حميد شباط يرد على أنباء استقالته من مجلس جماعة فاس
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
أخبارنا المغربية ـــ الرباط
نفى حميد شباط، عضو المجلس الجماعي ورئيس فريق المواطنة بجماعة فاس، ما تداولته بعض الجرائد الإلكترونية حول خبر تقديمه استقالته من مجلس جماعة فاس ومقاطعة زواغة، معتبرا أن "هذا كله لا أساس له من الصحة جملة وتفصيلا".
وأوضح شباط في بلاغ تكذيبي، قائلا "إذ نكذب هذه الأخبار الزائفة نؤكد أن فريق المواطنة بجماعة فاس متماسك وملتزم من أجل الدفاع عن ساكنة المدينة وقد سبق له أن ناقش هذا الموضوع داخل اجتماعته الداخلية، وبأنه في حالة عدم فك المشاكل التي تعاني منها المدينة سيكون مضطرا
لتقديم استقالته احتجاجا على هذه الأوضاع".
وأشار في الختام إلى أن جميع الأخبار المتعلقة بفريق المواطنة بجماعة فاس وبحميد شباط يتم نشرها على الصفحة الرسمية لهذا الأخير.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
هل يصبح التعليم حصنًا للهوية في مواجهة عواصف العولمة؟
في ظل عالم مفتوح تتعدد فيه قنوات الإعلام الرقمية، والمنصات الثقافية العابرة للحدود، وسهولة الوصول إلى البيانات والمعلومات، تبرز الحاجة لتعزيز الهوية الوطنية للحفاظ على تماسك المجتمعات وحماية هويتها وفكرها من تيارات العولمة التي تتسلل بعدة وجوه ومن أبواب مختلفة، وتتزايد الحاجة لتطوير مناهج تعليمية توازن بين حتمية التطور والانفتاح وأهمية التمسك بالجذور.
سلطنة عُمان، بعمقها التاريخي وحضارتها الضاربة في القدم، تسعى من خلال فلسفتها التعليمية إلى بناء أجيال تمتلك القدرة على مواكبة التطور العالمي، دون التفريط بموروثها الثقافي وهويتها الوطنية.
ولتحقيق هذا المعادلة، تتبنى وزارة التربية والتعليم استراتيجية شاملة تستند إلى تطوير المناهج الدراسية، وتفعيل الأنشطة اللاصفية لبناء شخصية الطالب على أسس قوية، ومواجهة التحديات الرقمية، وبناء شراكات مجتمعية لتعزيز قيم المواطنة.
وتتحمل المدرسة الدور الأبرز في رسم مسارات هذا المشروع الوطني، باعتبارها المؤسسة التي تبني وعي الطلبة منذ الصغر وفقًا لمنظومة القيم والمبادئ العُمانية التي تشكل الحصن الحصين والدرع الواقي الذي يحمي الهوية وثوابتها من خطر العولمة.
المناهج الدراسية.. هوية متجذرة
تُدرك وزارة التربية والتعليم أن المناهج الدراسية هي الأداة الأساسية لبناء وعي الأجيال وتشكيل قيمهم. تؤكد الدكتورة وردة بنت هلال البوسعيدية، مديرة دائرة المواطنة بالمديرية العامة لتطوير المناهج، أن المناهج الدراسية تُشكل حجر الزاوية في بناء الهوية الوطنية وترسيخها لدى الطلبة منذ مراحل التعليم الأولى. وتشير إلى أن وزارة التربية والتعليم في سلطنة عُمان أولت عناية خاصة بمفاهيم المواطنة وتعزيز الانتماء من خلال وضع منظومة متكاملة تتناول القيم الوطنية، حيث أسست الوزارة "دائرة المواطنة" كجهة متخصصة تعنى بوضع الأطر النظرية والعملية التي تربط التعليم بمفهوم الهوية الوطنية وتعزز من ارتباط الطلبة بوطنهم وتاريخهم وثقافتهم العمانية.
وتقول الدكتورة وردة إن الوزارة حرصت على دمج مفاهيم المواطنة في المناهج الدراسية بشكل متكامل وفعّال، من خلال إصدار "وثيقة التربية على المواطنة" التي حددت الأهداف والمعايير اللازمة لتحقيق ذلك، مع التركيز على قيم الولاء والانتماء والمسؤولية. بالإضافة إلى ذلك، أُصدرت "وثيقة المفاهيم العامة"، التي تعمل على إدماج موضوعات بيئية، صحية، وسكانية بشكل يتكامل مع القيم الوطنية، مما يعزز وعي الطالب بدوره الفردي والجماعي في المجتمع.
