمر القذافي كان على استعداد لتبادل الأماكن معه. لقد أنهى حاكم ليبيا وجوده في قذارة المجاري والدم والبراز، حيث كان رعيته السابقون يعاملونه بقسوة. أما الأسد، على النقيض من ذلك، فهو محظوظ. فلم يهرب ويبقى على قيد الحياة فحسب بفضل الأمر الصريح الذي أصدره فلاديمير بوتن بإخراجه من مركز انهيار نظامه ــ بل لقد أحضر معه كل ما يلزم لحياة مريحة وخالية من الهموم: المال، والمزيد من المال، والكثير من المال”.
هناك شيء واحد لا جدال فيه: لم يرَ أحد الأسد في حفلات إطلاق الألعاب النارية أو غيرها من المناسبات المتألقة التي تفتخر بها النخبة في موسكوويعتقد الصحافي أن الأسد تَعلَّمَ درس القذافي، وليس فقط في ما يتصل بتفضيله الهروب على البقاء في بلد متهالك. لقد أدرك القذافي حكمة الاستحواذ على الممتلكات وتأمينها في مواقع الملاذ المستقبلية، ولكنه فشل في الهروب إليها في الوقت المناسب. لقد تفوّقَ الأسد في كلا الجانبين.
مقالات ذات صلة كائن دقيق بالبحر الميت يُحيي آمال العثور على حياة بالمريخ 2025/02/16لا تغطي وسائل الإعلام الروسية أنشطة عائلة الأسد في موسكو. وأكد الصحافيون أن “هذا موضوع محظور للتغطية”، مؤكدين أن أي صحافي لن يجرؤ على انتهاك الحظر والإبلاغ علناً عن مكان إقامة أفراد الأسرة، وما يفعلونه أو كيف يبدو روتين العائلة اليومي. “ليس من المستحيل أن يقرر أي شخص منح الأسد اللجوء ذات يوم، فمن المفيد إحضار المنفي السوري أمام الصحافيين المعتمدين ووضع رسالة أو أخرى في فمه، ربما دفعه ليروي قصة مؤثرة عن مدى جودة الحياة في روسيا، لكن في الوقت الحالي، ليس لدى السلطات الروسية ما تكسبه من مثل هذا العرض، وإذا لم يكن لديها ما تكسبه، فلماذا تسمح بذلك؟ وهناك الكثير لتخسره: فالتفاخر بالأسد قد يزعج السلطات السورية الجديدة، ومن ثم يمكن للكرملين أن ينسى حلم الحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في سوريا”.
قواعد اللعبة
لم يمنع الافتقار إلى الدعاية الدوائر الاجتماعية النخبوية في موسكو من تداول الشائعات حول تجارب عائلة الأسد في موقعها الجديد. كما أن قنوات تيلغرام، وهي أداة فعالة إلى حد ما في المشهد الإعلامي الروسي المكبوت، لا تصمت أيضًا، حيث تقدم أحيانًا أجزاءً مختلفة من المعلومات. أولئك الذين يجمعون هذه الأجزاء معًا، كما يفعل الصحافي المقيم في موسكو، يمكنهم تجميع صورة موثوقة لحياة الحاكم السوري المخلوع.
إن الثروة التي نقلها الأسد إلى روسيا قبل فترة طويلة تشكل العنصر الأكثر أهمية في هذا الوجود. “الأمر بسيط للغاية: بعد حصولك على اللجوء، إما أن تكون متسولًا خاضعًا لأهواء البلد المضيف، أو تكون ثريًا، ثم تصبح الرئيس”، كما حلل الصحفي. “يمكنك شراء النفوذ وترويض وكالات إنفاذ القانون وما إلى ذلك – كل هذا طالما أنك لا تبالغ، وتتبع قواعد اللعبة، ولا تطور ميلك هذا إلى شهية كبيرة جدًا. سيتعلم بشار الأسد قواعد اللعبة. في الواقع، ربما تعلمها بالفعل”.