لم يتوقف الأمر عند النصوص النظرية، بل تم إنتاج أدوات تربوية مبتكرة تُحفز الطالب على التفاعل مع هويته الوطنية بشكل مباشر، مثل الفيلم الكرتوني "لوطني أنتمي" الموجه للصفوف الأولى. ويُعد هذا الفيلم نموذجًا تعليميًا تفاعليًا يتضمن رسائل تربوية تُرسخ قيم حب الوطن، التسامح، وأهمية الحفاظ على النظام. كذلك أُطلقت مجموعة من القصص التي تُعرّف الأجيال بشخصية جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه -، وما يمثله من قيادة حكيمة تُجسد قيم الوطنية والانتماء.
وتضيف الدكتورة وردة أن الوزارة أصدرت أيضًا كتبًا ملهمة مثل "شخصيات عُمانية خلدها التاريخ"، التي تُبرز إنجازات الشخصيات العُمانية في مختلف مجالات العلم والأدب والدين. هذه الإصدارات، برأيها، تُعيد ربط الطلبة بتاريخهم وتُشعرهم بالفخر بالانتماء إلى وطنٍ ساهم أجداده في بناء الحضارة الإنسانية عبر العصور. ومن أجل تعزيز هذا الشعور بالمسؤولية الوطنية، تم إصدار كتاب "من أجل الوطن... تفاعل إيجابي وشعور بالمسؤولية" الذي يشجع الطلبة على تنفيذ مشاريع مجتمعية حقيقية تُترجم قيم المواطنة إلى أفعال ملموسة في حياتهم اليومية.
صراع الهوية في زمن الانفتاح
وفيما يتعلق بتحديات العولمة وتأثيرها على الهوية الوطنية، تُشير الدكتورة وردة إلى أن المناهج الدراسية تلعب دورًا محوريًا في مواجهة هذه التحديات من خلال عدة استراتيجيات. فالمناهج تركز على تقديم التاريخ العُماني بمادته ومعنوياته، ما يُسهم في بناء جسور متينة بين الطالب وجذوره الثقافية. وتُشدد البوسعيدية على أن إدراج موضوعات عن الثقافات العالمية الأخرى يأتي من منطلق احترام التنوع والانفتاح الواعي الذي لا يُذيب الهوية الوطنية.
كما أن التركيز على اللغة العربية في المناهج باعتبارها وعاءً للهوية الثقافية يهدف إلى تعزيز مكانتها في الحياة اليومية للطلبة، ما يضمن تماسكهم مع جذورهم اللغوية والثقافية.
وتُؤكد أن الوزارة تتبنى تطويرًا مستمرًا للمناهج من خلال دراسات وأبحاث تُقيّم واقع التربية على المواطنة في المدارس العُمانية، إلى جانب تدريب المعلمين على تقديم القيم الوطنية بأساليب حديثة ومبتكرة تُناسب الأجيال الجديدة.
وفي إطار استراتيجيتها لتعزيز القيم الوطنية، تولي الوزارة أهمية كبرى للشراكة مع المجتمع والمؤسسات الحكومية والخاصة. وتُوضح الدكتورة وردة أن هذه الشراكات تُترجم إلى برامج وأنشطة فعّالة، مثل المشاركة في اليوم العالمي للمتاحف بالتعاون مع متحف عُمان عبر الزمان، وتنظيم ورش عمل تُعزز مهارات البحث العلمي لدى الطلبة. كما أطلقت الوزارة حملة "أنا مواطن رقمي"، التي تستهدف رفع الوعي بمفاهيم المواطنة الرقمية وأخلاقيات العالم الرقمي.
وفي هذا السياق، تطرقت البوسعيدية إلى التحديات التي تواجه الوزارة في تعزيز قيم المواطنة، مُشيرة إلى الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، وما تحمله من مصادر معلومات قد تُشوّش على القيم الوطنية لدى الطلبة. كما أن تأثير العولمة بنشر ثقافات وافدة قد تتعارض مع الهوية المحلية يجعل المهمة أكثر تعقيدًا. إلا أن الوزارة تُواجه هذه التحديات بحلول مبتكرة تشمل تطوير المناهج، استخدام التكنولوجيا بطرق إيجابية، وتدريب المعلمين على دمج القيم الوطنية ضمن المواد الدراسية بطريقة جذابة وفعالة.
"الهوية والمواطنة".. نقلة نوعية
وفي إطار حرص الوزارة على تعزيز الوعي الوطني بشكل أوسع، أوضحت البوسعيدية أن مادة "الهوية والمواطنة"، التي بدأ تطبيقها فعليًا هذا العام، تُعد إضافة نوعية للمناهج الدراسية. وتهدف المادة إلى تعزيز قيم المواطنة الفاعلة والقيم الإسلامية لدى الطلبة، إلى جانب إكسابهم المعارف والمهارات التي تُسهم في بناء شخصيات إيجابية مسؤولة. كما تُسهم المادة في تعريف الطلبة بالأنظمة والقوانين والقواعد التي تحكم البيت، المدرسة، والمجتمع، ما يُؤهلهم ليكونوا مواطنين صالحين مشاركين بفاعلية في تنمية مجتمعهم.
وتابعت البوسعيدية قائلة إن هذه المادة تُعد جزءًا من استراتيجية الوزارة الشاملة لتعزيز الهوية الوطنية وسط التحديات التي فرضتها العولمة. فهي تعمل على ترسيخ القيم العُمانية الأصيلة في نفوس الطلبة منذ الصغر، وتعزز من قدرتهم على التفاعل مع العالم الخارجي مع الحفاظ على موروثهم الثقافي والحضاري.
الأمن السيبراني.. وحماية البيانات
يؤكد أحمد بن سليمان الغطريفي، المدير المساعد بدائرة أمن المعلومات الإلكترونية بالوزارة، أن مواجهة تأثيرات العولمة على الهوية الوطنية تتطلب بناء حصانة رقمية متينة تضمن حماية الطلبة والمجتمع التعليمي من المخاطر الإلكترونية المتزايدة. في ظل الاعتماد المتنامي على التكنولوجيا في العملية التعليمية، أصبح بناء منظومة متكاملة للأمن السيبراني أمرًا لا غنى عنه لضمان بيئة تعليمية آمنة تحافظ على البيانات وتُوجه الطلبة لاستخدام التقنية بما يخدم هويتهم الوطنية.
ويشير الغطريفي إلى أن الوزارة وضعت إطارًا استراتيجيًا يُسمى "نظام أمن المعلومات" (ISMS)، وهو نهج مُحكم يضمن حماية البيانات الحساسة التي تتعامل معها الوزارة من خلال سياسات وإجراءات دقيقة تُعنى بتأمين المعلومات على جميع المستويات. ويضيف: "نظام أمن المعلومات لم يُبنِ فقط كإطار تنظيمي، بل كجزء أساسي من تطوير بيئة تعليمية متكاملة تُواكب العصر دون إغفال الجانب الأمني."
وفي إطار دعم هذه الجهود، أنشأت الوزارة "لجنة إدارة التحول الرقمي وحوكمة تقنية المعلومات"، التي تركز على تحقيق الحماية الأمنية المعلوماتية اللازمة ومراقبة المشاريع الرقمية المرتبطة بالقطاع التعليمي. يقول الغطريفي: "نحن نُجري عمليات تقييم أمني دوريًا لضمان سلامة المشاريع التقنية وحماية بيانات الطلبة من أي تهديدات إلكترونية محتملة. فالحماية المعلوماتية ليست مجرد إجراء تقني؛ بل هي التزام يحمي خصوصية الأجيال الجديدة."
وأضاف الغطريفي أن تعزيز وعي الطلبة بالأمن السيبراني يأتي عبر تضمين موضوعات الأمن الإلكتروني في المناهج الدراسية، خصوصًا للصفوف (5-7)، حيث يتم توجيههم نحو الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا بأساليب تعليمية حديثة. إلى جانب ذلك، تُنظم الوزارة أنشطة لا صفية، مثل "مبادرة يوم للأمن الإلكتروني" التي تُنفذ سنويًا في المدارس لتسليط الضوء على مخاطر الفضاء السيبراني وضرورة استشعار حجم المسؤولية في الاستخدام الآمن للتقنية.
وتابع الغطريفي موضحًا أهمية "مشروع أنشطة تعزيز الأمن الإلكتروني المدرسي"، الذي يُعد من أبرز المبادرات الموجهة للطلبة. يقول: "نهدف من خلال هذا المشروع إلى تمكين الطلبة من فهم أهمية حماية بياناتهم الشخصية والاستخدام الأمثل للأدوات الرقمية. نُقدم حقيبة تدريبية تُعزز وعيهم بخطورة التهديدات الإلكترونية وتُكسبهم مهارات التعامل معها بفعالية."