ولكن هل كان الأسد وحده هو الذي يعتقد أن الأسد تعلم القواعد الروسية للعبة، بينما كان لا يزال حاكماً لسوريا، أي قبل وقت طويل من اجتياح وحدات المعارضة للبلاد وإجباره على الفرار؟ يتذكر د. الذي كان له مسيرة طويلة في مجال العقارات في موسكو، كيف كان قبل نحو عقد من الزمان مشاركاً في تسويق العقارات في أبراج مدينة موسكو، والتي كانت قيد الإنشاء في ذلك الوقت: “جاء إلينا ممثلو “شخصية سورية رفيعة المستوى” مهتمّين بشراء شقق فاخرة. كانوا مولعين جداً بالمشروع ولم يفكروا بأن الأمر قد يكون تافهاً حتى. لقد اشتروا عدة شقق بأسماء أقارب بشار الأسد أو تحت شركاتهم الخاضعة لسيطرتهم، ودفعوا دون مساومة”.
وفقاً للصحافي المقيم في موسكو، اشترت عائلة الأسد ما لا يقل عن 19 شقة مختلفة في جميع أنحاء مدينة موسكو على مرّ السنين. كان سعر الشقة العادية في المجمع الذي نتحدث عنه حوالي 2 مليون دولار في ذلك الوقت، لكن ممثلي الأسد فضّلوا الشقق الفاخرة على تلك المعتادة. وأضاف د. أن هذه المشتريات منحت أفراد أسرة الأسد الكبيرة أكثر من مجرد قناة استثمارية جذابة ــ بل في الواقع لم تكن تلك الشقق سوى تذكرة دخول إلى نادي النخبة في موسكو. فمدينة موسكو رمز للمكانة، ومع هذا الرمز تأتي الامتيازات المرتبطة بها.
ومن بين هذه الامتيازات المشاركة في الحياة الاجتماعية الغنية في موسكو، لكن الصحافي أكد أن الأسد تجنبها تماماً حتى الآن. وتكهن قائلاً: “ربما يكمن التفسير في مرض زوجته أسماء الخطير، أو ربما يكون الأسد نفسه مكتئباً بعد خسارته السلطة، أو ربما يتلقى توجيهات من وكالات الأمن الروسية بعدم الخروج دون داع بسبب خطر الاغتيال. لا أعرف التفسير الصحيح، ولكن هناك شيء واحد لا جدال فيه: لم يرَ أحد الأسد في حفلات إطلاق الألعاب النارية أو غيرها من المناسبات المتألقة التي تفتخر بها النخبة في موسكو”. ربما تكون كل تفسيرات الصحافي صحيحة.
تشير التقارير إلى أن سرطان الدم لدى أسماء الأسد قد تفاقم، وهي الآن في عزلة تامة في أحد المرافق الطبية الرائدة في موسكو لتقليل خطر العدوى. وبالإضافة إلى ذلك، من المشكوك فيه ما إذا كان الأسد قد تكيّفَ مع وضعه الجديد كمنفي ثري يقضي أيامه في الحفلات. وأخيراً، سواء أحبَّ ذلك أم لا، فإن المخاوف الأمنية الشخصية تلاحقه إلى العاصمة الروسية.
الأسد تَعلَّمَ درس القذافي. لقد أدرك القذافي حكمة الاستحواذ على الممتلكات وتأمينها في مواقع الملاذ المستقبلية، ولكنه فشل في الهروب إليها في الوقت المناسبويكشف الصحافي أن مصادره في أجهزة الأمن الروسية تفيد بأن “نصف جهاز الأمن الفيدرالي مكلف بحماية الأسد”. وحتى لو كان في هذا مبالغة، فمن الواضح أن الروس يأخذون أمن الأسد وأفراد عائلته على محمل الجد. من الذي قد يهدده في موسكو، على بعد آلاف الأميال من سوريا؟ نفس الجهاديين الذين قاتلوا ضد نظامه، رد الصحافي المقيم في موسكو: “لا تنسوا أن مواطني دول آسيا الوسطى التي كانت ذات يوم جزءًا من الاتحاد السوفييتي – الأوزبك والطاجيك، على سبيل المثال – يمكنهم دخول روسيا بدون تأشيرات. قاتل مواطنو هذه البلدان في صفوف الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، وانضموا إلى داعش، وخضعوا للتطرف الراديكالي، وعاد بعضهم إلى بلدانهم الأصلية. يمكنهم القدوم إلى موسكو سعياً للانتقام من الرجل الذي قمع رفاقهم”.