وفي إطار التوعية العامة، تُنظم الوزارة ورشًا توعوية بمراكز محو الأمية وتعليم الكبار، حيث تُستهدف فئات المجتمع المختلفة لتعزيز وعيهم بالمخاطر الإلكترونية وأهمية الحماية في العالم الرقمي. يرى الغطريفي أن هذه الجهود تُعزز المسؤولية المجتمعية في التعامل مع التطورات التكنولوجية دون إغفال الجانب الأمني.
كما تُسهم الوزارة في تعزيز الأمن السيبراني من خلال فعاليات مثل "ركن الأمن السيبراني بمهرجان عُمان للعلوم"، الذي يُقدم تجربة تفاعلية للطلبة والزوار. يُوضح الغطريفي أن هذا الركن يُتيح فرصة للطلبة لخوض تجارب عملية تشمل مسابقات سيبرانية، وألعاب تفاعلية تُنمي مهاراتهم في مواجهة الهجمات الإلكترونية ومعرفة أسس الحماية الرقمية.
ويُشير الغطريفي إلى أهمية المبادرات العالمية التي تُشارك فيها الوزارة، مثل "اليوم العالمي للإنترنت الآمن"، الذي يُقام سنويًا بهدف نشر ثقافة الأمن الإلكتروني بين الطلبة وأولياء الأمور. ويضيف "نُدرك أن تعزيز وعي الطلبة بأخلاقيات الفضاء السيبراني هو الأساس لحمايتهم من المخاطر الرقمية وتوجيههم نحو الاستخدام الإيجابي للإنترنت."
ولم تكتفِ الوزارة بالجانب النظري فقط؛ بل نظمت مسابقات الأمن السيبراني التي تُعنى باكتشاف الطلبة الموهوبين في هذا المجال. ويُشير الغطريفي إلى أن هذه المسابقات تُقدم تحديات عملية تُكسب الطلبة مهارات عالية في اكتشاف الثغرات الأمنية والتعامل مع التهديدات الرقمية. كما تُعد منصة لتطوير قدراتهم وصقل مهاراتهم بما يُؤهلهم للمشاركة في المسابقات العالمية المتخصصة في الأمن الإلكتروني.
ويختتم الغطريفي حديثه بالإشارة إلى أهمية التوعية المستمرة في بناء جيل واعٍ وقادر على حماية نفسه. يقول "الوزارة تُنشر مواد توعوية بشكل دوري عبر الشاشات الإلكترونية والبريد الإلكتروني، وتستهدف جميع أطراف العملية التعليمية، من الطلبة والمعلمين إلى الإداريين وأولياء الأمور. فالتوعية ليست مرحلة مؤقتة؛ بل هي عملية مستمرة تُعزز ثقافة الأمن الرقمي في البيئة التعليمية". وفيما يتعلق بتوجيه الطلبة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بما يخدم الهوية الوطنية، يُشدد الغطريفي على دور الوزارة في تقديم برامج توعوية وتدريبية تُعلم الطلبة أسس الاستخدام المسؤول، وتُغرس فيهم قيم التحقق من المصادر وأخلاقيات العالم الرقمي. كما أُطلقت مسابقات تُعزز المهارات الرقمية وتُحفز الطلبة على التفكير النقدي والابتكار.
الأنشطة اللاصفية: المدرسة تخرج إلى المجتمع
في مواجهة التحديات المتزايدة التي تُفرضها العولمة على الهويات الوطنية، تُقدم وزارة التربية والتعليم في سلطنة عُمان نموذجًا واضحًا يعكس قدرتها على ترسيخ القيم الوطنية في نفوس الأجيال الجديدة من خلال الأنشطة والبرامج اللاصفية. ويرى يعقوب بن سيف الشهيمي، مدير عام مركز التوجيه المهني والإرشاد الطلابي بالوزارة، أن هذه الأنشطة ليست مجرد فعاليات ترفيهية؛ بل هي ركيزة أساسية في بناء الشخصية الوطنية وتعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي للطلبة.
وتُعتبر الأنشطة اللاصفية ميدانًا فعّالًا تُترجم فيه القيم الوطنية إلى سلوك وممارسات يومية تُعزز الانتماء للوطن وتُرسخ الهوية العُمانية في وجدان الطلبة. ويُشير الشهيمي إلى أن مركز التوجيه المهني والإرشاد الطلابي نجح في إطلاق مجموعة متنوعة من الأنشطة والبرامج التي تفاعل معها الطلبة من مختلف المحافظات التعليمية، حيث أثبتت هذه المشاركات دورها الكبير في تعزيز قيم المواطنة والعمل الجماعي والتفاعل المجتمعي.