كيف نقلت الأموال
لقد شهدت موسكو بالفعل إرهابًا إسلاميًا. وكان أشدها خطورة قبل أقل من عام، عندما فتحت مجموعة من أربعة مسلحين النار على مركز “كروكوس سيتي هول” الترفيهي على مشارف العاصمة. قُتل ما لا يقل عن 144 شخصًا وجُرح المئات في هذا الهجوم. سعت السلطات بكل الطرق لربط الفعل بأوكرانيا، لكن الجناة كانوا من سكان طاجيكستان، وعملاء منظمة ولاية خراسان الإرهابية التابعة لـ “الدولة الإسلامية”.
في السنوات الأخيرة، وفي أعقاب غزو أوكرانيا، شهدت موسكو أيضًا اغتيالات مستهدفة. تم القضاء على كبار الضباط العسكريين وعملاء الخدمة الدعائية الرسمية على يد قتلة، من المرجح أنهم كانوا موجهين من أوكرانيا. ويشير م. إلى أن كل حالة من هذه الحالات تسببت في إحراج كبير للنظام، وكشفت عن ضعفه المفاجئ أمام من يواليه، حتى في قلب العاصمة الروسية.
وهكذا، في السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول، عندما كان الأسد في موسكو بالفعل، قتل مجهولون الجنرال إيغور كيريلوف، قائد قوات الدفاع الكيميائي والأسلحة البيولوجية والنووية الروسية، باستخدام عبوة ناسفة مخبأة في عمود توجيه دراجة كهربائية. إن سيناريو مماثلاً في ما يتصل بالأسد أمر لا يمكن تصوره على الإطلاق بالنسبة للكرملين، ومن ثم فقد تم تزويد المنفي السوري، الذي لديه بالفعل الكثير من الأعداء، بحراسة أمنية مشددة بشكل خاص.
فماذا تبقى إذن لحاكم فَقَدَ بلاده ولا يرغب في الانغماس في حياة موسكو البراقة؟ يتنبأ الصحفي قائلاً: “سوف يغامر الأسد بدخول عالم الأعمال، إن لم يكن شخصياً فمن خلال أبنائه. لقد تم بالفعل بناء الأساس له، على أساس الأموال النقدية التي تم نقلها جواً من سوريا قبل عدة سنوات. ويقسم أولئك المطّلعون إن هذه هي الطريقة التي تم بها نقل 250 مليون دولار من الأوراق النقدية، التي يبلغ وزنها الإجمالي طنّين، إلى موسكو في أكثر من 20 رحلة جوية!”
وبحسب ما ذكره، في مايو/أيار 2022، أسس ابن عم الأسد إياد مخلوف شركة عقارية في موسكو: “فقط الأعمى لن يفهم من هم المالكون الحقيقيون للشركة، ومن أين تأتي أموالها. وإذا تعافت أسماء، فقد تنضم إلى العملية – بعد كل شيء، تتضمن سيرتها الذاتية العمل في شركة استثمارية. لكن آمال الأسرة ترتكز على حافظ الأسد، الابن الأكبر لبشار (سمي على اسم والده، مؤسس السلالة)، الذي أكمل دراساته للدكتوراه في جامعة موسكو الحكومية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وبفضل دراسته، يفهم الثقافة الروسية، وهو معروف في الأوساط الروسية أيضًا. ورغم أن حافظ درس الرياضيات، إلا أنه سيحتاج في المقام الأول إلى القدرة على حساب النقود”.
وقد كتبت أطروحة الدكتوراه للأسد الأصغر باللغة الروسية وامتدت على 98 صفحة. ويتضمن قسم الشكر – إلى جانب الشكر للوالدين بشار وأسماء، والأخت زين، والأخ كريم – امتنان حافظ “لشهداء سوريا، وأولهم شهداء الجيش السوري”.