ومن بين أبرز هذه البرامج، تأتي جائزة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء التي طُرحت بمناسبة اليوم الوطني، إذ شجعت الطلبة على التواصل مع تاريخهم ورموزهم الوطنية عبر كتابة رسائل مُلهِمة لشخصيات عمانية مؤثرة عالميًا. ويوضح الشهيمي أن مثل هذه الفعاليات تُعزز وعي الطلبة بالدور الكبير الذي لعبه العُمانيون عبر التاريخ في بناء الحضارة الإنسانية، ما يمنحهم شعورًا بالفخر والاعتزاز بالانتماء إلى وطنهم.
كذلك تأتي البطولة الوطنية للمناظرات الطلابية لتُبرز دور الحوار الفعّال والقدرة على التفكير النقدي، حيث تناولت القضايا الوطنية في إطار رؤية عمان 2040، وناقش الطلبة من خلالها محاور تتعلق بالهوية الوطنية والتراث العماني وتطوير الكفاءات الوطنية. هذه البطولة، كما يرى الشهيمي، هي تدريب عملي على تعزيز روح المسؤولية وإعداد الطلبة ليكونوا مواطنين مشاركين بوعي وإيجابية في مسيرة بناء الوطن.
الاهتمام بالأنشطة الفنية شكل جزءًا آخر من هذه البرامج، حيث برزت مشاركات الطلبة في فعاليات مثل معرض مسقط الدولي للكتاب ومهرجان الفنون الخليجي ومهرجان المسرح المدرسي التاسع. من خلال إنتاج أعمال فنية تعتمد على تقنيات حديثة كالذكاء الاصطناعي، قدم الطلبة لوحات فنية وأعمالًا مسرحية تجسد ملامح الهوية العمانية بأسلوب معاصر.
ولا يقتصر دور الأنشطة على الجانب التعليمي والفني فحسب؛ بل يمتد إلى تعزيز قيم العمل المجتمعي والخدمة العامة. ويُشير الشهيمي إلى مشاركة الطلبة في مبادرات عملية مثل تنظيف الأفلاج، حملات التشجير، صيانة المساجد، وزيارة المرضى، حيث يتعلم الطلبة من خلال هذه الأنشطة قيمة العمل التطوعي ودورهم في خدمة بيئتهم ومجتمعهم. هذه المشاركات تزرع في نفوسهم مبادئ المسؤولية المجتمعية وتُرسخ لديهم أهمية العطاء والعمل الجماعي كجزء لا يتجزأ من المواطنة الحقيقية.
كما كان للمناسبات الوطنية دور محوري في ترسيخ الهوية الوطنية، حيث يشارك الطلبة سنويًا في الاحتفال بالعيد الوطني للسلطنة ويوم القوات المسلحة العمانية. ويصف الشهيمي هذه الفعاليات بأنها منصات حية تُعيد للأجيال تاريخهم المجيد، وتُجسد معاني التضحية والولاء للوطن بطريقة تفاعلية تُقربهم أكثر من تراثهم وتُشعرهم بالفخر بانتمائهم.
ويرى الشهيمي أن هذه الأنشطة تعكس فلسفة تربوية عميقة تُؤمن بأن التعليم الحقيقي لا يقتصر على الكتب والمناهج؛ بل يشمل بناء شخصية متكاملة تمتلك الوعي والإرادة للمشاركة الفعّالة في بناء مجتمعها ووطنها. الأنشطة اللاصفية ليست رفاهية تربوية؛ بل هي ضرورة وطنية تُكمل المسيرة التعليمية وتُرسخ قيم الولاء والانتماء التي يحتاجها الوطن في حاضره ومستقبله.
رؤى تربوية
وأكدت انتصار حمد العامرية، معلمة مادة الهوية والمواطنة بمدرسة الإزدهار للتعليم الأساسي، أن الهوية الوطنية تمثل ركيزة أساسية في تشكيل شخصية الطالب، حيث تعزز شعوره بالانتماء والمسؤولية تجاه وطنة. وأشارت أن المناهج تلعب دوراً مهماً في غرس قيم المواطنة والانتماء، مع تعزيز الوعي بالتاريخ والتراث الثقافي، مؤكدة أن منهج الهوية والمواطنة في المدارس العُمانية يهدف إلى تعميق ارتباط الطلاب بثقافتهم المحلية. وفي ظل التحديات التي يفرضها الانفتاح الثقافي ووسائل التواصل الاجتماعي، شددت على ضرورة تطوير المناهج لتواكب العصر ودمج أنشطة تفاعلية ومبتكرة مثل الاحتفالات الوطنية وزيارات المعالم التاريخية، لتعزيز الفخر بالهوية الوطنية.