من المثير للاهتمام أن أسماء الأسد ووالديها حضروا الحدث الجامعي الأبرز الذي أقامه ابنها حافظ، عندما دافع عن أطروحته أمام لجنة من الأساتذة المتميزين، على الرغم من أن ذلك حدث في نفس اليوم الذي دخل فيه المتمردون حلب، ما يمثل اختراقًا حاسمًا في طريقهم إلى دمشق. ليس أن أحدًا كان قلقًا حقًا بشأن النتيجة، أو يعتقد أن دعم الأسرة سيساعد الوريث في التنقل بين الصيغ. جاءت أسماء ووالداها للاحتفال، على الرغم من أنه، على عكس الحفل السابق حيث احتفلت الأم الفخورة بإكمال حافظ لدرجة الماجستير في يونيو 2023، لم يتم نشر صور من هذا الحدث.
“إنها ظاهرة شائعة في “نادي الدكتاتوريين المخلوعين” الذي يتشكل في موسكو: يتكيف الأطفال في الواقع بشكل أسرع مع الوضع الجديد ويجدون طرقًا لاستغلال مكانتهم كمنفيين متميّزين على النحو الأمثل”، كما زعم الصحافي.
في أي تجارة سيعملون؟
في حال تساءلتم، لن يقول أحد في روسيا “نادي الدكتاتوريين المخلوعين” على الهواء، ولكن عندما لا يكون هناك ميكروفون، تستخدم هذا المصطلح حتى الشخصيات الإعلامية القريبة من الكرملين بلا خجل. حاليًا، يضم النادي عضوين: بشار الأسد وفيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكراني السابق، الذي تم إجلاؤه أيضًا إلى روسيا قبل لحظات من انهيار نظامه. يصرّ المراقبون الصارمون على الإشارة في نفس السياق إلى الرئيس القرغيزي السابق عسكر أكاييف، الذي حصل على اللجوء في موسكو في ظل ظروف مماثلة في عام 2005، لكن أكاييف تمكَّنَ من التوصّل إلى اتفاق مع السلطات الجديدة في بلاده، ولم يعد بحاجة إلى وضع المنفى المحمي في روسيا. على أي حال، فإن أحد التكهنات الرائجة في موسكو تخمين من سيكون العضو الثالث الجديد في المجموعة: ربما نيكولاس مادورو من فنزويلا، أو ربما دانييل أورتيغا من نيكاراغوا، أو ربما ألكسندر لوكاشينكو من بيلاروسيا.
لقد حرص الروس على التأكيد على أن الأسد لم يلتق فلاديمير بوتين منذ وصوله إلى موسكو، ولا يتوقعون مثل هذا الاجتماع. والواقع أن الرئيس الروسي ليس حريصاً على الظهور مع شخص فقد السيطرة على بلاده، مثل يانوكوفيتش، وبالتالي اكتسب صورة الخاسر. وسوف يحتاج بشار إلى نسيان السياسة ولقاءات القمة مع الزعماء، ولكن موسكو لا تفتقر إلى اللاعبين الأقوياء الذين قد يتعاونون معه بكل سرور في مجال الأعمال. والأموال التي جلبها من خزائن سوريا سوف تحدث فرقاً كبيراً في وضعه.
وأوضح الصحافي: “كان ألكسندر يانوكوفيتش الابن يعتبر ثرياً حتى قبل فرارهما من أوكرانيا، ولكن عندما وصلا إلى روسيا بدافع الضرورة، بدأت أعماله تزدهر أكثر فأكثر”. “ورغم العقوبات الغربية المفروضة عليه، كما حدث مع الأسد الابن، فإن وريث يانوكوفيتش تمكّنَ من التحايل عليها، وتقوم شركاته بتوريد الفحم إلى دول الاتحاد الأوروبي. ومؤخراً وَرَدَتْ أنباءٌ تفيد بأنه يبيع الفحم من الأراضي الأوكرانية المحتلة من قبل روسيا إلى تركيا، ومن هناك إلى وجهات أخرى. وفي حين كانت عائلة يانوكوفيتش تتعامل دوماً في الفحم، وعائلة الأسد بعيدة كل البعد عن تجارة الفحم، فإن بشار وأولاده من المرجح أن يجدوا قنوات تجارية قريبة من قلوبهم. وتوفر موسكو فرصاً مغرية لا حصر لها لأشخاص مثلهم: فهم فائضون من المال، ومرتبطون بالكرملين، ولا وطن لهم”.